وكالة مهر للانباء: مع أن مواقف بعض الدول الغربية، ومنها إسبانيا، كانت، كما ذُكر سابقًا، أكثر تقدمًا من المواقف العربية والإسلامية في معارضة استمرار الحرب والضغط لوقفها، ولم تُسخّر هذه الدول إمكانياتها لوقف هذه الإبادة الجماعية لأي سبب كان، إلا أنه من الضروري التحلي بالواقعية والإنصاف في تحليل الأحداث والمواقف.
في هذا السياق، ورغم أن تحليل بيان وزراء خارجية ثماني دول عربية وإسلامية يدور حول ترحيب هذه الدول بخطة ترامب وقبولها الكامل بها، ووضع حماس في مأزق أكبر، إلا أن الحقيقة هي أن مضمون البيان لا يستحق هذه القراءة، ويبدو أنه كُتب بعناية وحرص شديدين.
ملاحظات:
أولاً: لا يُشير البيان إلى ترحيب هذه الدول صراحةً بـ"خطة ترامب"، بل يُؤكدون ترحيبهم بـ"جهوده" لإنهاء حرب غزة، وثقتهم به في تمهيد الطريق للسلام. ثانياً: رحبوا بإعلان ترامب عن مقترحه، وهو أمر يختلف عن ترحيبهم بالخطة نفسها.
في هذا القسم، يُشيرون أيضاً إلى خطة تتضمن إنهاء حرب غزة، وإعادة إعمارها، ومنع تهجير الفلسطينيين، ودفع عملية سلام عادلة، ومعارضة ضم الضفة الغربية.
لا يُذكر هنا أي بنود أخرى في خطة ترامب تتعلق بنزع سلاح حماس، وتشكيل مجلس دولي، ونشر قوات عربية وأجنبية في غزة، وغيرها من البنود التي يعارضها الجانب الفلسطيني.
ثانياً: في قسم آخر من البيان، يُؤكد وزراء خارجية الدول الثماني استعدادهم "للتعاون الإيجابي والبنّاء مع الولايات المتحدة والأطراف المعنية" للتوصل إلى اتفاق وضمان تنفيذه. هنا، تؤكد هذه الدول مجددًا على ضرورة التوصل إلى اتفاق من خلال انخراط إيجابي وبناء مع جميع الأطراف المعنية. يتضمن هذا القسم معنيين ونقطتين مهمتين؛ أولًا، وجوب موافقة جميع الأطراف على هذه الخطة، وألا تكون أحادية الجانب مفروضة، وثانيًا، وجوب التوصل إلى هذا الاتفاق بمشاركة جميع الأطراف، مما يعني ضمنيًا تأكيدًا على الحوار مع حماس.
ثالثًا: يتضمن الجزء الأخير من البيان أيضًا نقاطًا مهمة. في هذا القسم، أكدت هذه الدول التزامها المشترك بالتعاون مع الولايات المتحدة لإنهاء حرب غزة من خلال اتفاق شامل. وفيما يتعلق بمواصفات هذا الاتفاق، فقد ذكرت أيضًا أنه ينبغي أن يضمن القضايا التالية: إرسال مساعدات إنسانية كافية إلى قطاع غزة دون قيود، وعدم تهجير الفلسطينيين، وإطلاق سراح الرهائن، وإنشاء آلية أمنية لضمان أمن جميع الأطراف، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، وإعادة إعمار قطاع غزة، وترسيخ عملية السلام الشامل القائمة على حل الدولتين، والدمج الكامل لقطاع غزة والضفة الغربية في الدولة الفلسطينية وفقًا للقانون الدولي.
كما يتضح، لا يذكر هذا الجزء من البيان أي بنود مثيرة للجدل أو تلك التي يعارضها الجانب الفلسطيني في خطة ترامب. بشكل عام، يمكن القول إن بيان الدول العربية والإسلامية الثماني يُشدد على بنود ونقاط أكثر انسجامًا مع مطالب الجانب الفلسطيني وحماس. ولكن هل هذا هو الحال أيضًا خلف الكواليس أم لا، فهذه مسألة أخرى.

مع ذلك، يتضح من محتوى البيان ما يلي:
أولًا، الدول الموقعة على هذا البيان، فرديًا أو جماعيًا، لا ترغب في الصدام مع ترامب وإغضابِه وإزعاجِه.
ثانيًا، لا ترغب هذه الدول في تحمل مسؤولية فشل خطة ترامب.
يُجسّد هذا البيان الموقفَ المشترك والجماعي لهذه الدول الثماني، ولا يعني أن كل دولة من هذه الدول لديها نفس الموقف تمامًا. من بينها، لا تعترض دولٌ مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية على بنود خطة ترامب الأخرى المتعلقة بنزع سلاح حماس، وما إلى ذلك، وتشجعها. لكن دولًا أخرى مثل تركيا وقطر وإندونيسيا وباكستان، التي تربطها أيضًا علاقات جيدة بحماس، لا تدعم هذه البنود كثيرًا.
بشكل عام، هذا البيان العربي الإسلامي، نظرًا لكونه مُقيّدًا ومُقلقًا من رد فعل ترامب، لا يُفيد فلسطين وحماس كثيرًا. مع ذلك، في الوقت نفسه، فإن عدم ذكره لشروط نزع سلاح حماس ونشر قوات أجنبية، وما إلى ذلك، لا يُشكّل ضغطًا على هذه المنظمات.
وكما تقول بعض المصادر، فقد خدع ترامب حتى قادة هذه الدول، ولم يُطبّق اعتباراتهم، وحاول مواجهتهم بالواقع. وبافتراض صحة هذا الادعاء، فمن المُرجّح أن هذه الدول لم تُشر إلا إلى البنود التي اتفقت عليها في بيانها.
/انتهى/
تعليقك