١٣‏/١٠‏/٢٠٢٥، ١٠:٤٧ م

الشيخ شريف توتيو: صمود غزّة أفشل مؤامرة التطهير العرقي ومخطط التهجير

الشيخ شريف توتيو: صمود غزّة أفشل مؤامرة التطهير العرقي ومخطط التهجير

أكد أمين سر جبهة العمل الإسلامي في لبنان وعضو مجلس أمناء حركة التوحيد الإسلامي، فضيلة الشيخ شريف توتيو، أن الشعب الفلسطيني بصموده الأسطوري ودماء شهدائه استطاع أن يحبط مشروع الإبادة والتطهير العرقي.

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: غزّة انتصرت بصمودها وبدماء شهدائها، العدو ديدنه الخيانة وعدم التزامه بالاتفاقيات، لذلك أقرب مثال ما يجري في لبنان وما خبّأه المبعوث الأمريكي توماس باراك الذي تعهّد ثم نكث. هؤلاء هم الأمريكيون، وهذا هو الكيان المؤقّت.

ولكن علينا أن ندرك أن هناك نقاطاً مهمّة مختلفة قليلاً في غزّة بوقف إطلاق النار، الذي يعني فشل مؤامرة التطهير العرقي وتهجير الشعب الفلسطيني من قبل هذا العدوّ المجرم النازي الفاشي الوحشي. وهذه نتيجة صمود الشعب الفلسطيني وأهلنا في قطاع غزّة، الذي أُطلق عليه “شعب الجبّارين”، فقد سطّر صموداً إعجازياً لا مثيل له.
ولا ننسى الهولوكوست التي حصلت في غزّة هاشم، أكثر من 300,000 بين شهيد وجريح ومفقود حتى هذه اللحظة. وما هذا الاتفاق الحاصل إلا نهاية حرب الإبادة والتطهير العرقي. إن صمود أهلنا في فلسطين هو الذي سطّر هذه النتيجة، ليس منّةً من ترامب ولا من بعض الدول التي كانت تشارك بهذه الإبادة. ورأينا كيف، على مدى عامين، أن نتنياهو لم يستطع إخراج أسير واحد من الصهاينة.عناوين متنوّعة ناقشتها مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، مع أمين سر جبهة العمل الإسلامي في لبنان وعضو مجلس أمناء حركة التوحيد الإسلامي، فضيلة الشيخ شريف توتيو، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

هناك مراهنات اليوم من قبل النظام العربي الرسمي على الدور الأميركي وما سُمّي بخطة السلام التي أعلنها الرئيس الأميركي ترامب.. فما هو الأفق السياسي الحقيقي لهذه المبادرة؟ وهل يمكنها وقف الحرب وأن تكون مدخلاً للسلام كما يروّج رعاتها؟

بادئ ذي بدء، لا بدّ لنا من الإضاءة على الإجرام اليهودي الصهيوني الدموي الحاصل منذ حوالي الثمانين عاماً بحقّ أهلنا وإخواننا في فلسطين الحبيبة المحتلّة.
لا بدّ لنا من التذكير أنّ قيام تلك الدويلة الصهيونية الغاصبة ونشأتها كانت من خلال وعد بلفور عام 1917 الذي وعد اليهود بها، ومن ثمّ كان التمهيد للسيطرة على الأراضي الفلسطينيّة وقضمها من خلال مساعدة الجيش الإنكليزي الذي مدّ العصابات الصهيونية بالعتاد والسلاح.
فما كان من تلك العصابات إلا أن بدأت بارتكاب المجازر والمذابح بحقّ الفلسطينيين وبمصادرة أراضيهم واحتلال بيوتهم ومحالّهم التجارية وأرزاقهم. ولعلّ من تلك المجازر الشهيرة: مجزرة دير ياسين، ومجزرة سوق الخضار في القدس، ومجزرة سوق حيفا، ومجزرة الباص، ومجزرة كفر قاسم وغيرها، وصولاً إلى الإبادة الجماعيّة المهولة وحرب التجويع البشعة في غزّة العزّة.

واليوم تُكمل إدارة الشرّ الأميركية هذه السياسة العوراء المنحازة للكيان اليهودي الصهيوني الغاشم، منذ أن جعلت “إسرائيل” ربيبتها، ومنذ أن تعهّدت وتكفّلت كلّ الإدارات الأميركية السابقة دعم هذا الكيان المسخ، ومدّته بكافة أنواع الدعم السياسي والأمني والعسكري والمعنوي والاقتصادي، وحمته ورعته وحاوطته من كلّ جانب، وأعطته الضوء الأخضر لكلّ الحروب الإجرامية الدموية التي خاضها ضد أهلنا في فلسطين المحتلة وضد الدول العربية المحيطة بها، وخصوصاً لبنان وسوريا ومصر والأردن.

وها هو الرئيس الأميركي ترامب يُكمل هذا المشوار. فهذا الرئيس تاجر مال وتاجر دماء في الوقت نفسه. ولعلّ ما قدّمه للعدو الإسرائيلي في حرب إبادته الجماعية اليوم ضدّ غزّة العزّة لم يسبقه عليه أحد من الرؤساء من قبل.
وهذا كان واضحاً للعيان وللعالم أجمع. فهو استخدم أسلوب المكر والخداع واللفّ والدوران والوعود البرّاقة الزائفة لتبيان صحة ما يقوله ويدّعيه، ولكنه في الوقت نفسه كان يعطي الفرصة تلو الأخرى للعدو الإسرائيلي من أجل تدمير غزّة وتصفية حماس وفصائل المقاومة.
وكان يتبادل الأدوار مع نتنياهو من أجل عدم وقف الحرب والعدوان، حتى وصلنا اليوم إلى أكثر من 67 ألف شهيد وأكثر من 170 ألف جريح ومفقود.

واليوم، وبعد عدم قدرة العدو الإسرائيلي على تحقيق ما وعد به من إنجازات، وفشله في تدمير وهزيمة المقاومة، وبعد أن انحازت شعوب العالم وتظاهرت بالملايين تأييداً وتضامناً مع غزّة العزّة وفلسطين الحبيبة الجريحة الصابرة الصامدة، وهتفت بصوت واحد “الحرية لفلسطين”، وبعد أن أعلنت حوالي 153 دولة في العالم اعترافها بدولة فلسطين ولو معنوياً، وبعد أن خسرت “إسرائيل” الدعم العالمي بسبب مجازرها ومذابحها التي فاقت كلّ حدود التصوّر، بعد كلّ هذا عمد الرئيس ترامب إلى اقتراحه الجديد هذا وخطّته للسلام ووقف الحرب، والتي تلقّفتها حماس ودرستها وناقشت كلّ بنودها مع إخوانها في حركة الجهاد وباقي الفصائل بعناية فائقة، وأعلنت قرارها وموافقتها المشروطة عليها.

ووصلنا اليوم إلى الإعلان عن وقف إطلاق النار وبدء الانسحاب الإسرائيلي، وإدخال المساعدات الإنسانية كافة من مواد غذائية ولوازم طبية ومحروقات وغيرها، وذلك تمهيداً لإطلاق سراح الأسرى اليهود الصهاينة غداً الأحد أو يوم الإثنين كما هو معلن، على أن يطلق العدو الصهيوني سراح المئات من المعتقلين والقادة الفلسطينيين حسب اللوائح المتفق عليها.

إلى الآن، هذه الخطّة تسير بحذرٍ وبطءٍ شديدين بانتظار إطلاق سراح الأسرى، وهنا تكمن المعضلة وتظهر النوايا. فهل ستُستكمل باقي بنود الاتفاق بسلاسة كما هو معلن ومتفق عليه، أم أنّ العدو الإسرائيلي الغادر سيقلب الطاولة على الجميع بعد أن يصبح الأسرى في متناول يده؟
نعم، نحن نعلم أنّ هذا العدو غادرٌ حاقدٌ ماكرٌ مخادع، وجرّبناه سابقاً مرّاتٍ ومرات، فهو ناقضٌ للعهود ناكثٌ للمواثيق دائماً، وأساساً هو يضرب بعرض الحائط كلّ القرارات الدولية والأممية. وما يحصل عندنا في لبنان بعد مرور سنة وأكثر على اتفاق وقف إطلاق النار خير شاهد على ذلك.

الساعات والأيام القادمة ستكشف لنا وللعالم أجمع حقيقة هذه الخطّة وهذه المبادرة، ومصداقية الرئيس ترامب والإدارة الأميركية لها. المعطيات لدينا ضبابية، والتنصّل منها قد يحصل في أي وقت، سيما وأنّ الأجوبة والردود الزائفة المضلّلة وغير الواقعية على ذلك جاهزة كما هو الحال في لبنان.

بعد وقف إطلاق النار، هل يلتزم العدو بالانسحاب الكامل من غزّة؟ وهل تعتبر واشنطن وسيطاً نزيهاً وترامب يشكّل ضمانة للاتفاق؟

سبق وذكرت أنّ معيار الالتزام ببنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة العزّة، ومنها الانسحاب الكامل من القطاع، مرتبط بما بعد إطلاق سراح الأسرى اليهود الصهاينة.
فهل يلتزم نتنياهو وحكومة العدوّ الإجرامية بتنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه بعد إطلاق سراح الأسرى أم لا؟ هذا ما نترقّبه جميعاً. وهذا مرتبط أيضاً بمصداقية الرئيس الأميركي ترامب، وبمصداقية الدول الوسيطة (مصر ـ قطر ـ تركيا). الجميع هنا على المحك، ومصداقيتهم ونواياهم على المحك في هذا الأمر الدقيق الحساس.

حسب قراءتنا وتتبعنا لسير الأحداث والمعارك منذ بدء العدوان الهمجي الدموي والحصار وحرب التجويع والإبادة الجماعية البشعة على قطاع غزّة، لم تكن الإدارة الأميركية في يومٍ من الأيام وسيطاً نزيهاً.
بل كما ذكرت سابقاً، هي مدّت ودعمت وحمت دويلة الغصب الصهيوني بكلّ شيء، واستخدمت في مجلس الأمن الفيتو مرّات ومرّات، وعطّلت كلّ القرارات الدولية التي تُدين “إسرائيل” ومنعت محاسبتها، وهي بذلك أعطتها الضوء الأخضر للاستمرار في غيّها وعدوانها وحرب إبادة الشعب الفلسطيني كما هو معلوم.

لذا، فإنّ الكثير من الشكوك وعلامات الاستفهام تدور حول نزاهة واشنطن في تقديمها كلّ تلك الضمانات، فهي منحازة بشكل كامل وواضح وفاضح لمصلحة العدوّ اليهودي الصهيوني. وهي تدافع عنه وتستخدم حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، وتمنع العدالة الدولية من معاقبته على جرائمه. واللبيب من الإشارة يفهم.

الخلافات حول تشخيص المرحلة الراهنة عميقة بين محور المقاومة ومحور الاستسلام في المنطقة، لكن نقطة الالتقاء والتقاطع بينهما هي أن هذه الحرب غيّرت صورة الصراع وآفاقه الإقليمية والدولية. فهل تستطيعون رسم صورة تقريبية للمرحلة المقبلة على ضوء نتائج الحرب الأخيرة؟

لا شكّ أنّ هذه المعركة أفرزت فريقين لا ثالث لهما:
فريق الحقّ، وهو فريق المقاومة ومحورها في المنطقة (فلسطين، لبنان، اليمن، العراق، إيران الإسلام، ومن معهم من القوى والدول الشريفة والأحرار والشعوب الشرفاء في العالم.
وفريق الباطل، الذي تتزعّمه أميركا وحلفاؤها من دول الغرب في انحيازهم الفاضح للكيان الصهيوني الغاصب.

وهناك محور آخر، ولكنّ مصبّه يقع في محور الباطل للأسف الشديد، وهو محور دول التطبيع والنفاق والاستسلام والخنوع، الذين يتبنّون شعار "نخشى أن تصيبنا دائرة". فهؤلاء تصنيفهم حتماً من الفريق الثاني، فريق الباطل، الذين تجرّأوا على الله وعلى دينه وأوليائه الصالحين، وتخلّوا عن القضية الفلسطينية وباعوها بأبخس الأثمان كرمى بقائهم على عروشهم.

وممّا لا شكّ فيه أنّ انتهاء الحرب لا يعني بالضرورة انتهاء الصراع مع هذا العدوّ اليهودي الصهيوني المجرم الحاقد. فصراعنا معه هو صراع عقدي حضاري، صراع وجود لا صراع حدود فحسب.
وآفاق هذا الصراع ستُنبئ بها الأيام لاحقاً. ولا شكّ أنّ المعركة الفصل بيننا وبين هذا العدو قادمة لا محالة، والجميع يعدّ لها عدّتها، سواء المقاومة ومحورها أو الفريق الآخر الصهيوني والمتصهين.

وعلى محور المقاومة في المنطقة أن يدرس خطواته المقبلة بتأنٍ شديدٍ وبعناية فائقة، وأن يدرس نقاط القوة والضعف، وأن يتّعظ ممّا حصل سابقاً حتى لا تتكرّر الأخطاء نفسها.
فالإعداد ينبغي أن يكون على مستوى المرحلة القادمة التي سيكون للذكاء الاصطناعي، والتقنية العالية، والتكنولوجيا الحديثة، الركيزة الأساسية في أي معركة أو حرب جديدة تستهدف المقاومة ومحورها في المنطقة.

/انتهى/

رمز الخبر 1963728

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha