٢٨‏/٠٨‏/٢٠٢٤، ٥:٣٩ م

مقال خاص لمهر..

وهم الوساطة في طهران؛ لماذا تراجع دور قطر إلى "ساعي البريد"؟

وهم الوساطة في طهران؛ لماذا تراجع دور قطر إلى "ساعي البريد"؟

بعيدا عما يثار في وكالات الأنباء ومراكز الأبحاث ووسائل الاعلام التابعة لقطر يبدو أن الدوحة طوعا أو كرها تلعب في أرض واشنطن- تل أبيب وتراجع دورها ليصل إلى حد "ساعي البريد".

وأفادت وكالة مهر للأنباء أن صعود قطر ووقوفها بين صفوف الدول المؤثرة في الشرق الاوسط أمر يستدعي الاستغراب تبعا لحجم دولة مثلها لتدخل في لعبة الكبار؛ الأمر الذي بالطبع يعود الأمر لاحتياطات الطاقة وخزائنها المليئة بالذخائر. عندما تولى تميم بن حمد ال ثاني مقاليد الحكم بعد انقلاب لم يكن يتصور أحد أن يصبح احد الشخصيات المؤثرة في عملية "الصحوة الـاسلامية" في العالم العربي إلا بعد عقدين من الدراسة في الكلية ساندهيرست الملكية.

بالاعتماد على عائدات الغاز والوساطة في الأزمات السياسية والدور الذي تلعبه قناة الجزيرة، تمكن الأمير الشاب من لعب دور مهم في عملية سقوط بعض الديكتاتوريين المقربين من الرياض أبو ظبي والدخول في تحالف غير مكتوب مع المحور الإخواني إلى جانب تركيا. كما أن طموح حكام الدوحة لم ينته بسقوط الطغاة الرجعيين فحسب بل انهم قرروا ضمن مشروع مشترك مع السعودية والكيان الصهيوني إسقاط أحد الأطراف الرئيسية لمحور المقاومة وبالتحديد حكومة بشار الأسد.

وهم الوساطة في طهران؛ لماذا تراجع دور قطر إلى "ساعي البريد"؟

دعم الدوحة للمعارضة السورية

منذ بداية الحرب السورية وقف القطر إلى جانب تركيا والسعودية من خلال اجندتهم مستخدما سياسة الدعم العسكري للمعارضة السورية والجماعات الإرهابية وأنفقوا مليارات الدولارات في الساحة السورية على سبيل المثال في عام 2013 وحده منحت قطر 3 مليارات دولار لمعارضي نظام الأسد.

وسبق أن كشف حمد لجاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر الأسبق أن مشروع إسقاط النظام السوري بدأته الدوحة لأول مرة بميزانية 2 تريليون دولار ولكن بعد أشهر قليلة وبوصول بندر بن سلطان إلى جهاز الاستخبارات السعودية طالبت الرياض تدريجيا بأخذ القضية من الدوحة لتصبح مركز توجيه للمعارضة السورية. وكان للدور التخريبي لقطر في تلك المرحلة تأثير واضح على علاقات دول محور المقاومة مما تسبب في نقل مكتب حماس من دمشق إلى قطر وحسب اعتقاد بعض المحللين أن أحد أسباب التواجد العسكري التركي في شمال سوريا هو الدعم المالي الذي تقدمه الدوحة وتشجيع الأتراك على اتخاذ مواقف متشددة ضد النظام الشرعي في سورية.

وبينما حاول القطريون دائما إظهار أنفسهم كمؤيدين للشعب الفلسطيني فقد كانوا في عام 1996 أول دولة خليجية تقيم علاقات اقتصادية مع الكيان الصهيوني وسمحت لمحتلي القدس بفتح مكاتبهم التجاري في الدوحة. ووفقا لبعض المصادر الإخبارية كانت هناك علاقات سياسية واقتصادية مخفية إلى حد ما بين قطر والكيان الصهيوني حتى عام 2009.

ليس خفيا على أحد الدور غير البناء لقطر خلال المفاوضات غير المباشرة بين إيران وأميركا للإفراج عن 7 مليارات دولار من أصول طهران المجمدة في كوريا الجنوبية على الرغم ان قطر تعتبر حليفا لأميركا من خارج حلف الناتو وكونها مضيفة لقاعدة العديد العسكرية إلا انها كانت تنوي أن تصبح الذراع الدبلوماسي لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ومع ذلك لم تقوم بأي خطوة بناءة من شأنها تنظيم علاقات واشنطن مع كابول وطهران ولتقليص الخلافات بين طهران وواشنطن وحتى في عملية إفراج سلسلة عن الأصول الإيرانية في سئول.

لذلك يرى بعض المحللون أن السبب الرئيسي لفشل عملية تحييد العقوبات عن إيران هو اختيار الوسيط غير المناسب لحل الخلافات اوبشكل أدق لضبطها مع أميركا وفي الحقيقة أن الوساطة القطرية لم تحرز أي نتيجة في عملية تحرير الأموال الأيرانية.

وهم الوساطة في طهران؛ لماذا تراجع دور قطر إلى "ساعي البريد"؟

قاعدة "العديد" مركز قيادة قوات القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط

بعد عملية طوفان الأقصى وبدء الاجتياح الشامل للجيش الإسرائيلي لقطاع غزة، بدأ يتردد اسم قطر مرة أخرى في وسائل الإعلام.

هذا وقررت إيران وأعضاء جبهة المقاومة انتهاج سياسة "وحدة الساحات" لدعم حركة المقاومة الفلسطينية والدخول في صراع مباشر مع إسرائيل، وقرر ايضا القطريون القيام بدور الوسطاء والتغطية الإعلامية للأحداث الجارية في غزة للحصول على أكبر قدر من الفوائد والنقاط من أزمة غزة بأقل التكاليف.

وفي الوقت الذي يتكهن فيه العالم بهجمات انتقامية لجبهة المقاومة على أهداف حيوية في الأراضي المحتلة، تسعى الدوحة إلى اكتساب مكانة دولية كداعمة للسلام وتبادل الأسرى في المنطقة! ومن المثير للاهتمام أن القطريين، خلال حياة الشهيد هنية، مارسوا ضغوطا متكررة على الجانب الفلسطيني، بل وحتى هددوهم بالترحيل حتى يتمكنوا من تمهيد الطريق لتنفيذ المخطط الصهيوني! وربما لهذا السبب، منح الوفد الأمريكي وسام "جورج تينيت" لعبد الله بن محمد الخليفي، رئيس جهاز الاستخبارات القطرية، لدوره المميز في المفاوضات بين حماس والكيان الصهيوني.

وهم الوساطة في طهران؛ لماذا تراجع دور قطر إلى "ساعي البريد"؟

زيارة رئيس مجلس الوزراء القطري إلى طهران

وفي الأيام الأخيرة، غادر رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى طهران مع بدء "العد التنازلي" للرد الإيراني الانتقامي على الكيان الصهيوني بعد عملية "يوم الأربعين".

ومرة أخرى، بدلا من الاحتجاج على آلة الإرهاب الصهيونية أو اتخاذ إجراءات ذات معنى ضدهم، ظهرت الدوحة مرة أخرى في دور "الوسيط" وتعتزم منع الإضرار بمصالح المحتلين. وبعد 325 يوما من حرب غزة، لم تساعد السياسة القطرية فقط على إحلال السلام في غزة، بل يبدو أن محادثات الدوحة أصبحت مكانا لخداع الرأي العام وكسب الوقت لنتنياهو.

ملخص الكلام

بغض النظر عن الضجة التي أحدثتها وكالات الأنباء ومراكز الأبحاث ووسائل الإعلام بقيادة قطر، يبدو أن الدوحة، سواء شاءت أو كرهت، لعبت على أرضية واشنطن-تل أبيب، وتراجع دورها إلى مستوى "ساعي البريد".

وفي الجولة الأخيرة من مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، بذل الأمريكيون على ما يبدو جهداً كبيراً لتقليص الخلافات بين الكيان الصهيوني وحركة حماس، ولم يتمكن المضيفون القطريون من ممارسة الكثير من الضغط على الفريق الإسرائيلي وتمهيد الطريق أمام المفاوضات لانهاء الحرب في مسلخ غزة.

وبعبارة أخرى، يعتزم القطريون إظهار أنفسهم كمركز للمفاوضات السياسية في الخليج الفارسي وزيادة مصداقيتهم كلاعبين وساطة، دون اتخاذ خطوة فعالة للدفاع عن حقوق شعب غزة المضطهد. وربما كان من الأفضل لرئيس وزراء قطر، بدلاً من إيصال رسالة الأمريكيين إلى سلطات الجمهورية الإسلامية والمساومة على أمن إسرائيل، أن يكون داعماً حقيقياً للشعب الفلسطيني ويستخدم أسلحة الطاقة لتثبيت وقف إطلاق النارفي غزة.

/انتهى/

رمز الخبر 1947980

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha