٠٧‏/٠٩‏/٢٠١٥، ١٢:١١ م

استراتيجية إيران الإقتصادية الجديدة

استراتيجية إيران الإقتصادية الجديدة

ماهر الهمّة - غالبا ما تفرض العقوبات الدولية لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو غيرها،لكن نتائجها على إيران ومنذ عام 1979 إزاء ملفها النووي، لم تكن باهرة ومجدية حتى اليوم من حيث أهدافها، كما فعلت العقوبات المزمنة بكوبا وكوريا الشمالية وغيرهما.

اليوم إيران تتبع سياسة اقتصادية استراتيجية متميزة وجديدة بعد الاتفاق النووي الموقعة بينها ومجموعة 5+ 1 ، سميت بـ"الاقتصاد المقاوم"، حسبما عنونها قائد الثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي في خطابه بجمع من العلماء والمتخصصين حينما وضح أن استراتيجة اقتصاد المقاومة ليست شعارا، وإنما هي واقع ينبغي أن يتحقق، فإستراتيجة الاعتماد على مصادر منتهية المورد والمصدر مثل النفط قد انتهت، وإن الاقتصاد القائم على العلم هو المؤثر في ارتقاء الهوية الوطنية والقدرة السياسية واستقلال البلاد، وإن إيران في هذه المرحلة الحساسة من تاريخها بإدراكها الصحيح للمسؤوليات، والقيام بها سوف تصل إلى آفاق من الأماني والأمل، فالبلاد في حالة تقدم وتطور يشهد لها العالم بها، ولن توجد مشكلة تمنع الشعب الإيراني عن المضي للأمام، فالشعب في الساحة، والمشاكل التي افروتها العقوبات التي من المقرر رفعها قريبا جدا والضغوط أصغرمن إرادته وتصميمه وتطلعاته، فالاقتصاد المقاوم يقتضي وجود شركات بناء المعرفة وإنتاج العلم، وسيتم دعمها كماً وكيفاً من قبل ادارات الدولة المختلفة لتسهم بازدهار الاقتصاد من خلال إيجاد الثروة عن طريق العلم.

 

حكمة القادة الإيرانيين في المجال الاقتصادي

أدرك القادة الإيرانيون على مر اكثر من ثلاثة عقود أن الغرب استبدل خيار العقوبات العسكرية ضد إيران بالعقوبات الاقتصادية، ولهذا استثمروا فكرة العقل الجماعي في مواجهة العقوبات الاقتصادية الغربية، بمعنى إشراك كافة الكفاءات الإيرانية في طرح الأفكار، والاشتراك في تشكيل اللجان، ووضع القرارات، والاشتراك في تنفيذها، كل في مجال تخصصه.

وانطلاقا من هذا الخيار عمدت الحكومة الإيرانية لتقليل الاعتماد على عائدات النفط، وعلى المحصول الواحد في التنمية الاقتصادية، أو لحل مشاكل البلاد فخلال العقود الأخيرة كان إقتصاد البلاد يعتمد على العديد من القطاعات في مقدمها النفط ، لكن الحكومة الايرانية قررت تبني العديد من السياسات والبرامج التي من شأنها تعزيز نشاط الشركات العاملة في مجال الإنتاج غيرالنفطي بما فيها المحاصيل الزراعية والمواد الغذائية والصناعات الجانبية للنفط كالمشتقات النفطية والبتروكمياويات وتصدير الصلب والفولاذ والإسمنت من أجل استيعاب القوى العاملة ومعالجة البطالة.

 

العقوبات الغربية على طهران لم تجد نفعا

 اتبع الإيرانيون الحكمة القائلة "الحاجة هي أمّ الاختراع"، حينما وضعوا النظريات الاقتصادية الغربية جانبا، لمواجهة العقوبات الاقتصادية وعادوا لتاريخ بلادهم، إلى طبيعة الثورة الاسلامية الزاخرة بالمفاهيم والمناهج المختلفة ، لاستلهام نظرية جديدة تتناسب مع الظروف التي مرت وتمر بها إيران حاليا، فلقد أکسبت العقوبات الغربية إيران تجارب جادة في أكثر من مجال فمثلا مکنتها من كسر احتكار عدد من الشركات الأمريكية لإنتاج مادة البيو ايميلنت المتستخدمة في علاج الأمراض، وفي مجال دعم التقنيات الجو فضائية استطاعت إيران الآن امتلاك أكثرمن مائتي شركة قطاع خاص تعمل في مجال التقنية الجو فضائية. 
وفي مجال الطب البديل فإيران تملك أكثر من مائة وثلاثين مشروعا بحثيا في مجال الطب البديل بالتعاون مع الجامعات، تنتج أدوية طبيعية إيرانية لعلاج السرطان ومرض ام اس والكبد الوبائي.

كما ان إيران تمكنت في السياق نفسه من إنتاج أدوية جديدة التركيب لعلاج السرطان عرضتها في الأسواق وكما استطاعت إنتاج أجهزة لإنتاج أدوية الأمراض المستعصية وعدد من الأدوية الأخرى، وبلغ حجم استثمارها في مجال شركات إنتاج العلم 840 مليون دولار، حسبما اوردت إحصاءات نشرتها صحيفة همشهري عام 2012 .

ووصلت إيران لحد الاكتفاء الذاتي بإنتاج مواد تحسين المحاصيل الزراعية، وخاصة محصول البطاطس في حين واقتحمت مجال دراسات المحيطات والاستثمارفي قطاع البحرمن اوسع ابوابه واستطاعت الاستفادة من مزاياه العلمية والتقنية، وأصبح لديها سفن أبحاث تجوب البحار والمحيطات.

وفي مجال النانو أنتجت إيران اكثرمن أربعة آلاف تركيبة بليمري متقدمة، وتمت في إيران تنمية صناعات إنتاج الكامبوزيت في مختلف أنحاء البلاد في السنوات الأخيرة، ولاتزال تسعى لإيجاد أسواق جديدة لها.

ايران اليوم، بعد الاتفاق النووي الموقع مع الغرب في فيينا، اثبتت للعالم اجمع وخاصة لتلك الدول المشككة في نواياها وسعيها لامتلاك قنبلة نووية، ان الاتكاء على العلم والاعتماد على النفس، اقدر وافتك سلاح في مواجهة اي ضغط او حظر تتعرض له البلاد والعباد. كما ان طهران اكدت للدول المختلفة القريبة منها والبعيدة الصديقة لها والعدوة ان تهديد امن دول المنطقة ليس ضمن سياستها التيانضوت وتندرج ضمن تعزيز الامن والاستقرار الدوليين وهذا ما شهدناه في دعمها لحركات المقاومة في المنطقة ونشرها العلم والتطور اينما استطاعت ومكافحة الارهاب بكافة اشكاله سواء في سوريا اوالعراق او في مكان نشأ وتكاثر فيه  .

اعلامي وكاتب سوري

رمز الخبر 1857417

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha