وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: من بركات طوفان الأقصى، هو تغييب الدور الرمادي في موضوع القضية الفلسطينية، فاليوم إما ان تكون مع الإنسانية والقيم والحريه أو مع الهيمنة والإرهاب والذل، وهذه المعركه الحاصلة في قطاع غزة أو بالأحرى الإباده والهولوكوست ضد الفلسطينيين، هي معركة وجود وقد أطلق هذه العبارة الصهاينة أنفسهم.
ومع مرور 10 أشهر، فإن حماس والمقاومة الفلسطينية لايزالون على درجة عالية من الجهوزية ويسطّرون يومياً أروع البطولات، رغم مجازر الاحتلال و الاغتيال الجبان لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس القائد الشهيد أبو العبد إسماعيل هنية في ايران، الذي كتب اسمه في سجل الخالدين، وهذا الاستهداف " متعدد الاتجاهات ويسعى لخلط الأوراق وتوريط الجميع في حرب اقليمية يستبقى معها الدعم الأمريكي ويزيد من تدفقه وثباته".
وقد اشارت صحيفة «نيويورك تايمز» التي قالت إنّ تاريخ حماس على مرّ العقود ومنطقها في المـقاومة، بشكل عام يشيران إلى أنّ الحركة لن تنجو فقط من انتكاساتها، بل قد تخرج أقوى سياسياً.
عناوين متنوعة ناقشتها مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، مع ممثل حركة حماس في الجزائر الدكتور يوسف حمدان، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
بادئ ذي بدئ، نقدم لكم تعازينا الحارّة بشهادة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد القائد الحاج إسماعيل هنية.
برأيكم من كان المستهدف الحقيقي من قبل جيش الاحتلال الصهيوني الذي نفذ عملية اغتيال القائد الجهادي إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس؟ وهل كان الاحتلال يستهدف الشهيد هنية أم أمن وهيبة الجمهورية الإسلامية؟
الاحتلال تقصد استهداف رئيس الحركة في ايران، وهو يهدف من هذه العربدة العسكرية في المنطقة، إلى فرض قواعد اشتباك جديدة على الحلفاء، وترسيم حدود جديدة تباعد المسافة أو تقطع العلاقة بين الحركة وعمقها الداعم لها.
وبالتالي فهو يريد من هذا الاستهداف متعدد الاتجاهات خلط الأوراق وتوريط الجميع في حرب اقليمية يستبقى معها الدعم الأمريكي ويزيد من تدفقه وثباته، وإن لم ينجح في ذلك يكون قد أعاق برامج ومشاريع الجمهورية الإسلامية الخاصة بتطوير قدراتها العلمية والعسكرية من خلال هذا الاستنزاف العسكري، والمس من هيبتها ومكانتها في المنطقة.
الجيش الصهيوني العاجز عن تحقيق اهدافه من حرب الإبادة التي يشنها على الشعب الفلسطيني في غزة خصوصًا، يقوم بعمليات اغتيال لقادة المقاومة او يزعم ذلك كما في حالة القائد محمد الضيف، هل يمكن ان تحقق عمليات الاغتيال _ مهما بلغت_ نصرا حقيقيا للاحتلال؟ وهل يمكنه بذلك تعويض هزيمته الميدانية امام المقاومة والشعب الفلسطيني؟
نحن أمام حركة مؤسسية تمرست على التعامل مع هذه الضربات واعتادت على امتصاص هذه الهزات ولديها آلياتها لاجتياز هذه التحديات بشكل منهجي ولوائح ناظمة تجعل من مسألة سد الشغور القيادي بشكل تلقائي ومرن وسريع.
ولكن الأهم هو أن العمل في الحركة مؤسسي ولا يتوقف على شخص، لا من حيث التنفيذ ولا من حيث التفكير أو رسم واعتماد السياسات، وبالتالي لا خوف على الحركة وكل استهداف ينتج عنه ارتقاء للقادة يقوي تماسك الحركة ويعطي اشارة على صحة الطريق وصوابية المنهج.
لماذا تم استهداف القائد اسماعيل هنية بالاغتيال؟ وهل كان الاحتلال يعتبره عقبة تمنع انتصاره في غزة رغم ان الكثيرين كانوا يعتبرونه محاورا جيدا وديبلوماسيا لبقا ؟
الاحتلال لا يحتاج مبرراً لاغتيال قيادات الحركة والمقاومة التي تعتبر نفسها مشاريع شهادة، وإذا اردنا أن نبحث عن إجابة منطقية لهذه الحالة فسنحتاج نفس الأمر لتفسير اغتيال الشيخ المقعد المؤسس أحمد ياسين. ما فعله الاحتلال يعتبر حماقة سياسية بالميزان السياسي المصلحي، ولكن إفلاس النتن ياهو العسكري والسياسي وفشله في استمرار اختلاق مبررات الانسداد التفاوضي وقدرة الحركة بفريقها التفاوضي وتكامل مؤسساتها وجعرافيتها وقيادة رئيسها الشهيد القائد الرمز هنية، وما قامت به الحركة من مناورة سياسية لإجباره على استحقاق الاتفاق، وما نتج عن ذلك من اضطراب العلاقة مع الادارة الأمريكية بالنظر الى فشله في تحقيق أهداف المعركة رغم كل الدعم الذي لم ينقطع عنه، دفع النتن لارتكاب هذه الحماقة من أجل جر المنطقة إلى حرب أقليمية أو توسيع دائرة النيران أوسع من حدود غزة بما يضمن دعم أكبر ومتواصل من الإدارة الأمريكية وحلفاء الاحتلال.
أما شخص رئيس الحركة فهو استطاع ان يقود المعركة طوال الشهور الماضية ومعارك كثيرة سابقة بكفاءة قيادية عالية ونجح في المحافظة على شبكة العلاقات مع الحلفاء والأصدقاء وداعمي الحركة وشركائها في المعركة رغم كل محولات عزلها عن عمقها وقطع علاقاتها بجبهات الإسناد، إلا أن الحركة بقيادة الشهيد هنية استطاعت تحييد هذه الضغوط والإبقاء على البوصلة واضحة، والتكامل قائم بين مكونات وجغرافيات الحركة بما يخدم المعركة.
وقد أجمعت قيادة الحركة على أن يحمل الراية خلفاً لهنية القائد يحي السنوار ويكمل الطريق بذات الرؤية وبنفس النهج وبروح قتالية عالية، وحنكة سياسية كبيرة ودعم وتكامل مع كل مكونات الحركة وقيادتها.
ما تقديرك لأثر هذا الاغتيال على حركة حماس من جهة والمقاومة في غزة وفلسطين من جهة ثانية؟ وكيف تتعامل حركات المقاومة الاسلامية مع قضية اغتيال قادتها ورموزها التاريخيين؟
لا شك أن خسارتنا في القائد هنية كبيرة ولكن الحركة غنية بالقيادات الجديرة بقيادة الحركة في هذا المرحلة، ولديها من النظم واللوائح والاليات والتمرس أيضا ما يجعلها قادرة على التعامل مع هذه التحديات وعزل تأثيرها عن بنية الحركة التنظيمية وقد مرت الحركة بتجارب سابقة في ظروف اصعب وتجاوزتها بحكمة وحنكة أذهلت الاحتلال، القائد هنية سيترك خلفه مكانا كبيرا في وعي ووجدان كل كوادر الحركة ومحبيها، ولكن ما يميز هذه الحركة أنها تمتلك ثراء قيادي قادر على إبقاء الحركة في حالة تماسك داخلي ووحدة في رؤيتها السياسية، والحركة تدير أعمالها بشكل مؤسسي ما يجعل غياب فرد أو أكثر بغض النظر عن الموقع، لا يؤثر في سياساتها العامة وسيرورة أعمالها في كافة المجالات.
بالنسبة لنا في حركة حماس فإن ارتقاء الرموز والمؤسسين والقادة هي علامة على صحة الطريق وثمن متوقع لمشوار ومشروع جهادي لدحر الاحتلال، نحن اخترنا طريقنا ومستعدون لدفع الثمن. وكلنا ثقة أن نهاية هذا الطريق إما نصر وإما شهادة.
لا شك بان عملية الاغتيال التي جرت في طهران والعملية الاخرى التي تزامنت معها ضد قائد جهادي في الضاحية الجنوبية لبيروت قد اثارتا اجواء من القلق والترقب حول الرد على جرائم جيش الاحتلال.. ما توقعاتك للتطورات على هذا الصعيد ؟ وهل دخلنا فعلا مرحلة التصعيد المؤدية الى الحرب الاقليمية الشاملة؟
الاحتلال يريد جر المنطقة إلى حرب إقليمية، وتقدير "النتن" أن هذا مفيد لإطالة أمد المعركة وجعل غزة قضية ثانوية امام حجم ما يجري في المنطقة، ولكن نحن نعتقد أن كيده سيرتد في نحره وأنه سَيؤتَى من حيث ظن أنه سينجح في خلط الأوراق وسيندم على جرائمه في فلسطين وخارجها، وسيكتشف أن اليد التي يعتبرها طويلة يمكن أن تقطع، وأن الجسد السرطاني الذي غرس على أرضنا سيخطّف إرباً من كل حدب وصوب، وستتحول النشوة اللحظية بتنفيذ اغتيال هنا أو هناك او انتهاك سيادة الدول والعربدة العسكرية إلى وبال عليه، بغض النظر عن حجم الرد ونوعه، فالمؤكد أنه لن يكون ردا محدودا أو عادياً ولن يستطيع الاحتلال فرض معادلاته العسكرية والأمنية على المنطقة، وستتواصل سياسة النتن ياهو في تهشيم صورة الاحتلال وتدمير صورة القدرة على الردع التي ظن انه يمكنه استعادتها بعد السابع من اكتوبر.
هذا الاحتلال الى زوال ونحن نعيش مراحل تتبير هذا الكيان، بأيدي المقاومة في غزة ومعها كل الصادقين في أمتنا وعمقنا العربي والإسلامي، ويا فخر من ضحى وجاهد من أجل القدس .. ومن أجل فلسطين.
/انتهى/
تعليقك