وكالة مهر للأنباء - محمد مظهري: اختار مفجر الثورة الاسلامية في ايران الامام الخميني آخر جمعة من شهر رمضان المبارك ليكون يوماً عالمياً لأعظم وأقدس قضية يتحمل مسؤوليتها اليوم الإنسانية كلها، والأمة جمعاء وليس فقط الشعب الفلسطيني. ومنذ ذلك الإعلان يُحيى هذا اليوم بالإحتفالات والمهرجانات والمظاهرات والمسيرات والمؤتمرات والندوات ومختلف الأنشطة الإعلامية والشعبية والسياسية من أجل ايصال رسالة واضحة في كل عام وهي رسالة المقاومة. ومنذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 لحد الآن يتم إحياء هذا اليوم حيث ينمو ويتسع وينتشر وينتقل من بلد إلى بلد ويمتد من قارة إلى قارة ولا يُقتصر إحياؤه على بلد معين أو فئة محددة.
لتسليط الضوء على مختلف ابعاد رؤية الامام الخميني تجاه القدس ومقاومة الاحتلال اجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع الاعلامي الفلسطيني نافذ ابوحسنة. فيما يلي نص الحوار:
1. كيف ولدت الفكرة الصهيونية ؟ وما هي حقيقة الاحتلال الصهيوني للاراضي الفلسطينية؟
الفكرة الصهيونية ولدت في كنف الاستعمار الغربي بمعنى انها حركة اوروبية بالكامل نشأت مع ظهور الدولة القومية في اوروبا وكان هناك نوع من تقاطع المصالح بموجبه قامت الدول الاستعمارية في ذلك الوقت ومنها فرنسا وبريطانيا بتوظيف الحركة الصهيونية من اجل احتلال فلسطين مستندةً الى جملة من الاساطير التي شكلتها الصهيونية انذاك. لذلك نحن نرى عندما عقد المؤتمر الصهيوني الأول كان البحث يدور عن مكان يقام فيه ما يسمى بالوطن القومي لليهود ولم تكن فلسطين على رأس الاولويات ثم جرى الاتفاق بين بريطانيا والحركة الصهيونية وتم اختيار فلسطين وبالتالي تم تركيب جملة من الاساطير لاحتلال فلسطين وطرد الشعب الفلسطيني الشعب الذي عاش في ارضه لآلاف السنين حتى جاءت هذه الحركة الاستعمارية عبر المجازر والقتل والتكيل والاختلال الهائل في موازين القوة حيث تلقت الحركة الصهيونية دعم تقريبا كل العالم في ذلك الوقت. يعني بعد الحرب العالمية الثانية وقف الكل مع الحركة الصهيونية الشرق والغرب في نفس الوقت ساندوا هذه الحركة وبالتالي كانت النتيجة اقتلاع جزء كبير من الشعب الفلسطيني من ارضه والسيطرة على اكثر من ثمانين بالمئة من ارض فلسطين و"الاحتلال" بموجب القرارات الصادرة من الأمم المتحدة.
2. هل تعتقد ان الصراع الدائر بين الفلسطينيين والاحتلال مجرد صراع سياسي او يمكن اعتباره صدام ايديولوجي لها ابعادها وامتداداتها العالمية؟
الدولة الصهيونية هي اداة استعمارية غربية وكيان وظيفي تم زرعه في بلادنا ليمثل سياسات الغرب ومشروعه اكبر من مجرد اقامة دولة اليهود على ارض فلسطين. هذا الاحتلال يقوم بتمثيل مصالح الاستعمار ونلاحظ مختلف اشكال الدعم الذي تقدم له الغرب وامريكا وهذا الامر تتداخل فيه ابعاد سياسية واقتصادية وثقافية وكثير من المسيحيين الصهيونيين يعتقدون انه يجب ان تقوم دولة يهودية على ارض فلسطين من اجل انتظار عودة المخلًص وهذه العودة لا يمكن ان تتم الا ان يكون كيان يهودي على ارض فلسطين . يعني في جملة اشياء متداخلة ببعضها البعض ولكن الحقيقة الاساسية هي ان هذا الكيان هو كيان وظيفي يحمل مهمة استعمارية لصالح الاستعمار العالمي.
3. بالنظر الى اهمية القدس ورمزيته للعالمين الاسلامي والعربي . لماذا لم يتحرك احد لمواجهة قرار ترامب في نقل السفارة الامريكية الى القدس؟
للأسف الشديد لا يوجد موقف عربي واسلامي جاد في الدفاع عن القدس وعندما قام ترامب بتوقيع على قرار نقل السفارة لم يقل احد انه مثلا سيقطع العلاقات مع الولايات المتحدة حتى تعود عن هذا القرار وبالعكس ما سمعنا الا بعض خطابات وكلمات رنانة بينما ترك الامر ليسير وفق ارادة ترامب وهذا شجع بعض الدول الصغيرة باتخاذ خطوات مماثلة في نقل السفارات وهذا يعني ترسيخ واقع احتلال القدس والذي لم يلق ردا عربيا واسلاميا مناسبا.
4. كيف ترى تأثير انتصار الثورة الاسلامية في ايران وافكار الامام الخميني (رض) في انعاض القضية الفلسطينية؟
يجب ان ننظر الى هذا الامر من مستويين: المستوى الاول هو ان الثورة الاسلامية قد خلقت حالة نهضة على مستوى الامة لا شك فيه انها انعكست في فلسطين من خلال احياء المقاومة والتحدي للعدو الصهيوني. النقطة الثانية هي ان سماحة الامام وضع قضية القدس لتكون قضية للمسلمين أجمعين من خلال يوم القدس العالمي واعتقد انه وضع القدس في المكانة التي تليق بها واوجد حشدا اسلاميا يشترك فيه كل العالم الاسلامي بكل تلاوينه من اجل القدس والدفاع عنها واحيا حضور القدس في الوجدان. القدس قضية عقدية وليست مجرد قضية الاحتلال وهي جزء من المقدسات الاسلامية وذكرت في القرآن الكريم وهي مأوى المؤمنین من كل العالم. هذا اليوم يضع القدس في المكانة المناسبة واللائقة بها من خلال تحشيد العالم الاسلامي من اجل الدفاع عن مقدساته.
5. هل تعتقد ان الحراك الشعبي يجدي نفعاً للقضية الفلسطينية او علينا الرهان على المفاوضات مع الاحتلال على غرار ما فعلته السلطة الفلسطينية خلال العقود الاخيرة؟
بالعقل والمنطق الامور تقاس دائما بالنتائج التي تترتب عليها. مضت على المفاوضات ثلاثة عقود لحد الآن دون ان تؤدي الى نتيجة بينما الذي يجبر العدو على التراجع هو المقاومة والحراك واستمرار حالة الاشتباك معه لانه من دون ذلك سوف ينفذ العدو كل مخططاته يعني هو يفاوض وفي نفس الوقت يوسع الاستيطان، يفاوض ويقوم بتهويد القدس، يفاوض و يرفض حق العودة والخ ... لكن عندما تكون هناك مقاومة سنقدر على اجبار العدو على التراجع والتسيلم بحقوق الشعب الفلسطيني والامة الاسلامية والعربية.
6. كيف تتوقع ان تكون نهاية ما يسمى ب"صفقة القرن"؟ هل يمكن اعتبارها بانها ولدت ميتاً؟
في الحقيقة اذا قلنا انها ولدت ميتاً خادعنا أنفسنا واذا قلنا انها قدر محتوم سوف ينفّذ ما قرأنا التجربة جيداً. بينما امريكا تحاول ان تستفيد من الواقع المتشتت الآن. هذا الواقع نجد فيه حروب على الدول العربية وفي الطليعة على سوريا وبموازاة ذلك الولايات المتحدة تسعى الى استغلال هذه الحالة السيئة في العالم العربي ووجود قوة عربية مستعدة ان تتماشى مع ترامب الى حدود غير متوقعة كما الحال مع النظام البحريني والنظام السعودي والاماراتي وبعض المروجين والمطبلين الذين يبدون استعدادهم لتنفيذ ما تريده الولايات المتحدة الامريكية. بالتالي ترامب يحاول الاستثمار في هذا الاستعداد الموجود ولكن هناك مسألة اخرى تحول دون تطبيق هذا الحلم هناك شعب فلسطيني يرفض . كل لشعب الفلسطيني يرفض هذه الصفقة ويرفض هذا الانتقاص من حقوقه ولهذا ليس من السهل ولا من المتيسر لترامب ولا لهذه الانظمة ان تفرض على الشعب الفلسطيني التنازل عن حقوقه وأرضه.
7. لماذا الشرق الاوسط أصبح عرضة لهذا الحجم من التوترات والصراعات خلال العقود الاخيرة؟
هناك عاملان يسيطران على السياسة الامريكية وهما السيطرة على الموارد يعني ضمان الامدادات النفطية والتحكم لحركتها والمسالة الثانية هي حماية أمن اسرائيل. اسرائيل دولة معتدية تغتصب حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق العرب والمسلمين والنفط هو ثروة تخص أهلها المفترض وبالتالي الصراع الذي يدور هو صراع من اجل حماية دولة الاحتلال ومن اجل السيطرة على الموارد في المنطقة ولذلك نشهد هذا التوتر الكبير مع وجود قوة ترفض الهيمنة المطلقة لامريكا وتحكّمها لبلادنا وثرواتنا وحقوقنا بالتالي هذان العاملان يحركّان دوماً السياسة الامريكية وجود مقاومة لهذه السياسة هو يؤدي الى المشهد الذي نراه الآن. والنقطة الثالثة ان هناك قوة في المنطقة لا تنظر الى مصلحة منطقتنا وعالمنا وشعوبنا وانما تنظر الى كيف تثبّت عروشها بالتعاون مع الامريكان يعني هي تبحث عن الحماية الامريكية بدلاً ان تصب اهتمامها في اقامة علاقات طيبة مع الجيران وان تعيش دول المنطقة في السلام والمودة.
تعليقك