٢٠‏/٠٤‏/٢٠٠٥، ٤:١٢ م

تحليل سياسي

الفاتيكان والدخان الابيض

بعد 17 يوما من النقاشات التي جرت بين الكرادلة في الفاتيكان خلف الابواب المغلقة تصاعد الدخان الابيض من مدخنه كنيسة " القديس بطرس " في المقر البابوي ابتهاجا بتعيين البابا الجديد.

وقد انتخب الكردينال الالماني جوزف راتسينغر" (78عاما ) زعيما للفاتيكان بعد ان قضى عشرين عاما من عمره في خدمة الكرسي البابوي , ليكون البابا رقم 265 للكنيسة الرومانية الكاثوليكية التي يتبعها 1ر1 مليار مسيحي كاثوليكي في العالم.
ويواجه البابا الجديد جوزف ستينغر" الذي لقب نفسه بـ " بنديكيت السادس عشر" اي مبارك السادس عشر ويعرف بتحفظه الشديد حيال قضايا العالم , تحديات جسيمة خلال توليه هذا المنصب الرفيع.
ويتعين على البابا الجديد ان ينظر الى قضايا العالم  بنظرة ثاقبة وليس من افق ضيق سيما القضايا المتعلقة بالشرق الاوسط وفلسطين والعراق بالتحديد.
ولا شك ان الظروف السائدة في هذا العالم والتي فرضت نفسها بسبب عصر الثورة المعلوماتية تختلف تماما عن ظروف القرن الماضي اذ جعلت هذه الثورة في ان يتحول العالم الى قرية صغيرة.
ومن هذا المنطلق فان على قادة الكاثوليك توسيع نظرتهم الى خارج دائرة هذه الديانة اذ ان زمن صراع الاديان الذي كان سائدا ابان الحروب الصليبية وما تلاها قد ولي واصبح العالم اليوم بحاجة ملحة الى استراتيجية حوار الاديان.
لقد جاءت الاحداث المؤسفة التي حدثت خلال القرون الماضية اساسا نتيجة للنظرة التوسعية للقادة السياسيين في الغرب وازدرائهم بمعتقدات الشعوب الاخرى ونظرة البابوات الضيقة تجاه باقي الاديان السماوية ومنها الدين الاسلامي الحنيف.
وبما ان الكاثوليك يشكلون اكثر من مليار شخص من سكان العالم ويستطيعون فرض انفسهم على صناع القرار الا ان انكماش قاده الفاتيكان وانطوائهم على انفسهم جعلت اصحاب القرار في الدول العظمى يستخدمون كل السبل لابعاد شعوبهم عن قيم السيد المسيح.
وعلى هذا الاساس فان التدخل السياسي للفاتيكان اصبح امرا لا غنى عنه سيما في الوقت الذي ترزح شعوب المنطقة مثل الشعبين الفلسطيني والعراقي تحت نير الاحتلال الصهيوني والاميركي.
ورغم ان البابا الراحل يوحنا بولس الثاني اخذ موقفا مشرفا عند احتلال العراق لكنه فيما بعد التزم الصمت حيال ما يجري في العراق ولم يندد بالمجازر التي يرتكبها الارهابيون ضد ابناء هذا البلد العريق الذي كان تربة خصبة لنشوء الاديان والحضارات وتعايش الشعوب بمنأى عن اي انتماء ديني وعرقي.
كما ان الفاتيكان كان وما زال شاهدا على المجازر التي يرتكبها الصهاينة في الاراضي المحتلة وانتهاك حرمة الكنائس في بيت لحم ورام الله دون اي تنديد.
ومهمة البابا اساسا لا تنحصر في اقامة قداس و تلاوة الصلاة والقاء المواعظ وتنصيب الكرادلة ، بل ينبغي ان تشمل امورا هامة اخرى مثل مكافحة التمييز العنصري وتعزيز الصداقة بين الشعوب ومنع الدول والكيانات من اضطهاد شعوبها وفتح المجال لاقامة حوار الاديان والسعي الى نصرة الشعوب.
فنظرا للاحترام الذي يكنه العالم الاسلامي الى حضيرة الفاتيكان ودورها الهام في العالم فمن المأمل ان يكون الدخان الابيض الذي تصاعد من مدخنة كنيسة " القديس بطرس " في الفاتيكان للاعلان عن انتخاب البابا الجديد في يوم الثلاثاء الماضي دليلا على الصداقة والمحبة بين كل شعوب العالم./انتهى/
حسن هاني زاده – خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء

 

رمز الخبر 174297

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha