وكالة مهر للأنباء- القسم العربي: تتبدل بعض تفاصيل الواقع والتاريخ وتبقى الجغرافيا ثابتة غالبا. معطيات يبدو انها غابت او تم تغييبها في التعاطي العربي مع الازمة السورية منذ بدايتها.
اندلعت ازمة سورية في لحظة كانت فيها رياح مايسمى بالتغيير، تعصف باكثر من بلد عربي، فغابت الرؤيا وغاب الاجماع وتحركت الجامعة العربية مع بداية الازمة لكن في اتجاه تم وصفه بالخطأ، وقررت تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية.
فيما ذهبت دول عربية لأبعد من ذلك، كتسليم قطر لمقر السفارة السورية في الدوحة لائتلاف المعارضة واعترفت به ممثلا وحيدا للشعب السوري.
غاب العرب او حضر بعضهم خصما للدولة السورية بتزويد جماعات معارضة بالسلاح، لكن الان وجدت الدول العربية ان عليها تغيير موقفها حيال القرارات التي اتخذتها بحق سوريا ووجدت ان الازمة السورية ستؤثر سلبا على جميع الدول العربية خصوصا وان سوريا تتسم بموقع جغرافي وتاريخ قديم.
بالاضافة الى ان سوريا رغم كل هذه الظروف المريرة والتغيرات العديدة التي مرّت بها والضغوط المختلفة عليها، استطاعت ان ثبت نفسها وتحافظ على قوتها بجهود الدولة السورية والجيش العربي السوري والشعب السوري الذي قاوم وتحمل جميع الظروف الصعبة. وعلينا ان لا ننسى الدول التي ساندت سوريا خلال هذه السنوات.
وفي هذا الصدد، أجرت وكالة مهر للأنباء، حوارا صحفيا مع الكاتبة والباحثة والاعلامية الدكتورة "عبير سلمان"،
إليكم نص الحوار:
* في الآونة الأخيرة، نرى أن بعض الدول العربية أحيت علاقاتها مع سوريا، وفي هذا الصدد سافر وزير خارجية الإمارات إلى دمشق، ما هو تقييمك لهذه المسألة ؟
بعد الانتصارات المتتالية للجيش العربي السوري الذي نجح في تحقيق حالة من الاستقرار فی سورية إضافة إلى تضامن الشعب مع قيادته، مما ادى الى نجاح الدبلوماسية السورية عربياً و اقليمياً و دولياً. الأمر الذي جعل الإدارة الأمريكية تعمل على إعادة رسم استراتيجية تتناسب مع نتائج الواقع على الأرض السورية.
لذلك جاءت زيارة وزير خارجية الإمارات، لدمشق في ٩/١١/٢٠٢١ التي التقى خلالها الرئيس بشار الأسد كبداية لإعادة رسم علاقات جديدة في المنطقة، ومن هنا ستكون الانطلاقة من خلال ترتيب الوضع السوري بما يتناسب بالضرورة مع المصالح الاستراتيجية للدول المتناحرة في المنطقة.
والمشهد الآن اخذ بالتغيير تجاه العودة إلى بناء علاقات جديدة وفق منظور جديد سواء على المستوى العربي منبثقاً عن التغييرات السياسية والإقتصادية والتي ستصب في بناء علاقات دولية مختلفة عما كان قبل قرنٍ من الزمن، لخلق عالمٍ تستطيع الدول الكبرى الهيمنة والسيطرة عليه أكثر!!! حيث وجد المجتمع الدولي أن بناء علاقات جديدة وفق منظور جديد مع سورية سيكون هو الحجر الأساس لترتيب المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة و حلفائها و بدون الجغرافيا السورية لا يمكن تحقيق ذلك .
* ما هي أهداف وأسباب توجه الدول العربية إلى سوريا؟ هل هذه الأسباب اقتصادية بحتة أم سياسية ؟
المتابع للمشهد العام يرى أن بعض العلاقات العربية مع سورية لم تنقطع بشكل كامل بل أخذت شكلاً هادئاً حيناً وسريعاً حين أخر، حتى جاء الأردن الذي أبدى الرغبة الأكثر إلحاحاً في التقارب مع سوريا في الآونة الأخيرة، حيث أشارت تقارير الى ان المملكة على وشك استعادة العلاقات الكاملة مع سورية. سيّما وان الوضع الاقتصادي في المملكة الأردنية المرتبط مع الجار السوري ينذر بالخطر.
وبتوالي مع دول الجوار لبنان والعراق، نرى أن المرونة بالقرار الأمريكي تجاه فتح العلاقات مع سورية واضح تماماً، من خلال ما تم الاتفاق عليه بشأن تمرير خط تزويد لبنان بالطاقة الكهربائية عبر الأراضي السورية، ولا يخفى على أحد مدى عمق العلاقة بين البلدين على كافة الأصعدة.
أما عن العراق الذي لم يقطع علاقته بسورية ومازالت مستمرة بقوة من خلال الإتفاقيات الإقتصادية بين البلدين. وحول القرارات التي صدرت من قبل دول الخليج {الفارسي} كالبحرين والإمارات و موخراً السعودية لإعادة فتح علاقات مع سورية، فإنه يشير إلى تسويات ينتج عنها اتفاقيات تحرص فيها تلك الدول على عودة سورية الى التواجد بالساحة السياسية في المنطقة، بالاضافة لدور مصر في ترتيب الأدوار نحو هذا التوجه
لقد أدركت دول المنطقة ضرورة إنهاء المسألة السورية والمحافظة عليها كدولة ذات سيادة، وذلك من أجل تهدئة المنطقة عامة، الأمر الذي سيخلق حالة من الاستقرار فيها وذلك بإعادة خلق حالة سياسية واقتصادية تعمل على توفير فرص معيشية في الشارع العربي بعدما تدمر اقتصاد المنطقة نتيجة ما عرف بـ " الربيع العربي" وما خُلق في الأجواء من فوضى سياسية واقتصادية واجتماعية تسببت بدمار كبير، وعلى الضفة الأخرى فإن العلاقات الأوروبية مع سورية ستظهر تدريجياً وفق معطيات الرسم الجديد للمنطقة.
* كيف ترين مستقبل العلاقات بين الدول العربية وسوريا ؟ الجزائر، على سبيل المثال، دعت سوريا إلى العودة إلى جامعة الدول العربية.
إن مكانة الجمهورية العربية السورية كانت وما زالت المركز الأكثر ثقلاً في المنطقة لما تحمله على عاتقها من القضية الفلسطينية مرور بكل المواقف القومية تجاه أي بلد عربي، مع المحافظة على علاقات أخوية تحفظ السيادة.
جميعنا شاهدنا بعد أن أخرجت سورية من الجامعة العربية كيف تردّى حال حضور تلك الجامعة على المستويين الإقليمي والدولي وظهر على الملأ للشارع العربي مدى و حجم تأثير تلك القوى الظلامية على أعضائها.
وعليه فلا نجاح يمكن أن تحققه تلك الجامعة الا بعودة سورية إليها قوية منتصرة رغم كل الويلات التي صبّوها عليها ولم يفلحوا بذلك، و سنرى ذلك من خلال عودة العلاقات العربية متوجاً بحضورها في القمة القادمة.
/انتهى/
تعليقك