وكالة مهر للأنباء- فاطمة صالحي: أعلنت مصادر في البيت الأبيض أن الرئیس الأمريكي دونالد ترامب يسعی لتشكيل نسخة عربية من حلف شمال الأطلسي أو ما يعرف بـ"الناتو العربي" ضد إيران بمشاركة بعض الدول العربية والذي يبدو بأنه غير ناجح في ظل الخلافات التي تسود الدول العربية والعجز المالي الذی تعاني منه.
وتعليقا على مشاركة الدول العربية في هذا الحلف الجديد أكد الكاتب والصحافي الفلسطيني خالد الجيوسي علی أنه بالنَّظَر إلى الدول المُشاركة أو المُنضوية تحت ما يُسمّى ب "التحالف العربي" على غِرار "الناتو"، ضد الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانية، أعتقد أنّه يجب أن يكون هُناك تجانُس توافقيّ وسياسيّ حقيقيّ بين الدول التي من المفروض أنها "تتوحّد" تحت الراية الأمريكيّة لمُحاربة إيران قبل أن يكون عسكريّاً، وإن نظرنا إلى كل دولة وقيّمنا علاقاتها مع بعضها، فسنجد أنّ العلاقة يحكمها عُنوان ما يُعرف ب"الاعتدال"، لكن في التفصيل العلاقة السعوديّة الإماراتيّة "مُتوتّرة" بحُكم نيّة الأخيرة على لسان أبرز مسؤوليها الانسحاب من "الحزم" السعودي، على خلفيّة عدم القُدرة على تحقيق إنجازات، وإعادة "الشرعيّة" المزعومة إلى حكومة أصلاً تُسيّر معركتها من العاصمة الرياض، هذا بالإضافة إلى أن دولة الإمارات باتت "مُحرَجة" بفعل "فضيحة" التعذيب التي طالت ضُبّاطها في السجون اليمنيّة التي تُسيطِر عليها، رغم نفيها وتحميلها المسؤوليّة لحكومة هادي.
وصرح بأنه بخُصوص العلاقة بين مصر والأردن، قد يكون الحال أفضل، وهٌناك رؤى مُشتركة بين نظاميّ البلدين، ويجتمعان جيّداً في جزئيّة رفض قيادتهما الزَّج بجيشهما في حرب اليمن، رغم الضُّغوط، وأسلوب الترهيب والترغيب الذي مورس عليهما من قبل السعوديّة، مُتزعّمة "التحالف العربي" للعُدوان على اليمن الشقيق. القاسم المُشتَرك بين الرباعي العربي الذي من المفروض، أن يتوحّد لمُحاربة إيران، هي "الرغبة الأمريكيّة" في تشكيله، وهي رغبة عُنوانها بطبيعة الحال "الإجبار" لو تم تطبيقها بالفعل، وفيما يتعلّق بالتجانس الاقتصادي (المساعدات العربية) الذي يُعوّل عليه البعض في تمتين هذا التحالف العسكري، فالأردن لا يزال بانتظار مُساعداته التي تم إقرارها في قمّة مكّة السعوديّة، وهو بالأصل "يتحفّظ" على مثل تلك المُساعدات التي قد تضع "أمنه الداخلي" في مهب رياح مُغامرات تحالفات عسكريّة.
وأضاف بأن العلاقات السعوديّة المصريّة من وجهة نظري "جيّدة" إلى حين الاصطدام مُجدَّداً، فهل سيَقبل الجيش المصري مثلاً مُحاربة "إيران"، في حين رفضت قيادتهما حتى فكرة "الإسناد البرّي" ضد حركة أنصار الله المُتّهمة من قِبَل تِلك الدُّوَل بأنّها الذِّراع العسكريّ لإيران؟، ونحن لن نتحدّث عن البحرين بالطبع، فسياساتها ترتدي بلا شك العباءة السعوديّة "الخضراء"، وتأثيرها عُموماً سياسيّاً، وحتى اقتصاديّاً "محدود. هذه العلاقة غير المُتجانسة بين المُتحالفين ضد إيران، تأخذنا إلى خُلاصة مفادها تقول، أنّ مستقبل هذا التحالف غير مضمون، أوّلاً على صعيد أنه حتى لو بالفعل صعّد عسكريّاً، واختار التصعيد المُفجِّر لحربٍ إقليميّة، فإنّ جبهات تلك الدول لن تكون آمنة بعد اليوم، وإيران لن تقف مُتفرّجة بطبية الحال على أي تهديد قادم لكيانها ونظامها من الدول المذكورة على اختلافه نوعه وشكله، وثانياً ستكون تلك الدول في حرجٍ من جبهتها الداخليّة وتعريض "أمنها وأمانها" للخطر، وربّما سيبدأ الخلاف أصلاً ثالثاً بين قيادات تلك الدول، حول من عليه أن يتحمّل تكلفة هذا التصعيد وكما يُقال عليه أن يكون في "وجه المدفع"، ورابعاً وهو الخيار الأكثر ترجيحاً، أن تلجأ دول "فُرِض" عليها هذا التحالف مثل الأردن ومصر ضد إيران إلى عامل الزمان، وكسب الوقت والمُماطلة، لعلّ "الله" يُحدث تغييراً، وترحل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعامل فضائح التدخل الروسي بالانتخابات، أو فضائح الرئيس الجنسيّة، أو حتى خسارته الانتخابات الرئاسيّة في دورتها الثانية، وبكل الأحوال الثابت الوحيد في كل هذا، ومن التجربة الواقعيّة، كل تحالف تتزعّمه السعوديّة هذه الأيّام، وتدعمه الولايات المتحدة أثبت فشله تقريباً.
وفي شأن توقيت إعلان التحالف العسكري أكد علی أنه على بُعد ثلاثة أسابيع من تنفيذ العُقوبات الأمريكيّة على الجمهوريّة الإسلاميّة، يَدخُل في عامل الضغط النفسي عليها، وحتى الإيحاء الإعلامي للعالم بالسيطرة وتعدد خيارات أمريكا بين العُقوبات العسكريّة والاقتصاديّة، وكما نعلم جميعاً، فإنّ إدارة ترامب على وجه الخُصوص، تُعاني من فُقدان الثقة والسيطرة، وبحسب آخر الاستطلاعات المحليّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة، فإنّ 40 بالمئة من الناخبين نادمين على اختيارهم ترامب، و30 بالمئة منهم يُؤيّدون خيارات التوافق والتصالح التي اتّبعها السابق الرئيس باراك أوباما. المملكة العربيّة السعوديّة ومن خلفها الإمارات بشكل أقل، ستتصدّر دون أدنى شك، ملف "تمويل" هذا التحالف العسكري المُزمع الإعلان عنه خلال الأيّام المُقبلة، كيف لا وهو يُحقّق الغاية التي تسعى لها المملكة، أو "الهوس" الذي يُلاحقها لإسقاط النظام الإيراني، وجلب نظام بديل يكون أداة في يديها، ويد الولايات المتحدة، وبطبيعة الحال مُهادِناً لإسرائيل، وبتقديري ربّما تُدرك السعوديّة أنّ إيران ليست دولة "مخيفة" تُهدِّد وجودها، ولكن واقع الحال الأمريكي، وتحالفها التاريخي معه، والذي ضَمِن عرشها الملكي على مر التاريخ منذ تأسيسها يفرض ذلك، بفارق وحيد ربّما لا تتنبّه له حُكومة بلاد الحرمين، أنّ خزينتها أو بالأحرى ميزانيتها سجّلت عجزاً، وأنّ ثورتها النفطيّة تُواجِه سِياسَة التقشّف، والبحث في تنويع مصادر الدخل.
وأضاف بأنه من البعد العسكري وكما هو معروف، لا تسقط الدولة ونظامها السياسي، إلا بدخول قوّات بريّة "مُعادية" إلى جميع مفاصلها الرئيسيّة والحسّاسة، وبالتالي فُقدان تلك الدولة قُدرتها على التحكّم المركزي بمؤسّساتها، وهو ما لم تستطع تحقيقه قوّات التحالف العربي بقيادة السعوديّة باليمن، وفي صنعاء تحديداً، والسعوديّة تَملُك ثاني أو ثالث أكبر قوّة جويّة، وهي إلى اليوم عاجزة تماماً عل الأقل إيقاف صواريخ "الحوثيين" على محافظاتها، وهي التي كانت قد أعلنت في بداية "حزمها" أنها قضت على 80 بالمئة من القُدرات العسكريّة لحركة أنصار الله، فكيف هو الحال مع إيران، ثم في حال اعتماد الخيار البرّي و"غزو" الأراضي الإيرانيّة وهو ما نستبعده، هل تستطيع القُوّات السعوديّة والإماراتيّة تنفيذ تلك المُهمّة وبفرض تواجد الدعم الأمريكي الجوّي؟ وماذا عن الجيشين الأُردني والمِصري؟ وأي شرعيّة سيُضفيها هؤلاء على أنفسهم، وهم يخوضون معركة ضد دولة إسلاميّة؟ هذا بالإضافةِ للخيارات الإيرانيّة التي ليس أوّلها إغلاق مضيق هرمز، وآخرها تهديد سلامَة أراضي الدُّوَل التي قرّرت أن تُحاربها.
تعليقك