وكالة مهر للأنباء: ان نزع سلاح حزب الله في لبنان قضية بالغة الأهمية، سواء من منظور الأمن القومي اللبناني أو من منظور الأمن الإقليمي وإذا ما أُخذت مسألة نزع سلاح حزب الله في الاعتبار دون مراعاة الواقع الميداني والنهج العدواني للكيان الصهيوني، فقد تكون لها عواقب وخيمة للغاية على لبنان، بل وحتى على المنطقة.
حزب الله هو القوة العسكرية اللبنانية الوحيدة التي لديها خبرة مباشرة في المواجهة العسكرية مع إسرائيل
وفي إشارة إلى العنصر الأول لمخاطر نزع سلاح حزب الله في لبنان، اعتبر شكيبائي الخبیر في شؤون غرب آسيا أن إحدى هذه الحالات تتمثل في فقدان الردع في لبنان والمنطقة ضد الكيان الصهيوني، مؤكدًا: "من أهم المخاطر إضعاف أو فقدان الردع ضد إسرائيل. حزب الله هو القوة العسكرية الوحيدة في لبنان التي لديها خبرة مباشرة في المواجهة العسكرية مع إسرائيل؛ وخاصةً في حرب الـ 33 يومًا، والتي لا تزال آثارها ظاهرة في المعادلات الإقليمية".
وتابع: "بالإضافة إلى ترسانة متطورة من الصواريخ والطائرات المسيرة، يتمتع حزب الله بحضور ميداني قوي في جنوب لبنان وعلى طول الحدود المحتلة. إن القضاء على هذه القوة الرادعة يُمهد الطريق عمليًا لعدوان محتمل من قبل الكيان الصهيوني على جنوب لبنان. وإذا لم يكن جنوب لبنان محتلًا حتى اليوم، فذلك بفضل وجود حزب الله الرادع". إذا نُزع سلاح حزب الله، ستواجه الحكومة والجيش اللبنانيان ضغوطًا أكبر.
وفي إشارة إلى العنصر الثاني من مخاطر نزع سلاح حزب الله في لبنان، قيّم خبير غرب آسيا العنصر الآخر بأنه تزايد في الضغط على الحكومة والجيش اللبنانيين، وقال: إذا نُزع سلاح حزب الله، ستتعرض الحكومة والجيش اللبنانيان لمزيد من الضغط من القوى الأجنبية. ولن يأتي هذا الضغط من الكيان الصهيوني فحسب، بل قد تتدخل فيه أيضًا بعض الدول العربية.
وأضاف: من ناحية أخرى، لا يمتلك الجيش اللبناني القدرة ولا الخبرة ولا الإمكانيات اللازمة لمواجهة التهديدات الخارجية؛ وسيكون هذا الجيش، بدون دعم شعبي وسياسي، عرضة للغاية للضغوط الخارجية. كما أن القضاء على حزب الله كممثل سياسي وعسكري لطائفة واسعة من الشيعة اللبنانيين قد يُضعف الدعم الاجتماعي للجيش.
حزب الله ليس مجرد قوة عسكرية
وفي إشارة إلى العنصر الثالث من مخاطر نزع سلاح حزب الله في لبنان، اعتبر شكيبائي أن أحد هذه المخاطر هو خطر عدم الاستقرار السياسي والحرب الأهلية، مؤكدًا: إن تجربة السبعينيات والثمانينيات لم تُمحى بعد من ذاكرة الشعب اللبناني. إن نزع سلاح حزب الله قد يكون بداية فترة من عدم الاستقرار الداخلي أو حتى الحرب الأهلية، لأن حزب الله ليس مجرد قوة عسكرية، بل له بُعد هوية وسياسي وديني.
وتابع: إن نزع سلاح هذه القوة يُعدّ عمليًا إقصاءً لفصيل مؤثر من البنية السياسية للبلاد، ومن الطبيعي أن تتفاعل هذه الفصيلة للحفاظ على مكانتها. كما أن مثل هذه الظروف تزيد من احتمالية الصراع المباشر بين الشعب والجيش. نزع سلاح حزب الله سيفتح الباب أمام تدخل الولايات المتحدة وإسرائيل في لبنان.
وتطرق خبير الشؤون الدولية إلى العنصر الرابع من مخاطر نزع سلاح حزب الله في لبنان، قائلاً إن هذا العنصر الرابع هو تزايد نفوذ القوى الأجنبية في لبنان، مضيفاً: إن نزع سلاح حزب الله سيفتح الباب أمام الولايات المتحدة وإسرائيل، وحتى بعض الدول العربية، للتدخل في السياسة اللبنانية. لطالما كان حزب الله أحد أهم العوائق أمام النفوذ الأجنبي في لبنان، والقضاء عليه سيجعل لبنان أكثر عرضة للضغوط الخارجية.
وتابع: من بين القضايا التي ستتأثر بشكل مباشر الانتخابات الرئاسية، وانتخابات المجالس البلدية، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بحقول النفط في البحر الأبيض المتوسط. وقد أظهرت التجربة الأخيرة لحقل كاريش النفطي أنه لو لم يتدخل حزب الله آنذاك، لكانت مصالح لبنان النفطية قد ضاعت. سوريا مثال واضح على سيناريو فقدان الردع.
وفي إشارة إلى العنصر التالي في مخاطر نزع سلاح حزب الله في لبنان، اعتبر شكيبابي تكرار سيناريو سوريا واحتمالية الاحتلال العسكري أمرًا بالغ الأهمية في هذه المنطقة، مؤكدًا: سوريا مثال واضح على سيناريو فقدان الردع. فبعد إضعاف البنية المركزية، ستهاجم إسرائيل أي نقطة تريدها على الأراضي السورية. ومن المرجح أن يتكرر هذا النمط في لبنان أيضًا.
وأضاف: يحتل الکیان الصهيوني حاليًا أكثر من 13 نقطة في جنوب لبنان. وإذا تم نزع سلاح حزب الله وخلصت إسرائيل إلى أنه لم يعد هناك أي رادع، فقد تشن هجمات عسكرية أوسع نطاقًا، أو تحتل المنطقة، أو حتى تدخل بيروت؛ على غرار ما حدث عام 1982.
نزع سلاح حزب الله سيُعرّض لبنان لمصير سوريا
وتطرق الخبير في شؤون غرب آسيا إلى الجانب الآخر من مخاطر نزع سلاح حزب الله اللبناني، معتبراً دخول الجماعات المتطرفة وبداية فوضى طويلة الأمد إحدى عواقب هذه القضية، مؤكداً: في غياب قوة ردع، من الممكن أن تدخل جماعات متطرفة كجبهة الجولان أو ما شابهها، بدعم من جهات إقليمية أو عابرة للحدود، الساحة وتدفع لبنان نحو انعدام الأمن، والحروب بالوكالة، أو حتى التفكك. وقد لوحظ اتجاه مماثل في سوريا في السنوات الأخيرة، وآثاره المدمرة واضحة تماماً.
وأضاف: بشكل عام، قد تكون لمحاولة نزع سلاح حزب الله، دون مراعاة للظروف الإقليمية، والواقع الداخلي اللبناني، وتهديدات الکیان الصهيوني، عواقب وخيمة: فقدان استقلال لبنان، وعدم الاستقرار الداخلي، وتزايد نفوذ القوى الأجنبية، وحتى بدء حرب استنزاف أو احتلال عسكري.
وعلى الحكومة اللبنانية اتخاذ قراراتها بناءً على المصالح الوطنية، لا الضغوط الخارجية. وختم شكيبائي بالقول: "كمراقبين وأصدقاء للشعب اللبناني، ومع احترامنا لاستقلال هذا البلد، فإن توصيتنا هي أن يتم اتخاذ القرارات الأمنية المهمة من خلال النظر إلى التجارب السابقة والمصالح الوطنية والظروف الميدانية الحقيقية، وليس على أساس الضغوط الخارجية أو التوصيات الملقاة من الخارج".
/انتهى/
تعليقك