فبالرغم من الاعتراف الصريح للقائم بالاعمال الكويتي في طهران من ان استدعاء الدبلوماسيين الى وزارة خارجية البلد المقيمين فيه يعد امرا مالوفا الا ان وسائل الاعلام العربية حاولت استغلال هذه الظروف لتسميم الاجواء بين البلدين.
فالكويت تعتبر احدى دول الخليج الفارسي المحافظة والمسالمة وتنتهج سياسة محافظة فيما يتعلق بالقضايا الدولية والاقليمية.
ولو ان الكويت بلد صغير وغني الا انها اتخذت على مدى خمسة وعشرين عاما من عمر الثورة الاسلامية في ايران مواقف غير متوازنة وفي بعض الاحيان غير منطقية بشان ايران , ولكن مع الكشف عن حقيقة النظام البعثي في العراق فقد حاولت الكويت تصحيح اخطائها السابقة تجاه ايران.
ان غزو نظام صدام للكويت عام 1990 والذي ادى الى احتلالها لمدة 8 اشهر وتشريد الشعب الكويتي المسالم قد اعاد الى الاذهان توقعات الامام الراحل (رض) , فالامام الخميني (رض) حذر مرارا خلال الحرب المفروضة دول الخليج الفارسي من ان صدام اذا تخلص من الحرب مع ايران فانه سيهاجم هذه الدول.
وقد تحقق هذا التنبؤ النابع عن الحنكة السياسية ومعرفة مؤسس الجمهورية الاسلامية لطبيعة النظام البعثي العراقي , في عام 1990 بعد هجوم صدام غير المبرر على الكويت.
وكان امام ايران خلال الحرب التي شنتها قوات الحلفاء لاخراج العراق من الكويت , انتهاج احد الخيارين التاليين, اما ان تقف الى جانب القوات الامريكية وتستفاد من بعض المزايا السايسة والاقتصادية كما فعلتها عدد من الدول العربية , او تقف الى جانب نظام صدام وتصبح شريكة له في غنائم الكويت.
لكن الاهداف السامية للثورة والثقافة السياسية التي تحكم الجمهورية الاسلامية لم تسمح للمسؤولين الايرانيين بانتهاج احدى هذين الخيارين.
وقد بذلت ايران قصارى جهدها لان ينسحب العراق من الاراضي الكويتية بدون خوض حرب مع قوات التحالف لان المنطقة لا يمكنها ان تحمل حربا اخرى.
ومع ذلك فقد قدم مسؤولو الجمهورية الاسلامية على مدى 8 اشهر من احتلال الكويت خدمات انسانية كبيرة الى المشردين الكويتيين الذين لم يعيشوا في مثل تلك الاوضاع , وهي ليست خافية على المسؤولين الكويتيين.
هذه الخدمات الانسانية التي لا حاجة الى ذكرها في الوقت الحاضر قدمت عبر نفس السفارة التي تواجه حاليا اتهامات من قبل المسؤولين الكويتيين , والتي اذا كان يعرف بها نظام صدام خلال احتلاله الكويت , لتسببت في مشكلات عديدة لموظفي سفارة الجمهورية الاسلامية.
وعلى حال فان احتلال الكويت من قبل العراق وبالرغم من جميع المشكلات التي سببها للشعب الكويتي , كانت تجربة غالية لهم , لانهم عرفوا الصديق من العدو.
وفي الوقت الراهن الذي يمر فيه العراق في اوضاع حرجة وفان تداعيات الازمة العراقية ستطال الدول المجاورة للعراق بالتاكيد , لذا فان ايران والكويت الذين تربطهما قواسم ثقافية ودينية عديدة بحاجة الى التفاهم والتعاضد من اجل حل هذه الازمة الاقليمية.
ان ما حدث خلال الاسبوعين الماضيين بين ايران والكويت لم يكن بالتاكيد سوى سحابة صيف عابرة سيتم تجاوزها من خلال تدبير مسؤولي الجمهورية الاسلامية ودولة الكويت لانه لا يوجد سبب لحدوث خلاف بينهما.
ان المخططات المشؤومة للقوى الاجنبية لرسم الخارطة السياسية للمنطقة ما زالت غير واضحة , وما زال خطر عودة البعثيين الىىحكم العراق قائما.
وعلى هذا الاساس فان كلا من ايران والكويت اللتين تضررتا من نظام صدام في الماضي , ينبغي عليهما متابعة التطورات في العراق عن كثب , وتجنب الخوض في قضايا ثانوية ومثيرة للخلافات./انتهى/
حسن هاني زاده خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء
كان لخبر استدعاء وزارة الخارجية الكويتية للقائم باعمال سفارة الجمهورية الاسلامية الايرانية ورد فعل وزارة الخارجية الايرانية بالمقابل باستدعائها القائم بالاعمال الكويتي بطهران , اصداء واسعة في وسائل الاعلام الاجنبية خلال الاسبوع الجاري.
رمز الخبر 77935
تعليقك