" مصر أمّ الدنيا " ... عنوان لطالما تصدّر الملاحق الإعلامية حتى أصبح جزءاً من الثقافة العالمية لهذا البلد الذي لعب أدواراً هاماً في السياسة الإقليمية ولا نغالي إن قلنا في السياسة العالمية على مدى عقود من الزمن .
وبعيداً عن الإنتصارات التاريخية لهذا الشعب العظيم الذي استطاع أن يحقق بمقاومة الرئيس " جمال عبد الناصر " إنجازاً عظيماً في صراعه مع العدو الإسرائيلي ، يقع اليوم في قبضة الإرهاب المتمددة على مساحة الوطن العربي .
منذ إسقاط الرئيس " مبارك مبارك " ، وانتخاب القيادي في جماعة الإخوان المسلمين الرئيس السابق " محمد مرسي " الذي أُعيد إسقاطه بعد سنة واحدة من توليه منصب الرئاسة لعدم قدرته إدارة شؤون البلاد – بحسب ما عبّر المتظاهرون – ولإنكشاف الوجه الحقيقي له بعد أن ارسل رسالة المحبّة والتقدير لشيمون بيريز الإسرائيلي ، وما رافق عزل الرئيس مرسي عن الحكم وتعيين الرئيس " عبد الفتاح السيسي رئيساً للجمهورية ، قامت قيامة مصر في صراعها مع الإرهاب .
بدأت التشيكلات المسلحة " الإرهابية " تعصف بأمن هذا البلد مع قيامة الخلايا النائمة من تنظيم بيت المقدس إلى القاعدة وليس انتهاء بالأخوان المسلمين الذين تبنوا عدة هجمات وتفجيرات في مختلف المحافظات المصرية .
بات الإرهاب في مصر يومياً : في القاهرة عبوات ناسفة وتفجيرات ، في شمال سيناء التي شهدت احداثاً أمنية كبيرة في أكثر من 28 تفجيراً وهجوماً على أنابيب للغاز ومراكز للأمن المصري ذهب ضحيته أكثر من ثلاثين جندياً ومئات الجرحى بينهم مدنيين .
وهنا يطرح السؤال : لماذا هذا الإنفجار الأمني في مصر ؟ ما خلفياته ؟ وما هي آفاقه ؟
لا يخفى على أي متابع للشؤون المصرية أن الهجمات التي تعصف بالجمهورية المصرية تحمل أبعاداً سياسية تتمثّل بالإنتخابات البرلمانية المحددة في 3 يونيو المقبل حيث تعمل جماعة الإخوان المسلمين للعودة إلى البرلمان بقوة أكبر ليتسنّى لها تشكيل ضغوط من داخل المؤسسات الحكومية ، وهنا يستحضرنا خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في نيويورك للاعلاميين، وتأكيده ان الشعب المصري سيسقط البرلمان في حال وصول الاخوان اليه، وتحذير وزير الداخلية من عودة الجماعة اذا اجريت الانتخابات في موعدها ، لذلك تبرز على هذا الخط فرصة تأجيل الإنتخابات – حسب ما سرّبت بعض المصادر المقربة من الرئيس السيسي – بحجة هشاشة الاوضاع الامنية وعدم قدرة وزارة الداخلية على استكمال التحضيرات لإنشغالها بالأوضاع الامنية .
هل تنجح مصر في التغلّب على الإرهاب ؟ لاشك أن لدى مصر رصيداً هاماً من العلاقات الدولية عليها أن تستفيد منها ومن أهمّها تمتين العلاقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتوثيق الإتفاقات التنسيقية الأمنية .
لماذا إيران ؟ لأن إيران هي الجهة الوحيدة التي استطاعت – حتى الآن – أن تثبت قدرتها على تحصين حدودها وتمنع الإرهاب من المساس بأمنها وهذا إن دل على شيء فهو يدل على حكمة قادتها وشدة تحصيناتها الامنية الداخلية ليبرز مؤشر آخر وهو قراءتها الثاقبة للإرهاب ، بالإضافة إلى ان إيران ليس لديها أطماع أو صفقات تجارية مع مصر على عكس الدول التي " تنفخ أوداجها " والتي تطمح إلى إثارة الفوضى في مصر كما في باقي دول الشرق أوسطية .
مع الإشارة إلى أنّ الحكومة الإيرانية قد أبدت مراراً حسن نواياها تجاه مصر التي ربطتها بها علاقات تاريخية لا يمكن تجاوزها أو التغاضي عنها .
وعندما نقول العلاقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية يعني أن تعيد مصر توجيه بوصلتها نحو القضية الفلسطينية قبلة المسلمين ، خصوصاً بعد عملية القنيطرة التي أثبتت وحدة المشروع بين العدو الصهيوني والجماعات الإرهابية .
وفي الخلاصة ، مصر في قبضة الإرهاب وعلينا أن نعوّل على حكمة القيادة ونضال هذا الشعب الرافض للإرهاب والإرهابيين ، أن تخرج مصر من هذا الصراع وأن تتكاتف مع الدول المناهضة والمحاربة جدياً للإرهاب لتعود مصر كما كانت " أم الدنيا " .
بقلم: فادي بودية
تعليقك