وكالة مهر للأنباء_ عبادة عزت أمين: بعد الساعة الواحدة فجراً من تاريخ 1سبتمبر 2021، إنتزع ستة أسرى حُرّيَتََهم من سجن "جلبوع" _أشد سجون الإحتلال حراسة_ والملقب ب"الخزنة الحديدية"، عن طريق نفق حفره الأسرى من حجرة المرحاض الموجودة بإحدى زنازين السجن، وفتحته الخارجية تقع تحت برج حراسة السجن، والاسرى هم: محمود عبد الله عارضة، محمد قاسم عارضة، يعقوب محمود قادري، أيهم فؤاد أو أيهم نايف كممجي، يعقوب نفيعات، وزكريا الزبيدي.
وقوبل نبأ هروب 6 أسرى من سجن جلبوع بتفاعل لافت وفرحة كبرى على منصات التواصل الإجتماعي وهي العملية التي أحرجت سلطات الاحتلال وأثارت تخوفات بشأن رد فعل انتقامي بحق أسرى جلبوع.
وعمّت الاحتفالات مدنًا عدة بالضفة الغربية ومنها نابلس وجنين، حيث انتشرت لقطات وصور لهتافات وتوزيع حلويات في الشوارع ابتهاجًا بتمكن الأسرى الستة من انتزاع حريتهم بالإضافة إلى انتشار دعوات لمسيرات عند نقاط التماس مع الاحتلال لتشتيتهم عن ملاحقة الأسرى الهاربين.
وتفاعل الناشطون عبر وسمي (جلبوع) و(نفق الحرية) مشبّهين عملية فرار الأسرى بأسطورة “الهروب الكبير” وهو الفيلم المأخوذ عن قصة حقيقة وقعت أحداثها إبان الحرب العالمية الثانية وتمكن خلالها معتقلون من ابتكار خطة للهرب من سجن حصين وتهريب عشرات آخرين.
واعتبر رئيس وزراء الإحتلال "نفتالي بينيت" فرار الأسرى الفلسطينيين من سجن جلبوع أمرًا خطيرًا ويحتاج لمعالجة المنظومة كلها، وأعلنت سلطات الاحتلال الإستنفار العام في صفوف قوات الشرطة بحثًا عن الأسرى الهاربين، وباشرت تفتيشا واسعا في المنطقة مستعينة بمروحيات وطائرات مسيرة، وفق هيئة البث الإسرائيلي.
ووصف كثير من المراقبين هذه العملية بأنها هشمت المنظومة الأمنية للكيان الوهمية للكيان الغاصب التي سعت إلى تكريسها سنين عديدة، الأمر الذي أكده ضيف وكالة مهر للأنباء المُحلل السياسي والمُختص بالشأن "الإسرائيلي" الدكتور "حسن لافي" خلال مقابلة له أجراها مع الوكالة.
هاكم نص المقابلة:
** في البداية دكتورنا الكريم نريد أن تُطلعونا على تفاصيل علمية "نفق الحرية" في ضوء الإعترافات الأخيرة التي أدلى بها أبطال العملية؟
عملية نفق الحرية وفقاً للأخبار التي صرح بها الأسرى الذين نفذوها، ووفقاً لما تم تناقله في الأخبار العبرية تقول أن: الأسير محمود العارضة ومعه 5 من رفاقه من حركة الجهاد الإسلامي، قاموا بالبدء بالحفر منذ شهر 6/ديسمبر حيث وجدوا أن هناك خللاً هندسياً في بناء السجن لم يكن مُكتَشَف من قِبل الإحتلال، وبدأوا بالتفكير في هذا الموضوع وخاصة أن لهم تجربة سابقة في عام 2016 حيث قاموا بحفر نفق مشابه لنفق الحرية ولم تكتمل العملية. الإعلام العبري يتحدث أنهم استخدموا أدوات بسيطة جداً في الحفر مثل أيادي أدوات الطهي التي يستخدمونها وبعض الأدوات البسيطة، واستمر الحفر لمدة 9 أشهر حتى تمكنوا من الخروج خارج السجن، وكان هنالك تنسيق مع الأسير زكريا الزبيدي في آخر أسبوع من العملية وتم نقله إلى الغرفة التي يتواجد بها أبطال عملية الهروب، والأهم من ذلك أنه لم يكن هنالك أي معلومات تحذيرية مُسبقة من قبل إدارة السجون ولا الإستخبارات، لذلك كانت عملية معقدة ونجحوا نجاهاً باهراً حيث تمكّنوا من الهروب وكان معهم بعض أدوات البسيطة مثل الراديو، وبعدما خرجوا وصلوا لمنطقة عربية وتفرّقوا كل اثنين على حدى لتعقيد عملية الوصول إليهم.
** بصفتكم مختصين بالشأن "الإسرائيلي" هل لكم أن تطلعونا على أهمية هذه العملية في كسرها للأسطورة الأمنية للكيان الصهيوني وأثرها على الشارع "الإسرائيلي"؟
تُعتَبر عملية "نفق الحرية" او "إنتزاع الحرية" صدمة كبيرة للمنظومة الأمنية "الإسرائيلية" لعدة أسباب:
انه لم يكن هنالك إنذار بالمطلق على مدار 9 أشهر خلال عملية الحفر، بالرغم من أن هذا السجن يُسمّى ب"الخزنة الحديدية أو الفولاذية" ويُعتبر من أشد السجون حراسةً في منطقة الشمال ومليء بالمجسّات في التربة والكمرات وغيرها من البروتوكولات الأمنية المُعقدة.
السجون بالنسبة للكيان الصهيوني "درّة التاج الأمني" فأن يتم إختراق هذا المعقل الأمني الكبير هي ضربة كبيرة ليس فقط لإدارة السجون وأيضاً لجهاز الشاباك "الإسرائيلي" الذي يحتوي قسم خاص لمتابعة شؤوون الأسرى الفلسطينيين، فأن يخرجوا بهذه الطريقة، وأن يحصلوا على 5 أيام من الحرية دون ان يكون لديهم أي معلومة عنهم _حتى ولو تم إلقاء القبض عليهم_ هذا بحد ذاته إنجاز كبير، هذا يطرح تساؤلات عميقة داخل الشارع "الإسرائيلي"، فهذا الكيان الصهيوني المبني على الأمن، باتت تُطرح فيه أسئلة مفادها: هل تستطيع الأجهزة الأمنية حماية الشارع "الإسرائيلي" فعلاً؟ وهذه الأسئلة تؤثر على فكرة الحركة الإستيطان للحركة الصهيونية، فالإستيطان مبني دائماً على الأمن والرفاهية، ففي غياب الأمن لن يستطيع المستوطن البقاء على هذه الأرض وبهذا تهتز أركان المشروع الصهيوني، لذلك أنا أعتقد أن هذه العملية قد يكون لها تداعيات كبيرة جداً ليس فقط على رؤوس كبيرة من الأجهزة الأمنية التي سيطاح بها، ولكن أيضاً على ثقة الشارع "الإسرائيلي" بإمكانية حمايته من قبل المنظومة الأمنية.
** ما أهمية العملية وإنعكاساتها على المقاومة الفلسطينية والشارع الفلسطيني؟
عملية إنتزاع الحرية أتت بتوقيت مهم جداً لدى الشارع الفلسطيني بعد عملية "سيف القدس" التي أبدعت بها المقاومة الفلسطينية ورفعت المعنويات بشكل كبير، حاولت سلطات الإحتلال ومعها أعوانها من الأمريكان ومحور التطبيع العربي إفشال هذه الروح المعنوية من خلال زيادة الحصار على قطاع غزة وإنتهاج سياسة تصفير النتائج السياسية لمعركة سيف القدس، ولكن هذه المعركة التي ضربت درّة التاج الأمني "الإسرائيلي" رفعت الروح المعنوية وأعطت الشعب الفلسطيني شعور بأنه قادر حتى بأقل الإمكانيات وبكل الظروف الصعبة على تقيق الإنجاز، وقد كتبت في ذلك أن معادلة الجيش الذي لايقهر باتت أمامها معادلة أخرى إسمها الإرادة الفلسطينية المُقاومة التي لاتُهزم، وهذا شئ سيؤثر بشكل كبير على إلتفاف الجماهير على خيار المقاومة، وهذا مانشهده من حراك قوي في الضفة الغربية التي تُعتبر الخاصرة الرخوة للأمن "الإسرائيلي"، فمانشهده من إطلاق نار يومي في الضفة الغربية هو بفعل هذه الروح المعنوية التي بثّها ونشرها هؤلاء الستة بهذه العملية المُعقّدة.
أنا أعتقد أن تداعيات ذلك سنشهدهُ في قادم الأيام، وربما نشهد حراكاً حقيقياً باتجاه إنتفاضة ثالثة _كما تخشى "إسرائيل"_ على غِرار إنتفاضة الأقصى عام 2000.
**توعّد أبو عبيدة _الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام_ بأن "عملية تبادل أسرى قادمة لن تتم إلا بتحرير أسرى عملية نفق الحرية" ما مدى تحقيق هذا الوعد في الفترة القادمة، وهل يتجاوب الإحتلال مع مثل هذه الصفقات؟
ما صرح به "أبو عبيدة" كلام مهم جداً هذا يؤكد أن خيار الوحدة الوطنية حاضراً لدى كل الفصائل وأن قضية الأسرى قضية وطنية فلسطينية مُجمَع عليها .
الأمر الثاني أن هذا الوعد يأتي لطمأنة أهالي الأسرى وطمأنة الأسرى أن جهدهم لم يذهم سدى وأن المقاومة مُلتزمة أخلاقياً ووطنياً وشرعياً بإطلاق سراحهم وأن لديها أوراق لذلك، وأنا أعتقد أنه يوجد لدى المقاومة ما يُجبر "إسرائيل" على تحقيق صفقة تبادل أسرى مُشرّفة ولكن في التوقيت المناسب، وأنا لا أعتقد أن حكومة الإحتلال حالياً قادرة على أن تدفع ثمن صفقة تبادل كما تريدها المقاومة إلا انه هناك إشكالات داخلية في الإئتلاف وتناقضات داخلية في الإئتلاف من الممكن أن يتهاوى إذا ذهبوا إلى صفقة تبادل كما تُريدها المُقاومة في هذا الوقت، ولكن في قادم الأيام ستضطر "إسرائيل" ولا مناص لديها إلا أن تأتي راغمة للمقاومة لإجراء عملية تبادل وبالتأكيد سيكون الأسرى في مقدمتهم بإذن الله.
/انتهى/
تعليقك