وكالة مهر للأنباء- سهام بن عزوز: بدأ العمل منذ وقت ليس بالطويل على حياكة علاقات جدّية بين السعودية واسرائيل قوامها التعاون على كل المستويات وخاصة العسكرية والأمنية والاقتصادية ...لم تكن هذه العلاقة معلنة بالرغم من وجود مؤشرات عديدة لقيامها واستعداد الجانب السعودي للمضي الى ابعد الحدود ولو على حساب كل الملفات والقضايا العالقة في المنطقة واهمها الملف الفلسطيني الذي لم يعد على ما يبدو من اولويات المملكة العربية السعودية ولا حكامها .
تواترت المعلومات منذ فترة على انّ المملكة العربية السعودية قد بدأت فعلا بتشييد سفارة ضخمة لها في اسرائيل، وربما الأضخم في تل أبيب ولابد من الاشارة الى انه الى حد الان رسميا، لا تقيم الدولتان أي علاقات دبلوماسية فيما بينهما، بسبب قيام اسرائيل بطرد غالبية الشعب الفلسطيني عام 1948 (النكبة). غير أن ميثاق كوينسي الموقع بين الرئيس روزفلت والملك عبد العزيز عام 1945، والمجدد من قبل الرئيس بوش، والملك فهد عام 2005، يأخذ بعين الاعتبار، علاوة على أمور أخرى، عدم اعتراض المملكة على وطن قومي لليهود في فلسطين (دولة اسرائيل المستقبلية) .
قام الملك عبد الله بتمويل عملية "الرصاص المسكوب" الاسرائيلية على قطاع غزة عام 2008 نيابة عن الولايات المتحدة و لا ننسى ان مملكته قامت ايضا بتمويل و التحريض علنا على الحرب على المقاومة الاسلامية في لبنان (حزب الله) في تموز 2006.
كما انّه واستكمالا لهذا التطبيع العلني تحدث الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز عبر الفيديو أمام أعضاء مجلس أمن الخليج (الفارسي)، في شهر نوفمبر 2013. وتمكّن أعضاء المجلس آنذاك من طرح أسئلة على الرئيس الاسرئيلي، ليس بشكل مباشر، بل عن طريق الوسيط تيري رود لارسن .
قام الملك عبد الله بتمويل عملية "الرصاص المسكوب" الاسرائيلية على قطاع غزة نيابة عن الولايات المتحدة
اليوم واستكمالا ايضا لكل ما سبق من مؤشرات للتطبيع يقود البلدان ( السعودية و اسرائيل ) في الوقت الحالي حرباً مشتركة على اليمن، وذلك انطلاقا من قيادة أركان مشتركة، منشأة في دولة غير معترف بها فوق أراضي الصومال. و لابد من الاشارة هنا انّ الطرفين أي السعودية واسرائيل يزمعان القيام بتنفيذ العديد من عمليات استخراج النفط في اليمن، وفي القرن الأفريقي .
اضافة الى كل هذا عيّن الملك سلمان الأمير وليد بن طلال (الخامس بين أثرياء العالم بشركاته سيتي غروب، موفينبيك، وفورسيزن)، كسفير قادم للمملكة في تل ابيب.
الى ذلك ومنذ سنة تقريبا وفي عقيدة الأمن القومي للولايات المتحدة المنشورة بتاريخ 6 شباط-فبراير 2015, كتب الرئيس أوباما : "إن استقرارا طويل الأمد في (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) يتطلب أكثر من استخدام وتواجد القوات العسكرية الأمريكية, كما يتطلب شركاء قادرين على الدفاع عن أنفسهم. لهذا السبب علينا أن نستثمر في قدرات اسرائيل, والأردن, وشركاءنا في الخليج (الفارسي) لقطع دابر أي عدوان عليهم, مع التأكيد على التزامنا الدائم بأمن اسرائيل, بما في ذلك التقدم العسكري النوعي لها".
إن قراءة متأنية للوثيقة لا تدع مجالا للشك انّ استراتيجية وزارة الدفاع الأمريكية تقوم على انشاء نسخة حديثة من حلف بغداد, بمعنى حلف ناتو عربي, بشكل يمكنها من سحب قواتها العسكرية من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بهدف اعادة موضعتها في الشرق الأقصى. كذلك, يتضح من رؤيته, أن البنتاغون يتصور أن تكون "قوة الدفاع العربي المشتركة" مكونة من دول الخليج (الفارسي) والأردن, وأن يتم وضعها تحت القيادة الاسرائيلية. وإذا أخذنا حلف بغداد كمثال سنجد أنه كان مكونا من المملكة المتحدة مع مستعمراتها السابقة.
اضافة لكل هذا لابد من التذكير انه في شهر تشرين ثاني-نوفمبر 2013, تدخل الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز وتحدث عبر الفيديو مع أعضاء مجلس الأمن الخليجي, المنعقد في ذلك الحين في أبوظبي, بحضور ممثلين عن الدول العربية الأعضاء في الجامعة العربية ودول آسيا "السنية". وقد قوبلت مداخلته, التي ركزت على ضرورة وجود حلف عسكري جديد في مواجهة الجمهورية الاسلامية في ايران, بتصفيق شديد من الحاضرين.
و لقد كشف المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم, أن المملكة العربية السعودية صارت على أتم الاستعداد لانشاء "قوة الدفاع العربية المشتركة" من خلال زياد موازنتها العسكرية 13 مليار دولار عام 2014 , أي بنسبة 17 بالمائه.
تسعى الرياض منذ ذلك الوقت إلى اشراك أكبر عدد ممكن من الدول ضمن هذا المشروع. وقد تمكنت بموجب ذلك من "شراء" مشاركة مصر. وتتويجا لذلك, قدمت دول الخليج (الفارسي) أثناء انعقاد المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ بتاريخ 13 آذار-مارس 2016, 8 مليار دولار لمشاريع استثمارية للقاهرة. وقد اعتمدت جامعة الدول العربية هذا المشروع في الأول من نيسان الجاري.
وانّ حرب اليمن التي لايفهم أحد ضروراتها, هي بمثابة تمرين واسع النطاق, على عدم اظهار أي طرف تعاطفه إزاء آلاف القتلى, وأكثر من ثلاثة آلاف جريح يمني.
فعليا, وبحسب ستراتفور, القيادة العسكرية لعملية "عاصفة الحزم", وهي لمن لايعرف, ليست في المملكة العربية السعودية بل في دولة غير معترف بها فوق أرض مقتطعة من الصومال (صومالي لاند) تستخدم كقاعدة عسكرية اسرائيلية, تسيطر على باب المندب. و في اثناء انعقاد اجتماع رؤساء اركان الدول في الجامعة العربية في 22 ايار 2016. وقع تقييم الوحدات التي ادرجت ضمن هذه الاليةّ. و اعتمد في هذه العملية على الدول العربية الثلاث مصر, الكويت, والمغرب, هذه الدول الثلاث المعنية بقصف اليمن, و المطلوب منها تباعا أن تقدم تقريرا أوليا في شهر تموز الجاري.
كنتيجة لكل ما سبق نلاحظ انّ هذا السياق الواضح في العلاقة بين السعودية واسرائيل يتجسد فعليا في خيانة السعودية وغيرها من الدول العربية المنضوية تحت لواءها للشعب السوري اولاً حينما عملت هذه الدول مجتمعة على طرد الجمهورية العربية السورية من الجامعة العربية في انتهاك واضح للنظام الداخلي للجامعة وثانيا في سعيها واصرارها على ادراج المقاومة الاسلامية فيلبنان على لائحة المجموعات الارهابية واتهامها بشكل او بآخر بتهمة الارهاب اضافة الى الاستعداد الكامل لخيانة الشعب الفلسطيني والتخلي عن الحقوق المشروعة له في ارض فلسطين المحتلة ثانيا دون ان نغفل ايضا قيام هذه الدول بوضع جيوشها تحت قيادة دولة استعمارية ثالثا.
تعليقك