في نظرة عامة يمكن التعرف على رؤيتين النزعة المجتمعية , ونزعة اللامحلية ( Cosmopolitan ) او مواطن العالم في نظريات العلاقات الدولية.
وهاتان الرؤيتان لديهما نظرة متباينة حيال المجتمع البشري والنظام الدولي.
فالنزعة المجتمعية لديها نظرة خاصة تعتقد ان حقوق وواجبات الاشخاص لها جذور في المجتمعات التي تأسست طيلة التاريخ.
والنزعة المجتمعية لها نظرة قانونية الى الانسان مبنية على حكومة البلد (مجتمع خاص) , وفي الحقيقة فان التركيز على "المواطن" تعني ان الانسان محدد في مجتمع ما , وليس في المجتمع العالمي.
وفي الحقيقة فان هذا هو الفارق بين مؤيدي النزعة المجتمعية ومؤيدي نظرية اللامحلية (مواطن العالم) حيث يعتبر الانسان في المجتمع العالمي محل اهتمام. وفي الحقيقة فان مؤيدي نزعة اللامحلية يفترضون وجود مجتمع عالمي مكون من افراد , اذ على الرغم من انهم ممثلون عن الحكومات فان يعتبرون مفهوما مشتركا من الناحية الاخلاقية.
واستنادا الى ذلك فان نوع النظرة لهاتين الرؤيتين تختلف من ناحية الاعتبارات الانسانية وشكل التعامل مع اللاجئين, في حين ان مؤيدي النزعة المجتمعية يعارضون التدخل الانساني , فان مؤيدي رؤية لامحلية يعتبرون هذا الامر مشروعا واخلاقيا.
ومن جهة اخرى فان مؤيدي النزعة المجتمعية لديهم نظرة قانونية في التعامل مع اللاجئين , لكن مؤيدي نزعة المجتمع العالمي لديهم نظرة اخلاقية اقرب من القانونية في التعامل مع اللاجئين.
ان نوع تقسيم المهاجرين نظرا الى اهليتهم من قبل بعض الدول الاوروبية , تبين ان لديهم رؤية مجتمعية لهذه الازمة وليست رؤية لا محلية.
فعالم الاجتماع الالماني يورغن هابرماس احد منظري المدرسة النقدية , يعتبر الاتحاد الاوروبي تجربة مهمة وجديدة في طريق تطوير مجتمعات ما بعد الوطنية (post-national communities) , حيث تؤدي التعهدات والالتزامات المشتركة للمواطن العالمي والقوانين العالمية الى الارتباط فيما بينهم , وهذه المجتمعات السياسية لا تنسب فيها الدولة الى القومية , ولن تكون مكرسة لخدمة مصالحهم الانانية.
ولكن ادعاء هابرماس هذا مازال امامه طريق طويل كي يتحقق , فرئيس وزراء المجر اعلن مؤخرا ان اللاجئين المسلمين ليس لهم الحق في دخول بلاده , وهذا الامر يدل على ان النزعة المجتمعية مازالت تمثل رؤية اغلبية هذا الدول في النظرة الى اللاجئين , حيث انها لاتبني المجتمع على اساس القومية وانما تركز اهتمامها على اساس مجتمع ديني ومذهبي.
وفي الحقيقة فانه يمكن تقييم نوع رؤية مؤيدي النزعة المجتمعية ونزعة لا محلية (مواطن العالم) من خلال العلاقة مع الخصوصية والتوظيف الخارجي الاجتماعي.
"اندرو لينكليتر" يعالج هذا الموضوع في كتابه المعروف "الافراد والمواطنون" (1990) , كيف تمكن الفكر السياسي الحديث من تمييز الالتزامات الاخلاقية ازاء المواطنين عن الالتزامات الاخلاقية ازاء باقي الافراد , عمليا فان هذا التوتر بين "الافراد" و"المواطنون" تم تسويته دوما لصالح المواطنين وبعبارة ادق لصالح اعضاء مجتمع خاص واعضاء دولة خاصة.
والموضوع الذي يجب الالتفات اليه , هو انه اذا كانت الحدود الوطنية لا يمكن اجتنابها , لكن يجب ان نعطي الضمانات بان الحدود الوطنية لا تغلق طريق مبادئ الانفتاح والتعارف والعدالة في العلاقات مع الآخرين.
ان ازمة اللاجئين في اوروبا تطرح هذا التساؤل من هو المسؤول عن الازمة في البلدان الاصلية , ومن جهة اخرى يجب ان لا ننسى ان المجتمع البشري بآجمعه مسؤول عن اللاجئين , وليست دول المقصد الاوروبية فقط./انتهى/
جواد حيران نيا.
تعليقك