إنطلقت عملية ما يسمى بـ " عاصفة الحزم " ضد الحوثيين في اليمن بإعلان من الملك السعودي الجديد بصورة اثارت دهشة الإعلام العربي والغربي على حد سواء . لم تكن هذه الدهشة من التقاتل العربي – العربي بقدر ما كانت الدهشة من سرعة تداعي دول الخليج الفارسي بمعظمها لتعلن استعدادها الإنضمام الى ما يسمى " التحالف العربي " الذي لم نسمع عنه في اي محطة من محطات الصراع الاستراتيجية والقضايا الكبرى.
لبّت غالبية دول الخليج الفارسي نداء المملكة العربية السعودية ، وبعض الدول العربية حتى تلك التي تستصرخ الاغاثة لمكافحة الارهاب المتفشي على أرضها أمثال الجمهورية العربية المصرية التي كانت على مدى سنوات من حكم "جمال عبد الناصر" يكنّ العداء علانية للمملكة العربية السعودية ، كاشفاً عن مخططاتها الارهابية في المنطقة منذ خطابه الشهير عام 1962 وعام 1966 حيث وصف أمراء آل سعود بأنهم أمراء الشر والارهاب .
اللافت المثير للإهتمام في عملية الحزم المزعومة من المملكة العربية السعودية هو أمران :
الاول : لماذا إختارت السعودية هذا التوقيت لشن هذا العدوان بالتزامن مع اقتراب إيران من تحقيق نجاح تاريخي في التوصل لاتفاق نووي ؟
الثاني : ما سرّ المباركة الاسرائيلية لعملية عاصفة الحزم بهذه الشدة مع العلم أن السعودية وكل دول الخليج الفارسي وكثير من الدول العربية لم ينبسوا ببنت شفة حيال القضية الفلسطينية بالرغم من الانتهاكات اليومية للعدو الصهيوني بحق المسجد الاقصى والشعب الفلسطيني ؟
في الحقيقة إن المتابع بدقة للساحة السياسية الإقليمية يدرك أن المملكة العربية السعودية فقدت دورها في المنطقة بالتزامن من تصاعد نجم الجمهورية الإسلامية في إيران التي برزت كقوة دولية وإقليمية كبرى لا يمكن لاحد تجاوزها ، ولعل هذه النقطة أثارت حفيظة السعودية التي كانت لمدى عقود لاعباً سياسياً محوريا في المنطقة ، وهي تعتبر أن الولايات المتحدة الاميركية قد تخلّت عنها دون أن تأخذ بعين الاعتبار لصداقتها وعدواتها في المنطقة بل ذهبت في المفاوضات مع إيران إلى أبعد الحدود متجاوزة بذلك "فيتو" حليفتها الاقوى "إسرائيل" ما أثار خلافاً كبيراً بين الرئيس الاميركي باراك أوباما ونتنياهو .
ومع إقتراب التوصل إلى اتفاق نووي بين الدول 5 + 1 ، باتت السعودية وإلى جانبها العدو الإسرائيلي بحاجة ملحّة إلى إثارة عمل أمني من شأنه خلط الاوراق في المنطقة في رسالة مزدوجة : الاولى إلى الولايات المتحدة في محاولة لإثبات ذاتها وانها ما زالت قادرة على التحرك في المنطقة ، والثانية إلى إيران في رسالة مفادها أن السعودية لا زالت تملك النفوذ الاكبر وانها المملكة التي تنضوي تحتها كل الدول العربية .
وبحسب بعض المصادر السعودية المقربة من الديوان الملكي أن عملية عاصفة الحزم جاءت بعد تنسيق كامل بين السعودية وإسرائيل المنزعجتان من الوضع الإقليمي والدولي الجديد المتمثّل بإعلان إيران دولة نووية ذات نفوذ واسع .
وفي جولة سريعة على وسائل إعلام العدو يتبيّن حقيقة ما نرمي إليه ، فتحت عنوان «العلاقة بين عاصفة الحزم والمفاوضات النووية مع إيران»، ذكر موقع «والا» الإخبارى الإسرائيلى أنه كان في إسرائيل من أعرب عن قلقه من تقدم الحوثيين في اليمن، خوفا من سيطرة إيران على باب المندب، وبالتالى إمكانية تنفيذ عمليات ضد السفن الإسرائيلية المارة من هناك، دون أن تعلن طهران عن مسؤوليتها.
كما كانت إسرائيل ترى أن نفوذ إيران في اليمن وتوسعها في الشرق الأوسط يعنى تحسين موقفها في المفاوضات الجارية حول برنامجها النووى.
وذكر التقرير الإسرائيلى أن الولايات المتحدة ظلت صامتة إزاء النفوذ الإيرانى في المنطقة، وأنه في وقت المفاوضات النووية بين الإيرانيين والأمريكيين حول البرنامج النووى، كانت إيران ترسخ نفوذها في دولة ذات أغلبية سنية، ولها حدود طويلة مع السعودية، التي تعتبر إيران عدوها الأول.
واضاف أن الكثير من المسؤولين الإسرائيليين مندهشون للغاية من سر إصرار الولايات المتحدة على إظهار ضعف غير مسبوق في التفاوض مع إيران كماولفت إلى أن بعض الدول العربية، وتركيا، وكذلك إسرائيل، كانت تطالب الولايات المتحدة وأوروبا بأن يكون انسحاب ايران من عدة مواقع في الشرق الأوسط، من بين شروط التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووى الإيرانى، ولكن واشنطن تجاهلت هذه المطالب.
ورجح التقرير الإسرائيلى ألا يؤدى الضغط الذي تمارسه مصر والسعودية إلى تغيير بالسياسة الإيرانية، مؤكدا أن طهران ستعيد حساباتها فقط إذا رأت العصا الأمريكية، مثل عدم رفع العقوبات الاقتصادية إلا بعد سحب إيران قواتها من المنطقة. وبحسب التقرير، طالما أن البيت الأبيض لا يفعل شيئا، ستفعل إيران ما يحلو لها دون أن يهتز لها جفن.
وذهبت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أيضا إلى أن العملية العربية في اليمن موجهة إلى الولايات المتحدة، اعتراضا على سير واشنطن في طريق الاعتراف بإيران كقوة إقليمية كبيرة في الشرق الأوسط، فضلا عن الاعتراف بحقها في امتلاك التقنية النووية، والسماح لها بتخصيب اليورانيوم .
وتحت عنوان «جميعهم ضد إيران: اليمن تقسم الشرق الأوسط»، اعتبرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية الغارات على اليمن تحديا سعوديا لإيران، قائلة إن الشرق الأوسط كله بات منقسما بين معسكرين هما السنة والشيعة، لافتة إلى أن معسكر المعارضين لعملية «عاصفة الحزم» يضم إيران والعراق وسوريا ولبنان والجزائر وسلطنة عمان.
بناء على ما عرضته وسائل إعلام الكيان الصهيوني ، يتضح جلياً أن عاصفة الحزم السعودية هي خدمة إستراتيجية للعدو الاسرائيلي الذي يربطه علاقة تنسيقية وثيقة بالمملكة العربية السعودية ولفائفها من دول الخليج الفارسي وبعض الدول العربية .
إن تأكيد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إنتصار الشعب اليمني الحاسم على هذا العدوان هو إنتصار معنوي ومسبق ، فالشعب اليمني على مدى التاريخ شعب مقاوم ورافض للظلم والاحتلال ، وبعد إنه شعب صاحب حقّ وتوكل على الله سبحانه وتعالى.
وبالخلاصة إن عملية عاصفة الحزم هو عدوان سعودي إسرائيلي سافرٌ ، يكشف عن فشل السعودية في المحافظة على وزنها وثقلها الإقليمي لأنها مملكة تقوم مصالحها على خدمة العدو المتغطرس دون اي التفاتة لقضية أمتها .
بقلم: فادي بودية
تؤكد جميع المؤشرات على أن المملكة العربية السعودية فقدت دورها في المنطقة بالتزامن من تصاعد نجم إيران التي برزت كقوة دولية وإقليمية كبرى لا يمكن لاحد تجاوزها ، ولعل هذه النقطة أثارت حفيظة السعودية لحد تسعى الى اعادة موقعها الاقليمي السابق عبر تشكيل تحالف عربي لشن الحرب على اليمن.
رمز الخبر 1852569
تعليقك