مهدي ذوالفقاري: سعت امريكا والتحالف الغربي الصهيوني العربي الى استغلال الخلافات السياسية بين بعض الجماعات في سوريا مع الحكومة في عام 2011 , بالتزامن مع وقوع "الصحوة الاسلامية" , ومن خلال تضخيم وتحريض المعارضة حاولت تأليب الحركات مايعرف بالديمقراطية في سوريا على غرار ما حصل في ليبيا وتونس ومن ثم مصر , فواضعو المخطط المشؤوم "الشرق الاوسط الجديد" والمعروف بـ "الشرق الاوسط المجزئ" , عندما تيقنوا من فشل مؤامراتهم حول سوريا , وضعوا مشروع الخطوة خطوة لتأسيس عدم مجاميع ارهابية تحت شعار "اقامة النظام الاسلامي" بهدف الاطاحة بنظام بشار الاسد , وقدمت لها الدعم الشامل , بغرض تقسيم سوريا بين هذه المجاميع الارهابية.
واراد التحالف المشؤوم من خلال وسائل اعلامه ان يحرض الرأي العام ضد الحكومة الشعبية السورية وتحميلها مسؤولية الهجوم الكيمياوي على منطقة الغوطة بريف دمشق في 21 اغسطس 2013 والتي تعتبر اكثر الهجمات الكيماوية مأساوية بعد الهجوم الكيمياوي على حلبجة في مارس 1988 , حيث دعت الى تشكيل تحالف عاجل بين امريكا وفرنسا وبريطانيا والسويد وتركيا , وقبل ان اعلان نتائج لجنة تقصي الحقائق , سارعت الى اعداد سيناريو مشابه لسيناريو الهجوم على صدام بذريعة وجود اسلحة دمار شامل, حيث اتهمت الحكومة السورية بمسؤولية القيام بهجم كيماوي في غوطة دمشق.
وجاءت مبادرة روسيا وايران حول هذه القضية وانضمام سوريا الى التحالف الدولي "مكافحة اسلحة الدمار الشامل": ليحبط المؤامرة الغربية.
واستمر الدعم المادي والعنوي للارهابيين في سوريا الى ان كشفت وسائل الاعلام عن بعض الممارسات اللاانسانية التي ارتكبتها المجاميع الارهابية مثل احراق الطيار الاردني الاسير او قطع الرؤوس , ونية الارهابيين على القيام باعمال ارهابية لدى عودتهم الى بلدانهم الداعمة للارهاب , حيث حاول التحالف متعمدا الايحاء بانه يرى نفسه على مفترق طرق معقد , فاما الهجوم على الارهابيين او مواجهة حكومة بشار الاسد والاطاحة به.
وان ما جعل التحالف ان يتظاهر بالظروف المصطعنة الآنفة الذكر هو وجود اجرائين موازيين.
1- اعلان دعم المجلس الوطني للمعارضة والمكون من معارضي حكومة الاسد , حيث قامت الدول العربية في التحالف الغربي وبعد فشل مشروع مايسمى بالجيش الحر , وعبر نبيل العربي الامين العام العربية باتخاذه قرارا غريبا في مارس 2013 بتفويض مقعد سوريا الى معاذ الخطيب رئيس المجلس الوطني المعارض , وعرض هذه المجلس علمه لاول مرة بشكل رسمي , ولكن هذا المجلس المعارض لم يتمكن من تحقيق الاهداف المرجوة من قبل التحالف الغربي الصهيوني العربي للاسباب التالية :
الف – ان هذا المجلس مكون من اطياف ايدولوجية مختلفة من العلمانيين الى المتطرفين الوهابيين.
ب – وجود خلافات بين الجماعات التي تدعمها قطر والجماعات المدعومة من قبل السعودية.
وعلى هذا الاساس تم البدء بالخطة باء للتحالف الغربي بعد فشل المعارضة وجناحه العسكري الجيش الحر بتحقيق اهدافه.
2- تأسيس "التحالف الدولي لمكافحة داعش" بشكل متسرع , حيث كان يتصور هذا التحالف ان بامكانه الاستمرار بلعبة مزيفة تحت شعار محاربة داعش في سوريا , اذ لم يتم اضعاف الارهابيين في هذا البلد فحسب, بل انهم استمروا في احتلال المزيد من الاراضي , واتسع نطاق اجرامهم الى مناطق اخرى. وبعد الكشف عن القاء الطائرات الامريكية مساعدات الى الارهابيين , اعترفت امريكا التي تقود التحالف الغربي بان ذلك حصل خطا , ولكن تكرار ذلك والصور التي التقطت حول شحنات من الاسلحة وتدريب الارهابيين والذين يعبرون الحدود من تركيا الى سوريا , اضافة الى حادث الاصطدام المريب والذي ادى وفاة مراسلة قناة برس تي في "سرنا شيم" اثناء تغطيتها للمعارك الطاحنة بين الاكراد وارهابيي داعش في بلدة "عين العرب" (كوباني) ومنع تركيا لدخول الاكراد الذين ارادوا مساعدة ابناء جلدتهم لتحرير كوباني , قد كشف عن مخطط التحالف الغربي الصهيوني العربي.
ج- مع بداية عمليات التحالف الدولي المزعوم , اعلن المسؤولون الامريكان ان القضاء على الارهابيين بحاجة الى ثلاث سنوات على الاقل , في حين ان عملية عاصفة الصحراء لهذا التحالف في تحرير الكويت او عملية الهجوم على اسلحة صدام المعروفة بثعلب الصحراء نفذت في مدة قصيرة , لذا فان الادعاء بحاجة الى وقت لاجتثاث الارهابيين في سوريا , كان ذريعة لتمديد تواجد التحالف المذكور في هذه المنطقة الحساسة في الشرق الاوسط.
ت- تحريض الكيان الصهيوني على القيام بهجمات متناوبة على الارارضي السورية , بهدف توجيه ضربة الى حزب الله لبنان ردا على الهزائم التي تلقاها من المقاومة اللبنانية , وتقوية الارهابيين في سوريا , وزج سوريا في جبهة جديدة مع الكيان الصهيوني , وتهديد الطريق الذي يسلكه حزب الله عبر الحدود اللبنانية الى جنوب غرب سوريا حتى ضاحية دمشق , واهم من ذلك تحقيق حلمه "من البحر الى النهر" اي اقامة الكيان الصهيوني من البحر المتوسط حتى نهر الاردن.
ث- ان نشاطات التحالف لا تقتصر على الغارات الجوية , فباستطاعة هذه الغارات الجوية اقامة منطقة حظر للطيران , وفرض قيود على القوة الجوية السورية في عمليات الاستكشاف وشن الهجمات على الارهابيين , كما قام التحالف بتسليح داعش بالاسلحة حديثة في الجبهات التي حقق فيها الجيش السوري تقدما على الارض , وبهذ الطريقة استنزفت الدول الغربية ارصدة الدول العربية الرجعية في الخليج الفارسي والتي كانت من الممكن ان تسبب مشكلة للغرب , وبالتالي انعشت مصانع الاسلحة الامريكية.
ج – وأهم من ذلك كله فان التحالف المعروف بمكافحة داعس يفتقد الى الشرعية الدولية كما لم يحصل على اذن من مجلس الامن الدولي , بسبب معارضة روسيا والصين للقيام بعمل عسكري في سوريا.
ومن هذا المنطلق وبعد ان ان تحملت موسكو 55 شهرا , وبعد فشل التحالف الغربي اعلنت الحكومة الروسية في 30 سبتمبر الماضي انه وفقا لقرار "تعريف العدوان" المصادق عليه من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة في عام 1974 وفي اطار القوانين الدولية فانها استجابت الى طلب الحكومة السورية الشرعية وقامت بتوجيه ضربات جوية الى مواقع الارهابيين.
واعترفت وسائل الاعلام في العالم بعد مرور عدة ايام من بدء الهجمات الجوية الروسية , بكفاءة هذه الهجمات واشارت الى ان الدواعش هربوا من الحسكة السورية الى مدينة الموصل العراقية , وفر عناصر جبهة النصرة واحرار الشام في شمال سوريا الى الحدود التركية.
وحسب اعتقاد بعض الخبراء فان من الممكن ان تكون احد اهداف الهجمات الجوية الروسية في سوريا (غير ابعاد الارهابيين عن اللاذقية وطروطوس وحماية المنشآت الروسية في في هذه المناطق) , فرض حصار على تنظيم داعش وتطويقه في اطراف الموصل لتسهيل عملية القضاء على هذا التنظيم الارهابي . وتشير التقارير الى لن مجموعة من الارهابيين اتجهوا الى جنوب تركيا ضمن قوافل اللاجئين للتوجه الى اوروبا وايجاد المشاكل لبلدانهم./انتهى/
تعليقك