وكالة مهر للأنباء - عبدالله مغامس: ساعات قليلة فَصلت بين إعلان طهران تعرُّض منشأة نطنز "لعمل تخريبي"، والتسريبات الصادرة عن الاستخبارات الإسرائيلية، والتي تؤكد وقوف تل أبيب وراء هذا الإرهاب النووي، إرهابٌ بدأته إسرائيل، منذ مدّة، في مواجهة إيران، سعياً إلى وقف تقدُّمها النووي، والذي ترى أن أيّ اتفاق يستهدف تقييده سيكون في المقابل على حساب جوانب أخرى، مرتبطة بازدهار الجمهورية الإسلامية وتعاظُم قوّة حلفائها.
فصلٌ جديد من العدوانية الإسرائيلية تجاه إيران، أُسدل الستار عليه مع الإعلان عن هجوم تعرّضت له منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، بالتوازي مع تصريحات صادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال فيها إن "الوضع القائم اليوم لا يعني أنه هكذا سيكون الوضع غداً".
ففي بداية تموز/يوليو الماضي، أصيب مصنع تجميع أجهزة الطرد المركزي المتطور في نطنز بأضرار بالغة بسبب انفجار غامض. وخلصت السلطات إلى وقوع "تخريب إرهابي" المصدر، وحذرت ايران كل من إسرائيل والولايات المتحدة حينها من أي عمل عدائي ضدها.
وسبق لإسرائيل، التي تعتبر إيران خصماً شديداً، بتخريب عدة أنشطة نووية إيرانية من قبل بتكتيكات تتراوح من الهجمات الإلكترونية إلى الاغتيالات المباشرة، كما يُعتقد أن إسرائيل دبرت عمليات قتل العديد من العلماء النوويين الإيرانيين في السنوات الأخيرة، بما في ذلك نصب كمين للمطور الرئيسي لبرنامجها النووي محسن فخري في نوفمبر- تشرين الثاني الماضي وقتله. من جهتها، لا تؤكد إسرائيل ولا تنفي مثل هذه الاتهامات.
ونقل التلفزيون الرسمي الإيراني عن وزير الخارجية محمد جواد ظريف قوله الاثنين (12 أبريل/ نيسان 2021) إن بلاده تحمل إسرائيل مسؤولية الحادث الذي وقع في منشأة نطنز النووية أمس وإنها ستنتقم لذلك. وكانت السلطات الإيرانية وصفت الحادث أمس بأنه "إرهاب نووي"، قائلة إنها تحتفظ لنفسها بالحق في اتخاذ إجراءات ضد الجناة. واكد ظريف ان الصهاينة يريدون الانتقام من الشعب الإيراني للنجاحات التي حققها في مسار رفع العقوبات، فقد قالوا علنا إنهم لن يسمحوا بذلك. لكننا سننتقم من الصهاينة.
ونقلت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مصادر مخابراتية لم تسمّها قولها إن جهاز الموساد الإسرائيلي نفذ عملية تخريبية ناجحة في موقع نطنز، ستعوق على الأرجح أعمال التخصيب هناك لعدة أشهر. ولم تعلق إسرائيل رسميا على هذا الحادث. بينما كانت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية قالت، إن الحادث ناجم عن هجوم إلكتروني قد يكون من جانب إسرائيل.
وفي هذا الشأن اجرت وكالة مهر للأنباء حواراً صحفياً مع الخبير والباحث في الشؤون العسكرية والقانونية والسياسية والاستراتيجية العميد الركن الدكتور "أمين محمد حطيط"، واتى نص الحوار على الشكل التالي:
* كيف سيكون الرد الايراني؟
ايران ملزمة بالرد بالطريقة المناسبة من اجل ان تؤكد وتثبّت معادلة توازن الردع الاستراتيجي
ان اقدام الكيان الصهيوني على استهداف المنشأه النووي الايرانية، والمجاهرة بشكلٍ او بآخر بأنها وراء عملية التخريب يعتبر تطوراً خطيراً في مجال المواجهة بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والعدو الصهيوني، ولذلك نحن نرى ان ايران ملزمة بالرد بالطريقة المناسبة من اجل ان تؤكد وتثبّت معادلة توازن الردع الاستراتيجي. هذه المعادلة التي من دونها لا يمكن ان يكون هناك شعور بالامن والامان.
اما كيفية الرد؛ وهذا المُعوّلُ عليه؛ اعتقد انه بحاجة الى دراسة معمّقة من حيث طبيعته والامكانات المسخّرة له ونتائجه، لذلك نحن نفصل بيبن امرين، مبدأ الرد يجب ان يكون معتمداً، والمسألة الثانية كيفية الرد يجب ان تدرس وفقاً للقدرات الايرانية دون الانزلاق الى مواجهةٍ شاملة.
* هل تعتقد ان هناك علاقة بين ملف نطنز والتهديدات الاسرائيلية والضغط على ايران في ملف المفاوضات النووية؟
بكل تأكيد ان هذه العملية لا تاتي من غير تنسيق بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، وامريكا تريد من هكذا عمليات ان تقوم بضغوط على الجمهورية الاسلامية من اجل تليين مواقفها في التفاوض حول العودة الى الملف النووي الايراني.
فأمريكا دائماً تبزّخ جهودها ووسائلها وتلعب دائماً على الاقل على الحبلين؛ وعلى هذا الاساس نحن نقول انه يجب على الجمهورية الاسلامية الايرانية ان تتابع مواقفها في المفاوضات بالشكل التي هي قائمة عليه، والامر الثاني ان تدرس رداً مناسباً على انتهاكات العدو الصهيوني لتثبيت معادلة الردع الاستراتيجي.
* هل برايك انه يجب على ايران ان تقوم بتغيير المسار في المفاوضات النووية بسبب الحادث؟ و ما هي مقترحاتكم للفريق المفاوض؟
المنهجية الايرانية المعتمدة في التفاوض اليوم مع مجموعة 4 + 1 وخلفهم الولايات المتحدة الامريكية هي استراتيجية احرجت امريكا وجعلتها تتنازل
لا اعتقد ان هناك حاجة لتغيير المسارات في التفاوض، المنهجية الايرانية المعتمدة في التفاوض اليوم مع مجموعة 4 + 1 وخلفهم الولايات المتحدة الامريكية هي استراتيجية احرجت امريكا وجعلتها تتنازل، وبالتالي لا جدوى ولا فائدة ولا حاجة الى تغيير النمط الايراني الذي اثبت جدواه وفاعليته.
* هل مثل هذه الاعتداءات والانتهاكات ستُوقف ايران وتُخضعها في مختلف الملفات (النووي - القضية الفلسطينية - محور المقاومة)؟
الاختبار التي وُضعت بها الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ بداية الثورة الاسلامية ان كانت: عسكري، اقتصادي، سياسي، ثبت في هذه الاختبارات ان الجمهورية الاسلامية الايرانية لم تغيير نهجها ولم تبدّل استراتيجيتها وذلك لسببين:
السبب الاول؛ ان ايران نجحت في بناء القوة الذاتية التي تستخدمها للدفاع عن نفسها بشكل مناسب دون ان ترتبط هذه القوة لا تسليحاً ولا استعمالا بأحد في الخارج.
السبب الثاني، ايران استطاعت ان تبني شبكة من الاذرع العاملة في الاقليم التي تستطيع ان تعتمد عليها لمواجهة العدوان الشامل.
الجمهورية الاسلامية لا يمكنها ان تتخلى عن القضية الفلسطينية وهي القضية التي ادخلتها في جوهر استراتيجيتها سواءً العقائدية او في العلاقات الدولية، والقضية الفلسطينية هي مسألة باتت من المسائل الرئيسية في العقل والفكر الايراني، لذالك لا يمكن لايران ان تتخلى عن هذه القضية مهما كانت الظروف ومهما كانت الضغوط./انتهى/
تعليقك