وكالة مهر للانباء - كشف وزير الخارجية محمد جواد ظريف خلال لقائه بنظيره العراقي محمد علي الحكيم يوم الاحد عن مقترح يتضمن توقيع اتفاقية عدم اعتداء مع دول الخليج الفارسي.
واكد ظريف أن لدى طهران رغبة ببناء علاقات متوازنة مع جميع دول الخليج الفارسي موضحاً إن إرسال الولايات المتحدة قوات إلى الشرق الأوسط، أمر خطير للغاية وتهديد للسلام الدولي.
هذه المعاهدة، فيما لو حظيت بتأييد من دول الخليج الفارسي، من شأنها ان تهدئ الاوضاع في المنطقة، وتسحب البساط من تحت اقدام اميركا، لأنها دائما ما تخوف هذه الدول بالبعبع الايراني.
هذا وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، شكّلت مسألة من يسيطر على الخليج الفارسي منطلق الحشد العسكري الأميركي الضخم في المنطقة. والحال أن جوهر المعضلة الأمنية في المنطقة يكمن في تضارب الرؤى: إذ تسعى إيران إلى اخراج القوات الأميركية، لتشكيل "نظام طبيعي" في المنطقة في حين تريد دول الخليج الافرسي من الولايات المتحدة مواجهة القوة الإيرانية.
ومن جهة اخرى قال وزير الخارجية الإيراني ان هذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها إيران بمثل هذا العرض حيث اقترحت طهران مؤخرًا توقيع عدم الاعتداء مع المملكة العربية السعودية وقبل ذلك كان وزير الخارجية اقترح اقامة "منتدى الحوار الإقليمي (الجماعي)" في وقت سابق.
وقد رحبت روسيا بهذا العرض الايراني، وذلك على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، الذي قال في مؤتمر صحفي مع نظيره الكوبي، يوم الاثنين، 27 ايار/مايو 2019، بموسكو: إنها (المعاهدة المقترحة) يمكن أن تكون الخطوة الأولى نحو نزع فتيل التوترات.
وأوضح ردا على سؤال حول كيفية تقييمه لمقترح نظيره الإيراني على دول المنطقة إبرام اتفاق عدم اعتداء: أن "الموافقة على عدم مهاجمة بعضنا البعض ربما تكون الخطوة الأولى لنزع فتيل التوترات، وسنعتبر هذا النوع من الترتيبات صحيحا".
وفي سياق متصل، أعلن مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون السياسية، عباس عراقجي ان ايران مستعدة للحوار والتعاطي البناء مع دول المنطقة.
جاء ذلك، خلال لقائه يوم الاثنين، 27 ايار/مايو 2019، في الكويت المحطة الثانية من جولته في المنطقة مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد آل صباح، حيث أشار عراقجي خلال اللقاء الى السياسة المبدئية للجمهورية الاسلامية الايرانية والقائمة على ارساء دعائم الاستقرار والسلام في منطقة الخليج الفارسي المهمة وقال ان الامن مفهوم موحد لايقبل التفكيك ويشمل الحقلين السياسي والاقتصادي معا.
واكد عراقجي ان سياسة الحظر الاميركية في الحقيقة عرضت امن المنطقة بأسرها للخطر وعلى دول المنطقة توخي الحذر ازاء هذا التهديد.
ولفت الى توجه المسؤولين الايرانيين ازاء التطورات الاقليمية وقال ان الحوار والتشاور مع دول المنطقة هو من اسس السياسة الخارجية لايران وعلى هذا الاساس فان الجمهورية الاسلامية الايرانية مستعدة من خلال ايجاد الاليات الاقليمية للدخول في حوار وتعاطي بناء مع هذه الدول.
وكان عراقجي قد اكد خلال لقائه مع وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، خلال زيارته الى سلطنة عمان، المحطة الاولى من جولته بالمنطقة، أكد دور السلام والامن في منطقة الخليج الفارسي الستراتيجية؛ محذرا من السياسات المخربة الاميركية وبعض حلفاء هذا البلد على المنطقة.
وقال عراقجي: ان الجمهورية الاسلامية الايرانية مستعدة لإقامة علاقات متوازنة، بناءة وقائمة على اسس الاحترام والمصالح المتبادلة مع جميع الدول في منطقة الخليج الفارسي.
وشدّد على ان ايران لا تسعى الى التصعيد في المنطقة؛ مبينا ان انهاء الحظر وانتفاع جميع الدول الاقليمية من مصالح التعاون الاقتصادي يضمن الاستقرار والامن في المنطقة.
هذه الخطة تأتي من وجهة نظر ايرانية تقول بأن الأمن في هذه المنطقة يمكن تحقيقه من خلال مشاركة جميع الدول الاقليمية ، وارساء الامن والاستقرار في المنطقة يتطلب ازالة تواجد القوات الاجنبية.
صحيح ان هذه الخطة يبدو مثالية لحد ما في النظرة الأولى وفي الظروف التي تحكم العلاقات بين بلدان المنطقة، لكنها يمكن تنفيذها في حال بناء الثقة تدريجياً وخطوة فخطوة اذا ارادت الدول الاقليمية وقياداتها.
لا شك انه لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها منطقة الخليج الفارسي، وإقامة منظومة أمنية تسهم في تحقيق الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي والاجتماعي لدول المنطقة، يجب اعتماد استراتيجية إقليمية تصب في تحقيق التوازن مع إيران. فالتكامل الإيراني مع الهياكل الإقليمية، يمكن أن يخلق فرصاً لخفض التوتّرات العربية-الإيرانية في الخليج الفارسي، بينما يسمح للولايات المتحدة بفرض أكلاف إذا لم يحصل توافق جماعي يشمل القوى الاقليمية بما في ذلك ايران والعراق الى جانب دول الخليج الفارسي.
ايران تنظر الى الامن الاقليمي، كمنظومة منسجمة لا يمكن تفكيكها، وان اي عامل يزعزع امن المنطقة قد يؤثر على الجميع ولم تشهد المنطقة خلال الهعقود الاخيرة اي اعتداء او حرب تشنهخا ايران على جيرانها دون ان تسمح لأحد بأن يتعدى على حقوقها، كما اكد المسؤولون الايرانيون ان موقف الجمهورية الاسلامية يتمثل في التعاون بناء على العلاقات الدولية مع جميع الدول باستثناء الكيان الصهيوني.
وقد تمثل احد الخطوط الحمراء لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، انه لم يكن مطلقا البادئ بأي اجراء مبني على الظروف الصعبة، ولكن هذا التوجه لا يعني انها غير جاهزة للدفاع عن نفسها فيما اذا كان أحد بصدد المواجهة الصلبة.
ان ايران باعتبارها بلدا له ثقله في المنطقة والعالم، وباعتبارها بلدا يؤمن بمبادئه الانسانية والدينية، لا يبحث عن قوته من خلال إضعاف الآخرين او زعزعة أمنهم، بل إنها تبحث عن قوتها وأمنها في إطار أمن المنطقة بأسرها، بعيدا عن تدخل القوى الاجنبية.
ولكي يتم تحقيق هذه المعاهدة التي اقترحها وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ينبغي مراعاة النقاط التالية:
1- النظر والاهتمام بمبدأ التوازن في القوى بين إيران والعراق ودول مجلس التعاون الخليجي الفارسي وهو ما يحقق رغبة وإرداة هذه الدول.
2- إن الجهاز الأمني في هذه المعاهدة يجب أن يؤكد على السلام الإيجابي بين الدول الموقعة.
3- إن الجهاز الأمني يجب أن يكون ذا موقف قوي أمام المجتمع الدولي.
4- ينبغي العمل من أجل خلق المناخ المناسب لمغادرة القوات الأجنبية للمنطقة وأن تعتمد الدول الإقليمية على نفسها في حلحلة المشاكل التي تقع فيما بينها.
5- تشكيل مجموعة غير رسمية من الخبراء الفنيين بهدف تحديد ملامح المخاطر الأمنية وتقديم رؤية عملية لمواجهة هذه المخاطر والتعامل معها.
6- إن النظام الأمني في المنطقة يجب أن يحصل على اجماع إقليمي رافض للحرب غير المشروعة في المنقطة.
7- إن الدول غير الإقليمية كولايات المتحدة الأمريكية لا ينبغي أن تنحاز لطرف ما في النزاعات القومية التي تحدث بين إيران والسعودية وبالعكس يتوجب عليها أن تساهم في إيجاد حلول وخلق توازن بين هاتين الدولتين.
8- يجب إعادة الاهتمام بالتفاهمات الأمنية المبرمة بين ايران والسعودية أثناء فترات رياسة هاشمي رفسنجاني.
9- يجب إنشاء المؤسسات والمراكز غير الحكومية التي بامكانها أن تساهم في خلق المناخ المناسب للحوار بين طهران والرياض.
10- يجب تشكيل المؤتمرات الرامية إلى تقريب وجهات النظر بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي الفارسي وذلك وفق ما تقتضيه مصالح الدول الإقليمية.
11- تشكيل المؤتمرات الأكاديمية في ما يتعلق بالنموذج الأمني المطلوب في منطقة الخليج الفارسي.
12- الدول الإقليمية يجب أن تفهم وتدرك الهواجس الأمنية لدى الدول المجاورة لها كما يجب أن تتفهم دوائر نفوذ كل منها./انتهى/
تعليقك