وكالة مهر للأنباء- نجاح محمد علي: قال محمد على نجاح المحلل السياسي العراقي في مقال رأي أرسله لوكالة مهر للأنباء حول التراجع الأمريكي إن هذا التراجع الأمريكي هو نتيجة مباشرة لصمود إيران، التي تحملت عقوبات اقتصادية غير مسبوقة دون التخلي عن مبادئها. إيران، بذكائها الدبلوماسي، استطاعت تحويل هذه الضغوط إلى فرصة لتعزيز مكانتها كقوة إقليمية لا يمكن تجاهلها.وفيما يلي نص المقال كاملا:
فرص استراتيجية
تمثل المفاوضات الحالية فرصة ذهبية لإيران لتثبيت دورها كقوة إقليمية رائدة، مع تخفيف الضغوط الاقتصادية التي لم تفت في عضد شعبها.
إيران، التي أظهرت مرونة دبلوماسية استثنائية دون التنازل عن حقوقها، تسعى إلى اتفاق يحقق أهدافاً واضحة:
احترام سيادتها، ضمان استمرار برنامجها النووي السلمي، رفع العقوبات بشكل تدريجي، وتقديم ضمانات دولية ضد أي خرق أمريكي مستقبلي.
هذا الاتفاق يجب أن يبتعد عن لغة التهديد والشروط التعجيزية، ويعتمد بدلاً من ذلك على مبدأ الاحترام المتبادل والتعددية.
في هذا السياق، تلعب إيران دوراً محورياً في إعادة تشكيل النظام الإقليمي، حيث تسعى إلى تعزيز الاستقرار من خلال الحوار والتعاون مع الدول المجاورة.
هذه الرؤية تتناقض بشكل صارخ مع السياسات التوسعية والعدوانية التي ينتهجها كيان الاحتلال، والتي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة.
إيران، على عكس ذلك، تقدم نموذجاً للتنمية المستقلة والمقاومة السلمية، مما يجعلها قوة جذب للدول التي تسعى إلى التحرر من الهيمنة الغربية.
دعم الواقعية
تؤكد التحليلات الصادرة عن مراكز فكرية غربية مرموقة، مثل مؤسسة كارنيغي ومجلة "ناشيونال إنترست"، صحة النهج الإيراني في المفاوضات.
هذه التحليلات، التي تحاول أن تتبنى منظوراً واقعياً، تدعو إلى مقاربة تدريجية تعتمد على بناء الثقة بدلاً من المواجهة العبثية، ما يعكس إدراكاً متزايداً بأن إيران ليست مجرد طرف في المفاوضات، بل قوة استراتيجية تمتلك القدرة على تشكيل المشهد الإقليمي والدولي.
هذه التحليلات، رغم أنها تصدر عن مؤسسات غربية، تدعم بشكل غير مباشر وعلى قاعدة (مكره أخاك) الموقف الإيراني، الذي يرفض الخضوع للضغوط ويطالب بالتفاوض على أساس المساواة.
وتستفيد إيران من هذا التوجه لتعزيز شرعية مطالبها، مؤكدة أن الحل الوحيد المستدام يكمن في اتفاق يحترم حقوقها ويضمن مصالحها الاستراتيجية.
و يكشف هذا الدعم، وإن كان غير معلن، عن تغير في الرؤية الغربية تجاه إيران، من اعتبارها تهديداً إلى الاعتراف بها كشريك لا غنى عنه في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
تحديات المفاوضات
على الرغم من الفرص الكبيرة التي توفرها المفاوضات، فإنها لا تخلو من تحديات. أبرز هذه التحديات هو غياب الثقة بين إيران والولايات المتحدة، نتيجة عقود من العداء وسجل أمريكي حافل بخرق الاتفاقيات.
ولهذا تُصر إيران، التي تعرضت لعقوبات ظالمة وتهديدات متكررة، على أن أي اتفاق يجب أن يتضمن آليات رصد وتفتيش عادلة، مع ضمانات دولية تحميها من أي تراجع أمريكي مستقبلي.
علاوة على ذلك، تواجه المفاوضات تحديات إقليمية، حيث يسعى كيان الاحتلال الصهيوني إلى عرقلة أي تقارب بين إيران والغرب، خوفاً من تعزيز مكانة إيران. هذه الجهود، التي تتضمن حملات إعلامية وتحركات عسكرية استفزازية، تهدف إلى جر المنطقة إلى صراع مدمر. لكن إيران، بفضل حكمتها الاستراتيجية، تتجنب الوقوع في هذا الفخ، مفضلة التركيز على الحلول الدبلوماسية التي تعزز الاستقرار وتحمي مصالحها.
ويمكن القول بثقة بالغة إن التحول في التكتيكات الأمريكية تجاه إيران يعكس نجاح استراتيجيتها القائمة على الصمود، التقدم العلمي، والدبلوماسية الذكية.
وتمثل المفاوضات الحالية فرصة تأريخية لإيران لتثبيت مكانتها كقوة سيادية، قادرة على فرض شروطها في أي اتفاق.
تدخل إيران هذه المرحلة بثقة، مستندة إلى حكمة قيادتها و إنجازاتها العلمية، ووحدتها الوطنية، ودورها المحوري في المنطقة. أي اتفاق مستقبلي يجب أن يعكس هذا الواقع، مع احترام حقوق إيران المشروعة وضمان مصالحها الاستراتيجية. إيران، التي صمدت في وجه العواصف، تقود اليوم المستقبل بثبات، مؤكدة أن السيادة والكرامة هما أساس أي تفاهم دولي.
/انتهى/
تعليقك