ولفت امين حطيط الى تصريحات مراهق الحكم السعودي بان "حربا بين ايران و السعودية ستكون كارثة على المنطقة والعالم ولذا لن يسمح بها" معتبرا انه قول يمكن ان يخدع البسطاء او البلهاء ، ويثير السخرية والاستهزاء لدى العاديين من العقلاء المتتبعين للسياسة السعودية في سنوات الأخيرة التي شهدت انهيارا سعوديا أطاح بموقعها وفضائها الاستراتيجي وحملها على الانخراط المباشر في الحروب لاستعادة تلك المكانة الضائعة.
واضاف السعودية كانت احد الاذرع الرئيسية في اضرام الحريق العربي وتمويل ارهابه ، معتقداً ان الادعاء السعودي اليوم بانه لا يريد الحرب مع ايران هو قول كذب بهدف التنصل من المسؤولية عما آلت اليه الأمور بعد التصعيد الأخير بين البلدين وعما يمكن ان يحدث من ويلات، وهو تصعيد تتحمل السعودية كما هو واضح النسبة العالية من المسؤولية فيه حتى يمكن القول بانها سبب المأساة بمعظمهما .
وتابع : ان بحثا عن الحقيقة يقودنا الى الأيام الأولى التي اندلع فيها الحريق العربي ، حيث شهرت السعودية العداء لمحور المقاومة و زعمت انها تناصر الشعب السوري ضد قيادته الشرعية المنتخبة ، وتدخلت ولازالت في الشأن السوري بشكل يخالف كل قواعد القانون الدولي السياسي منها والعسكري والدبلوماسي , وراحت مدفوعة بحلم السيطرة والهيمنة تستجيب لمتطلبات الاستراتيجية الأميركية.
واكد الكاتب ان مخططات السعودية لتشكيل قوس وهابي لضرب محور المقاومة فشلت في الميدان على يد سورية وحلفاؤها في محور المقاومة لافتا الى ان السعودية وبدعم أميركي ترى ان النجاح في المهمة هذه يتطلب خوض حروب إقليمية تقودها بنفسها حتى تمكنها من فرض اصطفاف عربي وإسلامي خلفها، حروب تستهدف محور المقاومة وحلفاءه مع التركيز على إيران التي تعتبرها السعودية راس المخاطر على احلامها وترى ان ابعادها عن المنطقة ومحاصرتها قوميا وإسلاميا شرط لا بد منه للوصول الى قيادة العرب والمسلمين.
واردف قائلا: لهذا بدأت السعودية وبرعاية أميركية باستدراج إيران الى الحرب عبر افخاخ نصبت لها بشكل متتالي. فكان أولا فخ البحرين مع دخول قوات سعودية لتواجه الثورة الشعبية السلمية فيها ، الثورة التي تزعم السعودية انها مدعومة لا بل مسيرة من ايران. و اضاف: لما لم ينجح الفخ نظرا لوعي ايران ، كان الفخ في سورية و العراق بدعم الإرهابيين فيهما لتمكينهم من الإطاحة بحليف ايران في سورية و تهديد الحدود الإيرانية الغربية ، و تعاملت ايران هنا أيضا بذكاء مفرط رغم الأدلة القائمة على مسؤولية السعودية عن الإرهاب في البلدين فأنها لم تنزلق الى مواجهة السعودية مباشرة، ثم كان فخ اليمن مع كل ما رافقه من وحشية و اجرام ارتكبته السعودية على ارض اليمن و كانت السعودية ولا زالت تكرر بان ما تقوم به في اليمن موجه ضد ايران لمنع تمددها فيه .و أخفقت السعودية في عملية الاستدراج مرة اخرة .
وارتأى المحلل السياسي اللبناني انه لما ضاق ذرع السعودية من الصير والوعي والاستيعاب الإيراني، ضيق فاقمه وصول ايران الى الاتفاق الدولي حول ملفها النووي اعقبه متغيرات دولية ترجمت لاحقا في فيينا حيث استجيب للموقف الإيراني السوري المشترك من الازمة السورية ، عندها ارتكبت السعودية جريمة وحشية مركبة انتهكت فيها الشعائر الإسلامية و قدسية الحج بأماكنه ومناسكه كما انتهكت سلامة الحجاج وامنهم وحياتهم، ما ادى الى وفاة ما يزيد عن أربعة الاف حاج نصفهم من الإيرانيين وفيهم سبعة من كبار الشخصيات في إيران، ومرة أخرى صبرت إيران ولم تستدرج الى المواجهة العسكرية مع السعودية.
واشار الى اصرار السعودية على استفزاز ايران من خلال اقدامها على ارتكاب جريمة جديدة وهي اعدام الشيخ نمر النمر، والذي أعقبت ذلك بقصف مباشر على السفارة الإيرانية في صنعاء، أي انها قصفت حسب القانون الدولي ارضا إيرانية، وفي مواجهة الجريمتين استمرت إيران ملتزمة قواعد ضبط النفس وعدم الانزلاق الى ما تريده السعودية التي تستجدي الحرب مع إيران رغم علمها بان إيران قادرة على حد قول طلال بن عبد العزيز بني سعود، و" في 24 ساعة على جعل السعودية تفقد كل ما لديها من بنى تحتية “، وتعود بها 100 عام الى الوراء.
وذكر حطيط في المقال ان السعودية تعلم جيدا ان إيران تعتبر اليوم القوة العسكرية الخامسة في العالم التي تملك قدرات دفاعية تامة وكافية لحماية اقليمها وقدرات هجومية عالية مؤهلة لإيقاع أكبر الاضرار والخسائر بمن يواجهها حتى ان إسرائيل تتهيب الموقف وتمتنع عن المغامرة ضدها رغم سيل التهديدات التي أطلقتها ابان المفوضات حول الملف النووي الإيراني متسائلا: فهل هو الحمق فقط ام هي المراهنات الخاطئة ام الوعود الأجنبية بالمساعدة؟
ورأى ان لامريكا مصلحة اقله بالتهويل بالحرب لان ذلك سيدفع السعودية الى الانفاق أكثر على الشأن العسكري والدفع أكثر لأميركا من اجل حمايتها على حد ما قال ترامب مؤخرا " ادفعوا المال نؤمن لكم الحماية ضد إيران " معتبراً ان اي حرب مع إيران ستدفع السعودية الى الاستسلام أكثر الى إسرائيل وستدفعها الى تعاون استراتيجي عميق معها في مواجهة عدو مشترك.
اما على الصعيد الاستراتيجي اشار الى ان الحرب بين السعودية وإيران تكون بنظر السعوديين عاملا يوقف تنفيذ الاتفاق النووي ويوقف التسوية السياسية في المنطقة التي همشت السعودية فيها وتدفع الى فرز حاد على أساس قومي ومذهبي ما يمكن السعودية من قيادة محور عربي ضد "إيران الفارسية" ومحور إسلامي وهابي ضد "محور شيعي" فتعوض بذلك سلسلة الفشل والتآكل التراكمي في مكانتها الاستراتيجية خاصة بعد فشل تحالفها العربي وركاكة تحالفها الإسلامي وعقم مجلس التعاون الاستراتيجي مع تركيا. كما ان الحرب قد تساعدها على تجاوز التصدع العائلي والصراع على السلطة وتغطية سرقة المال العام والتبذير الذي قاد الى شبه انهيار اقتصادي.
واستنتج الكاتب ان السعودية باتت تحتاج للحرب مع إيران لتحقيق كل تلك المصالح والأهداف وتريدها رغم الخسائر الفظيعة التي ستتسبب بها، تريدها متعامية عن النتائج المدمرة المتوقعة لان بني سعود بحقدهم وحمقهم ومسكونين بشهوة الملك والهيمنة يرتضون ذلك لأنهم يؤمنون ان حكما قام بالسيف لا يمكن ان يستمر الا بالسيف.
واشار في ختام المقال ان إيران التي ترى في الحرب شراً على العرب والمسلمين وكارثة على المنطقة وتحقيق لأهداف أعدائها فأنها ورغم قدراتها العسكرية الفائقة تستمر في اقفال الأبواب في وجه هذه الحرب لا عن عجز او خوف بل لحكمة وحرص وشجاعة في الصبر على المكروه من اجل الامة والمنطقة ولذا تستمر في مد يد التعاون مع العرب ونفي كل ما يشاع عن استعداد للحرب متسائلاً: فهل يغلب الجنون والجاهلية السعودية الوعي والإسلامية الإيرانية؟ ومعلقاً: "حتى الان لا نعتقد ان جاهلية شارب بول البعير ستغلب اسلامية حائك السجاد".
تعليقك