أكّد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أنّ سلطات الاحتلال واصلت خلال عام 2022 استهداف الأطفال الفلسطينيين بالاعتقال والتنكيل، ورُصدت 865 حالة اعتقال بحق قاصرين، بعضهم جرحى بحالات خطرة، وبعضهم لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات.
وقال مركز فلسطين: "على الرغم من أنّ الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان شدّدت على ضرورة توفير الحماية للأطفال ومنحهم فرص التعليم والنمو بشكل آمن وسليم، فإن قوات الاحتلال، وبتعليمات مباشرة من أعلى المستويات السياسية والأمنية في الكيان، جعلت اعتقال الأطفال الفلسطينيين هدفاً أولياً، ومارست التعذيب المحرم دولياً بحقهم منذ اللحظة الأولى للاعتقال".
من جهته، أكد الباحث ومدير المركز، رياض الأشقر، أنّ "الاحتلال يتعمد تكثيف اعتقال القاصرين بهدف ردعهم عن المشاركة في المواجهات مع الاحتلال أو التفكير في تنفيذ أعمال مقاومة، وتدمير مستقبل الأطفال، وخلق جيل ضعيف وخائف. لذلك أعطى الضوء الأخضر لجنوده لاستهدافهم بالقتل والاعتقال والحبس المنزلي والإبعاد وغيرها من الجرائم".
وبيّن الأشقر أنّ "قوات الاحتلال اعتقلت خلال العام 2022 عدداً من الأطفال بعد إطلاق النار عليهم وإصابتهم بجراح بعضها خطرة، وعرضتهم لعمليات تحقيق واستجواب داخل المستشفيات بشكلٍ غير إنساني"، مشيراً إلى "نقل جزء منهم إلى مراكز التّحقيق بعد فترة وجيزة وقبل إتمام شفائهم".
وكشف الأشقر أنّ من بين الأطفال المعتقلين خلال العام الماضي 45 طفلاً لم تتجاوز أعمارهم 12 عاماً، وبعضهم لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات.
وأضاف أنّ الأمر "وصل إلى اعتقال طفل لا يتجاوز عمره 3 سنوات، وهو الطفل يوسف سند كبها، خلال مروره مع والدته على حاجز عسكري جنوب جنين وإجباره قبل الإفراج عنه على خلع قميصه بذريعة أنّه يحمل صورة بندقية".
كذلك، لجأت سلطات الاحتلال إلى اعتقال أطفال مرضى وذوي احتياجات خاصة في ظروفٍ قاسية، بحسب الأشقر.
وأشار الأشقر إلى أنّ "الاحتلال صعّد العام الماضي إصدار الأوامر الإدارية بحق الأطفال، إذ أصدرت محاكم الاحتلال 19 أمراً إدارياً بحق قاصرين، وأمضى عدد منهم فترات في الحبس الإداري، وعددٌ آخر تجاوز سن الطفولة داخل الأسر، فيما لا يزال 4 أطفال قيد الاعتقال".
كذلك، واصلت محاكم الاحتلال خلال العام 2022 فرض الغرامات المالية على الأطفال، إلى جانب الأحكام الفعلية، بهدف استنزاف ذويهم، وأصبحت الغرامات تشكل عبئاً مالياً كبيراً على الأهالي وعقاباً تعسفياً يمارسه الاحتلال بحقهم بهدف إرهاق كاهلهم، إذ إنّ محكمة عوفر وصل بها الأمر إلى إصدار غرامات مالية بما يوازي 137 ألف دولار بحق قاصرين.
وأصدرت سلطات الاحتلال خلال عام 2022 أيضاً ما يزيد على 240 أمر حبس منزلي بحق قاصرين غالبيتهم من مدينة القدس المحتلة، رغم تأثيره النفسي القاسي في الأطفال، وأصدرت أكثر من 135 قرار إبعادٍ لقاصرين، سواء عن المسجد الأقصى أو عن منازلهم، لفترات مختلفة تصل إلى عدة شهور.
ولفت الأشقر إلى أنّ الاحتلال اعتقل ما يزيد على 50.000 طفل فلسطيني، من ذكور وإناث، منذ عام 1967، من دون مراعاة لصغر سنهم وبراءة طفولتهم وضعف بنيتهم الجسمانية، ومن دون توفير الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية والإنسانية، منهم 10 آلاف حالة اعتقال تم رصدها منذ "هبة القدس" في تشرين الأول/أكتوبر عام 2015 حتّى اليوم.
وحتى نهاية العام، وصل عدد الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال إلى نحو 160 طفلًا يقبعون في أقسام خاصة بسجون عوفر ومجدو والدامون وعدد من مراكز التوقيف، بينهم طفلتان تقبعان في سجن الدامون، هما: نفوذ حمّاد (16 عاماً) من القدس، وزمزم القواسمة (17 عاماً) من الخليل.
ويمعن الاحتلال في انتهاك حقوق الأطفال ويتعامل معهم كإرهابيين. لذلك، فإنّ غالبية الأطفال الذين تم اعتقالهم تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال الإهانة والتّعذيب الجسدي والنّفسيّ، عبر جملة من الأدوات والأساليب الممنهجة المنافية للأعراف الدولية والاتفاقيات الخاصة بحقوق الطّفل. وتبدأ هذه الانتهاكات فعلياً منذ اللحظة الأولى للاعتقال، وتستمر خلال فترة التحقيق والاحتجاز.
وتحتجز إدارة سجون الاحتلال الأطفال في مراكز توقيف وسجون تفتقر إلى الحد الأدنى من المقوّمات الإنسانية، إذ تحرم العشرات من الأطفال من زيارة ذويهم أو من زيارة المحامي الخاص بهم، وتحرمهم من حقهم في التّعليم والعلاج الطّبي، ومن توفير الاحتياجات الأساسية لهم، كإدخال الملابس والأغراض الشخصية والكتب.
ولا تتوانى إدارة السّجون عن تنفيذ عمليات اقتحام لغرفهم وتفتيشها وفرض عقوبات بحقّهم كالعزل، وسحب الأغراض الشّخصية، والحرمان من "الكانتينا" (مقصف الطعام والشراب)، إضافةً إلى استمرار المعاملة السيئة من قبل السجانين الذين يوجهون إليهم الشتائم والتهديدات بشكل مستمر، ويحتجزونهم مع معتقلين جنائيين في الكثير من الأحيان.
واعتبر الأشقر أنّ "ما جرى مع الطفل الأسير أحمد مناصرة هو تجسيد واقعي وشاهد حي على الجرائم التي ترتكب بحق الأطفال، من عمليات تعذيب نفسيّ وجسديّ، إذ أصيب مناصرة بمرض نفسي صعب يشكل خطورة على حياته، وهو يعاني أعراض الاكتئاب والعزلة والانطواء، وأصبح لا يتعرف إلى أحد، وما زال الاحتلال يرفض إطلاق سراحه. وقد مدد وجوده في العزل الانفرادي أكثر من مرة".
وطالب مركز فلسطين المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الطفل بأن يتحمل مسؤولياته تجاه أطفال فلسطين وما يتعرضون له من جرائم فاقت كل الحدود، وإلزام الاحتلال بتطبيق المواثيق والاتفاقيات الخاصة بالأطفال لوضع حدّ لمعاناتهم المتفاقمة بشكل يومي.
المصدر: الميادين
/انتهى/
تعليقك