وافاد مراسل وكالة مهر للانباء ان وزير الخارجية علي اكبر صالحي ان مؤتمر طهران الدولي يهدف الى التشاور لايجاد حل سياسي للازمة السورية والتزام جميع الاطراف بالمبادئ.
واوضح صالحي ان المؤتمر يسعى الى المساعدة البناءة اقليميا ودوليا لحل الازمة السورية , مقترحا تشكيل مجموعة اتصال بهذا الشأن.
واكد وزير الخارجية ان الأزمة في سوريا تحولت الى أزمة معقدة جراء الاعتداءات الصهيونية مما يتطلب مشاركةً بناءة و مؤثرة من جميع الدول الصديقة.
وفيما يلي نص كلمة وزير خارجية الجمهورية السالامية الايرانية في المؤتمر الدولي حول سوريا الذي عقد تحت شعار "الحل السياسي والاستقرار الاقليمي".
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة وزراء الخارجية ، الوفود السياسية ، أصحاب المعالي
بادئ ذي بدء أرى لزاماً علي أن أعرب عن ارتياحي لحضوركم القيم أيها الزملاء و الشخصيات السياسية الفاضلة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية . آمل أن تؤدي مشاركتكم البناءة في هذا المؤتمر الدولي إلى التوصل لحل سلمي لخروج سورية من أزمتها الحالية .
إننا نجتمع اليوم في ظروف تحولت فيها الأزمة في سوريا إلى أزمة معقدة جراء الاعتداءات الصهيونية مما يتطلب مشاركة ً بناءة و مؤثرة من جميع الدول الصديقة. لاريب في أن سورية بمكوناتها السياسية و السكانية و الجيوسياسية الخاصة هي أحدى الدول الهامة وذات الثقل في الشرق الأوسط و استمرار الأزمة فيها يمكنه أن يشكل تحدياً جاداً للامن و الاستقرار في المنطقة برمتها.
و منذ بداية الأزمة أكدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أولوية وقف نزيف الدم و التركيز على الحل السياسي و الإجراءات السلمية لعودة الهدوء الى هذا البلد بغية تنفيذ الإصلاحات السياسية وتحقيق مطالب الشعب السوري المقاوم في أجواء مفعمة بالاهتمام الوطني الشامل ، ولم تدخر إيران جهداً بهذا الخصوص. وفي وتيرة التطورات في المنطقه ينبغي الاستجابة لمطالب الشعوب في مختلف البلدان لذلك فإن نظرتنا واحدة حيال التطورات في المنطقة على الأخص في سورية و البحرين و اليمن إذ نعتقد بأنه في سورية كما هو الحال في البلدان الأخرى ثمة مستوى من المطالب الشعبية الحقيقية التي يجب تلبيتها . و عليه فإننا نعارض قتل الناس و المواطنين العزل من أي طرف كان .
الضيوف الكرام
لقد كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية طوال السنوات الماضية وما تزال جزءاً من الحل للأزمات الاقليمية وقامت بدورها الإيجابي والمؤثر في قضايا أفغانستان والعراق ولبنان في إطار استتباب الامن.
وعلى هذا الأساس تولي طهران اهتماماً خاصاً للحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط الهامة والاستراتيجية وتابعت بحساسية ودقة بالغة التطورات في سورية منذ بداية الأزمة ودعمت أي إجراء لإعادة الهدوء و الاستقرار إلى هذا البلد.
وأرى هنا من الضروري أن أشير بإيجاز إلى أهم هذه الإجراءات كما يلي :
1- في شهر آب- اغسطس من العام الماضي عقدت طهران اجتماعاً تشاورياً حول سورية بحضور ممثلين عن 30 دولة في العالم بغية مساعدة الشعب السوري حيث عبرت مختلف الدول عن مواقفها المبدئية والواقعية وقدمت مقترحات للخروج من الأزمة. وتم تقديم مقترح لوقف إطلاق النار في أيام عيد الأضحى إلا أنه للأسف لم يستمر بسبب التدخل الخارجي.
2- إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤمن إيماناً راسخاً بأن الحل السياسي و الحوار الوطني الشامل هو الطريق الأمثل لخروج سورية من محنتها ، لذلك حاولت طهران لحد الآن من خلال دعم المجموعات و الأحزاب وابناء الشعب ممن لديهم توجه سلمي حاولت توفير الأرضية المؤاتية للحوار الوطني بغية إقامة عملية ديمقراطية شاملة وتنافسية منبثقة من أصوات الشعب السوري. وقمنا في هذا السياق بخطوات مؤثرة منها عقد ثلاث جولات من "مؤتمر الحوار الوطني" بمشاركة جماعات المعارضة من الداخل والخارج والأحزاب وممثلي العشائر وابناء الشعب السوري في طهران ودمشق وجنيف كانت حصيلتها تشكيل لجنة متابعة (وتضم هذه اللجنة ممثلين عن المجموعات المشاركة في مؤتمر طهران وتم تشكيلها بهدف التباحث مع المجموعات المعارضة الأخرى بغية إنضمامها إلى الحوار "توسيع المشاركة" ومن جهة اخرى التباحث مع مختلف الدول لإيقاف العنف و ما تزال هذه اللجنة ناشطة ومن المزمع أن تزور عما قريب الجمهورية الإسلامية الإيرانية) ، ومواصلة مسار الحوار الداخلي وبذل الجهود لوقف العنف و إرسال المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري.
3- وقامت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالتواصل البناء والمؤثر مع جميع مجموعات المعارضة التي تحترم السيادة الوطنية وتعارض التدخل الخارجي وظلت متمسكة باستخدام إمكانيات الحل السلمي مما يعتبر إنجازاً للدبلوماسية الفاعلة للجمهورية الإسلامية الإيرانية حيال الأزمة السورية.
4- وقد دعمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية كل الإجراءات الاقليمية والدولية مع التأكيد على الحل السياسي ، وفي هذا الإطار أعلنا عن دعمنا لمشروع السيد كوفي أنان وجهود السيد الأخضر الإبراهيمي المبعوث الخاص للأمين العام المتحدة في شؤون سورية. وفي هذا السياق فإن طهران باعتبارها جزءاً من الحل للأزمة السورية رحبت بجهود موسكو لعقد مؤتمر دولي بمشاركة جميع الأطراف واعتبرت ذلك خطوة هامة لحل الأزمة السورية.
5- كما إننا رحبنا بمقترح فخامة السيد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية القاضي بتشكيل لجنة رباعية ، وفي هذا الإطار عقدت اجتماعات على مستوى كبار الخبراء ووزراء الخارجية لدول إيران وتركية ومصر في القاهرة ونيويورك وعلى هامش اجتماع مجموعة دي 8 في إسلام آباد و وفر ذلك الأرضية للتعاون بين هذه الدول للمساعدة في حل الأزمة السورية.
6- وبغية تقديم مبادرات بناءة لحل الأزمة وبثقة كاملة بإمكانية إيجاد حل سياسي قدمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة وبعض دول المنطقة والمنظمات الدولية و الحكومة السورية في عام 2013 قدمت خطةً من 6 نقاط تقوم على إيقاف العنف ووقف إطلاق النار واستمرار الحوار الوطني وتوفير الأرضية لإقامة انتخابات حرة وتنافسية بتشكيل برلمان جديد ومجلس تأسيسي لصياغة الدستور . وبتنفيذ هذه الخطة تتوفر الفرصة للشعب السوري لإملاء إرادته الحقيقية بالطرق الديمقراطية المقبولة بعيداً عن التدخلات الخارجية.
7- من جهة أخرى لم تألوا الجمهورية الإسلامية الإيرانية جهداً في تقديم المساعدات والخدمات الإنسانية للشعب السوري . وفي هذا السياق فقد شاركنا في الجهود الدولية ومساعدة النازحين السوريين المقيمين في لبنان والأردن والعراق فضلاً عن جهودنا لإرسال شحنات لتأمين المواد الضرورية للشعب السوري تشمل المواد الغذائية والأدوية وسيارات الإسعاف والمازوت وتعزيز شبكة الكهرباء في سورية للتخفيف من معاناتهم . وهنا من الضروري أن أنوه بأن المساعدة في حل مشكلات سورية الاقتصادية في مواجهة العقوبات غير العادلة وإرسال المساعدات الإنسانية إلى هذا البلد يعتبر سبيلاً ينبغي أن يحظى باهتمام جاد من جميع الدول والمنظمات الدولية ، لإن هذه العقوبات لم تكن في خدمة مصالح الشعب السوري فحسب بل إدت إلى زيادة معاناته.
8- إثر الطلب الذي تقدمت به سويسرا حول توفير المجال لتقديم المزيد من المساعدات للشعب السوري قامت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعقد اجتماع ثلاثي بحضور ممثلين عن الحكومتين السورية والسويسرية في مرحلتين في طهران ودمشق في الشهر الماضي أفضى إلى إنجاز هام هو تشكيل لجنة للمتابعة وإنشاء مكاتب إرسال (خلال المباحثات الثلاثية وافقت الحكومة السورية على قيام سويسرا بإنشاء مكاتب لإيصال المساعدات في دمشق وحمص ودرعا ) وتنظيم المساعدات الإنسانية للشعب السوري بمساعدة الهلال الأحمر في هذا البلد.
أصحاب المعالي ، الضيوف الكرام
إن زيادة العنف وسفك الدماء والتأخير في التسوية للأزمة الحالية لايصب أبداً في صالح الدول المحيطة والمنطقة والعالم لإن تصعيد الأزمة و انتشار الغليان إلى البلدان الأخرى في المنطقة سيوسع أرضية النزاعات ويؤجج نار الفلتان الأمني وسيكون لمخاطر ذلك تداعيات مدمرة لايمكن للنظام الدولي التعويض عنها ، وبالتأكيد فإن إدارة هذا الأمر سيكون أكثر صعوبةً من إدارة الأزمة الراهنة.
وترى الجمهورية الإسلامية الإيرانية أنه من دون اجماع الأطراف المتنازعة لايمكن الحد من التفجيرات وقتل المواطنين العزل واحتواء الزيادة المطردة لنشاطات الجماعات المتطرفة اللامسؤولة ، وجدير بالذكر بأن تكلفة التضحية بالشعب السوري والاستقرار في هذا البلد سيكون لها تداعيات مضرة ستؤدي بالتأكيد إلى عدم الاستقرار في المنطقة و العالم.
وعلى هذا الأساس ترفض الجمهورية الإسلامية الإيرانية تمويل الجماعات المسلحة ومدها بالسلاح و تصعيد مؤامرة الفتنة الطائفية والمذهبية المشؤومة وترى أنه من الأجدر بالأطراف المنادية بالديمقراطية والتي تزعم بإنها تدعم الشعب السوري أن تقوم بتوفير ظروف يقرر فيها الشعب السوري بالذات مستقبله من خلال عملية ديمقراطية وإقامة انتخابات حرة.
ولذلك فإننا إذ ندين بشدة الاعتداءات الصهيونية الأخيرة على الأراضي السورية ونرفض أي تدخل أجنبي و عسكري لحل الأزمة السورية ، ندعم مفاوضات جنيف وإجراءات الأمين العام للأمم المتحدة لحل الأزمة سلمياً ، وبالتأكيد فإن الشعب السوري والشعوب المقاومة في المنطقة بانتظار الاهتمام الشامل للمجتمع الدولي بمكافحة الإرهاب و التطرف.
الضيوف الكرام ، أصحاب المعالي
والنقطة الهامة هنا هي التفهم الاقليمي والدولي لتجاوز الأزمة السورية عبر الحوار السياسي بدل الحل العسكري ، و مع أن هذا الإنجاز بحد ذاته يحظى بأهمية لكن علينا أن ننتبه إلى مغبة التدخل في الشأن الداخلي السوري بأداة المؤسسات الدولية وتبرير عمليات اتخاذ القرار للمؤسسات أعلاه يحول دون قيام الشعب السوري بتقرير مصيره بنفسه ، ولاشك في أن اتخاذ القرار بالنيابة عن الشعب السوري لن يساعد في حل الأزمة فحسب بل سيجعل المشكلة الحالية أكثر تعقيداً.
و من جهة أخرى فإن أي إجراء في المجالات الدولية والاقليمية ينبغي أن ينطلق باتجاه رفض العنف والوقف الفوري للاشتباكات ومن أجل ضمان هذه العملية علينا الحؤول دون تدفق الأموال والسلاح إلى داخل سورية من خلال إجراء جماعي وضبط الحدود السورية وإجراءات السيطرة لمنع إرسال الجماعات المسلحة المتطرفة إلى داخل سورية وذلك يتطلب جهود شاملة على الأخص من دول الجوار السوري ، لذلك نعتقد بأن الشرط المسبق لنجاح الحل السياسي هو التزام كل الأطراف بالمبادئ المذكورة ، و عليه فإن اجتماعنا اليوم يأتي للمؤازرة لتحقيق الحل السياسي لتسوية الأزمة في سورية على أساس حقيقي وواقعي بغية مساعدة الجهود الاقليمية والدولية البناءة والمؤثرة ، وفي هذا السياق نقترح أن تتشكل مجموعة اتصال مؤتمر طهران الدولي بأسرع وقت و باتفاقكم أيها الأعزاء من أجل المضي قدماً بأهداف المؤتمر على الأخص للتواصل مع الحكومة و المعارضة السورية .
مرةً أخرى أعرب عن شكري و تقديري لحضوركم في هذا المؤتمر الدولي ، و لاشك في أن إرشاداتكم و آرائكم العلمية أيها الزملاء المحترمون ستكون فاعلة و بناءة لتحقيق أهداف مؤتمر طهران التشاوري الثاني.
وفي الختام أرى لزاماً علي أن أعبر عن شكري وتقديري لزملائي في وزارة الشؤون الخارجية وجميع الذين شاركوا في تنظيم وعقد هذا المؤتمر الهام./انتهى/
رمز الخبر 1822669
تعليقك