وأفادت وكالة مهر للأنباء إن الأكاديمي الايراني المتخصص في مجال النقد الأدبي الدكتور حسين باينده أشار في ورشة نقد أدبي تحت عنوان "الاقتباس السينمائي للرواية شكل من أشكال الترجمة" إلى إن التصور العام للترجمة هو نقل النصوص من لغة إلى لغة أخرى، موضحاً إن الترجمة هي تغيير النظام العلامي، فالأدب له نظام علامي خاص مختلف عن غيره وللسينما ايضاً مفاتيحها الخاصة المغايرة للأدب.
وأضاف باينده: إن الإضاءة والصوت جزء من الأركان الأساسية في السينما، وصناعة السينما تقوم على ترجمةالنص الأدبي في الرواية إلى نص مصور ومحكي، مشيراً إلى إن الدول المتطورة تستخدم السينما لتعريف بأدبها وثقافتها، وعلى سبيل المثال فالأعمال الخالدة في الأدب الانكليزي تم ترجمتها على شكل أفلام سينمائية تخاطب أوسع شريحة من الجمهور في العالم.
ونوه الأكاديمي الايراني إلى إن النسخة السينمائية من الرواية تنشر في بعض الأحيان أكثر من الرواية نفسها، معقباً إن ايران لديها ذخيرة من الروايات الأدبية التي يمكن أن تترجم من خلال صناعة السينما لتخلد دائماً.
وأوضح باينده إن كتاب الرواية في ايران ينتجون أثارهم بهدف توظيفها في السينما، مشيراً إلى إن بعض صناع السينما اتجهوا إلى الروايات الأدبية في ايران قبل وبعد الثورة الإسلامية ومنهم "داريوش مهرجويي" الذي ترجم عدد من الافلام السينمائية عن روايات ايرانية أشهرها فيلم "مهمان مامان" (ضيوف أمي) المقتبس عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب الايراني "هوشنك مرادي كرماني" إلى جانب فيلم "درخت كلابي" (شجرة الإجاص) للروائي "كلي ترقي"، حيث اعتبر النقاد الايراني إن مواطنه المخرج "مهرجويي" من أفضل مترجمي الأدب القصصي إلى أفلام، مؤكداً على إن اصطلاح الترجمة هنا يقصد به تحويل النص الأدبي إلى فيلم سينمائي.
وأكد الناقد الايراني على ضرورة تحويل فرع الترجمة إلى فرع مثمر يلبي ضرورات المجتمع ويوظف الطاقات الشابة في أحد أهم المجالات الفنية اليوم، فالعالم يبحث عن كل ما هو مرأي ومسموع ولاسيما في شبكة الانترنت التي يسود من خلالها التصوير على النص.
وأضاف الأستاذ الجامعي إن تحويل النص المكتوب إلى فيلم يحتاج إلى موازين مناسبة، منوهاً إلى إن المجال السينمائي يمتلك معاييره الخاصة لتعديل لا توجد في الأدب يمكن رؤيتها في الأزياء مثلاً، موضحاً إن بعض الترجمات من النص الأدبي إلى الفيلم السينمائي تقع على كاهل فنون أخرى كتصميم الأزياء، منوهاً إلى إن مصمم الأزياء يجب ان يلم بشكل جيد بأبعاد الرواية ومابين سطورها وإدراك كل ما تتضمنه من مفاهيم وأفكار ودين وأقوم وغيرها ليتمكن من تصميم الأزياء المناسبة للفيلم.
وأضاف باينده إنه من المستحيل ترجمة النص الأدبي حرفياً، بل يجب إعادة صياغة النص وفقاً للنظام العلامي للنص المنتج، موضحاً إنه في ترجمة الرواية إلى فيلم يمكن للمترجم استخدام تقنيات عدة تملكها السينما، مضيفاً إلى إن العديد من النصوص الأدبية الجميلة فقدت جماليتها بعد تحويلها إلى فيلم سينمائي مبرراً ذلك بعدم إلمام المترجم (صانع الفيلم) بتقنيات السينما المختلفة.
وعن ترجمة النصوص الأدبية إلى اللغات الأخرى أوضح باينده ذكر باينده أفضل المترجمين في ايران من وجهة نظره وهم رواد الترجمة "ابو الحسن نجفي" و "رضا سيد حسيني" و "منوجهري بديعي"، منوهاً إلى إن هؤلاء المترجمين كانوا على المام ومعرفة واسعة بالنثر الفارسي القديم، مضيفاً إن من يقرأ رواية "تيبو" للكاتب الفرنسي روجيه مارتن دوغار (ترجمة أبو الحسن نجفي) يعتقد إن الكاتب كتب روايته باللغة الفارسية.
وصرح الناقد الأدبي الايراني في هذه الورشة بإن من لا يتقن النقد الأدبي عاجز عن الترجمة بشكل صحيح، مضيفاً إن صانع الفيلم يجب أن يعرف أسلوب الروائي ويجد عناصر القصة ثم يترجمها، منوهاً إلى ضرورة الإلمام بالنقد الأدبي وتحليل الرواية من ناحية التقنيات الأدبية إلى جانب إتقانه للفنون السينمائية بشكل جيد.
وتطرق الأكاديمي الايراني حسين باينده إلى ترجمة الرواية العالمية "صورة الفنان في شبابه" ل "جيمس جويس" إلى اللغة الفارسية للمترجم "منوجهري بديعي"، موضحاً إن نص الرواية واقعي ومبني على الواقعية بشكل محكم ولغة النص الواقعي مادية تستحوذ على حواس القارئ الخمسة، معتبراً إن مثل هذه النصوص جيدة للصناعة السينمائية.
وختم باينده ورشة "الاقتباس السينمائي للرواية شكل من أشكال الترجمة" بإن فيلم "درخت كلابي" (شجرة الإجاص) للروائي "كلي ترقي" وإخراج "مهرجويي" أثر غير مادي وتحويله إلى فيلم سينمائي أمر صعب ويحتاج إلى مهارات عالية، إلا إن هناك قصص أخرى في الأدب الايراني كرواية "مدير المدرسة" ل "جلال آل أحمد" تقوم على المادية ويمكن تحويلها إلى فيلم بسهولة. /انتهى/.
تعليقك