٢٤‏/٠٩‏/٢٠١٩، ٢:٣٣ م

الجزء الثاني من المقابلة الحصريّة مع الأمين العام لحزب الله؛

نقاط ضعف إسرائيل عديدة ومدمّرة

نقاط ضعف إسرائيل عديدة ومدمّرة

نشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي الجزء الثاني من المقابلة الحصريّة التي أجرتها مجلّة مسير التابعة لمكتب حفظ ونشر آثار الإمام الخامنئي مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

من الأمور المهمّة في منطقتنا التي حصلت في ذلك الحين هو ما يُسمّى عملية التسوية، يقولون عمليّة السلام، والمفاوضات الاسرائيلية-العربية. تذكرون في سنة ١٩٩٣ حصل الاتفاق بين السيد ياسر عرفات والاسرائيليين، يعني اسحاق رابين وشيمون بيريز برعاية أمريكية، كان ما يُسمّى باتفاقية أوسلو. هذا طبعاً كان شيئاً خطيراً جدّاً، يعني تطوّر خطير جدّاً في الصراع العربي الإسرائيلي، لأنّه بحسب هذه الاتفاقية منظّمة التحرير الفلسطينيّة اعترفت بإسرائيل، وهذا فريق فلسطيني، هذه ليست مصر، وليس أنور السادات. ومن جهة، عمليّاً تنازلت عن أراضي ١٩٤٨، يعني الأراضي العربية الفلسطينيّة المحتلّة سنة ١٩٤٨، وأنّ موضوع التفاوض سيكون هو القدس الشرقية، والضفّة الغربية وقطاع غزّة، أمّا باقي فلسطين فانتهى الموضوع (تمام شد). هذه كانت مشكلة كبيرة، وثانياً كان هذا الاتفاق الفلسطيني-الاسرائيلي سيفتح الباب أمام العديد من الدول العربية لبدء علاقات مع إسرائيل وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهذا كان أيضاً خطير جدّاً. طبعاً سماحة السيد القائد والجمهورية الإسلامية، وحركات المقاومة الفلسطينية، حماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامّة وعدد من القوى الفلسطينية كانوا يعارضون هذا الاتفاق، حزب والقوى اللبنانية عارضت هذا الاتفاق ونحن تظاهرنا ضد هذا الاتفاق، وأطلق علينا النار وسقط لنا شهداء هنا في الضاحية الجنوبية، في كل الأحوال هذا كان مفصل خطير. حسناً، كيف نواجه اتفاق أوسلو؟ نواجهه سياسيّاً، وإعلاميّاً وأيضاً نواجهه  بالمزيد من دعوة الفلسطينيّين إلى المقاومة وإلى التمسّك بحقوقهم، وهذا كان أحد أسباب تطوّر العلاقة بين حزب الله وبين حماس والجهاد الإسلامي وبقيّة فصائل المقاومة الفلسطينيّة وتصعيد عمل المقاومة في فلسطين المحتلّة، وتذكرون في ذلك الحين العمليّة الاستشهادية المهمة جدّاً التي قام بها مجاهدون من حماس ومن الجهاد الإسلامي في قلب تل أبيب وفي قلب القدس وهزّوا الكيان الاسرائيلي مما أدّى إلى عقد اجتماع في شرم الشيخ في مصر بحضور كلينتون وبحضور يلتسين كان رئيس روسيا، وعدد كبير من دول العالم، الرئيس الصيني أيضاً على ما أذكر كان، عدد كبير من رؤساء الدول العربية ودُعيت إلى هذا اللقاء سوريا ولبنان، لكن في ذلك الوقت الرئيس الراحل حافظ الأسد رفض المشاركة، وأعلن هذا الاجتماع في الحقيقة الحرب على ثلاثة مجموعات، حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي، وأدان موقف ايران ودعمها لحركات المقاومة في المنطقة. لكن هذا التجمّع الهائل والكبير لم يُدخل الخوف إلى قلوب حزب الله أو حماس والجهاد الاسلامي، يعني حركات المقاومة، وخصوصاً سماحة السيد القائد كان له مواقف واضحة وقوية جدّاً في مواجهة الجميع وفي تأييد المقاومة واستمرار المقاومة ورفض هذا المسار، كلّ هذا المسار. اتفاقية اوسلو هي تفصيل، وهي تفصيل مهم وخطير في هذا المسار.

مؤتمر مدريد و… أيضاً!

مدريد كانت قبل ذلك، قبل أوسلو. طبعاً في ذلك الوقت على ما أذكر بدأت مفاوضات، وهنا [يوجد] شيء مهم يجب أن أذكره وهو في الحقيقة من بصيرة سماحة السيد القائد وفهمه للمستقبل، بل أنا أعتقد أنها من كراماته، لا أربطها في البعد العقلي بقدر ما أربطها في البعد الايماني والمعرفة والتسديد الإلهي لسماحة السيد القائد من الله سبحانه وتعالى. في ذلك الوقت بدأ شيء اسمه مفاوضات بين اسرائيل وسوريا، كان اسحاق رابين هو رئيس حكومة العدو، وكان حافظ الأسد هو رئيس الجمهورية العربية السورية. وبدأت مفاوضات بينهما، بدأت المفاوضات سريّة ثمّ أصبحت علنيّة وكانوا يلتقون في أمريكا برعاية كلينتون ويذهب مندوبين من الرئيس الأسد ومندوبين من حكومة رابين وكادوا أن يصلوا إلى اتفاق ويُقال في ذلك الوقت أن اسحاق رابين قَبِل أن يعطي الجولان للرئيس حافظ الأسد، يعني أن يعيد إليه الجولان. وأصبح الجو في المنطقة كلها أن سوريا واسرائيل سيتفقان، هذا المناخ كان موجود في سوريا، وفي لبنان، وفي فلسطين وفي كل المنطقة، وفي ذلك الحين كان يُقال لنا حسناً أنتم ماذا ستفعلون إذا اتفقت سوريا واسرائيل؟ لأنّه حينئذٍ سيتّفق أيضاً لبنان وإسرائيل، ما هو موقف حزب الله؟ ما هو مصير حزب الله وما هو مصير المقاومة الإسلاميّة؟ أنا أذكر في ذلك الحين نحن عقدنا اجتماعات كثيرة وناقشنا المستقبل. طبعاً كلّنا كنا نعتقد أنّ الأمر سيتمّ بين رابين وبين الرئيس حافظ الأسد. ليس فقط حزب الله، [بل] كل اللبنانيّين والفلسطينيّين والسوريّين، وأنّ هذا أمر بات محسوماً، ولا مفرّ منه. جلسنا وعقدنا لقاءات داخليّة كبيرة وجلسنا وتحدّثنا عن مستقبل وضعنا، الموضوع السياسي، والموضوع العسكري، وموضوع السلاح، وموضوع الإسم، فالبعض حتّى كان يناقشنا هل يبقى اسمنا حزب الله؟ أو نبدّل هذا الاسم باسم آخر يتناسب مع المرحلة الجديدة؟ لدينا بعض الإخوة المطلوبين والموضوعين على لائحة الإرهاب الأمريكية، هل نبقيهم في لبنان أو يذهبون ويخرجون من لبنان؟ على سبيل المثال اسم الشهيد الحاج عماد مغنيّة (رحمة الله عليه)، خلاصة الأمر درسنا وكتبنا مجموعة كبيرة من الاقتراحات.

س: هل كانت هناك في تلك الفترة قناة تربط حزب الله بشخص الرّئيس حافظ الأسد تجعله يطّلع على قراره؟

نعم كل المعطيات كانت تؤكّد أن المفاوضات تصل إلى نتيجة وأن المطلب الرئيسي للرئيس حافظ الأسد كان الحصول على الجولان والانسحاب الاسرائيلي الى ما يسمى حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ وأن اسحاق رابين قبل بذلك. المهم ذهبنا إلى سماحة السيد القائد، وهو تحمّلنا كثيراً لأنني ذكرت في الجلسة كلّ الاقتراحات وكلّ الأجوبة وكلّ الاحتمالات وسماحة السيد القائد استمع إلينا وإلى بقية الأخوة المسؤولين، كان يوجد مسؤولين ايرانيين أيضاً في اللقاء، فسماحة القائد قال أن تفكّروا وتخطّطوا لأسوء الاحتمالات فهذا جيّد، لكن أنا أقول لكم، وهو الوحيد [الذي كان يعتقد ذلك]، فحتى المسؤولين في إيران، كل المسؤولين كانوا يعتقدون أن الأمر سيتمّ، كلّهم بدون استثناء، فأنا أقول لكم أنّ هذا الأمر لن يتم وهذا الصلح لن يحصل، وهذه العمليّة لن تنجح، وكل ما كتبتم ضعوه جانباً. إذهبوا، واصلوا عملكم وواصلوا مقاومتكم واحصلوا على المزيد من السلاح ومن الإمكانات والأفراد ولا تكونوا قلقين لأنّ هذا الأمر لن يتمّ. كلّ الجالسين في اللقاء من اللبنانيّين والإيرانيّين فوجئوا برأي سماحة السيد القائد وقاطعيّته. يعني هو لم يتحدّث بلغة "أستبعد"، أو "ضعوا احتمالاً آخر"، لا أبداً، لن يتمّ هذا الأمر، هذا الأمر لن يتحقّق. فانسوه وضعوا هذا الأمر جانباً وواصلوا عملكم بشكل أفضل وأقوى مما كنتم تعملون في السابق والماضي. على كلّ، نحن فوجئنا، عندما رجعنا إلى لبنان رتّبنا أمورنا على هذا الأساس، فبعد أسبوعين فقط من لقاءنا مع سماحة السيد القائد (حفظه الله) كان يوجد إحتفال في ميدان في تل أبيب، احتفال كبير يضمّ مئة ألف شخص، ويخطب فيه إسحاق رابين، يأتي شاب يهودي متطرّف ويطلق النار على إسحاق رابين ويقتله. يصبح بعده رئيس الوزراء شيمون بيريز، شيمون بيريز شخصيّة ضعيفة أي أنه لا يملك تاريخيّة وعسكريّة وموثوقيّة إسحاق رابين عند الاسرائيليّين. بعدها حصلت عمليات كبيرة داخل فلسطين المحتلّة، في تل أبيب، في القدس، واهتزّ الكيان الاسرائيلي، وحصل هذا اللقاء في شرم الشيخ، اللقاء الذي ذكرته، وبعدها هجمت إسرائيل على لبنان، في نيسان ١٩٩٦ في ما يُسمّى بعناقيد الغضب، وكانت مجزرة قانا المعروفة، القتل العام في قانا. نحن صمدنا وانتصرنا في تلك المواجهة، وبعدها بقليل -أسبوعين أو ثلاثة- كانت الانتخابات الاسرائيلية، سقط شيمون بيريز وسقط حزب العمل، وجاء حزب الليكود وأصبح نتنياهو رئيساً للوزراء، وقال نتنياهو كلّ ما التزم به اسحاق رابين وشيمون بيريز مع سوريا ومع الرّئيس حافظ الأسد أنا لا ألتزم به. ومنذ ذلك الحين انتهى وانتهى، يعني نحن نتحدث عن عام ١٩٩٦، نحن الآن ٢٠١٩، أين هذه التسوية؟ في أسوء حال.

س: كما أشرتم فقد كان هناك شعور ضمن تلك الأجواء بأنّ هناك اتفاقية سلام وشيكة الوقوع وكان الشعب الفلسطيني يُذبح وسط كلّ هذه المستجدّات. هل كانت هناك اتصالات معكم حينها من مختلف الدول تسعى لوضع حزب الله أيضاً على هذا الخط والمسار؟ هل تواصلت معكم الدول المؤيّدة لاتفاقية السلام هذه وتحدّثت إليكم بهذا الخصوص؟ هل أرسلت لكم رسائل ترغيبيّة تدفعكم للقبول باتفاقية السلام مع إسرائيل؟

لم يكن هناك اتصال مباشر، لأنهم كانوا يائسين منّا، كانوا يعرفون عقلنا وإرادتنا وإيماننا وعزمنا وتصميمنا، يعرفون هذا جيّداً. لكن نعم كان هناك ضغط من بعض الدول العربية على لبنان ككل، أي على الدولة اللبنانية وعلى الشعب اللبناني، أنه يجب أن تدخلوا في هذا المسار وإلا فإن إسرائيل سوف تدمّر لبنان والعالم العربي سيتخلّى عنكم. هذا النوع من الضغط كان موجوداً. لكن الاتصال المباشر معنا، لم تكن هناك اتصالات مهمّة لأنهم كانوا يعرفون موقفنا ورأينا وبكل صراحة كانوا يائسين منّا، وهذه نعمة الله عزّ وجل علينا.

البعض يطرحون هذا السؤال بأن لماذا لا تستطيع الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله في لبنان التماشي مع أيّ من الطروح التي تقدمها أمريكا وإسرائيل -بدءاً من أوسلو ووصولاً إلى صفقة القرن-  بهدف تحقيق السلام؟ يتمّ طرح هذه الشبهة بأن لماذا لا توفّر إيران ومعها حزب الله أرضيّة إنهاء هذا الصّراع؟ وهناك نقطة أخرى فيما يخصّ فلسطين بحيث أنّ البعض يقدّمون المشهد على أنّ الفلسطينيّين أنفسهم يرغبون بالمصالحة واتفاقية السلام. ما هو رأيكم بهذه الشبهة؟ من جهة أخرى نرى أنّ بعض الشخصيات العربية وحكام العالم العربي يقدّمون أنفسهم على أنّهم مهتمّون بالقضية الفلسطينيّة ويرفعون راية تحقيق المبادئ والأهداف الفلسطينيّة. أيّ دلالات ومؤشرات تساعد على تحديد حاملي راية هذا الفكر والمسار الحقيقيّين؟

في الشقّ الأوّل، كلّ الحلول التي كانت تُطرح كانت على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وخلافاً لمصالح الشعب الفلسطيني، يعني مثلاً عندما يقولون لهم -كما حصل حتّى في أوسلو- أراضي ١٩٤٨ خارج النّقاش، يعني ثلثا فلسطين خارج النّقاش، حسناً هذا ظلمٌ كبير، أي أن البداية والأساس هو ظالم جدّاً، ثمّ لا يسلّمون لهم بالثّلث الباقي أي لا يقولون لهم نحن نريد أن نعطيكم الضفّة الغربيّة، کرانه باختری، وإنّما ستكون للنقاش، القدس الشرقيّة للنقاش، في ذلك الوقت حتى قطاع غزّة، هم كانوا متسامحين في موضوع قطاع غزّة، شيمون بيريز كان يقول أنا أتمنّى أن أستيقظ صباحاً ويُقال لي بأن قطاع غزّة غرق في البحر، أنّ المياه جاءت من البحر وسيطرت على قطاع غزّة، حسناً، هذا في الأرض. في موضوع القدس، في كلّ الطروحات لم يوافق الأمريكي والإسرائيلي على إعطاء القدس الشرقيّة للفلسطينيّين. في آخر مفاوضات في كمب ديفيد في أمريكا التي كانت بين السيد ياسر عرفات وإيهودا باراك، هم ناقشوا في موضوع بيت المقدس والإسرائيليون قالوا نحن نعطيك فوق الأرض، حتّى المسجد يعني، أما تحت الأرض فهو لنا. حسناً، في موضوع اللاجئين الفلسطينيّين، ممنوع أن يعودوا إلى ديارهم، يوجد ملايين اللاجئين الفلسطينيّين الذين يعيشون في الأردن، وفي سوريا، وفي لبنان وفي الشتات والعالم، [هؤلاء] ممنوع أن يعودوا. أي إنسان عاقل يمكن أن يقبل بحل من هذا النوع؟ أيضاً حتى لو تنازلنا وقلنا حلّ الدولتين، الدولة الاسرائيلية والدولة الفلسطينيّة، ما هي الدولة الفلسطينيّة؟ دولة بلا سيادة، ودولة بلا حدود، ودولة بلا سماء، ودولة بلا ميناء، ودولة بلا مطار، ما هذه الدولة؟ إذاً ما كان يُقدّم للفلسطينيّين منذ مؤتمر مدريد إلى ما بعد ذلك، إلى المفاوضات الثنائية، وإلى اليوم، إلى صفقة القرن، الوضع بات أسوء بكثير، وسوف نتحدّث عن [صفقة القرن]. أي أن كوشنير يوم أمس ذكر شيئاً من صفقة القرن وهو يقول بصراحة أن القدس لإسرائيل، انتهى. المستوطنات الإسرائيلية الكبيرة الموجودة في الضفة الغربية يتمّ ضمّها لإسرائيل. لا يوجد حديث عن دولتين، أي عن دولة فلسطينيّة حقيقيّة. الفلسطينيّون أنفسهم لا يقبلون بهذه الحلول. فإذاً أوّلاً، ننتقل تدريجيّاً. أوّلاً، عندما كانت الجمهورية الإسلامية تعلن رفضها لهذه الحلول، أو حزب الله أو حركات المقاومة، لأنّه في الحقيقة هذه الحلول كان فيها ظلم كبير جدّاً جدّاً جدّاً للشعب الفلسطيني وللعرب والمسلمين وللشعوب الإسلامية. وثانياً، الفلسطينيّون أنفسهم كانوا يرفضون هذه الحلول. أغلبية الشعب الفلسطيني لا توافق على هذه الحلول، اليوم في موضوع صفقة القرن، هناك إجماع فلسطيني، ليس أن هناك من يقبل ومن يرفض، رغم الخلافات بين فتح وحماس وبين الفصائل الفلسطينيّة، إلا أنّ اليوم كلّ الأحزاب والفصائل الفلسطينيّة وكلّ الشعب الفلسطيني في داخل فلسطين وفي خارج فلسطين يرفض صفقة القرن. وليست إيران هي التي ترفض صفقة القرن وحدها، بل الفلسطينيّين أنفسهم هم الذين يرفضون صفقة القرن، هذا من جهة. ومن جهة أخرى يجب أن ننتبه نحن، أي لنفهم مواقف الإمام وسماحة القائد والجمهورية الإسلامية وحزب الله وحركات المقاومة، إسرائيل ليست مجرّد مشكلة فلسطينيّة، أي أنّ تثبيت إسرائيل، وبقاء إسرائيل، وقوة إسرائيل خطر على الفلسطينيّين وخطر على كل دول الجوار، وخطر على لبنان وعلى سوريا وعلى العراق وعلى الأردن وهو خطر على الجمهورية الإسلامية في إيران. إسرائيل هذه تملك ٢٠٠ رأس نووي، تملك سلاح نووي، ولديها أطماع كبيرة في المنطقة والهيمنة على المنطقة، وأيضاً الشيء المهم جدّاً، وهذا ما تعلّمناه من سماحة الإمام (رضوان الله عليه) ومن سماحة السيّد القائد، أنّ إسرائيل ليست دولة مستقلّة عن أمريكا بل هي ذراع أمريكا القويّة في المنطقة. وبالتالي من الذي كان يشنّ الحروب في المنطقة؟ من الذي يمارس العدوان؟ من الذي يتدخّل في دول الجوار؟ إسرائيل. إذاً وجود إسرائيل، وبقاء إسرائيل، وقوّة إسرائيل وتعاظم موقع إسرائيل من خلال الصلح أو غير الصلح هو تهديد للأمن القومي لكل دول المنطقة وصولاً إلى إيران وإلى باكستان وحتى إلى آسيا الوسطى وإلى تركيا وإلى كل هذه الأماكن. إذاً، الذين يقفون اليوم في وجه إسرائيل، هم في نفس الوقت يدافعون عن الشعب الفلسطيني وعن القضايا المحقّة في فلسطين، ويدافعون عن المقدسات لكنّهم أيضاً يدافعون عن أنفسهم في لبنان، وفي سوريا، وفي الأردن، وفي مصر، وفي العراق وفي دول الجوار. إسرائيل هذه لم تتخلّ عن دولة "من النيل إلى الفرات"، ودائماً هذا حلم توراتي يسعون إلى تحقيقه وإسرائيل هي قاعدة عسكرية في المنطقة تخدم مشروع الهيمنة والتسلّط الأمريكي على كلّ المنطقة. وكلّنا يعرف أن أمريكا تريد أن تكون إيران كما كانت في زمن الشاه، أن تكون مثل السعوديّة. أعطنا نفط، يعطيهم النفط، خفّض سعر النّفط، يخفّض سعر النّفط. ترامب استطاع أن يحصل على ٤٥٠ مليار دولار من السعوديّة، ويقول ترامب أن الحصول على ٤٥٠ مليار دولار أسهل من الحصول على ١٠٠ دولار من دكان مخالف للقانون في شارع في نيويورك. هو يريد أن تكون إيران مثل السعودية، وكل دول المنطقة تكون مثل السعوديّة. على من يعتمد؟ على أساطيله في المنطقة وأيضاً على وجود دولة إسرائيل التي تملك سلاح نووي وتهدّد كل دول المنطقة. وبالتالي، فإن الاستراتيجية الكبرى التي اعتمدها الإمام (رضوان الله تعالى عليه)، إذا كنا نريد أمن في المنطقة وأمان في المنطقة وسلام حقيقي في المنطقة وأيضاً سيادة حقيقيّة وحريّة حقيقيّة لدول المنطقة، فإنّ هذا لا ينسجم مع وجود دولة اسمها إسرائيل يريدون تثبيتها من خلال معاهدات الصّلح.

رفع راية الدفاع عن أهداف الحكومة الفلسطينية وزعامة هذا التحرّك …

اليوم لا نقاش في أنّ هذا اللواء وهذا العلم هو في يد سماحة السيد القائد الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظلّه الشريف)، وأنّ الجمهورية الإسلامية في إيران هي التي تشكّل أمّ القرى والنواة الأصلية والمركز الرئيسي الذي يمدّ كل محور المقاومة بالعزم والإرادة والقوّة.

س: إسرائيل ومسؤولوها أعلنوا في العام ٢٠٠٠ أنّهم سينسحبون من جنوب لبنان وحاولوا تصوير هذه الخطوة على أنّها عمل تطوّعي. هل تطوّعوا في خروجهم أو أنّهم أُجبروا على مغادرة جنوب لبنان؟

هم كانوا يريدون الانسحاب نتيجة الخسائر البشريّة والماديّة التي كانت تُلحقها بهم المقاومة. لا شكّ بأنّ الذي فرض على إسرائيل أن تخرج من لبنان هو عمليّات المقاومة، هذا في لبنان لا نقاش فيه. أي أنّ الكل متّفق على هذا، لو لم تكن هناك مقاومة وعمليّات يوميّة في جنوب لبنان لبقيت إسرائيل في جنوب لبنان طبعاً، ولا تردّد في ذلك. إسرائيل أكثر من ذلك، حتى عندما كانت تحت الاستنزاف والضغط الذي تمثّله المقاومة حاولت أن تخرج بأثمان، يعني أن تحصل على جوائز ومكافآت، وأن تفرض شروطاً على لبنان وسوريا. طبعاً، في ذلك الوقت لبنان وسوريا، كان الرئيس حافظ الأسد ما زال على قيد الحياة، وهو رفض تقديم أي تنازلات، وأيضاً هذا ساعد الحكومة اللبنانيّة لأنّ سوريا كان تأثيرها كبيراً جدّاً على الحكومة اللبنانيّة، ساعدها على رفض أي شروط إسرائيليّة. بين هلالين يجب أن أذكر في موضوع رابين والرئيس حافظ الأسد، أن من جملة العوامل التي عطّلت هذا المسار هي موقف الرئيس حافظ الأسد في نهاية المطاف. لأنّ الرئيس حافظ الأسد عندما جاؤوا إلى خط الرابع من حزيران، أصر على أن يأخذ قسماً من بحيرة طبريّا. وقال هذه جزء من الأرض السورية التي يجب أن تعطوني إياها، وهذا أدّى إلى تعطيل التفاهم بعد وفاة اسحاق رابين وفي حياة شيمون بيريز. أعود إلى جنوب لبنان، إذاً الإسرائيليّون حاولوا أن يفرضوا شروطهم، لكن اللبنانيّون رفضوا، أي الحكومة اللبنانيّة، والحكومة السوريّة، حزب الله والمقاومة في لبنان رفضوا، وواصلوا عملياتهم ولذلك وصل الإسرائيليّون إلى نقطة شعروا أن البقاء في لبنان مكلف، وأنهم لن يحصلوا على أي جوائز ومكافآت فلذلك قرّروا الخروج بدون قيد أو شرط. وكان يوجد في داخل كيان العدو ضغوط داخليّة، أي من الناس، ومن عائلات الجنود، ومن عائلات القتلى على الحكومة الإسرائيليّة وهذا فرض عليهم الخروج. الأجمل من ذلك أنّه حدّد موعداً للخروج في شهر تموز سنة ٢٠٠٠، لكنّ المقاومة وشدّة عمليات المقاومة فرضت عليه أن ينسحب في مثل هذه الأيام، في شهر أيار في ٢٥ أيار، وبشكل عجول ومذل ومهان وسريع جدّاً. وهذا الذي حصل بحمد الله عزّ وجل.

لدي خاطرة مهمّة جدّاً عن سماحة السيد القائد. تذكرون أنا قلت في سنة ١٩٩٦، يعني في موضوع سوريا وإسرائيل أن سماحة القائد قال هذا الأمر لن يتمّ، في سنة ٢٠٠٠ يعني قبل انسحاب إسرائيل بعدة أشهر كان موعدنا التقليدي، نذهب إلى إيران، نلتقي بمسؤولين وبسماحة السيد القائد. وفي ذلك الحين نحن ذهبنا -أي شورى حزب الله- ولكن لأوّل مرة كنا نأخذ معنا الإخوة المسؤولين الجهاديّين والقادة العسكريّين في جبهة المقاومة. وذهب حينذاك ما يقارب الخمسين أخ من قادة المقاومة. نحن كان تقييمنا أن إسرائيل لن تنسحب عام ٢٠٠٠، ولم نكن جازمين لكن كنا نستبعد الانسحاب الاسرائيلي عام ٢٠٠٠. لأنّ إسرائيل من الصعب أن تنسحب بلا قيد وبلا شرط. فقلنا لسماحة السيد القائد: نحن نستبعد ذلك والإسرائيلي يبدو أنه سيبقى ونحن نحتاج إلى مزيد من الوقت ومن العمليّات لنفرض عليه في المستقبل أن يخرج بلا قيد وبلا شرط. قال: لماذا تستبعدون؟ قلنا: لأنّ هذا سيشكّل خطراً كبيراً على إسرائيل، الانسحاب بلا قيد أو شرط من جنوب لبنان يعني انتصار واضح للمقاومة، وهذا سيكون أوّل انتصار عربي كامل وواضح وسيكون له تأثيرات على داخل فلسطين والشعب الفلسطيني وهذا يشكّل تهديد استراتيجي لإسرائيل ورسالة للشعب الفلسطيني أن الطريق هو المقاومة وليس المفاوضات. المفاوضات سلبت منكم أرضكم ومقدساتكم، المقاومة في لبنان حررت لبنان وجنوب لبنان. سماحة السيد القائد قال: أنا أقترح عليكم أن تبنوا جديّاً على أن إسرائيل ستخرج وأنّكم ستنتصرون ورتّبوا أموركم، إجلسوا وخطّطوا وحدّدوا مسبقاً كيف تتعاملون عسكريّاً، ميدانيّاً، إعلاميّاً وسياسيّاً مع الانسحاب الإسرائيلي إلى الحدود الدوليّة. ونحن فوجئنا، أي أنّ هذا كان خلاف رأي حتى من هم في لبنان أيضاً، الكل كان يعتقد أنّ إيهود باراك الذي فاز في الانتخابات في ذلك الحين لن يفي بوعده بالانسحاب لأنّه لم يحصل على الشّروط التي يريدها، وخصوصاً أنّه لا توجد تعهّدات أمنيّة من أحد. يعني لا الحكومة اللبنانيّة ولا الرئيس حافظ الأسد ولا حزب الله قدّموا التزامات أمنية لإسرائيل. كيف يمكن أن ينسحب؟ هو أمر غير عقلائي وغير منطقي. حسناً، الأهمّ بعد انتهاء جلستنا وفي الليل ذهبنا أنا والإخوة، كان الحاج عماد (رحمة الله عليه) موجوداً والمسؤولين في المقاومة، هؤلاء كلّهم عمليّاً يعملون في الخطوط الأماميّة، ومعرّضون للاستشهاد وللموت في أي لحظة من اللحظات، فأنا والإخوة دخلنا إلى بيت سماحة السيد القائد وإلى القاعة الواسعة التي يصلّي فيها وكان الإخوة يلبسون ثياباً عسكريّة ويضعون الكوفيّة على رقبتهم وكانوا شبيهين بشباب البسيج في الجبهات الإيرانيّة. وكان البرنامج هو فقط صلاة جماعة، أن يصلّوا جماعة ويقبّلوا يد سماحة السيّد القائد وينتهي. فجلسوا، دخل سماحة السيد القائد وصلّينا صلاة الجماعة، ثمّ بعد صلاة العشاء وقف سماحة السيد القائد ليسلّم على الإخوة. وقال للمرافقين: ابتعدوا قليلاً، وقال لي: من تسليمم، أنا مستسلم. فجاء أحد الإخوة، الأخ الأول، وقبّل يد [سماحته]، طبعاً الإخوة بدأوا بالبكاء وبعضهم وقع على الأرض وبعضهم كان يبكي بشكل شديد، بدأوا يتقدّمون، أحدهم قبّل يد سماحة القائد والثاني نزل ليقبّل قدم السيد القائد، طبعاً القائد رجع إلى الخلف وقال لي: قل لهم أن يجلسوا ويهدأوا. فإذاً يجب أن نتكلّم قليلاً، يعني لم يكن من المقرّر في البرنامج أن سماحة القائد يتكلّم لهم. فأنا قلت للإخوة إهدأوا، وأنا كنت أترجم كلام سماحة السيد القائد. فمن جملة ما قال لهم، قال، وهنا أقول أنّه كان من كراماته، لأنّ هذا لا يخضع للتحليل السياسي وللبصيرة فقط، أبعد وأعمق من هذا. قال: أنتم ستنتصرون إن شاء الله، ونصركم قريبٌ جدّاً جدّاً جدّاً وأقرب ممّا يظنّه البعض، وأشار إليّ. لأنّنا كنا نقول أنّنا نستبعد أن ينسحب الإسرائيليّون بهذا الشّكل. وقال أنتم ستنتصرون وأشار بيده اليسرى هكذا، قال أنتم سترونه جميعاً بأمّ أعينكم، أنتم سترون هذا النّصر جميعاً بأمّ أعينكم. حسناً، رجعنا إلى لبنان، جلسنا وناقشنا ورتّبنا أمورنا وقمنا بعمليّات كبيرة في ذلك الحين وسقط كثير من الشّهداء، ولكن عندما جاء موعد ٢٥ أيار وبدأ الانسحاب الإسرائيلي المفاجئ وغير المتوقّع والذليل، أيضاً في التقدّم إلى الحدود سقط شهداء، وتحقّقت نبوءتا سماحة القائد، كِلا التوقعين. الأوّل أن النصر قريب جدّاً جدّاً جدّاً، شاهدناه بعد أشهر قليلة، وثانياً أنّ جميع من كان في تلك الجلسة من المسؤولين العسكريّين والذين شاركوا في العمليّات وفي الخطوط الأماميّة، جميعهم كان على قيد الحياة وشاهدوا النّصر بأعينهم. طبعاً وكان بحمد الله نصراً عظيماً وكبيراً جدّاً.

س: السؤال الذي كنت أودّ طرحه قبل قليل هو أنّ الإمام الخامنئي صرّح منذ بضعة أعوام أنّ إسرائيل لن تشهد الأعوام الخمس وعشرين القادمة. وقد تمّ تفسير جملة الإمام الخامنئي هذه بعدّة أساليب. فالبعض اعتبر أنّ هذه الجملة حتميّة ووضعوا عدّاداً يحسب الفترة الزمنية لتحقّقها. ومن جهة أخرى بادرت جبهة الاستكبار للاستهزاء بتفسيرات البعض في هذا المجال. لقد تصدّيتم في عدّة مواقف للكيان الصهيوني وخضتم معه معارك عديدة. كيف كان تلقّيكم لجملة الإمام الخامنئي وبماذا شعرتم وما هو شعوركم نظراً للتجارب التي خضتموها سابقاً؟

أوّلاً أنا شخصيّاً لم أفاجأ بكلام سماحة السيّد القائد، لأنه في الجلسات الداخليّة نحن كنا قد سمعنا شيئاً من هذا في الماضي، خصوصاً في العام ٢٠٠٠ أي بعد الانتصار، وبعدها بمدّة -بأشهر- ذهبنا مجدّداً والتقينا بسماحة السيّد القائد (حفظه الله) وهو كان سعيداً جدّاً بانتصارنا، وكنا نتحدّث عن المستقبل، وسماحة السيّد القائد في ذلك الوقت قال، إذا الشعب الفلسطيني والمقاومة في لبنان وشعوب المنطقة تحمّلوا مسؤولياتهم بشكل جيّد وواصلنا هذا الطريق فإسرائيل لا تستطيع أن تبقى في المنطقة لمدّة طويلة. وقال شيء أقل من ٢٥ سنة. فأنا عندما سمعت ال٢٥ سنة اعتبرت أن سماحة السيّد القائد أعطاهم وقتاً إضافيّاً، ولذلك لم أفاجأ. هذا من جهة، ومن جهة ثانية هذا الكلام جدّاً واقعي. لا شكّ في أنّ سماحة السيد القائد، خصوصاً نحن وعلى ضوء التجربة، نؤمن أنّه مؤيّد من الله ومسدّد من الله سبحانه وتعالى والكثير ممّا يقوله أحياناً ينبع من مكانٍ آخر، كما حصل معنا في حرب تموز. في هذه النقطة أنا أقول أنّ المعطيات والوقائع والدراسات الموضوعيّة تؤكّد هذا المعنى. لكن هذا طبعاً ليس بلا قيد وبلا شرط، بشرطها وشروطها. بشرط أنّ حركة المقاومة تواصل عملها في المنطقة، وبشرط عدم الاستسلام لإسرائيل، وبشرط صمود الجمهورية الإسلامية وصمود محور المقاومة. نعم، إذا صمدنا وواصلنا العمل، الظروف الموضوعيّة والواقعيّة تقول أنّ إسرائيل لا تستطيع البقاء إلى ٢٥ سنة في هذه المنطقة. أنا سأضرب أمثلة، حتّى أوضّح هذا الأمر. نحن في السّابق ولدينا نحن هذه الدراسة أنّنا أخذنا هذا الكيان الذي اسمه إسرائيل، ما هي أسس هذا الكيان؟ أعني أعمدته الأساسيّة التي يرتكز عليها وإليها. ما هي عناصر وجود هذا الكيان وبقائه واستمراره؟ ما هي نقاط قوّته وما هي نقاط ضعفه؟ أقول هذا لأؤكّد أنّ كل ما جرى في مسألة المقاومة كان يعتمد بشكل دقيق على الدراسات وإعمال العقل والفكر والحسابات العلميّة والموضوعيّة. العاطفة موجودة والحماس موجود والثقة الكبيرة موجودة والروح الثورية موجودة، لكن ما هو موجود أيضاً العقل والدراسة والتدقيق ومعرفة نقاط القوة ونقاط الضعف وانتخاب الزمان والمكان والأساليب المناسبة. بحسب رأينا وإذا أردتم ندخل في هذا التفصيل، لا مشكلة لديّ، أنّه إذا أخذنا بعين الاعتبار الأسس التي يقوم عليها كيان العدوّ داخليّاً وخارجيّاً ونقاط القوّة التي لديه، ونقاط الضّعف التي لديه، أنا أقول وأنا لا أعرف خلفيّة سماحة السيد القائد وكيف انطلق في هذه المسألة، لكن على ضوء ما لدينا نحن من دراسات وما نرى من وقائع أنّ إسرائيل لا تستطيع أن تستمرّ في البقاء وفي الوجود، هي أصلاً وجود غريب عن هذه المنطقة، هي ليست وجوداً طبيعيّاً. هي وجود مفروض بالقوّة على المنطقة، هذا الوجود لا يمكن أن يطبّع ولا يمكن أن يصبح طبيعيّاً، حتّى لو أراد بعض الملوك وبعض الأمراء والرؤساء العرب ذلك، شعوب المنطقة كلّها ترفض هذا الوجود، كل شعوب المنطقة ترفض هذا الوجود بشكل قاطع. كما أنّ عناصر الضعف لدى هذا الوجود كبيرة جدّاً، إمكانيّة الانهيار والسقوط هي إمكانيّة عالية جدّاً. أنا سأقول لك مثالين فقط. قوّة إسرائيل الآن تستند بشكل أساسي على قوّة الولايات المتّحدة الأمريكيّة. حسناً، لو حصل أي شيء الآن في أمريكا، كما حصل في الاتحاد السوفييتي، أي انهيار اقتصادي على سبيل المثال، خلاف داخلي وانقسامات وانشقاقات داخليّة، حوادث طبيعيّة، أو أي شيء يؤدّي إلى انشغال أمريكا بنفسها وتراجع نفوذها في المنطقة. أنا أقول لك الإسرائيليّون سيجمعون حقائبهم ويرحلون، لا يحتاجون إلى حرب. لأنّ بقاء الاسرائيليّين في فلسطين يستند معنويّاً، ونفسيّاً -أيضاً من الناحية النفسيّة- وعسكريّا واقتصاديّاً على الدّعم الأمريكي. إذا انشغلت أمريكا بنفسها فلا تستطيع إسرائيل أن تبقى ولا تحتاج إلى حرب، لا تحتاج إلى حرب. هذا مثل وهذا ليس تبسيط، بل هي حقيقة واقعة. الكل يعرف أن أمريكا تقدّم لإسرائيل سنويّاً ٣ مليار دولار، وتقدّم لها تسهيلات مصرفيّة بقيمة عشر مليارات دولار، وأنّ جزء من الضرائب التي تُدفع في أمريكا يأتي إلى إسرائيل، إضافة لأحدث التقنيّات ومن المعروف دعم أمريكا لإسرائيل. أحد أسباب موقف الأنظمة العربية والجيوش العربية من إسرائيل هو خوفها من الولايات المتّحدة الأمريكية وليس خوفها من إسرائيل، وإذا جاء يوم، حتّى بعض الأنظمة العربيّة الموجودة والجيوش العربيّة تخلّصت فيه من الضغط الأمريكي فسيكون موقفها  من إسرائيل مختلفاً. حتّى هذه الجيوش وهذه الأنظمة. أضرب لك مثلاً آخر، إسرائيل دولة، في كلّ العالم هناك دول صُنعت لها جيوش، أي أنّ الدولة تصنع جيشاً، لكن يقولون في الأدبيّات أن إسرائيل هي جيشٌ صُنعت له دولة. في كل دول العالم قد ينهار الجيش وقد يسقط الجيش، لكن تبقى الدولة. في العراق بعد الغزو الأمريكي، الأمريكيّون قاموا بحلّ الجيش العراقي لكن لم ينتهِ العراق، وبقي العراق. هناك دول في العالم قد لا يكون لديها جيش أو لديها جيش ضعيف. إسرائيل دولة لا تستطيع أن تبقى على قيد الحياة إلا بجيشٍ قوي، إذا هُزم هذا الجيش أو فقد الشعب الإسرائيلي ثقته بهذا الجيش وبدا لهم حقيقة أن هذا جيشٌ ضعيف وهزيل وغير قادر على حمايتهم، أيضاً سيجمعون حقائبهم ويخرجون. نقاط الضعف الإسرائيليّة إخواني الكرام كثيرة جدّاً، وهي نقاط ضعف قاتلة. بالتالي أنا أعتقد أنّ بعض التطوّرات الدوليّة والإقليميّة مع وجود الإرادة الشعبيّة في منطقتنا الرافضة لبقاء هذا الكيان.. أنا من الأشخاص الذين يؤمنون بقوّة أن الأجيال الحاضرة إن شاء الله ستدخل إلى فلسطين وستصلّي في القدس ولن يكون هناك وجود لإسرائيل./انتهى/

رمز الخبر 1898080

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha