وكالة مهر للأنباء – محمد مظهري: عندما احتجزت بريطانيا الناقلة الايرانية في جبل طارق لم يتوقع كثيرون ان تقوم ايران بالرد بالمثل وتتحدى بقايا امبراطورية لاتغيب عنها الشمس وهي الآن تعتبر من القوى العالمية وعضو دائم في مجلس الأمن ولا يجرؤ أحد على مواجهتها باعتبارها قوة نووية.
ومع ذلك تم توجيه ناقلة "ستينا امبرو" البريطانية الى السواحل الايرانية مساء يوم الجمعة (19 تموز/يوليو 2019) من قبل زوارق القوات البحرية التابعة للحرس الثوري وتم تسليمها إلى منظمة الموانئ والملاحة الإيرانية لبدء التحقيقات وطي المراحل القانونية.
فيما يتعلق بقرار ايران في توقيف الناقلة البريطانية يجب الاشارة الى ان المسألة لها جانبان قانوني وسياسي. قانونياً ايران ترى ان ناقلة النفط "سنتا امبرو" انتهكت القوانين البحرية حيث كانت تسير في الاتجاه العكسي وكانت تحاول دخول مضيق هرمز من مسار الخروج في الجهة الجنوبية، وكان هناك احتمال الاصطدام مع السفن الاخرى، ولذلك تم توقيفها من قبل وحدة الزوارق التابعة للقطاع الاول للقوة البحرية لحرس الثورة بطلب من منظمة الموانئ والملاحة البحرية بمحافظة هرمزكان (جنوب ايران).
مهما كانت الاسباب القانونية في توقيف الناقلة البريطانية ما يهمنا هنا هو الجانب السياسي في هذا الاجراء الجريء الذي باعتقاد الكثيرين في ايران لا يحتاج الى تقديم ادلة ومبررات قانونية بما أن الدفاع عن النفس والرد بالمثل هو مبدأ عقلي ولا يحتاج الى تسويغ او الاتيان بحجة آخرى.
في الحقيقة ان احتجاز ناقلة نفط ايرانية ان لم يواجه ردا مماثلا على قاعدة ضربة بضربة من شأنهاأن يخدش سمعة ايران والايرانيين في العالم ولهذا اذا نظرنا الى القضية من منطلق كرامة الشعب الايراني يمكن اعتبارها اجراء صحيح جاء بمحله.
بريطانية هي البادئة في التصعيد باحتجازها ناقلة النفط الايرانية وطهران حاولت حل الموضوع من خلال القنوات الدبلوماسية والحوار الا ان الجانب الآخر رفض الافراج عن الناقلة واتخذ موقفا متغطرسا. عندما تقوم حكومة بتوقيف سفينة او ناقلة لدولة اخرى بحجج واهية دون ان تصغي الى الدعوات المكررة للحوار لن يبقى خيار سوى الرد بالمثل.
طبعا هنالك جهات غربية تتهم ايران بتوتير الاوضاع والتصعيد في الخليج الفارسي من خلال اجراءاتها الجريئة الا ان المعطيات تؤكد ان بريطانيا هي البادئة في التصعيد وهي التي قامت بتوقیف الناقلة الايرانية التي كانت تحمل 2.1 مليون برميل من النفط الخام الخفيف بقرار من محكمة محلية دون الرجوع المحاكم الدولية.
فالاجراء المضاد الذي اتخذته ايران يمكن ان يؤدي الى توتر العلاقات مع بريطانيا في المستقبل القريب الا انه يحول دون اندلاع الازمات الاخرى وبل أكبر في المدى البعيد من خلال اظهار الوزن الحقيقي لكل طرف في مثل هذه القضايا. والتجربة التاريخية تقول ان القوى العالمية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا لا تشن حربا على اي دولة الا ان تكون واثقة من ان الطرف الآخر ضعيف وهي ستنتصر في نهاية المطاف بأقل التكاليف. عشنا هذه التجربة خلال غزو العراق عام 2003 عندما احتلت امريكا وحلفائها العراق بعدما تأكدت مئة بالمئة من تشتيت الجيش العراقي وان البلد لم يعد يمتلك معدات دفاعية مؤثرة للدفاع عن نفسها.
فالرسالة الاولى وجهت للقوى الغربية من خلال اجراءات مثل توقيف الناقلة البريطانية واسقاط الطائرة المسيرة الامريكية اخيراً بأن ايران جاهزة للدفاع عن مصالحها والمنطقة والبحار الاقليمية والدولية اما ستكون آمنة لعبور جميع الناقلات من ضمنها الناقلات الايرانية او سنواجه حالة انعدام الأمن لجميع الاطراف المعنية.
أما الرسالة الثانية وهي موجهة لبعض الانظمة والدويلات العربية المناوئة للجمهورية الاسلامية في المنطقة والتي توهمت بانها قادرة على استعراض العضلات وتهديد مصالح ايران بالاعتماد على امريكا وبريطانيا بانه ينبغي ان تعيد هذه الانظمة حساباتها وتأخذ بعين الاعتبار ان ايران التي تجرؤ على استهداف الدرون الامريكي وتحتجز الناقلة البريطانية بكل سهولة تقدر على مواجهة مؤامرات وتحركات الدول التي رضيت باداء الدور الذيلي خلف امريكا.
توقيف الناقلة البريطانية اثناء عبورها مضيق هرمز أثار اسئلة حول أسباب وملابسات ومبررات ايران في هذا الاجراء وذلك بالنظر الى الصورة التي قد تشكلت عن بريطانيا في اذهان الشرقيين باعتبارها قوة عالمية.
رمز الخبر 1896474
تعليقك