وكالة مهر للأنباء - نسرين نجم*: هذا المنفى قد أزعج الشرق، وحير الغرب، وشغل العالم... عبارة كتبت تحت صور روح الله الموسوي الخميني (قده) عندما كان في منفاه في باريس، وتختصر الكثير الكثير مما أحدثته هذه الشخصية العظيمة من تغييرات عالمية عبر ثورة مجيدة قادها إمام الاحرار في العصر الحديث الموسوي الخميني (قده)...
هي ليست بثورة بل نعمة الهية، نعمة لكل الشرفاء والمؤمنين والمستضعفين لرفع الظلم والجور عنهم وعن اوطانهم، ولإقامة دولة العدالة، وقد نجحت هذه الثورة المباركة بصناعة هوية خاصة بها لا شرقية ولا غربية، بل كانت ثورة نهضوية انسانية ايمانية ضد قوى الاستكبار العالمي، ثورة تعتمد على الاسلام المحمدي الاصيل...
ما حصل في شباط من عام 1979 لم يكن حدثا عابرا، بل تاريخ مفصلي تمكن من خلاله الشعب الايراني وقيادته الثوروية الحكيمة من تحديد مصير البلاد، والحصول على سيادة الشعب، والتمتع بحياة طيبة كانت ولا زالت نموذجا للشعوب التواقة للحرية والاستقلال، ثورة اسلامية بكل ما للكلمة من معنى من ناحية اهدافها، قيمها، تحركاتها، شعاراتها
ما حصل في شباط من عام 1979 لم يكن حدثا عابرا، بل تاريخ مفصلي تمكن من خلاله الشعب الايراني وقيادته الثوروية الحكيمة من تحديد مصير البلاد، والحصول على سيادة الشعب، والتمتع بحياة طيبة كانت ولا زالت نموذجا للشعوب التواقة للحرية والاستقلال، ثورة اسلامية بكل ما للكلمة من معنى من ناحية اهدافها، قيمها، تحركاتها، شعاراتها، والاهم انها كانت مبنية ومنطلقة على أساس التوحيد وتكريم الانسان، وفك قيود النظام الطاغوتي..
ولهذا حققت انجازات باهرة ليس فقط على الصعيد المحلي بل الاقليمي والدولي، لا بل العالمي، فالتقدم العلمي والاقتصادي والصناعي والتكنولوجي جعلها من الدول الكبرى المتطورة، وما ميزها عن غيرها هو مفهوم العدالة، وعن هذا يقول السيد القائد (دام ظله): " إنني لا أؤمن بالتقدم من دون العدالة، التقدم من دون العدالة ستكون نتيجته ما تشاهدونه في الحضارة الغربية، انهم يمتلكون الحد الاقصى من الثروة والقدرة والعلم والتقنية، ولكن في الوقت نفسه تلاحظون انهم يفتقرون للعدالة، توجد ثروات هائلة متراكمة اسطورية لدى الآخرين، هذا معناه غياب العدالة وهذا شيء لا نريده، والاسلام لا يريده لنا".
اضف الى ذلك بأن هذه الثورة حملت معها منظومة شاملة على كل الصعد، دستور وضع لصلاح وإصلاح البلاد والعباد، وحملت بطياتها فرصة لبناء الذات واصلاح النفس، وحول هذا يقول السيد القائد: " المعنوية والأخلاق هي الموجهة لكل الحركات والنشاطات الفردية والاجتماعية، وهي حاجة اساسية للمجتمع، ووجودها يجعل من أجواء الحياة جنة حتى مع وجود النواقص المادية، وعدم وجودها يجعل الحياة جحيما حتى مع التمتع بالامكانيات المادية".
الى جانب هذا كله تم تصدير هذه الثورة الثروة الى كل الدول والشعوب الساعية للحرية والسيادة والاستقلال، فأصبحت النموذج الذي يتماهى ويتباهى به كل أحرار العالم، ومن مدرسة هذه الثورة المباركة تخرج مئات الالاف من القادة والشباب الذين بخلفيتهم الثقافية والفكرية والمؤمنة بكرامة وعزة الشعوب وبأن معركتنا مع أعداء الانسانية هي معركة وجودية، فحققوا الانجازات والانتصارات الباهرة والساحقة، مثل ما نشاهده اليوم في فلسطين المحتلة، من مقاومة ومواجهة وعمليات فدائية بطولية...
سيما ان فلسطين كان لها الاولوية بفكر الثورة الاسلامية، وبفكر الامام الخميني (قده) معتبرا بأن اكمال الثورة "عينها وتمامية حركيتها لا يتحققان الا بإزالة اسرائيل"، مؤكدا ان الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع عقائدي ديني قومي حضاري فكري، وقد نجح الامام الخميني (قده) بإزالة العوائق النفسية التي زرعتها قوى الاستكبار في عقول الشباب من تهويل وتهديد وافساد وبأنها لا تهزم، فوجدنا الالاف المؤلفة من الشباب تطلب الاستشهاد للذود عن عقيدتها وصون اوطانها، والوقوف في وجه العدو، وهذا ما لمسناه في اليمن العزيز، جنوب لبنان، العراق، في فلسطين المحتلة وسوريا... ومن رحم هذه الثورة ولد محورا متينا قويا قهر الأعداء وأذلهم، ونصر المستضعفين وأعزهم الا وهو محور المقاومة، الذي يضيء سراجه من نور الثورة الاسلامية مما جعله أقوى من كل رياح العالم التي عملت وتعمل على اطفائه، فإستمر وهجه وتلاشت هذه الرياح...
ومن رحم هذه الثورة ولد محورا متينا قويا قهر الأعداء وأذلهم، ونصر المستضعفين وأعزهم الا وهو محور المقاومة، الذي يضيء سراجه من نور الثورة الاسلامية مما جعله أقوى من كل رياح العالم التي عملت وتعمل على اطفائه
وها هي الجمهورية الاسلامية في ايران رغم مرور أربعة عقود ونيف على انتصار الثورة تبقى متميزة ومتماسكة متينة رغم كل الهجمات الغوغائية عليها، والحصارات الظالمة، والعقوبات اللانسانية واللاقانونية تبقى الاقوى...
الكل يعرف وتابع ماذا فعلت الادارة الاميركية الخبيثة وحلفائها من محور الشر ان كان العدو الصهيوني او بريطانيا او غيرها على دعم الفتنة والفوضى في الشارع الايراني، الا ان هذا الشعب الذي ثار بكل مدنه وقراه ضد نظام الشاه المخلوع، وقدم الاف الشهداء، لا يمكن أن ينكسر ويخضع لهذه الاعمال الارهابية الاجرامية، فهو وقيادته الاكثر وعيا وحرصا وحكمة تداركا هذا الفخ الفتنوي الذي حبكته مطابخ دول الطغيان والانظمة الطاغوتية.... ونجحا في وأد الفتنة الى غير رجعة...
ورغم مرور اربعة واربعين عاما على انتصار الثورة المباركة لا تزال تثير هلع القوى الاستعمارية الاستكبارية، لان هذا العمل الثوروي النهضوي القيمي دفع الإنسان المستضعف لإكتشاف ذاته، وعبرت عن طموحاته وأهدافه وتوجهاته، لذلك لا يمكن ان تندثر او تموت بل عاما بعد عام نجدها اكثر حضورا واشراقا بقلوب ووجدان وسلوك كل الشرفاء...
فهي وكما قال روح الله الموسوي الخميني (قده): "إن التحول الذي حصل لشعبنا من الخوف الى الاقتدار ومن الضعف الى القوة، انما كان تحولا الهيا"، ويقول قدس سره: "لقد انتصرنا بقدرة الايمان، ولم ننتصر بالعدد والعدة"، وهو العارف رضوان الله تعالى عليه بأن هذه الثورة ستبقى بأيدي امينة تنبض مقاومة ونصرا فيقول: "لقد سلمت ايران مهمة حفظ الثورة الى اشخاص مؤمنين، والثورة تتقدم الآن على ايدي اولئك المؤمنين"./انتهى/
*نسرين نجم: اختصاصية في علم النفس الاجتماعي
تعليقك