١٣‏/٠٨‏/٢٠٢٥، ٣:٥٩ م

نتنياهو يريد صفقة تؤدي لتهجير أهل غزة ومحو القضية الفلسطينية

نتنياهو يريد صفقة تؤدي لتهجير أهل غزة ومحو القضية الفلسطينية

أكد الكاتب والصحفي، حمزة البشتاوي، أن ما يُطرح من "صفقة شاملة" وفق الرؤية الأميركية والإسرائيلية، يهدف إلى تكريس الاحتلال وتهجير الفلسطينيين، بينما تراها المقاومة طريقًا لإنهاء العدوان وسحب قوات الاحتلال.

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: ترددت في الآونة الأخيرة عبارة "الصفقة الشاملة" لإنهاء العدوان الصهيوني على غزة وحرب الإبادة التي يمارسها جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وجولات بلا هدف للمبعوث الأميركي ويتكوف، فقط للتضليل والقول أمام الرأي العام الأميركي بأنه لا يوجد مجاعة، وفي ظل شروط تعجيزية لنتنياهو للموافقة على الصفقة، والتي أهم أهدافها بالنسبة للمجرم نتنياهو تهجير أهل غزة ومسح القضية الفلسطينية.

حول هذه العناوين وغيرها، أجرت مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، حوارا صحفيا مع، الكاتب والصحفي حمزة البشتاوي، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

ما تعليقكم على تصديق الكابينت على اجتياح غزة بالكامل؟ على الرغم من أن غزة على مدى عامين تعاني ما تعانيه من إبادة جماعية وحصار وقتل، فما الجدوى الآن من اجتياحها؟

رغم كل الخلافات بين المستوى السياسي والمستوى الأمني والعسكري، طبعًا هناك أهداف مشتركة تتعلق بدفع أهالي غزة نحو التهجير والعودة إلى الاستيطان، خاصة على طول حدود قطاع غزة الشرقية والشمالية. ولكن نحن نرى أن هناك خلافات عميقة جدًا في ظل عجز الجيش عن تطبيق كل هذه الخطب العسكرية، ورأينا أن مصادقة الكابينت الأمني المصغر على اجتياح قطاع غزة جاء في ظل هذا الانقسام الكبير والاختلاف بالأولويات بين نتنياهو وإيال زامير وكل المستوى العسكري. ومعارضة الجيش تتعلق بالإنهاك المصاب به جيش الاحتلال جراء ارتفاع أعداد المنتحرين في صفوف الجيش، وكذلك الإصابات بإعاقات عقلية ونفسية، وتوقف عدد كبير عن أداء الخدمة الاحتياطية بأرقام غير مسبوقة. أيضًا هناك خوف كبير من ارتفاع كبير بالخسائر البشرية والمادية وعدم اليقين من الجدوى لهذه العملية الواسعة. والجدوى التي يرغب بها نتنياهو هي استمرار الحرب بعد فشل عملية مركبات جدعون، وبعد هذا الفشل هناك وجهة نظر لدى قادة الاحتلال بأن الكلفة ستكون أكبر من النتائج، لأن الأسباب بالنسبة لنتنياهو هي أسباب سياسية وتخدمه وتخدم ائتلافه الحالي، ولا تخدم كما يرى الجيش أي خطة عسكرية تحقق نتائج. هي بدون أهداف استراتيجية، هي بأهداف سياسية فقط لا غير ومحفوفة بالمخاطر لأن المسافة صفر ستكون، لأن المسألة عملية وميدانية بمواجهة المقاومة التي أبدعت. هناك في الأشهر الماضية رأينا في الشمال والجنوب وبكل مناطق قطاع غزة، حتى بالمناطق التي عاد احتلالها جيش العدو، هناك عمليات. إذن نحن نتحدث عن عملية بأهداف سياسية دون أهداف استراتيجية، ولم تفرض على المقاومة أي شروط كما يرغب نتنياهو بتحقيق مكاسب سياسية، القدرة العسكرية لن تنتج أي مكاسب سياسية على الأرض.

لا تزال حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال على الشعب الفلسطيني قائمة ومستمرة رغم كل النداءات الدولية المستنكرة والشاجبة. هل بات العالم عاجزًا فعلا عن وقف هذه الجريمة؟ أم أن هناك شبهة تواطؤ بين القوى الفاعلة والمهيمنة على المؤسسات الدولية مع هذا العدوان؟

أحد أهم أسباب استمرار حرب الإبادة والتجويع هو الصمت والعجز والتآمر. هذا الصمت تحول إلى تآمر من معظم المجتمع الدولي الذي يفهمه كيان الاحتلال بأنه غطاء ودعم يشبه الغطاء والدعم الأميركي، وإن كان الدعم الأميركي مختلفًا لأن هذا الأخير هو مشاركة مباشرة في هذه الحرب. وتحول العجز الدولي إلى تواطؤ ومشاركة بالعدوان، وكما رأينا فإن هذا الصمت وهذا العجز جعل كيان الاحتلال يضرب أكثر من أي وقت بعرض الحائط كل القوانين والمواثيق الدولية وبكل قرارات المحاكم، ويستمر بارتكاب الجرائم مع استمرار تفاقم هذا العجز. هذا العجز الدولي لا يمكن أن نعتبره قلة حيلة، بل أصبح جزءًا مشاركًا بهذا العدوان وبهذه الحرب على قطاع غزة رغم أهوالها الكبرى وصورها المنتشرة في كل أنحاء العالم، ورغم الحراك على المستوى الشعبي في عدد من دول العالم، ما زال هذا العجز وأخذ موقف المتفرج هو سمة ما يسمى بالمجتمع الدولي.

الرئيس الأميركي أقر بوجود جريمة التجويع في غزة بعد أن لفتت زوجته نظره إلى ذلك كما قال! بينما أنكر مبعوثه ويتكوف ذلك بعد زيارته الميدانية إلى غزة! فكيف تفسرون السياسات الأميركية في دعم الكيان والتغطية على جرائمه وانتهاكاته للقوانين والمواثيق الدولية؟ وهل يضع ذلك واشنطن في موقع الشريك في المسؤولية عن هذه الجرائم؟

لقد ساعدت الولايات المتحدة كيان الاحتلال منذ البداية، خاصة في المرحلة ما بعد 18 مارس الماضي، عندما عاد نتنياهو لاستئناف العدوان على غزة. ساعدت الولايات المتحدة كيان الاحتلال على عسكرة المساعدات واستخدام التجويع كسلاح. وتصريحات ترامب كإنكار المجاعة ومن ثم العودة عن الحديث عن بعض الصور التي شاهدتها زوجته وأخبرته بها، أعتقد أن هذه محاولة مكشوفة من ترامب لما يسمى حفظ ماء الوجه أمام العالم، في ظل جريمة التجويع التي ينفذها الاحتلال بدعم أميركي. والموقف الأميركي العملي عبر عنه بشكل واضح مبعوث ترامب ستيف ويتكوف، الذي زار مراكز توزيع المساعدات في غزة. وهذه المراكز تحولت إلى مصائد موت لأهالي غزة المجوعين، وهناك أنكر وجود المجاعة بهدف تضليل الرأي العام الأميركي، خاصة حول جريمة الإبادة والتجويع. هذا يؤكد على مسؤولية كل من الولايات المتحدة وكيان الاحتلال عن هذه الجرائم، وإن حاولت الإدارة الأميركية أن تلعب — وهذا شيء مؤسف وغير عادي وغير طبيعي — دور الوسيط وأن تحاول تبرئة المجرم من جريمة التجويع. ولكن يبقى المجرم معروفًا، وهو كيان الاحتلال بدعم من الولايات المتحدة، والضحية معروفة، وهي الشعب الفلسطيني.

ما هو الهدف أو الأهداف التي سعى إليها ويتكوف المبعوث الأميركي في زيارته الأخيرة للكيان الصهيوني؟ وهل هي مؤشر على الرغبة في إيجاد مخرج للانسداد السياسي الذي يواجه صفقات التهدئة التي يجري التفاوض عليها من خلال إطلاق الأسرى ووضع حد للعدوان الإسرائيلي على غزة؟

أعتقد أن الهدف الواضح لجولات وتصريحات ويتكوف هو إعطاء فرصة للاحتلال لتحقيق أهداف الحرب التي فشلت حكومة نتنياهو وجيش الاحتلال في تحقيقها أمام مقاومة وصمود الشعب الفلسطيني. وفي لقاء بين ويتكوف وأهالي الأسرى الإسرائيليين، قال: لا أملك أخبارًا لكم، هذه في زيارته الأخيرة، وقال إن الوضع معقد، ثم قال إنه يعمل على صفقة شاملة. ومن ثم نراه بالممارسة العملية في أدائه السياسي يصمت عن تعطيل وإفشال نتنياهو للصفقة، حيث ما زال نتنياهو يتهرب ويعلن عن عملية عسكرية واسعة، ويطرح شروطًا غير ممكنة مطلقًا للتنفيذ، مثل سحب سلاح المقاومة، وهذا السلاح باقٍ ما بقي الاحتلال. وجولة ويتكوف الأخيرة جاءت في إطار تقييم الوضع كما قال هو، وليس الذهاب إلى صفقة ووقف الحرب. ولو أرادوا ذلك، هناك آلية واضحة لوقف العدوان تتعلق بمطالب الشعب الفلسطيني ومقاومته، وهذه المطالب هي: الوقف الشامل لإطلاق النار، الانسحاب الكامل لجيش الاحتلال، إدخال فوري وعاجل للمساعدات، رفع الحصار وإعادة الإعمار. هذه العناوين الأساسية هي التي تُخرج الأسرى، وهي التي تفتح أفقًا سياسيًا يوقف هذا العدوان الإجرامي على قطاع غزة بشكل كامل ونهائي. دون ذلك، أي صفقة لا تؤدي لهذه العناوين، نحن ما زلنا أمام عمليات الخداع والتضليل الأميركي وإعطاء نتنياهو المزيد من الوقت لارتكاب المزيد من المجازر لمحاولة كسر كل مطالب الشعب الفلسطيني، ولكن وقائع الميدان تؤكد أنه رغم كل أهوال الحرب وكوارثها، ما زال نتنياهو وجيشه يفشلون في تحقيق أهداف الحرب.

ترددت في الآونة الأخيرة عبارة الصفقة الشاملة لإنهاء العدوان الصهيوني على غزة وحرب الإبادة التي يمارسها جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني! هل تعتقدون أن هذه الصفقة ممكنة اليوم؟ وهل يمكن أن تضغط واشنطن على حكومة نتنياهو للقبول بوقف الحرب بشكل كامل؟

منذ بداية العدوان وطرح الصفقات الجزئية، طرحت المقاومة مسألة الصفقة الشاملة حول الأسرى ووقف العدوان. كما أن المقاومة وافقت على كل المقترحات التي تتضمن وقفًا شاملًا لإطلاق النار وانسحابًا كاملًا لقوات الاحتلال، ولكن نتنياهو، مدعومًا من الإدارة الأميركية، لا زال يريد صفقة جزئية ومن ثم العودة لاستئناف العدوان. والصفقة المطروحة اليوم من قبل الإدارة الأميركية تفهمها هذه الإدارة ويفهمها كيان الاحتلال بمعنى تشمل كل الأسرى، وليس كل العناوين المتعلقة بالوقف الشامل والدائم لإطلاق النار والانسحاب الكلي للاحتلال. والشروط التي تضعها الولايات المتحدة وكيان الاحتلال لما يسمى الصفقة الشاملة تتضمن استمرار وجود الاحتلال وسيطرته على قطاع غزة، بينما مفهوم المقاومة للصفقة الشاملة هو إنهاء العدوان وأن يكون اليوم التالي للشعب الفلسطيني، وليس لنتنياهو وحلفائه، وإن كانوا عربًا. يحاولون بالصفقة الشاملة وضع شروط تؤدي إلى القضاء على الشعب الفلسطيني، وأيضًا أن تكون هذه الصفقة الشاملة مسارًا يدفع الشعب الفلسطيني نحو التهجير وتحويل كل قطاع غزة إلى منطقة رمال وخيم، وقطع الطريق أمام الشعب الفلسطيني من أجل إعادة النهوض والبناء ومحو آثار العدوان. الصفقة الشاملة بمفهوم المقاومة شيء، وبمفهوم الاحتلال شيء. ولكن نحن نسمع من كل تصريحات المقاومة بأنها ترغب بصفقة شاملة، وأن تطلق سراح كل الأسرى بما ينهي العدوان ويسحب قوات الاحتلال، ومن ثم يستطيع الشعب الفلسطيني أن يدير شؤونه بنفسه بعيدًا عن هذه الاشتراطات وكل هذه العناوين التي يحاول نتنياهو والإدارة الأميركية من خلالها تصفية الوجود وتصفية القضية الفلسطينية.

/انتهى/

رمز الخبر 1961626

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha