١٦‏/٠٢‏/٢٠٢٥، ٨:٣٢ ص

تقرير خاص لـ"مهر"؛

لغز انتهاكات أميركا للمعاهدات في العالم؛ من شرق آسيا إلى أمريكا اللاتينية

لغز انتهاكات أميركا للمعاهدات في العالم؛ من شرق آسيا إلى أمريكا اللاتينية

إن الاتفاقيات التي لم تكتمل بين أميركا وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية وفيتنام وكوبا ليست سوى أمثلة قليلة على تراجع واشنطن عن التزاماتها، وهو ما جعل العالم لا يثق بالتزاماتها.

وكالة مهر للأنباء، ان في الأسابيع القليلة التي مرت منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، كان سوق النقاش والتكهنات حول المفاوضات المحتملة بين طهران وواشنطن ساخناً. المفاوضات التي بدأت سابقا بشكل غير مباشر، على الرغم من المعارضة، وأدت إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة"، لكن ترامب انسحب منها بشكل أحادي خلال ولايته الأولى، على الرغم من تعاون إيران البناء، وفرض أشد العقوبات المناهضة لإيران في شكل "أقصى قدر من الضغط" على طهران.

وفي هذا الصدد، اعتبر سماحة قائد الثورة الإسلامية، صباح الجمعة (7 فبراير 2025)، في اجتماع لقادة وأركان القوات الجوية والدفاع الجوي، أن من الضروري الاستفادة من تجربة "عامين من المفاوضات والتنازلات ولكن دون الوصول إلى نتيجة"، وأضاف: "الولايات المتحدة انتهكت المعاهدة نفسها، رغم نواقصها، وانسحبت منها". لذلك فإن التفاوض مع مثل هذه الحكومة هو أمر غير حكيم وغير ذكي وغير مشرف، ولا ينبغي التفاوض معها.

وبالإضافة إلى الاتفاق النووي، فإن نظرة تاريخية على تاريخ التزامات أميركا واتفاقياتها مع دول أخرى في جميع أنحاء العالم تكشف عن عبثية وحتى ضرر هذه المحادثات، كما يتجلى في الاتفاقيات العديدة التي انتهكتها الولايات المتحدة وغير المثمرة، من شرق آسيا إلى أميركا اللاتينية.

الاتفاقيات الأمريكية مع كوريا الشمالية؛ اتفاقية 1994 وسنغافورة (2018)

پازل پیمان‌شکنی‌های آمریکا در جهان؛ از شرق آسیا تا آمریکای لاتین

تم توقيع الاتفاق بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية عام 1994، والمعروف باسم "الإطار المتفق عليه"، بهدف وقف البرنامج النووي لكوريا الشمالية في مقابل المساعدات الاقتصادية ومحطات الطاقة المائية الخفيفة من واشنطن. وأثار الاتفاق في بادئ الأمر آمالاً بتخفيف التوترات، لكن الولايات المتحدة أخرت تنفيذ التزاماتها، وفي بعض الحالات رفضت تقديم المساعدات التي وعدت بها.

ومع وصول إدارة جورج بوش إلى السلطة في عام 2001، تم تطبيق سياسات أكثر صرامة ضد كوريا الشمالية، وتم وصف البلاد بأنها جزء من "محور الشر". وأخيرا، انسحبت كوريا الشمالية من معاهدة حظر الانتشار النووي في عام 2003 واستأنفت برنامجها النووي، مما شكل انهيارا فعليا للاتفاق.

في عام 2018، بعد الاجتماع التاريخي بين دونالد ترامب وكيم جونج أون في سنغافورة، تم التوصل إلى اتفاق جديد لنزع السلاح النووي لكوريا الشمالية مقابل تخفيف العقوبات. وأثار اللقاء، الذي كان أول لقاء مباشر بين زعيمي البلدين، الآمال في تحسين العلاقات، لكن نص الاتفاق كان عاما ويفتقر إلى إطار تنفيذي واضح. ولهذا السبب فإن الغموض في تنفيذ الالتزامات جعل هذا الاتفاق، مثل سابقه، هشاً.

وبعد فترة قصيرة، لم تخفف الولايات المتحدة العقوبات فحسب، بل زادتها أيضا ووضعت المزيد من الضغوط على كوريا الشمالية. وقد أدى هذا الإجراء إلى استئناف كوريا الشمالية التجارب الصاروخية وتطوير الأسلحة النووية. ونتيجة لذلك، فشلت اتفاقية سنغافورة، مثل اتفاقية عام 1994، بسبب الافتقار إلى ضمانات التنفيذ والتغييرات في السياسات الأميركية، وظلت العلاقات بين البلدين متوترة.

سيطرة الولايات المتحدة على كوريا الجنوبية من خلال اتفاقية الصواريخ (1979)

پازل پیمان‌شکنی‌های آمریکا در جهان؛ از شرق آسیا تا آمریکای لاتین

في عام 1979، وقعت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية اتفاقية وضعت حدوداً لبرنامج الصواريخ الكوري الجنوبي. وبموجب هذا الاتفاق، تم تحديد مدى الصواريخ الكورية الجنوبية بـ180 كيلومترا، ووزن الرؤوس الحربية بـ500 كيلوغرام. وكانت هذه السياسة جزءًا من استراتيجية الولايات المتحدة للسيطرة على الأسلحة في شبه الجزيرة الكورية والحفاظ على نفوذها على الجيش الكوري الجنوبي.

ومع مرور الوقت وتزايد التهديدات الكورية الشمالية، طالبت كوريا الجنوبية بتخفيف هذه القيود، لكن الولايات المتحدة لم تخفف بعضها إلا تدريجيا. في عام 2001 وصل مدى الصواريخ إلى 300 كيلومتر وفي عام 2012 وصل إلى 800 كيلومتر، لكن تطوير كوريا الجنوبية لتقنيات الدفاع ظل محدودا.

وبالإضافة إلى القيود التي فرضتها اتفاقية عام 1979، فرضت الولايات المتحدة في بعض الأحيان تدابير أكثر صرامة، مما أعاق تطوير بعض التقنيات الدفاعية الرئيسية في كوريا الجنوبية. على سبيل المثال، طلبت واشنطن من سيول وقف أو مراجعة المشاريع المتعلقة بصواريخها المجنحة وأنظمة الدفاع الصاروخي. وقد أثار هذا النهج استياء كوريا الجنوبية، ففي حين وسعت كوريا الشمالية برنامجها الصاروخي دون قيود، استمرت كوريا الجنوبية في مواجهة العقبات الناجمة عن السياسات الأميركية.

وأخيرا، في عام 2021، وبعد عقود من المفاوضات والضغوط الدبلوماسية، قررت الولايات المتحدة رفع جميع القيود المفروضة على برنامج الصواريخ لكوريا الجنوبية. وقد سمحت هذه الخطوة لكوريا الجنوبية بتطوير صواريخها الخاصة دون قيود على المدى ووزن الرأس الحربي، مما قلل من اعتمادها على المعدات الأمريكية. وكان رفع هذه القيود بمثابة تحول في الاستراتيجية الأميركية تجاه الصين وكوريا الشمالية، حيث أعطت واشنطن أولوية أكبر لتعزيز حلفائها مع تزايد التهديدات الإقليمية. وأظهر هذا التطور أن الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة يمكن أن يشكل عقبة أمام تقدم تكنولوجيات الدفاع في أي بلد على المدى الطويل.

اتفاقية السلام مع فيتنام (1973)

پازل پیمان‌شکنی‌های آمریکا در جهان؛ از شرق آسیا تا آمریکای لاتین

وكانت اتفاقيات باريس للسلام عام 1973 واحدة من أهم الاتفاقيات الدبلوماسية خلال حرب فيتنام، والتي تم توقيعها بعد مفاوضات مطولة بين الولايات المتحدة وفيتنام الشمالية وفيتنام الجنوبية وفئة ويت كونغ. وقد أعطى هذا الاتفاق، الذي جاء في أعقاب ضغوط دولية واستياء شعبي داخل الولايات المتحدة بسبب استمرار الحرب، لواشنطن الفرصة للانسحاب رسميا من الصراع.

وبموجب هذا الاتفاق، تعهدت الولايات المتحدة بسحب قواتها من فيتنام وإنهاء الدعم العسكري المباشر لفيتنام الجنوبية. وفي المقابل، تعهدت فيتنام الشمالية بتقليص عملياتها العسكرية في الجنوب والتعاون للتوصل إلى حل سياسي دائم. ومع ذلك، وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق أنهى رسميا التدخل الأميركي المباشر، فإنه فشل في منع استمرار الصراع المدني في فيتنام.

ورغم انسحاب القوات الأميركية من فيتنام، واصلت الولايات المتحدة التدخل بشكل غير مباشر في التطورات الإقليمية. وكان أحد جوانب هذا الإخلال بالوعد هو العقوبات الاقتصادية الثقيلة التي فرضتها الولايات المتحدة على فيتنام. وقد خلقت هذه العقوبات عقبة خطيرة، خاصة في مجال التجارة وقدرة فيتنام على الوصول إلى الأسواق العالمية، وتسببت في بقاء اقتصاد البلاد في حالة حرجة لسنوات. وعلاوة على ذلك، واصلت الولايات المتحدة شن غارات جوية ضد الدول المجاورة لفيتنام، بما في ذلك كمبوديا ولاوس، ولم تتسبب هذه الهجمات في دمار واسع النطاق في هذه البلدان فحسب، بل مهدت الطريق أيضًا لزيادة عدم الاستقرار في منطقة جنوب شرق آسيا بأكملها.

وفي نهاية المطاف، أظهرت السياسة الأميركية بعد اتفاق 1973 أن البلاد تسعى فقط إلى الانسحاب العسكري الرسمي من فيتنام، ولكنها استمرت في استخدام أساليب أخرى للضغط على حكومة فيتنام الشمالية. وقد أدت هذه الإجراءات، إلى جانب عجز فيتنام الجنوبية عن مواجهة القوات الشمالية المتقدمة، في نهاية المطاف إلى سقوط سايجون في عام 1975 وتوحيد فيتنام تحت الحكم الشيوعي.

اتفاقية التعاون مع كوبا (2014)

پازل پیمان‌شکنی‌های آمریکا در جهان؛ از شرق آسیا تا آمریکای لاتین

في عام 2014، خلال رئاسة باراك أوباما، توصلت الولايات المتحدة وكوبا إلى اتفاق تاريخي لتطبيع العلاقات بعد عقود من العداء وقطع العلاقات الدبلوماسية. وتضمن الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بوساطة الفاتيكان والبابا فرانسيس، إعادة فتح السفارات في كلا البلدين، وتخفيف بعض العقوبات الاقتصادية، وإنشاء إطار للتعاون الدبلوماسي والتجاري. وكان الهدف الرئيسي من هذه الاتفاقية هو الحد من التوترات السياسية والاقتصادية بين البلدين وخلق مساحة لتحسين الوضع الاقتصادي في كوبا من خلال زيادة التجارة والاستثمار الأجنبي. ومن الممكن أيضا أن يؤدي تحسين العلاقات الدبلوماسية إلى إفادة الجالية الكوبية الأميركية، التي تأثرت بالقيود الصارمة التي فرضتها واشنطن على مدى عقود من الزمن.

ومع ذلك، بعد تغيير الحكومة في الولايات المتحدة ووصول دونالد ترامب إلى السلطة في عام 2017، شهدت سياسات واشنطن تجاه كوبا تغييرات جدية. ترامب، الذي اتخذ نهجا أكثر صرامة تجاه الحكومات اليسارية في أميركا اللاتينية، ألغى العديد من الامتيازات الممنوحة لكوبا وفرض عقوبات اقتصادية جديدة ضد البلاد. إن فرض قيود أكثر صرامة على سفر المواطنين الأميركيين إلى كوبا، والعقوبات الجديدة على قطاعي الطاقة والتجارة في البلاد، والضغوط الاقتصادية على حكومة هافانا، كانت بمثابة سياسة عدوانية أدت فعلياً إلى وقف عملية تطبيع العلاقات. وقد وجه هذا التغيير في النهج الأميركي ضربة قوية للاقتصاد الكوبي، الذي كان لا يزال يعتمد بشكل كبير على التجارة الخارجية والسياحة.

واعتمد ترامب، الذي تولى منصبه للمرة الثانية في البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة منذ بضعة أسابيع، سياسات أكثر صرامة ضد كوبا. كان أحد أول الإجراءات التي اتخذها ترامب ضد كوبا هو إعادة إدراج الدولة الأمريكية اللاتينية على قائمة الدول الراعية للإرهاب؛ وهو القرار الذي أدى، إلى جانب ردود الفعل المحلية والخارجية المنتقدة لسياسات البيت الأبيض، إلى كشف المزيد من بطلان التزامات أميركا ومعاهداتها.

/انتهى/

رمز الخبر 1954398

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha