وكالة مهر للأنباء- فاطمة صالحي: نقلت باراغواي سفارتها بشكل رسمي من تل أبيب إلى القدس المحتلة في مراسم شارك فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس باراغواي هوراسيو كارتيس. وبهذا القرار تكون أسونسيون ثالث عاصمة تنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس بعد واشنطن وغواتيمالا. وكانت غواتيمالا نقلت سفارتها الأربعاء الماضي إلى القدس المحتلة، بقرار اتخذه رئيسها جيمي موراليس، حيث جاء بعد يومين من نقل الولايات المتحدة سفارتها إليها.
وقال الكاتب والناشط السياسي الفلسطيني خالد الجيوسي في حديث لوكالة مهر للأنباء: "أعتقد أنّ الدُّول الأوروبيّة تنظر بعين الرِّيبة إلى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقراراته المُتوالية، فهي بالرغم من أنها حليف وثيق للولايات المتحدة الأمريكيّة، لكن إدارة ترامب بالتَّحديد، لا يبدو أنّها تُراعي مصالح أوروبا، والدول الأخيرة في غِنى عن الوقوع بكارثة جدليّة تاريخيّة، تُجبِرها بوضع كل بيضها في السَّلة الإسرائيّليّة، التي يبدو أنّها المُتحكِّم الأساسي بالسِّلال الأمريكيّة جميعها."
واضاف: ان نقل السَّفارة الأمريكيّة إلى القدس، والاعتراف بها كعاصمة للكيان الصهيوني الغاصِب، هو تحقيق لمصالح إسرائيل، ويبدو قراراً وقتيّاً له آثاره السلبيّة على تلك الدول بالمُستوى البعيد، فإدارة ترامب سينتهي زمانها، ومفعول قراره هذا ربّما يتبدَّل مع مجيء الإدارة الأمريكيّة الجديدة، وبالنًّظر إلى صلاحيّات الرئيس الأمريكي التي تُفوِّضه إلغاء الاتِّفاقيات مع الدُّول كما جرى مع إيران واتفاقها التاريخي النووي، ربّما تَخرُج كما الدُّول الأوروبيّة كما يُقال "بسواد الوجه" في حال مثلاً قرّرت نقل سفاراتها بصفة الاستعجال، ويأتي رئيس على شاكلة ترامب، يُريد إعادة القُدس، إلى موضع المُتنازع عليها، لا عاصمة للكيان المحتل، وعليه نستبعد "على الأقل" الآن أن تنقل أوروبا سفاراتها، وتعترف بالقدس عاصمةً "للعدو" مُحتل فلسطين".
وتابع بأن "نُقطة أُخرى وجب الحديث عنها في سياق نقل سفارات الدُّول الأوروبيّة على وجه التَّحديد، أن تلك الدًّول مُتمسِّكة مثلاً بالاتفاق النووي مع إيران، وترى فيه سبيلاً للحِفاظ على أمن العالم، وطلبت من رئيس أمريكا التّريُّث في هذا، لكن عنجهيّة ترامب، وإصراره على تنفيذ وعوده الانتخابيّة، ضرب بتلك المصالح الأوروبيّة عرض الحائط، هذا بالإضافة إلى تعطيل مصالحها الاقتصاديّة، وانسحاب الشركات الأوروبيّة بفِعل العُقوبات على إيران، وتهديدها.
واعتبر ان كُل هذا يُخرج الدُّول من سياق المُجاملات لأمريكا التي لا تراعي الحد الأدنى من مصالح الحُلفاء، وهُنا يُطرح السُّؤال ما هو المُحفِّز الذي سيدفع دول أوروبيّة على نقل سفارتها إلى القدس كُرمى عُيون إسرائيل، وهي ترى بأُم عينها أن اتفاقيتها كدول ذات سِيادة التي وقّعتها والاتفاق النووي المثال هُنا، ينهار أيضاً لأجل خاطر إسرائيل، التي نجحت فيما يبدو بإقناع ترامب المبهور بالاستعراض، بنقل السِّفارة، والانسحاب من الاتفاق مع إيران".
وأوضح الناشط السياسي الفلسطيني ان "الدُّول الضعيفة، والخاضِعة للمُساعدات الأمريكيّة، وباراغواي قد تكون واحدة منها، وغواتيمالا، هُم فقط المعنيين بإرضاء سيدهم الأمريكي، وعليه سيُقدمون على نقل سفاراتهم، والولايات المتحدة الأمريكيّة، تشعر بأنّ نقل سفارتها ليس فيه من الشرعيّة بشيء، ويحتاج إلى دعم وغطاء دولي على الأقل من حُلفائها، وستجدها تُمارس هيمنتها على بعض الدول لتنقل سفارتها، وهي دول بعضها من الصًّعب حتى إيجادها على الخريطة.
أمّا بخُصوص الدُّول العربيّة التي تُقيم علاقات مع إسرائيل، اشار الجيوسي الى انها هي بحُكم المُنتهي، ونقل سفارتها من عدمه، لا يُغيّر من وجهة نظرنا واقع "السَّلام والاستسلام" الذي تُمارسه حُكوماتها، فمصر بمُشاركتها في حصار غزّة المُنتفض في مسيرات عودته السِّلميّة، ومنعها نقل الجرحى عبر معبر رفح، وهبت القدس لإسرائيل دون سفارة، والأردن الذي من غير المعلوم إلى متى سيظل صامِداً في موقفه، وابتعاده عن دول الخليج الفارسي التي تُمارس ضُغوطها في ظِل وضعه الاقتصادي الحَرِج، وربّما المُساهمة في تمرير صفقة القرن، التي من أهم بُنودها مُصادرة حق الفِلسطينيين في عاصمتهم التاريخيّة، وبكل الأحوال التطبيع سيِّد المَوقِف للأسف بين الدول العربية في الخليج الفارسي".
وصرح بأنه "لا نعتقد أن لواشنطن أهدافاً شخصيّة في نقل سفارتها إلى القُدس، إلا لتدعيم طفلها المُدلَّل إسرائيل، وتمكينه من السِّيادة والوٍصاية على المدينة ومُقدَّساتها، وترامب تحديداً على عكس الإدارات السَّابِقة، كمن يُريد تسجيل موقف وحُضور، ونقل السٍّفارة الأمريكيّة إلى القدس طالما كان من القرارات الصَّعبة، وفي عز أكثر الإدارات الأمريكيّة خدمةً لإسرائيل، والتي مرّت على حُكم أمريكا. التنازل العربي، والفلسطيني تحديداً عن الثوابت، وتوقيع صفقات مشبوهة، تجعل من مدينة أبو ديس عاصمة، مُقابل تسهيلات في الحُكم الذاتي، وتحويل قطاع غزة إلى "دبي"، هذا وحده باعتقادنا من سيدفع الجميع وأولهم العرب إلى نقل سفاراتهم إلى عاصمة فلسطين الأبديّة، والمُصارحة بالحُب والعِشق لدولة الكيان الغاصب، ومُظاهرات العودة هي من أكثر الأدلّة على قُدرة الفلسطيني في تعكير صفو الأفراح الإسرائيليّة بنقل سفارة أمريكا المشؤومة، وتوجيه الصَّفعات للمُطبِّعين، وأصحاب الصفقات التي تمنح زوراُ بحق بيع الأوطان، حفظ الله فلسطين، وعاصمتها الأبديّة، ورحم الله شُهداءها الأبطال، وعافى جرحاها".
تعليقك