رأى الكاتب والمحلل السياسي الاردني مدير مركز القدس للدراسات السياسية "عريب الرنتاوي" في حديث لوكالة مهر للأنباء حول إشكالية تسمية الخليج الفارسي والصراع حول اسم هذا المسطح المائي بين ايران والعرب والذي ظهر في مناسبات اقليمية وعالمية في عدة مرات، بأن هذا الخلاف مفتعل إلى حد كبير ويعود إلى رغبة كل طرف من الأطراف المشاطئة للخليج بنسب الخليج لنفسه وليس للطرف الآخر، مع أن هذا المسطح المائي تعيش على أطرافه أمتان وهما الأمة العربي من جهة والأمة الفارسية من جهة أخرى، مضيفاً أن الأمّة العربية موزعة على عدة دول فيما الأمّة الفارسية في ايران وإن كانت الأخيرة لا تقتصر على الفرس وحدهم.
وأوضح مدير مركز القدس للدراسات السياسية ان إعطاء هذا الموضوع بعد سياسي أكثر مما يستحق هو جزء من الصراع العربي والخلافات الايرانية العربية التي اندلعت قبل انتصار الثورة الاسلامية منذ أن نشأت الحركة القومية العربية الناصرية من جهة وعندما كان شاه ايران يلعب دور شرطي الخليج بالنيابة عن الغرب وامريكا في مواجهة معكسر القومية العربية واليساريين العرب المتحالفين مع المعسكر السوفيتي في الشرق.
وأردف الرنتاوي أنّه بعد سنوات من الحرب الباردة وانتصار الثورة الاسلامية انتقل هذا الصراع إلى شكل آخر وهو الصراع العربي-الايراني أو الأخص الايراني- السعودي بشكل اساسي واخيراً سني - شيعي للأسف.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الأردني أن الجدل حول عربية أو فارسية هذا الخليج هو محكوم بالخلاف السياسي، فالأمة العربية لها حق في هذا الخليج فهي أمة مشاطئة له عبر عدة من الدول ولايران حق في هذا الخليج كونها ايضاً أمة مشاطئة ، لذلك لا ضين في ان نقول خليج فارسي من قبل ايران او خليج عربي من قبل العرب، مردفاً أن هناك اقتراحات تسوية كأن نقول لها الخليج العربي الفارسي، أو الخليج الاسلامي كون كل الدول المحاذية للخليج دول اسلامية.
وقال المحلل السياسي الرنتاوي حول تسمية الخليج الفارسي تاريخياً والدلالات التاريخية من خرائط وكتب قائلاً: "أنا لا أريد أن أحمل التسمية على رغم اختلاف المرجعيات التاريخية بشأنها أكثر مما تحتمل ، هناك مشكلة انقسام بين العرب والايرانيين وليست هناك مشكلة في ان نبحث عن فرص للتعاون فيصبح مثلاً لكل طرف الحق في تسميته كما يشاء أو في أطار التعاون يتم التوصل لتسمية مشتركة بين الطرفين.
وعن دور الحركة القومية العربية في تسمية الخليج بالعربي، أشار مدير مركز القدس للدراسات السياسية أن الحركة أثرت على عدد من القضايا الحدودية المتنازع عليها بين الأمة العربية وبين الجوار الاقليمي، ذاكراً عدة أمثلة منها موضوع اسكندرون في سوريا الذي أثير في تلك الفترة فهو جزء من سوريا وتم اقتطاعها من سوريا عام 1930 وضمه إلى تركيا، وغيرها من المناطق الحدودية من المغرب العربي إلى مشرقه كمنطقة اريتريا وجزر القمر التي لم تكن تعتبر فيما سبق من مكونات البلاد العربية الأصيلة، موضحاً أن طرح الخليج "العربي" جاءت في تلك الفترة، إلا أن التسمية الانكليزية " Persian Gulf" أعطت القوة للتسمية الخليج بالفارسي عالمياً.
وأردف الرنتاوي أن الأمة الفارسية أمة موحدة وعاشت في دولة مستقرة متواصلة عبر الأزمان المختلفة الأمر الذي لم تتمع به الأمة العربية التي خرجت من الاحتلال العثماني إلى عهد التقسيم إلى الانتداب الغربي، حيث بدأت الحركة القومية العربية متأخرة، منوهاً إلى أن دولة الأمة كانت أكثر وضوحاً بالنسبة لايران من العالم العربي ، ولكن هذا لا يؤسس حق لايران أو حق للعرب في الأسبقية، موضحاً أن الأمر واضح في أن الامتين العربية والفارسية أمتين متجاورتين تتشاطآن الخليج ولكلتيهما حقوق متساوية ولذلك هنا التسمية يمكن أن تعكس هذا الحال.
وحول الموقف الدولي من اشكالية تسمية الخليج أوضح مدير مركز القدس للدراسات السياسية أن القانون الدولي عندما يكون هناك أمم مشاطئة لبحر أو خليج أو مسطح مائي فالقانون ينظم الحقوق والواجبات أما التسمية فهي أمر شكلي، فالحقوق المائية واضحة والباقي شكلي، مشيراً إلى أنه لا يتم اعتماد الإسم الأقدم وان تم التوصل لتسمية موحدة فهذا أمر جيد، منوهاً إلى أن الأسبقية في التاريخ لا يعطي ايران الأحقية في الخليج، فوجود أمة أخرى هو أمر واقع والعكس أيضاً صحيح ولا أفضلية لأحد على أحد بل الجميع له حقوق متساوية.
وشدد الرنتاوي على ضرورة الابتعاد عن طرح قضايا خلافية تضاف إلى مجموعة القضايا الخلافية المتراكمة بين العرب والايرانيين، موضحاً أنه في سياق البحث عن الحلول للقضايا الخلافية بين الأمتين تصبح هذه المسألة ثانوية، ولكن في سياق تأجيج الصراع فهي قضية اضافية تعقد المسألة وتبتعد عن المساهمة بحلها.
وحول طرح هذه الإشكالية الخلافية في تسمية الخليج في مؤتمرات الحوار العربي الايراني رأى الكاتب والمحلل السياسي الأردني أن المؤتمرات التي تستضيفها ايران مرتبة بطريقة لا تجعل من الحوار عربياً - ايرانياً، فمعظم الحضور العربي من اصدقاء ايران، ولذلك يخرج هذا المؤتمر بقرارات مواتية ويكون الحوار هادئ وكأنه بين أصدقاء، داعياً منظمي مؤتمر الحوار الثقافي العربي الايراني إلى توسيع دائرة الحوار ولاسيما مع الخصوم، وعدم الاكتفاء بالأقلية الصديقة في العالم العربي.
وأضاف الرنتاوي أن جدول أعمال الحوار العربي الايراني يجب أن ينطلق من مسائل أكثر جدية وأكثر خلافية قائلاً "لا اعتقد أن تسمية الخليج إحداها فهناك مشاكل جغرافية وعقائدية (السني- الشيعي) والاتهامات المتبادلة بخصوص التدخل ودعم الإرهاب والهيمنة على العالم الاسلامي، مضيفاً أن هذه المشاكل الأصلية يجب حلها وعندما تحل تصبح مشكلة تسمية الخليج مسألة جزئية ليس لها قيمة. /انتهى/
أجرت الحوار: ديانا المحمود
تعليقك