وكالة مهر للأنباء - رامين حسين آباديان: يصادف يوم الاربعاء (3 يونيو/ حزيران) الذكرى الـ31 لرحيل الامام الخميني (ره)، الذي شكل رمزا للإنتصار على الطاغوت وإحباط مؤامرات الاستكبار، كما يعتبره كبار المفكرين في العالم قائداً روحانياً وثوريا ليس للشعب الايراني فقط بل لجميع الشعوب الحرة في العالم، ومصدر الهام لكل نهضة وثورة تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية.
بث الإمام الخميني (ره) بروح جديدة للإسلام المحمدي الحقيقي الذي لا يختصر بأبعاده الشخصية فقط، بل يشمل كافة جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية.
في هذه المناسبة أجرت وكالة مهر للأنباء مقابلة مع الكاتب والخبير السياسي أنيس نقاش. فيما يلي نص اللقاء :
س: كيف ترى فكر الإمام الخميني ودوره في كسر ايديولوجيا التبعية للغرب؟
أولا تمكن الإمام الخميني من ذلك بمجرد تحدي الإمام لنظام الشاه المدعوم من قبل الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا (يعني أن إمكانية الانتصار على الغرب من خلال إسقاط عملائهم أمر ممكن) ، كما أن كسر التبعية من خلال تحدي الغرب في السياسة المحلية والإقليمية والدولية يعتبر من مستكملات عملية التحدي وإثبات إمكانية مناهضة سياسة الغرب عموما.
ثانيا أن القضية الفلسطينية ودعم حركات المقاومة كان قلب المشروع الخميني، الذي ادى الى إفشال كافة سياسات الغرب في المنطقة، ووضع الاسس الواقعية والعمللانية التي ستنتهي بالنصر النهائي من خلال تثبيت عملية التحرر الوطني للمنطقة من هيمنة سياسات الغرب.
س: كيف تقيم تاثير فكر الإمام الخميني في مسار حركات المقاومة في المنطقة؟
فكر الإمام والإنتصار على نظام الشاه اثبت أن الإسلام يمكن أن يشكل حالة ثورية تتحمل مسؤولية قيادة عملية المقاومة ومهماتها والوصول الى أهدافها، لذلك شاهدنا بعثا للحركات الإسلامية في فلسطين، بعد أن كانت حركات المقاومة الفلسطينية بمجملها تمثل افكارا وتيارات وطنية أو يسارية وحتى شيوعية، ولكن بعد الثورة الإسلامية ظهرت حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس، كما ظهر حزب الله في لبنان، إضافة الى حركات عديدة على اساس فكر الإمام لتشكيل جبهة عالمية تحارب الإمبريالية الأميركية وتفشل مخططاتها.
هذه الروح الإسلامية التي حملتها عدة تنظيمات وتشكيلات وكان لها ابعادا محلية وأحيانا ابعاد إقليمية بل دولية أحيانا أخرى، لأنها قاومت الإحتلال الصهيوني لفلسطين ولبنان وأفشلت حروب الصهاينة كما افشلت إحتلال العراق والسيطرة على أفغانستان واليمن.
لذلك فكر المقاومة حما وحرر لبنان كما يحمي قضية فلسطين واليمن والعراق وافغانستان، ويمتد اليوم الى أميركا الجنوبية من خلال التحالف مع القوى المناهضة للهيمنة الأميركية في تلك القارة.
س: خطاب الثورة الإسلامية هو نتاج لمدرسة الإمام الخميني ... كيف تقيم ذلك؟
خطاب الإمام له أبعاد متعددة، أولا خطابه من اجل الحكومة الإسلامية، أخرج مذهب أهل البيت وتابعيه من حالة الإنتظار السلبي الى حالة الإنخراط والتاثير في الأحداث، ومن ثم خلق حالة تمهيد للعدالة العالمية.
كما أنه بإلتزامة بالقضية الفلسطينية، والدعوة ليوم القدس العالمي، شكل جبهة عالمية لمحاربة الصهيوينة، وهي راس الحربة للإمبريالية الأميركية في المنطقة وممثلة الصهيوينة العالمية و بما تعني من سيطرة على بيوت المال في العالم.
كما أنه بطرحه لمسالة المستضعفين في العالم، جعل من الثورة الإسلامية في إيران الحامي والداعم الأول لكل المستضعفين والمضطهدين في الارض، وطرح لهم البديل من خلال النموذج من اصل الثورة على الهيمنة الغربية عموما والأميركية خصوصا.
هذا الخطاب العالمي نقل التشيع والإسلام من حالة فردية أو حالة جماعة مهمشة في حركة التاريخ، الى أهم حالة ديناميكية ثورية تؤثر في السياسة الدولية ومصيرها وبنتائج هذا الصرع، بحيث لا تسمح للمهيمن ان يستمر بهيمنته، بل تؤسس ايضا لهزيمته من أجل إقامة النموذج البديل.
س: لقد كان للإمام الخميني إدراك عميق عن المشروع الصهيوني وهو قد جعل القضية الفلسطينية على راس أولويات قضايا العالم الإسلامي، ما رايك في هذا المجال؟
لقد عرف الإمام أبعاد القضية الفلسطينية من كافة جوانبها.
أولا هو يعرف ان إحتلال فلسطين وتشريد الشعب الفلسطيني هو نتاج أعمال الإستعمار القديم وخاصة بريطانيا، وقد تجلى ذلك مؤخرا في خطاب السيد الخامنئي الذي اوضح الأسس التاريخية لهذه القضية.
كما أنه أوضح أكثر من مرة قدسية هذه القضية بسبب إحتلال بيت المقدس، وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى الرسول ، صلى الله عليه وعلى أله، ولكن الأهم ايضا، هو التزام بتجسيد وتنفيذ الوعد الألهي كما جاء في سورة الإسراء، بان يأتي الله بعباد له "يَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا."
وبالتالي دفع بفكره وتوجيهاته الشباب المؤمن لكي يجسد بجهاده هذا التكليف الالهي.
الإمام أدرك اهمية العلاقة بين الصهيونية والإمبريالية الأميركية، ولذلك رفع شعار "الموت لأمريكا ... الموت لإسرائيل"، ولذلك من سينتصر على الكيان الصهيوني، لن يكون منتصرا فقط في فلسطين ولصالح الشعب الفلسطيني، بل منتصرا على الإمبريالية العالمية ومن هنا يعود الإسلام ليتبوأ موقعه في العالم كقوة محركة ومؤثرة في السياسة الدولية وليس كقوى تابعة وخانعة ومامورة، بل قوة تقود شعوب العالم نحو عالم افضل.
أفكار الإمام الخميني وتوجيهاته للشباب المؤمن غيرت موازين القوى الدولية ورفعت التحدي، ليس فقط العسكري، بل أيضا الفكري والسياسي والإقتصادي في وجه الهيمنة الأميركية، من خلال التصدي للدور الصهيوني ومن خلال إفشال المشاريع الأميريكية في العالم.
أفكاره تبني وتفتح الطريق نحو فجر جديد سيكون للإسلام والعدل الكلمة الأولى في العالم./انتهى/
تعليقك