وفي مقابلة مع وكالة مهر للأنباء قال الناشط السياسي البحريني راشد الراشد أن الرسالة التي توجه بها قائد الثورة الاسلامية تحمل الكثير من المقاصد وانها تأتي في وقت حساس للغاية مضيفاً تأتي أهمية رسالة الإمام الخامنئي على أعتاب موسم الحج لأسباب عديدة ولعل أبرزها بأن موسم الحج يعتبر من المواسم العبادية المهمة والمؤثرة في كيان الأمة الإسلامية جمعاء ، وهو يعني جميع المسلمين على الكرة الأرضية وليس لفئة محددة أو جماعة محددة ، بل يمكننا الذهاب لأبعد من ذلك بأن الآثار المترتبة على التظاهرة العبادية السنوية تتجاوز آثارها المسلمين في إنحاء المعمورة لتشمل الإنسانية برمتها لما تضخه هذه المناسبة من حيوية وقوة في إتجاهات متعدّّدة ، وما تثيره من تساؤلات ضخمة على القيم التي تزخر بها هذه المناسبة المتفردة بطبيعتها وخصائصها ، وما ينطوي ذلك على أهمية خاصة في نفوس المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها".
وتابع "لأن موسم الحج تتجاوز آثاره الحدود الضيقة للجغرافيا والقيم الإنسانية فإن من الخطورة بمكان جداً أن يترك مثل هذه الموسم عرضة لما قد يعطل أهدافه وغاياته العظمى في فكر وقيم البشرية كسيطرة فريق من المسلمين على هذا الموسم وتوجيهه بالطريقة الخاطئة وغير الصحيحة ".
وأشار راشد الراشد الى أن عددا من المفكرين الإسلاميين بينهم علماء وفقهاء كبار طرحوا ضرورة التوجه لجعل الحج يزخر بالحيوية اللازمة للأمة وبما يعكس قيمها الإنسانية الكبيرة وعلى كافة المستويات وعلى شتى الصعد سياسياً بما يمثل وحدة البشرية في الإرتقاء بالبعد الإنساني والإخلاقي وتذويب الفوارق بينها وفي البعد الإقتصادي لواحدة من أكبر التجمعات البشرية التي يتداعى إليها الناس من كل نقاط العالم .
وتابع: هذا من جهة ومن جهة ثانية ، لقد إلتزم كبار فقهاء الأمة وعلمائها الصمت على ما يجري في موسم الحج من سوء توجيه وإدارة وتخطيط مراعاة للآداب الإسلامية وللقيم الأخلاقية التي يزخر بها ديننا الحنيف ، لكن تراكم الأخطاء الجسيمة خلال السنوات الماضية وللثلاثة عقود الماضية من سوء التوجيه والإدارة لهذه المناسبة الكبرى وتكرر الأحداث المأساوية التي يذهب ضحيتها العشرات بل المئات والآلاف من زوار بيت الله العتيق يجعل الجميع أمام تحمل مسؤولياتهم التاريخية والأخلاقية والشرعية .
وأردف الراشد قائلا "في الحقيقة لم يعد من الممكن مشاهدة مناسبة عظيمة كالحج تختزل في ممارسات سطحية وشكلية وعناوين براقة في الصحف لإستقبال هذا الموسم العظيم بينما نرى الغايات والأغراض الكبرى تغييب أو يتم تغييبها لأسباب يتم توظيفها سياسياً في الغاب" .
ونوه الناشط السياسي والحقوقي البحريني الى انه وفي السنوات الأخيرة دفع المسلمون أثمان باهضة من دماء ابنائها لسوء التخطيط والإدارة ، فيما تتكرر الحوادث المأساوية كل عام وتحول معها موسم الحج إلى موسم يدفع إلى القلق والخوف من وقع الأحداث التي تزهق فيها الأرواح .
في العام الماضي حدثت مجزرة مروعة راح ضحيتها المئات من الحجاج بما يتجاوز الحديث عن أخطاء في الإدارة إلى إستفهامات كبيرة حول حقيقة ما يجري في كل عام حيث منعت السلطات من وجود لجنة تحقيق مستقلة تقوم بالبحث والتحري والتحقيق عن حقيقة ما جرى في منى الموسم الماضي من الحج ، مما يثير التساؤلات إلى أبعد من حدود الأخطاء العارضة إلى جرائم ترتكب بحق حجاج بيت الله العتيق.
وأكد الراشد إن توجيه الإمام الخامنئي قائد الثورة الإسلامية لم يأت من فراغ بل جاء في خضم معطيات على الأرض تدفع بإتجاه التنبيه للكثير من الأمور المتصلة بهذا الموسم العبادي العظيم .
وفي ما يخص الحزم واللهجة الصريحة التي تضمنتها رسالة قائد الثورة الاسلامية قال راشد الراشد " لقد إلتزم كبار فقهاء وعلماء الأمة الإسلامية من كافة المشارب والإتجاهات بالصمت طيلة السنوات بل العقود الماضية مراعاة للآداب والقيم الأخلاقية في الإسلام العظيم ، لكن تكرار الأحداث المأساوية المؤسفة في كل عام جعلت العديدين يخرجون من صمتهم للحديث عن الحج وأهدافه العقائدية والحضارية المتعدّدة بالإضافة إلى توجيه الملاحظات وتقديم الرؤى فيما يتعلق بإحياء هذه الفريضة العبادية المقدّسة ، لكن النظام السعودي يدير الظهر للجميع ويدير هذه الفريضة المقدّسة بطريقته الخاصة وكأن الحج موسم خاص بالنظام السياسي الحاكم في شبه الجزيرة العربية وليس فريضة آلهية تمس المسلمين في كافة أصقاع الأرض بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم بل وتهم البشرية جمعاء . وأغرب من ذلك فإن النظام السعودي لم يكلف نفسه عناء دعوة فقهاء المسلمين وكبار علمائهم لطاولة يناقشون فيها هذه الفريضة المقدّسة من أبعادها المتعدّدة" .
وأضاف "بعد الأحداث الدرامية المأسوية لمجزرة منى العام الماضي ، وبعد مراوغات قام بها النظام السعودي لإخفاء الحقائق حول الحادثة ، وما تلاها من محاولات قامت بها الجمهورية الإسلامية للوقوف على تلك الحقائق وكذا بحث الإجراءات والترتيبات التي تضمن حماية حجاج بيت الله الحرام إلا أنه تمت مواجهتها بالمراوغة أيضا ، ولذلك لابد أن يستمع النظام السعودي لصوت آخر يحملهم كامل المسؤولية عن ما يقع في الحج من حوادث مأساوية مؤلمة وينبه المسلمين والبشرية في العالم إلى الحقائق المتصلة بموسم الحج وما يقوم به النظام السعودي من فرض رؤيته الخاصة على هذه الفريضة المقدّسة التي تعني جميع المسلمين في الكرة الأرضية . وهذا ما قام به سماحة الإمام الخامنئي عبر توجيه كلمته الخاصة حول موسم حج هذا العام" .
وأكد راشد الراشد في المقابلة وكالة مهر للأنباء أن النظام السعودي بدل الإعتذار قام بشن حملة إعلامية ضخمة على نجاح موسم الحج ونجاحه في إدارة الموسم بطريقة قاسية ومتغطرسة متجاهلاً فيها عواطف الملايين من المسلمين في العام ومشاعر ذوي الضحايا الذين فقدوا أعزتهم وأحبتهم في كارثة منى . في الوقت الذي لم تجف فيه دماء الضحايا ولم يتم موارتهم الثرى بعد وفي ظل صمت دولي مريب .
وتابع " إننا وأن قدرنا صمت المجتمع الدولي ، لكننا حقيقة نستغرب صمت الدول التي راح جملة أو جمع من رعاياها ضحايا الحادثة في منى . فلم نجد أية ردود فعل تجاه هذه الدول للمطالبة لا أقل بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة خاصة تقوم بمهمة التحقيق في الحادث وذلك للوقوف على الحقيقة وإتخاذ ما يناسبها من خطوات وإجراءات" .
وأشار الناشط والحقوقي البحريني الا انه لاذ الجميع بشكل يدعو للدهشة بالصمت ، وليومنا هذا لم يتخذ أحد أية خطوات في سبيل معرفة الحقيقة المتصلة بحادثة منى . ويتسرب بين المراقبين والمهتمين بشؤون المنطقة أن حاجة جميع تلك الدول إلى الإعانات المالية التي يقدّمها النظام السعودي أصبحت نقطة إبتزاز كبرى خطيرة في جسم العلاقات الدولية حيث يسخر النظام السعودي قدراته المالية في إخضاع حكومات ودول من ممارسة دورها الأخلاقي حتى في الدفاع عن رعاياه في حادث مريع كالذي حدث في منى .
وأكد إن الحج فريضة آلهية وهو من أجل وأقدس العبادات في العقيدة الإسلامية السمحاء وهي تعني جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها . إلا أن النظام السعودي يفرض رؤيته الخاصة في إدارة هذه الفريضة ويقوم بإخضاع الأمة لهذه الرؤية دون أن يسمح لأحد من كبار فقهاء وعلماء الأمة بمجرد إبداء وجهة نظر حتى في الرؤية المتعلقة بالحج كفريضة وعبادة وموسم حضاري كبير يجتمع فيه الناس من مجتمعات مدنية شتى منتشرة في أنحاء العالم .
واعتبر ان الحل يكمن في تمكين كبار فقهاء وعلماء الأمة من ممارسة دورهم الشرعي والأخلاقي في قيادة هذه المناسبة العبادية بحيث يستطيع جميع المسلمين أن يؤدوا هذه الفريضة دون وصاية وإملاءات نابعة من السلطة السياسية وأدواتها في القهر والوصاية .
وأشار الناشط البحريني في ختام المقابلة في ما يخص افضل طريقة لادراة الحج "بالنسبة لما هو أفضل لإدارة مناسك الحج ، من المؤكد إخراجها من التوظيف السياسي وطبيعة سلامة وصحة العلاقات الدبلوماسية بين الدول بل لابد من خلق أجواء تبعد هذه الفريضة عن المناكفات والمماحكات السياسية بين الدول لكي لا تكون هذه العبادة ضحيتها في نهاية المطاف".
واعتبر إن أفضل لإدارة مناسك الحج هو أن تكون هناك هيئة عليا تتشكل من كبار فقهاء وعلماء الأمة تقوم بمهمة التخطيط والإِشراف على أداء هذه الفريضة العظيمة وتوظيفها حضاريا بما يخدم الإنسانية والحضارة البشرية على حد سواء . /انتهى/
أجرى الحوار: رامين حسين آباديان
تعليقك