اوضح الكاتب والمحلل السياسي "توفيق شومان"، في حديث لوكالة مهر للأنباء، إن خطورة " الناتو العربي" ولو على مستوى فكرته وصورته الذهنية ،انه يسعى إلى نقل حالة العداء العربي لإسرائيل ، بإتجاه إيران، وأعضاؤه المفترضون، تخلوا عن كون الاحتلال الإسرائيلي عدواً ، وهذا ما ردده "بنيامين نتنياهو" مرات عدة.
س: ما الاسباب الحقيقية وراء تشكيل حلف الناتو؟
لا شك ان هذه الفكرة مطروحة منذ العام 2016 ، وبالتحديد منذ الحملة الإنتخابية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ انه تطرق إليها اكثر من مرة ، وحين انعقدت "قمة الرياض "في أيار2017 وترأسها ترامب تم إحياء هذه الفكرة ، والآن يتم العزف مجددا على أوتارها، وبذريعة مواجهة الحضور الإقليمي لطهران، ولا يمكن إدارج هذه الفكرة سوى في سياق بعث الروح في " حلف بغداد" جديد ، عمل عليه الإنكليز والأميركيون في خمسينيات القرن العشرين لمواجهة الشيوعية، والمتغير الوحيد بين " حلف بغداد" وحلف الرياض" الإنتقال من موجة الشيوعية السوفياتية إلى مواجهة الجمهورية الإسلامية الإرانية، مع التشديد ان هذا المشروع ما زال فكرة نظرية، قد يكون من الصعب تحويلها إلى واقع عملي وميداني.
س: ما هي فوائد او عائدات هذا الحلف على العرب؟
حين يتم ضرب عائدات الأخماس العربية بأسداس الحلف، فلا شك ان النتيجةستكون مزيدا من الكوارث والمآزق التي تغرق أهل " الناتو العربي " وأعضاءه، إذ لا يمكن تصور أي فائدة خارج التهديد بمزيد من الحروب او التشنجات التي ستدفع المنطقة أثمانها ، فبدلا من الذهاب إلى تطبيع العلاقات بين دول المنطقة، يجري التهديد ببناء احلاف عسكرية لا دور لها سوى إبقاء المنطقة وشعوبها تحت فوهات الحروب المتنقلة .
س: لماذا يخرج هذا الاقتراح العربي من امريكي ؟
الحلف بأصله وفصله، اميركي، ويخدم الإستراتيجيات الأميركية في الشرق الأوسط، وهو يشكل على أي حال، شكلا جديدا من أشكال الضغط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يمكن إضافته إلى مجموعة ضغوطات اخرى على طهران ، منذ الإعلان الأميركي عن الإنسحاب من الإتفاق النووي في أيار الماضي، وهذه الضغوط كما بات معروفا، تأخذ مرة شكل الإنسحاب من الإتفاق النووي ، ومرة شكل العقوبات الإقتصادية ، وحينا شكل التهديد بحظر الصادرات النفطية، وأحيانا التلويح بالحرب المباشرة، و " الناتو العربي" يندرج في هذا السياق المتشعب لأشكال الضغوطات الأميركية.
س: هل يعي العرب ماهيات تشكيل هذا الحلف "وماذا عن طفل امريكا المدلل "الاحتلال الاسرائيلي"؟.
إن خطورة " الناتو العربي" ولو على مستوى فكرته وصورته الذهنية ،انه يسعى إلى نقل حالة العداء العربي لإسرائيل ، بإتجاه إيران، وأعضاؤه المفترضون ،تخلوا عن كون إسرائيل عدوا ، وهذا ما ردده بنيامين نتنياهو مرات عدة، وعموما من يتابع بعض المقالات المكتوبة في بعض الصحف الخليجية ،يصاب بالذهول حين يقرأ على سبيل المثال إن إيران أكثر خطرا على العرب، وعلى سبيل المثال كتب "احمد جميعة" نائب رئيس تحرير صحيفة "الرياض"، في الخامس عشر من نيسان الماضي مايلي: " قمة الظهران…سلام مع إسرائيل ومواجهة مع إيران و ان على العرب أن يدركوا أن إيران أخطر عليهم من الاحتلال الإسرائيلي"، كما أجرت جريدة " إيلاف " حوارا مع رئيس أركان الاحتلال الإسرائيلي، "غادي أيزنكوت"، وزار اللواء المتقاعد" انور عشقي"، القدس المحتلة واجتمع مع اسرائيليين، ولا يمكن فهم ذلك إلا في سياق ما يمكن تسميته ب " تدوير الميادين " الشبيه بعملية نقل البنادق من كتف إلى كتف وتغيير وجهة إطلاق النار، وفي هذه الحال ، فإن الوجهة الجديدة لإطلاق النار هي إيران ، وهذا الأمر لم يعد سرا ، فالعديد من السياسيين والفنانيين والصحافيين السعودييين يتحدثون عن ذلك.
س: فرص تشكيل هذا الحلف؟
هنا مربط الفرس كما يقال، إذ يبدو من الصعوبة بمكان نقل مشروع " الناتو العربي " إلى أرض الواقع ، وذلك يعود إلى أسباب عدة ، منها اختلاف استراتيجيات كل عضو من اعضاء الحلف ،فمصر أولويتها مواجهة الإخوان المسلمين، والأردن اولوياته داخلية واقتصاددية بالتحديد ، فيما التباين السعودي ـ الإماراتي في اليمن بات واضحا للعيان، أي ان هذا الحلف يفتقد لإستراتيجية واضحة وواحدة، وهذا مما يجعل ولادته صعبة وعسيرة، ولو تم استيلاده وإظهاره إلى النور، فأظن ان منطقة عملياته ستقتصر على اليمن كنوع من التعويض عن فشل حرب السيطرة على اليمن ، إلا ان السؤال الكبير يبقى: هل ترسل مصر وحدات عسكرية إلى اليمن؟ أعتقد ان هذا أمر صعب ، ولو كانت بصدد ذلك ، لكانت انخرطت في الحرب اليمنية منذ لحظة اندلاعها قبل عامين .
س: ماذا عن قطر وفرصة انضمامها لهذا الحلف؟.
ـ أظن أن قطر بدأت منذ فترة تنتهج سياسة قريبة من سياسة سلطنة عمان، أي عدم الدخول في سياسة المحاور، وهذا جوهر خلافها مع الرياض وأبوظبي ، كما ان الموقف الإيراني الداعم لقطر حيال الحصار المفروض عليها، كما ان استفادة الطرفين القطري والإيراني من حقول الغاز المشتركة يعزز تمسك قطر بسياسة الحياد.
س: ماذا عن نوايا امريكا لحلب الدول العربية وتسويق الخلافات الاقليمية؟ .
من الواضح تماما ،أن فكرة إنشاء "ناتو عربي"، لا يمكن فصلها عن سلوكيات رجل " الكاوبوي الأميركي"الطامح والطامع بإستنزاف ثروات وقدرات شعوب المنطقة، فسياسة التخويف التي تعتمدها الإدارة الأميركية، تجني منها اموالا طائلة، بحيث تتعامل هذه الإدارة مع بعض الإطراف العربية بإعتبارها مصرفا ماليا هدفه تمويل السياسات الأميركية وتشغيل مصانع السلاح وتوفير ملايين فرص العمل للأميركيين، ولا تخفي إدارة ترامب هذا الأمر ولا تعمل عليها سرا، فالرئيس ترامب قال اكثر مرة: نعطيكم الحماية ونأخذ المال./انتهى/
اجرت الحوار: شيرين سمارة
تعليقك