١٥‏/٠٢‏/٢٠٢٥، ٤:١٦ م

التومان أحرجني!

التومان أحرجني!

أطرقتُ رأسي، وشعرتُ بالخجل من فرحةٍ لم يكن لها معنى... التومان لم يسقط، بل نحن الذين وقعنا في الاختبار، وأحرجنا التومان!

وكالة مهر للأنباء- سمعتُ أن التومان الإيراني تراجع إلى مستوى قياسي مقابل الدولار، فشعرتُ بفرح غريب وقلت لزوجتي: "هذه فرصة لا تُعَوض، سأذهب للتصريف حتى نستفيد في رحلتنا القادمة إلى إيران".

وصلت إلى مكتب الصرافة، وكان مزدحماً بالناس، فناديتُ على الصراف الذي أعرفه قائلًا: "استعجل لي بالتصريف، فالتومان سقط بالقاع!". لكنه ردَّ بابتسامة هادئة: "نعم، ولكن انتظر دورك".

وبينما أجلسُ في الانتظار، التفت إليَّ رجل خمسيني، عليه سمات الوقار والسكينة، يسبح بمسبحة من طين كربلاء، وعيناه تحملان هدوءاً عميقاً. فجأةً، نزلت دمعة على وجنته النقية، وقال بصوت خافت لكنه موجع:

"أخي، آلمني ما قلته".

شعرتُ بالحرج، فسألته بتردد: "لماذا يا حاج؟".

نظر إليَّ بعينين تحملان حكمة الزمن، ثم سألني: "هل أنت شيعي؟".

أجبته بصراحة: "نعم، بكل تأكيد".

هزَّ رأسه بأسى وقال: "يبدو أنك لم تتأمل في زيارة عاشوراء كما ينبغي... كيف تفرح بانهيار عملة بلدٍ يحمل لواء التشيُّع، ويدفع شعبه ثمن الحصار والعداء بسبب موقفه في مواجهة الاستكبار والظلم؟".

سكتُ لبرهة، ثم سألته: "وما علاقة زيارة عاشوراء بذلك؟".

ابتسم بحزن وقال: "ألا تقول في زيارتك للحسين عليه السلام: (أنا سِلْمٌ لمن سالمكم، وحَرْبٌ لمن حاربكم)؟ كيف تَسُرُّ بضعف اقتصاد دولة وقفت مع المستضعفين، وسالت دماء أبنائها في العراق وسوريا واليمن وفلسطين دفاعًا عن العقيدة والمقدسات؟ هل نسيت دماء القائد سليماني، الذي افتدى هذه الأرض كي لا تُستباح نساؤنا وأعراضنا؟".

ساد الصمت بين الجميع، وكلماته أيقضتنا من غفلتنا. ثم أكمل بصوتٍ مملوءٍ بالعزيمة: "أنا لا أشتري إلا المنتج الإيراني، وأرفض دعم اقتصاد دول التطبيع، لأن كل درهم يدخل إليهم يتحول إلى رصاصة تُطلق على رؤوس أطفال اليمن وسوريا والعراق".

أطرقتُ رأسي، وشعرتُ بالخجل من فرحةٍ لم يكن لها معنى... التومان لم يسقط، بل نحن الذين وقعنا في الاختبار، وأحرجنا التومان!

/انتهى/

رمز الخبر 1954405

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha