١١‏/٠٢‏/٢٠٢٥، ١:١٦ ص

باحث بالشؤون الدولية:

لا ضمانات لالتزام واشنطن بأي اتفاقات ثنائية او دولية

لا ضمانات لالتزام واشنطن بأي اتفاقات ثنائية او دولية

صرح الباحث في الشؤون الأوروبية والدولية "د. يحيى حرب" ان "السمة الرئيسية للسياسات الاميركية هي الرغبة في التفرد بالهيمنة على العالم، واستغلال القوانين الدولية لخدمة مصالحها وحروبها على اعدائها ومنافسيها". مضيفاً "لا اعتقد ان هناك اي ضمانات يمكن الوثوق بها لالتزام واشنطن بأي اتفاقات ثنائية او دولية".

وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: رغم كل العقوبات والتحديات خرج الشعب الايراني اليوم ليعلن انه خلف السيد القائد بقراراته بأنه ضد الخضوع والخنوع للادارة الاميركية، هذا الشعب الذي حافظ على مبادىء هذه الثورة المباركة طوال 46 عاما .

أكَّد آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، (دام ظله الشريف) أنَّ التجربة أثبتت أنّ التفاوض مع الولايات المتحدة ليس ذكيًا ومشرفًا ولا حكيمًا، مشيرًا إلى أنَّ المفاوضات مع الولايات المتحدة لن تحلّ مشاكل إيران.
منذ عام 2015؛ تاريخ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الاف العقوبات فرضت على الجمهورية الاسلامية سيما بمرحلة كورونا، حيث منعت الولايات المتحدة وصول الادوية الى ايران مما تسبب بمقتل مئات الضحايا، والان تحاول الولايات المتحدة الاميركية أن تعودة للاتفاق النووي.

حول آخر المستجدات عن هذا الموضوع، أجرت مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، حوارا صحفيا مع الباحث في الشؤون الأوروبية والدولية "د. يحيى حرب"، وجاء نص الحوار على النحو التالي:

ما هي الأسباب الرئيسية التي تجعل العديد من الدول تشكك في مصداقية الولايات المتحدة في المفاوضات الدولية، خاصة في ظل انسحابها المتكرر من اتفاقيات مهمة مثل اتفاقية باريس للمناخ أو الاتفاق النووي الإيراني؟

"عدو المعاهدات" وصف يصح إطلاقه على دونالد ترامب في ولايته الأولى خلال الفترة بين عامي 2016 و2020..
وكان مسلسل انسحابات ترامب بدأ في يونيو عام 2017، حينما انسحب من اتفاقية باريس لمكافحة تغير المناخ. وفي أكتوبر من العام ذاته، انسحبت الولايات المتحدة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو".

وفي مايو 2018، قرر ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، على الرغم من تأكيد وكالة الطاقة الذرية على التزام إيران ببنود الاتفاق.

وفي يونيو 2018، أعلن ترامب انسحاب بلاده من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة... وفي الثالث من أكتوبر 2018، انسحب من البروتوكول الاختياري بشأن حل النزاعات الملحق بمعاهدة فيينا. وفي نفس اليوم أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو انسحاب بلاده من معاهدة الصداقة بين أميركا وإيران، والتي أبرمت في عهد حكم الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي.

وفي ذات الشهر، لم يسلم اتفاقٌ خاصٌ بالبريد تم توقيعه قبل نحو 145 سنة من مشرط ترامب.

ثامن الانسحابات كان من نصيب معاهدة القوى النووية المتوسطة في فبراير عام 2019، وفي أبريل 2019، اتخذ ترامب قرارًا بالانسحاب من معاهدة الأمم المتحدة للسلاح، والتي كانت تقيد توريد الأسلحة لمجرمي الحروب.
آخر انسحابات ترامب وأكثرها ضجةً في الآونة الأخيرة كانت من منظمة الصحة العالمية، التابعة للأمم المتحدة، وذلك في شهر يوليو 2020.

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير 2025، أطلق ترامب سلسلة من القرارات التي أخرجت واشنطن من عدة منظمات أممية، وأوقفت تمويل برامج دولية رئيسية، ولعل ابرزها الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، ومجلس حقوق الانسان ووكالة الاونروا والوكالة الاميركية للتنمية الدولية (USAID) .

هذه الانسحابات اعتبرت اجهاضا للنظام العالمي وتفريغا له من مؤسساته الدولية. وما اثار حنق الاصدقاء قبل الاعداء ان سياسات ترامب يجري تنفيذها بمعزل عن حلفائه ودون اي احترام او اعتبار للعلاقة التاريخية معهم.

وهذا ما جعل الجميع ينظرون بعين القلق والريبة من سياساته الفوضوية او العنصرية التي تجري تحت شعار اميركا اولا.

كيف يمكن تفسير انسحاب الولايات المتحدة من منظمات دولية كمنظمة الصحة العالمية أو معاهدات مثل معاهدة "الصواريخ متوسطة المدى" ما تأثير ذلك على ثقة المجتمع الدولي كطرف في المفاوضات ؟

معظم قرارت ترامب المتعلقة بالمؤسسات والمنظمات الدولية التي يتم الانسحاب منها تأتي لاسباب:
1- اقتصادية: بذريعة ان واشنطن تتحمل كلفة تسيير وتمويل هذه المؤسسات بينما يستفيد منها اطراف اخرون في المجتمع الدولي.. وهو يطالب الدول بزيادة مساهماتها في هذه المنظمات.
2- سياسية: اثر اتهامات لهذه المنظمة بمعاداة اسرائيل او العمل ضدها، وخصوصا منظمة اليونسكو والانوروا واخيرا العقوبات على محكمة الجنايات الدولية.
3- اتهامات بالفساد او قلة الفعالية كما حصل مع منظمة التجارة العالمية التي لم يقرر بعد الانسحاب منها الا انه هدد بذلك.
والتحيز لكيان الاحتلال كان من ابرز هذه الاسباب التي اثارت الرأي العام الدولي، لان اتهام منظمات الامم المتحدة بالتحيز وهي التي انشأت كيان الاحتلال وتخضع للهيمنة الاميركية والغربية بشكل مطلق، كان مثيرا ومقززا اذ انه بات من الواضح ان على المنظمات الدولية الا تحمي امن اسرائيل وحسب بل ان تشجع جرائمها الموصوفة وانتهاكاتها السافرة لقيم ومقررات المنظومة الدولية.
ورغم ان واشنطن قد احلت مصالحها بدل ما يسمى المجتمع الدولي منذ عقود من الزمن الا انها الان باتت تمارس ذلك دون حتى مراعاة اساليب العمل في هذه المؤسسات بما يحفظ ماء وجه الحلفاء الذين يسايرونها في اغلب الاحيان.

هل تعتقد أن الانسحابات الأمريكية المتكررة من الاتفاقيات الدولية تعكس تغييرًا في سياساتها الخارجية نحو العزلة، أم أنها مجرد تكتيكات تفاوضية، وكيف يمكن للدول الأخرى التعامل مع هذا النهج؟

ان السمة الرئيسية للسياسات الاميركية هي الرغبة في التفرد بالهيمنة على العالم، واستغلال القوانين الدولية لخدمة مصالحها وحروبها على اعدائها ومنافسيها في العالم.. والحديث عن العزلة والنزعة الوطنية المتطرفة (اميركا القوية .. واميركا اولا) هي مجرد شعارات للتحشيد الداخلي واثارة غرائز الاميركيين وجرهم للاصطفاف خلف معسكر السلطة في حروبها الداخلية والخارجية، فأميركا لا تستطيع ان تنعزل عن العالم لان هذه الدولة في الاصل تعبير عن تجمع شركات النهب واستلاب ثروات الشعوب وفرض التبعية على اقتصاداتهم لمصلحة الاقتصاد الاميركي المنتفخ. والعزلة تعني اضمحلالها وموتها.

ولا شك ان العالم من دون اميركا افضل بكثير.. بل ان هذه الامبريالية المتصهينة تقف وراء تسعين في المئة من مشاكل العالم وحروبه وازماته.

واذا كان صحيحا ان الادارة الاميركية ما زال فيها بقية من براغماتية تدفعها الى ابتزاز الدول الاخرى عبر التهديد بالعقوبات او فرض الضرائب او حتى الغزو العسكري، الا ان الامر الثابت وخصوصا في ظل ادارة الرئيس الحالي انها قادرة على فرض العقوبات والانسحاب من المنظمات الدولية بجرة قلم ودون اي حسابات للعواقب.

والاكيد ان النظرة الاستعلائية للرئيس ترامب والزمرة المتحلقة حوله لاسباب مختلفة، تبرر له خطوات تبدو للاخرين غير معقولة ومغامرة، الا انه لا يتوانى عن القيام بها. ان ما يمنع ترامب من الاقدام على المزيد من المغامرات هو قدرة الاخرين على الوقوف في وجهه وتحدي نزعته الاجرامية المغامرة. اذ ان السكوت والتراجع امام هذا التسونامي الهائج يزيده قوة واستعلاء.

في ظل سجل الولايات المتحدة في الانسحاب من الاتفاقيات الدولية، ما هي الضمانات التي يمكن تقديمها لضمان التزامها بأي تفاوضات مستقبلية، خاصة في قضايا حساسة مثل نزع السلاح النووي أو تغير المناخ ؟

لا اعتقد ان هناك اي ضمانات يمكن الوثوق بها لالتزام واشنطن بأي اتفاقات ثنائية او دولية لأن الامر لا يتعلق بالرئيس ترامب ومجموعته اليمينية المتطرفة وحسب بل انه كاد ان يتحول الى سياسة عامة لدى هذه الدولة ومصالحها المتقلبة.

‎فعلى سبيل المثال لا الحصر فان الادارة السابقة للرئيس بايدن لم تستطع العودة الى الاتفاق النووي مع ايران، على الرغم من انه تعهد بذلك ابان حملته الرئاسية، بل وضع ذلك في مقدمة برنامجه الانتخابي باعتبار ان هذه العودة مؤشر على احترام اميركا للمواثيق والاتفاقات الدولية. وفي السنتين الاخيرتين كان بايدن اسوأ من ترامب في احتقار وتعطيل المؤسسات الدولية، وخصوصا في كل ما يتعلق بكيان الاحتلال وجرائمه المتمادية بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة الاخرى.

ان الولايات المتحدة هي في الواقع الدولة المارقة الاولى في العالم، ولكن قوتها المادية وهيمنتها على النظام العالمي تجعلها بمنأى عن المحاسبة والمساءلة.

ان هذا المستوى من الشك في مصداقية الولايات المتحدة وخصوصا تحت ادارة الرئيس ترامب هي ما عبرت عنه مواقف مرشد الثورة اية الله السيد علي الخامنئي الاخيرة والتي اكد فيها أن التفاوض مع الولايات المتحدة ليس ذكيا ولا مشرفا ولا حكيما.. وإن المفاوضات مع الولايات المتحدة لن تحل مشاكل إيران.

واضاف السيد القائد انهم: "يجب ألا يوهمونا بأن الجلوس على طاولة المفاوضات مع تلك الحكومة سيؤدي إلى حل هذه المشكلة أو تلك، لا، لن تحل أي مشكلة عبر التفاوض مع أمريكا والتجرية الماضية أثبت هذا الأمر".

وهذه القناعة اصبحت اكثر شمولا وانتشارا وخصوصا في اوروبا وفي المنطقة العربية.. حيث تعاني الدول العربية الحليفة من تخلي واشنطن عن كل التزاماتها تجاه القضية الفلسطينية، وتماهيها مع المواقف الصهيونية، حتى وان كانت على حساب امن ومصالح الدول المفترض انها حليفة لها في المنطقة.

/انتهى/

رمز الخبر 1954224

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha