٠٨‏/١١‏/٢٠٢٥، ١:٢٩ م

تقرير...صادرات النفط الإيراني تحطم رقمًا قياسيًا في ظل العقوبات دون تقديم خصومات كبيرة

تقرير...صادرات النفط الإيراني تحطم رقمًا قياسيًا في ظل العقوبات دون تقديم خصومات كبيرة

في حين لا تزال القيود الدولية سارية، تمكنت إيران من الوصول إلى أعلى مستوى لمبيعاتها النفطية بحلول عام 2025 في أكتوبر، بتصدير أكثر من 66 مليون برميل.

وکالة مهر للأنباء: أحبطت صادرات النفط الإيرانية القياسية في أكتوبر مرة أخرى خطة السياسة الأمريكية ضد طهران. ووفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة النفط، تجاوزت صادرات إيران الشهرية 66.8 مليون برميل، مسجلةً متوسطًا يوميًا قدره 2.15 مليون برميل؛ وهو رقم غير مسبوق في الأشهر الخمسة عشر الماضية. وتأتي هذه القفزة نتيجة لزيادة الإنتاج في الوقت نفسه وإصلاح مسارات البيع بطريقة غير تقليدية؛ وهو اتجاه يُظهر أن شبكة النفط الإيرانية قد انتقلت من حالة المقاومة البحتة إلى مرحلة إعادة الإعمار.

صرح وزير النفط محسن باكنجاد الشهر الماضي بأن الزيادة اليومية في الإنتاج، والتي تجاوزت 120 ألف برميل خلال العام الماضي، جاءت نتيجة تخطيط طويل الأمد، وليست استجابة طارئة للضغوط. ووصف العاملين في صناعة النفط بأنهم "ركيزة استقرار البلاد في ظل العقوبات".

وفي يونيو/حزيران من العام الماضي، حاولت الولايات المتحدة، من خلال إقرار قانون SHIP ACT، عرقلة تأمين ونقل ودفع ثمن النفط الإيراني بشكل كامل. كان من المتوقع أن يُوجه هذا القانون ضربة قاضية لصادرات النفط الخام، إلا أن التقارير الميدانية من الموانئ الآسيوية أظهرت أن إيران حافظت على صادراتها من خلال تغيير اتجاه التأمين واستخدام شبكة وسطاء. والآن، وبعد أكثر من عام، لم تتوقف الصادرات فحسب، بل شهدت أيضًا نموًا نسبيًا.

في حسابات السوق العالمية، تُعتبر إيران واحدة من الدول الخمس المصدرة ذات أحجام الإمدادات المستقرة في المنطقة الآسيوية. ويعتقد خبراء الطاقة أن إيران نجحت فعليًا في الخروج من عزلتها النفطية من خلال "تنويع طرق البيع" واستخدام أسواق آسيوية محدودة ولكن مستقرة. يرى المحللون الدوليون أن هذا النجاح ليس نتيجة لرفع العقوبات، بل نتيجة مرونة هيكل إدارة المبيعات.

النفط أصل إنتاجي

اعتمدت الحكومة سياسة طاقة جديدة منذ النصف الثاني من العام. وترتكز فكرتها الرئيسية على رؤية جديدة للنفط كـ"أصل إنتاجي"، وليس مصدر تمويل فوري. ووفقًا لمسؤول كبير في وزارة النفط، لن يتسنى التخلص من اعتماد الميزانية على النفط إلا بإعادة كل برميل مُباع إلى دورة الاستثمار الصناعي.

يركز برنامج وزارة النفط على تطوير الصناعات التحويلية، وجمع غازات الاشتعال، وتعزيز إنتاج المصافي. يمكن لهذا التوجه الجديد أن يُحدث تحولًا في هيكل قيمة النفط الإيراني، إذ إنه بتحويل جزء من صادراته إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية، ستتحرر البلاد من فخ بيع النفط الخام. وهو اتجاه عُرف لسنوات بأنه الحلقة المفقودة في التنمية الصناعية الإيرانية.

أشارت التقارير التحليلية المحلية إلى أن زيادة صادرات النفط الخام دون توسيع المصافي ليس سوى إنجاز مؤقت. لكن الجمع بين نمو المبيعات وتقدم مشاريع البتروكيماويات يُمكن أن يُشكل أساسًا للإصلاح المالي للصناعة. وقد ترسخت هذه الرؤية تدريجيًا في وزارة النفط، وقد أكد عليها الوزير أيضًا: الحفاظ على الثروة الوطنية بتحويل النفط إلى رأس مال مستدام.

هامش ربح الميثانول وهدوء سوق البتروكيماويات

في الأسابيع الأخيرة، نُشرت أنباء عن احتمال فرض حظر على صادرات الميثانول الإيرانية في وسائل الإعلام الغربية. ردّت وزارة النفط بإيجاز ووضوح، مُؤكدةً عدم وجود قرار رسمي بهذا الشأن. وقد ساهم هذا الموقف في تهدئة الأجواء السائدة في سوق البتروكيماويات. ويُشير الخبراء إلى أنه حتى مع انخفاض سعر الميثانول عالميًا، لا تزال صادرات إيران من المنتجات الكيميائية مستمرة، ولا يوجد خطر من توقفها المفاجئ.

كما تدعم مراجعة بيانات الجمارك هذا الرأي. فقد تجاوزت صادرات الميثانول الإيرانية 2.4 مليون طن في الربع الثالث من العام؛ وهو رقم يُظهر زيادة بنحو 18% مُقارنةً بالفترة السابقة. يبدو أن سياسة التركيز على استمرار تصدير المنتجات قد وفّرت حماية نسبية لقطاع البتروكيماويات من تقلبات أسعار النفط.

جدل حول الروايات بشأن خصومات النفط

تُعدّ الخصومات الهائلة التي تُقدّمها إيران على النفط من أخطر المواضيع التي تُناقشها وسائل الإعلام. تزعم بعض التقارير الأجنبية أن طهران اضطرت لبيع النفط بخصومات غير مسبوقة للحفاظ على حصتها في الأسواق الآسيوية. إلا أن مراجعة نماذج تسعير النفط في الشرق الأوسط تُظهر أن هذه الادعاءات تفتقر إلى أساس إحصائي واضح. كما تتبع وزارة النفط سياسة "لا تأكيد ولا نفي" للحفاظ على سرية عملية البيع.

في الأشهر الأخيرة، تطوّر نموذج مبيعات النفط إلى عقود طويلة الأجل بتمويل مشترك بين المشترين وشركة النفط الوطنية؛ وهي آلية تُقلّل من احتمالية الحصول على خصومات كبيرة، حيث يُتقاسم الطرفان مخاطر الصفقة. وقد أدّى هذا النهج عمليًا إلى استقرار أكبر في عائدات النقد الأجنبي، ويعكس تحوّلًا من مبيعات الطوارئ إلى المشاركة الاستراتيجية.

الاستهلاك المحلي: اختبار الشتاء

بالإضافة إلى الصادرات القياسية، تواجه وزارة النفط التحدي الرئيسي المتمثل في إدارة الاستهلاك المحلي. أدى موسم البرد هذا العام، إلى جانب زيادة المبيعات الخارجية، إلى زيادة الضغط على شبكة الغاز في البلاد. ووفقًا لوزير النفط، سترتفع حصة المنازل والشركات من إجمالي استهلاك الطاقة في الشتاء بنحو 45%. ونتيجةً لذلك، تم تفعيل برنامج لتخزين الديزل واستخدام أنواع بديلة من الوقود لمحطات الطاقة التي تعمل بالغاز.

تؤكد مصادر داخلية في وزارة النفط أن بعض القيود الموسمية حتمية، لكنها لا تُشير إلى أزمة. ويجري حاليًا تطبيق خطط ذكية لمراقبة الاستهلاك وإصلاح نماذج الطاقة في الصناعات الكبرى. ويُعد هذا النهج جزءًا من السياسة العامة المتمثلة في "الحفاظ على الاحتياطيات" - وهو مفهوم طُرح ليكون محور سياسة الطاقة في الإدارة الحالية.

تراجع أمريكي، تقدم إيراني

تُظهر نظرة تاريخية على فترتي رئاسة دونالد ترامب أن الأهداف الرئيسية لعقوبات واشنطن كانت خفض صادرات إيران النفطية وقطع عائداتها من النقد الأجنبي. ورغم الضغوط الواسعة، لم يتوقف حجم صادرات إيران النفطية تمامًا خلال السنوات الخمس الماضية فحسب، بل رافقته فترات من النمو. في المرحلة الحالية، تُصدّر إيران ما يقارب ضعف كمية النفط التي صدرتها في عامي 2019 و2020. تشير هذه البيانات إلى فشل هيكلي في السياسة الأمريكية، التي اعتقدت أن تقييد النقل والتأمين كافٍ.

في الواقع، لم تصمد شبكة مبيعات النفط الإيرانية في صمت فحسب، بل تعمل أيضًا في مسار جديد من المرونة والاستقلالية. لهذا السبب، يعتقد العديد من الخبراء أن فترة عقوبات النفط تتحول إلى مرحلة إصلاح السوق واستعادة مكانة إيران التجارية.

يشير التحليل النهائي للوضع الحالي إلى أن اقتصاد النفط الإيراني على وشك التحول الهيكلي. يسير هذا التحول في مسارين متزامنين: أولاً، الحفاظ على أسواق التصدير بأساليب جديدة، وثانياً، خلق قيمة مضافة من خلال مشاريع التكرير والبتروكيماويات.

يُعدّ نمو الصادرات، وتقليل الاعتماد على الميزانية، وزيادة الإنتاج ثلاثة مؤشرات إيجابية في سجل وزارة النفط خلال عام واحد. إلا أن التحديات الأساسية لا تزال قائمة: محدودية الاستثمار الأجنبي، وتهالك البنية التحتية، وتذبذب الطلب العالمي.

ومع ذلك، ومع استمرار سياسة تحويل النفط إلى أصول إنتاجية وتعزيز القطاع الخاص في مشاريع التكرير، يُمكننا أن نتوقع أن يكون العام الايراني المقبل نقطة استقرار لهيكل إيرادات النفط - وهو عام سيصبح فيه النفط الإيراني رمزاً لإعادة الإعمار والنمو الاقتصادي بدلاً من أن يكون رمزاً للمقاومة.

/انتهى/

رمز الخبر 1964686

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha