١٤‏/٠٥‏/٢٠٢٣، ١١:١٢ ص

أكبر تراجع لـ"المعروض النقدي" الأميركي منذ العشرينات.. ماذا يعني؟

أكبر تراجع لـ"المعروض النقدي" الأميركي منذ العشرينات.. ماذا يعني؟

نشر موقع "مايسس إنستيتيوت" الأميركي تقريرا تحدث فيه عن تواصل انخفاض المعروض النقدي في الولايات المتحدة بشكل حاد بعد أن دخل المجال السلبي لأول مرة منذ 28 سنة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.

وأفادت وكالة مهر للأنباء، انه قال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن تراجع المعروض النقدي هذا هو الأكبر منذ الكساد الكبير في عشرينات القرن الماضي. وقد تباطأ نمو المعروض النقدي منذ نيسان/أبريل 2021، ثم شهد منذ تشرين الثاني/نوفمبر انكماشا لمدة خمسة أشهر متتالية.

في آذار/ مارس 2023، تسارعت وتيرة الركود حيث بلغت نسبة النمو السنوي في المعروض النقدي 9.9 بالمئة وهو أقل من معدل شباط/ فبراير البالغ 6.6 بالمئة، وأقل بكثير من معدل آذار/ مارس 2022 البالغ 7.1 بالمئة. ومع تراجع النمو السالب الآن إلى حوالي 10 بالمئة، فإن انكماش المعروض النقدي يعتبر الأكبر منذ الكساد الكبير.

وذكر الموقع أنه تم استخدام مقياس روثبارد ساليرنو للمعروض النقدي، وهو المقياس الذي طوره موراي روثبارد وجوزيف ساليرنو، وهو مصمم لتوفير قياس أفضل لتقلبات المعروض النقدي.

وقدّم الموقع تحديثات منتظمة على هذا المقياس ونموه. ويختلف هذا المقياس للمعروض النقدي عن مقياس "إم 2" لأنه يشمل ودائع الخزانة في الاحتياطي الفيدرالي (ويستبعد الودائع قصيرة الأجل وصناديق الأموال التجارية).

وفي الأشهر الأخيرة، تبعت معدلات نمو مقياس "إم 2" مسارًا مماثلًا لمعدلات نمو مقياس روثبارد ساليرنو للمعروض النقدي، على الرغم من أن مقياس روثبارد ساليرنو للمعروض النقدي انخفض بشكل أسرع من مقياس "إم 2". وفي آذار/ مارس 2023، بلغ معدل نمو مقياس "إم 2" 3.99 بالمئة في انخفاض واضح عن معدل النمو الذي سجله في شباط/ فبراير بنسبة 6.65 بالمئة. كما كان معدل النمو في آذار/ مارس منخفضًا بشكل كبير عن معدل آذار/ مارس 2022 البالغ 9.6 بالمئة.

وحسب الموقع، غالبًا ما يكون نمو المعروض النقدي مقياسًا مفيدًا للنشاط الاقتصادي ومؤشرًا على الركود الاقتصادي القادم. وخلال فترات الازدهار الاقتصادي، يميل المعروض النقدي إلى النمو بسرعة حيث تمنح البنوك التجارية المزيد من القروض. ومن ناحية أخرى، غالبا ما تكون فترات الركود الاقتصادي مسبوقة بمعدلات نمو أبطأ للمعروض النقدي.

وذكر الموقع أن الانكماش السلبي للمعروض النقدي ليس بالضرورة مقياسًا ذا مغزى. لكن التراجع إلى المنطقة السلبية الذي شهدناه في الأشهر الأخيرة يساعد على توضيح مدى الانخفاض البعيد والسريع في نمو المعروض النقدي. وهذا عادة ما يكون إشارة تحذيرية للنمو الاقتصادي والتوظيف.

وتعتبر حقيقة تراجع المعروض النقدي أمرا مدهشا لأن المعروض النقدي نادرًا ما يتراجع. وقد انخفض المعروض النقدي حاليا بمقدار 2.2 تريليون دولار (أو 10.2 بالمئة) منذ ذروته في نيسان/ أبريل 2022.

وحتى مع هذا الانخفاض الأخير في إجمالي المعروض النقدي، فإن نمو المعروض النقدي لا يزال يتجاوز بكثير الاتجاه الذي كان موجودًا خلال الفترة ما بين 1989 و2009. ومنذ سنة 2009، نما مقياس روثبارد ساليرنو للمعروض النقدي بنسبة تقترب من 200 بالمئة. وفي ظل كل هذه الأرقام الإجمالية، فإن انخفاضًا بنسبة عشرة بالمئة يسبب فقط تأثيرا ضئيلا في الكتلة الضخمة للأموال التي تم إنشاؤها حديثًا.

لا يزال اقتصاد الولايات المتحدة يواجه عبئا نقديًا كبيرا ناجما عن السنوات العديدة الماضية، وهذا سبب عدم حدوث تباطؤ أكبر في سوق العمل بعد تسعة أشهر من تباطؤ نمو المعروض النقدي. ومع ذلك، كان التباطؤ النقدي كافيا لإضعاف الاقتصاد بشكل كبير. فقد انخفضت أسعار المنازل وارتفعت مديونية بطاقات الائتمان، وارتفعت حالات التخلف عن السداد على القروض والإيجارات، وانخفضت فرص العمل، وانخفضت توقعات التصنيع بشكل أعمق في المنطقة السلبية.

*المعروض النقدي وارتفاع أسعار الفائدة

تبدأ الطفرة التضخمية في التحول إلى الانهيار بمجرد أن تهدأ عمليات ضخ الأموال الجديدة، وهذا ما نشهده حاليا. ولا تعتبر الأزمة الحالية أمرا غريبا بعد أن تراجع بنك الاحتياطي الفيدرالي أخيرًا عن مسرع تكوين الأموال بعد أكثر من عقد من التيسير الكمي والقمع المالي والتفاني العام في الحصول على الأموال السهلة. واعتبارًا من أيار/ مايو، سمح الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بالارتفاع إلى 5.25 بالمئة. وهذا يعني أن أسعار الفائدة قصيرة الأجل قد ارتفعت بشكل عام أيضًا.

ونبّه الموقع إلى أنه من دون الوصول المستمر إلى الأموال السهلة بمعدلات قريبة من الصفر، تجد البنوك نفسها في مأزق رغم ادعاءات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جاي باول، بأن النظام المصرفي "سليم ومرن". وفي أحدث استطلاع رأي لمسؤولي القروض من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وجد الباحثون أن المصرفيين يعتقدون أن انخفاض توقعات النمو الاقتصادي إلى جانب تدفقات الودائع الخارجة سيؤدي إلى تشديد البنوك لمعايير الإقراض. وقد وجدت البنوك أن الطلب على القروض قد أصبح ضعيفا في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ النشاط الاقتصادي.

وأورد الموقع أن البنوك لديها سبب وجيه للقلق. فقد نتج عن الشهرين الماضيين انخفاض تاريخي في الودائع المصرفية، حيث انخفضت ودائع نيسان/ أبريل إلى المنطقة السلبية أكثر من أي شهر آخر منذ أكثر من 50 سنة.

وهناك مؤشرات أخرى على أن الاقتصاد معرض للركود أيضًا. ويشير كل هذا إلى تراجع سريع في النشاط الاقتصادي في اقتصاد تم فيه إفراغ المدخرات والاستثمارات الحقيقية بأكثر من عقد من الأموال السهلة. ودون اقتصاد موجه نحو المدخرات الحقيقية وزيادة الإنتاجية، سيؤدي التضخم النقدي المستمر إلى زيادة تضخم الأسعار.

وفي ظل هذا الوضع الاقتصادي الهش، كان على الاحتياطي الفيدرالي أن يختار بين ارتفاع تضخم الأسعار من ناحية، والنظام المصرفي المترنح على حافة الهاوية من ناحية أخرى. وقد دفعت مخاوف التضخم بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى السماح بارتفاع أسعار الفائدة، مصحوبة بتقلص المعروض النقدي. ويبقى أن نرى كم من الوقت سيستغرق بنك الاحتياطي الفيدرالي لإعلان حالة الطوارئ والتراجع نحو الأموال السهلة، مما حفز استمرار هذه الدورة من تضخم الأسعار المتصاعد.

/انتهى/

رمز الخبر 1933200

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha