٢٤‏/١٠‏/٢٠٠٤، ٤:٤٢ م

تحليل سياسي

خفايا لعبة الفلوجة

تصاعد هجمات الجيش الامريكي على مدينة الفلوجة والتصريحات المتناقضة للمسؤولين العراقيين بشأن الاوضاع في المدينة , يشير الى وجود مؤامرة لعرقلة اجراء الانتخابات العامة في العراق خلال شهر يناير / كانون الثاني القادم.

فمدينة الفلوجة التي تشكل معظم سكانها من الاقلية ليست بحاجة في الاساس الى اجتياح عسكري وقصف جوي ،وبالامكان احتواء الازمة في هذه المدينة ببساطة.
فاحد وسائل حل ازمة الفلوجة هو تشكيل وفد مكون من زعماء الاحزاب السياسية المعروفة في العراق لاجراء مفاوضات مع رجال الدين في هذه المدينة.
وبالطبع فان مفاوضات جرت في وقت سابق بين الحكومة العراقية ووفدمن اهالي الفلوجة الا ان الغارات الجوية الامريكية على المدينة ادى الى قطع المفاوضات.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل ان امريكا عاجزة في الحقيقة عن ارساءالامن في المدينة؟.
الاجابة سلبا بالتاكيد لان امريكا بالاساس تسعى من خلال القصف المتواصل لمدينة الفلوجة الى تقسيم العراق الى قسمين اقلية واكثرية وبعبارة اخرى الى سنة وشيعة.
ان الهدف من الممارسات الامريكية يكمن انه في حالة اجراء الانتخابات في موعدها المقرر وفوز الشيعة بها فان امريكا بامكانها الغاء نتائج الانتخابات بذريعة ان الاقلية في العراق اي السنة قد قاطعوها.
وفي الحقيقة فان الولايات المتحدة وبدعم من بعض الانظمة العربية التي تخشى اكثر من امريكا فوز اكثرية الشعب العراقي , تحاول ان تحرم الشيعة من الحصول على حقوقهم القانونية.
وعلى هذا الاساس فان امريكا تبذل قصارى جهدها خلال المدة المتبقية حتى اقامة الانتخابات العامة لزيادة اجواء اليأس وسوء الظن بين اوساط اقلية الشعب العراقي.
كما تحاول الادارة الامريكية ان تحول دون مشاركة الاقلية في الانتخابات العراقية لتحتفظ بذريعة لابطال نتائج الانتخابات في المستقبل.
ومن هذا المنطلق فانه يتعين على افراد الشعب العراقي سواء من الشيعة او السنة او الاكراد او المسيحيين ان يتوجهوا جميعا بصفوف موحدة الى صناديق الاقتراع واستغلال الاجواء الراهنة لكي لايضيعوا فرصة المشاركة في هذه الانتخابات.
ومن هذا المنطلق ينبغي على اهالي الفلوجة اخذ الدروس والعبر من الماضي ويطردوا الارهابيين الذين قدموا من خارج الحدود لزعزعة الامن في المدينة.
وعلى كل حال فان الانتخابات والمشاركة الجماعية لتقرير مصير العراق وتحديد بنيته السياسية تستلزم ارادة وطنية ومشاركة جماعية بعيدا عن اي تدخل من الدول العربية المجاورة للعراق.
فالانظمة العربية بالمنطقة بطبيعتها لا ترغب بارساء الديمقراطية في العراق لان الديمقراطية سوف تزلزل اركان حكمهم بشكل عام , ولهذا السبب فانها تحرض امريكا على وضع العراقيل امام اقامة الانتخابات العامة في العراق.
كما ينبغي على اكثرية الشعب العراقي اخذ الدروس والعبر من الاخطاء التي ارتكبوها في المرحلة السابقة وان يشاركوا بشكل مكثف في هذه الانتخابات.
ومن المؤسف ان احد اخطاء اكثرية الشعب العراقي في اوائل العشرينات من القرن الماضي هو انهم امتنعوا عن الدخول في المؤسسات الحكومية والجيش بدعوى ان حكومة الملك فيصل الاول عميلة للاجانب , مما ادى الى تهميش اغلبية الشعب العراقي  وخضوعهم لحكم الاقلية على مدى اكثر من 8 عقود.
ولكن في الوقت الحاضر وفي ظل وجود مراجع يتسمون بالوعي واليقظة , فان الشعب العراقي لن يعيد اخطائه السابقة , ومن المؤكد سيشارك في هذه الانتخابات ليغلق الباب على نفوذ الانظمة العربية الدكتاتورية./انتهى/
                 حسن هاني زاده - خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء





رمز الخبر 124036

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha