وأفادت وكالة مهر للأنباء أنّ الموقع الأمريكي "Gray Zone" نشر تحقيقاً أجراه الباحث "جاك بولسن"، الذي سبق له العمل في قسم الذكاء الاصطناعي في شركة جوجل واستقال احتجاجاً على عدم التزام الشركة بالتزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان. كما عمل بولسن أستاذاً مساعداً في جامعتي ستانفورد وجورجيا للتكنولوجيا في مجالات الرياضيات والهندسة الحاسوبية.
وأوضحت التحقيقات أنّ الموقع تمكن من تحديد قاعدة عسكرية سرية معروفة باسم "الموقع 81"، مركز قيادة وسيطرة مشترك بين الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، يقع تحت برج سكني في حي مكتظ شمال تل أبيب. وأضاف الموقع أنّ إيران استهدفت هذا الموقع في 13 يونيو 2025م، ضمن حملة صاروخية على عدة مواقع حساسة في تل أبيب، فيما سارعت سلطات الاحتلال إلى تطويق المنطقة ومنعت تصويرها، بما في ذلك طرد مصور من قناة فوكس نيوز بالقوة.
ووفق التحقيقات، يقع برج "دافنشي" السكني الذي استُهدف بالصواريخ مباشرة فوق هذا المركز العسكري السري، قرب برجَي "كانارت" التابعين لسلاح الجو الإسرائيلي. وتظهر التحقيقات أنّ الاحتلال الإسرائيلي يفرض رقابة صارمة على معلومات قواعده العسكرية في المناطق المدنية، بينما يتهم خصومه، وخصوصاً الفلسطينيين، باستخدام "المدنيين كدروع بشرية"، وهو سلوك محظور بموجب القانون الدولي.
وأشار التحقيق إلى أنّ مشروع توسعة الموقع 81 بمساحة 6000 متر مربع انكشف في وثائق أمريكية عام 2013، لكن موقعه الدقيق بقي مجهولاً حتى اليوم. وتمكّن فريق Gray Zone من تحديد موقع صورة التقطتها وحدة المهندسين العسكريين الأمريكيين عام 2013، والتي أظهرت العمل على القبو الهيكلي والخرسانة المسلحة للمكان، والمكان الحالي الذي أقيم فيه برج دافنشي. وقد تطابقت الصورة مع صور خرائط جوجل، رغم أنّ جوجل ما زال يحجب الصور الأرضية والأقمار الصناعية لهذه المنطقة، في ما وصفه التقرير بالرقابة الرقمية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حتى ياندكس الروسية قامت بحجب كامل للصور والبيانات الوصفية للبرج.
وأظهرت الصور أنّ "الموقع 81" يقع على بعد أقل من 100 متر من ملعب للأطفال ومركز اجتماعي افتُتح عام 2023، ما يعني أنّ الاحتلال أنشأ منشأة عسكرية سرية للغاية وسط حي سكني مكتظ. وأفاد أحد سكان البرج أنّه لاحقاً اكتشف أنّ مبلغ 12,000 شيكل الذي كان يدفعه شهرياً كإيجار كان في الواقع ثمن حماية مقر الجيش في "كريا".
وتعاونت مجموعة Israel Canada لبناء مقرّ رئيسي جديد بعد شراء أرض البرج من وزارة الدفاع الإسرائيلية عام 2015م.
وتشير الوثائق الأمريكية إلى أنّ فرع تكساس لشركة M+W، المعروفة الآن باسم Exyte، بدأ تنفيذ عقد بقيمة 7.4 مليون دولار لبناء هذا الموقع عام 2011، ثم تم منح المرحلة الثانية عام 2013 لشركة Oxford بقيمة 29.6 مليون دولار، قبل أن تُتهم لاحقاً بالاحتيال والتلاعب المالي، واستمرت المدفوعات حتى عام 2019.
ومن أبرز نتائج التحقيق، تسريب رسائل بريد إلكتروني بين الجنرال السابق في الناتو جيمس ستافريديس، وغابي أشكنازي، رئيس هيئة الأركان العامة السابق للاحتلال الإسرائيلي.
في عام 2015 كتب ستافريديس: "أنا أعمل مع شركة أمريكية تُدعى Think Logical حصلت على عقد كبير لبناء شبكة قيادة وسيطرة في الموقع 81 لصالح وزارة حرب الاحتلال الإسرائيلي." وأكد Gray Zone أنّ هذه المراسلات تثبت الطابع القيادي والاستخباراتي للموقع، الذي شُيّد تحت منطقة مدنية في قلب تل أبيب ويعمل كنقطة اتصال استراتيجية بين الجيشين الأمريكي والإسرائيلي.
واستنتج التقرير أنّ الاحتلال الإسرائيلي حول قلب تل أبيب إلى مجمع عسكري مخفي داخل مبانٍ مدنية، مع مكاتب استخباراتية ومراكز قيادة قرب الأبراج السكنية وملعب الأطفال، ما يشير صراحةً إلى تطبيق مفهوم "استخدام المدنيين كدروع بشرية".
وأكد التقرير أنّ الرقابة الإعلامية الشديدة وتأخير نشر المعلومات عن قصف إيران لهذا الموقع يوضحان مستوى الحساسية الأمنية والسياسية للمكان، ويكشفان شبكة التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي التي تختبئ خلف الواجهة المدنية البراقة لتل أبيب.
/ انتهی/
تعليقك