تستمر الأزمة بين دول مجلس تعاون الخليج الفارسي والتي مضى عليها أكثر من11 يوماً ولازال التراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات مسيطراً على صحف دول الخليج الفارسي الا ان تحميل قطر مسؤولية كل ما حدث ويحدث، بهذا الزخم وهذه القوّة، هي الاولى من نوعها.
للوقوف عند هذه الأزمة وتفنيد الأسباب الحقيقية لها وتحليل ما أمكن من آخر التطورات، أجرت وكالة مهر للأنباء حديثاً مع المفكّر والكاتب الكويتي الدكتور عبد العزيز قطان حول الأزمة الخليجية- الخليجية.
1-ما هي الأسباب الحقيقية وراء الهجمة الإعلامية بين دول مجلس تعاون الخليج (الفارسي)؟
لست مندهشاً لما يحدث في دول مجلس تعاون الخليج (الفارسي)، وهذا التوتر الطبيعي الحاصل اليوم، والتراشق الكلامي لأنّه قبله قلنا مراراً وتكراراً بأنّ كل القمم العربية وجلسات مجلس تعاون الخليج (الفارسي) منذ نشأتها من بداية الثمانينات إلى يومنا هذا قد قامت على المجاملات بين بعضهم ولا خطة استراتيجية واضحة من قبلهم على مستوى الخليج (الفارسي) او المنظومة العربية بصورة عامّة.
2-هل تعتقد أنّ السبب في هذا الخلاف هو تحييد وتهميش قطر في قمّة الرياض الأخيرة؟ أو أنّ السبب يكمن في الصراع الميداني بين قطر والسعودية في تمويل الجماعات المسلحة في سوريا أو دول أخرى؟
لا يوجد توحيد حقيقي بين دول مجلس التعاون ولا ننسى أبداً، فقرار إنشاء الاتحاد في الثمانينات كان بمبادرة أمريكية للتصدي للخطر الإيراني آنذاك حسب زعم الإدارة الأمريكية والهدف هو الوقوف مع صدّام حسين ضد الخطر الإيراني المزعوم حيث تم استغلال هذا الأمر من استهداف لأموال دول الخليج (الفارسي) ومع الأسف العرب لا يقرأون التاريخ والتاريخ يعيد نفسه، فالعرب مختلفون في ملفات كثيرة كالملف السوري واليمني وغيرهما وبعضهم يجامل ومنها الشقيقة الكبرى المملكة السعودية.
3-كيف تقرأ إجمالاً تراجع الدور العربي بعد أن كان لبعض الدول قوّة مؤثّرة سياسيّاً على الأقل؟
الدول الكبرى اليوم لا تحمل مشاريع، الأمة مكبّلة فمصر التي كانت تقود الأمّة في الصراع العربي-الإسرائيلي، وكانت رأس العالم العربي والإسلامي، اليوم الحال لا دور لها فوثيقة كامب ديفيد أسقطتها بالفخ الأول وتلاشت قضية الصراع العربي -الإسرائيلي وأيضا عند توقيع معاهدة أوسلو فهذه أكبر من هزيمة عام 1967 وهي نكسة حقيقية على الأمة العربية والإسلامية.
4-ذكرتم في إحدى حلقات برنامج "حرّر عقلك" أنّ نظرة الغرب إلى دول الخليج (الفارسي) ليست أكثر من متجر، ما قصدكم من هذا الوصف؟
نعم لقد قلت في برنامج حرر عقلك في أكثر من مرة بأن الغرب ينظر إلى دول الخليج (الفارسي) بأنهم "سوبر ماركت" لا أكثر ولا أقل ولا ينظرون لهم باحترام بل ينظرون على أنهم دول نفطية تمتلك المال ولا تمتلك القرارات السياسية الحقيقية الفعالة للشعوب ولكن المشكلة الحقيقة التي تواجه الأمة العربية والإسلامية أنهم في غفلة ما زالوا يصفقون عاش الملك والرئيس ومات الملك والرئيس إذ نحترم كل إنسان يقدّم خدمة لبلده وشعبه وهذه هي الوطنية الحقيقية فالوطنية تعني أن يكون هناك تعاون كبير ومكاشفة بين الحاكم والمحكوم ويكون انفتاح كامل وشفافية ومجالس نيابية حقيقية.
5-هل هناك قيم مشتركة بين أمريكا والسعودية كما ذكرت قمة الرياض؟ ولماذا تلجأ الرياض إلى أمريكا لمواجهة إيران بدل أن تفاوض الأخيرة؟
القضية الإيرانية شمّاعة يستغلون فيها الإعلام والرأي العام دون أن ننسى أنّ الإعلام بيدهم فهذا الأمر هو تغطية للهدف الأكبر وهو التطبيع كما جاء على لسان ترامب والساسة الصهاينة عند قولهم أنّ التطبيع قادم وأن التحالف الحقيقي السني العربي ضد إيران موجود. فكل هذه الأعذار ضد إيران ومحور المقاومة المراد منه هو مزيد من التطبيع ما بينهم وبين الكيان الصهيوني وهذا ملموس من زيارة وفود صهاينة إلى البحرين وموافقة الامارات على دخول الصهاينة دون تأشيرة دخول كما صرح أحد المسؤولين وحجم التبادل التجاري والساسة الإسرائيليين موجودين في دول الخليج (الفارسي) فالخطر الإيراني شمّاعة لا تنطلِ إلا على الحمقى فقط وبعض أشباه المثقفين المروجين لهذه الفكرة.
6-لماذا في أي صراع يزج بإيران وهل زجها مفتعل ومخطط له؟
هناك قيادات شابة مستهترة من الأسر الحاكمة في الخليج (الفارسي) مع الأسف تقود الخليج اقتصاديا إلى الهاوية قبل أن تقوده سياسيا وتأخذ قرارات سياسية أكبر من حجمها الطبيعي فالصراع العربي الإيراني مفتعل وهو بالدرجة الأولى يصب لصالح الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية وقد يقول قائل بأن لإيران مصلحة طبعا لها مصلحة والسعودية لها مصلحة وأمريكا لها مصلحة وروسيا لها مصلحة والذكي من يكون مع كل الأطراف ولا يخسر أحد.
7-ما قراءتكم لنهاية الأزمة بين دول الخليج (الفارسي) الحاصلة؟ وهل تتوقع أنهم سيتوصلون إلى حل خلافاتهم الداخلية ومع جيرانهم لا سيما إيران والعراق؟
الشرخ حاصل لأن قطر تطمح بحسب المصالح إلى دور إقليمي كبير ولعبت دورا كبيرا في الأزمة السورية بدعمها لجبهة النصرة وبعض الميليشيات الإرهابية وهذا ليس سر وهذا جاء على لسان وزير خارجيتها في أكثر من مناسبة في دعم الميليشيات أو المعارضة السورية على حد تعبيره فلا أتصور أن يكون هناك اتفاق حاليا، فقضية التطاول والهجوم على قطر معدّ ومرتب من قبل، ولو لم يكن كذلك لما شاهدنا ما شاهدنا من التراشق الإعلامي وشتائم واتهامات، وما يحدث نتيجة طبيعية لقصر النظر لبعض السياسات.
8-ذكرتم أنّ إيران هي الشمّاعة التي يعلقون عليها مشاكلهم رغم أنها محور الحل هل ترى ذلك ممكن التحقيق؟
اليوم لا غنى عن الحوار مع إيران فلها ثقل كبير في المنطقة فكل دول التعاون تعلق أخطائها على إيران فلو كانت إيران مذنبة كما يعتقدون لا بأس فليتفضلوا بتقديم الحوار عبر صوت عاقل يفتح قنوات الحوار معها فهنا المعيار الحقيقي والمصداقية هل من مسؤول شجاع يزور هذا البلد ويطلب حوار جدي أو حتى بوساطة أي دولة، فالعدو اللدود أمريكا تحاورت مع إيران وقبلت بالملف النووي، فالحل هو الحوار إن أردنا لهذه المنطقة أن تكون بأمان ولكن التمسك بالعناد واللغة المتعالية فإن هذه الحكومات لا تمتلك أي إرادة سياسية وإنما هي أنظمة وظيفية تملى عليها القرارات الدولية من قبل الإمبريالية الأمريكية لتفتيت دول المنطقة وسرقة خيراتها فلتحذر دول الخليج من الغفلة.
9-هناك تغييب لبعض دول الخليج (الفارسي) حول التهدئة كسلطنة عمان والكويت، لماذا لحد الآن لم يتدخّلا لإنهاء الأزمة الحاصلة طالما أنّها خليجية خليجية؟
سلطنة عمان والكويت دائما تأخذا الحياد فهما صديقتان لإيران وحتى الإمارات لها علاقات جيدة مع إيران خاصة بحجم التبادلات التجارية، وموقف الكويت دائما إيجابي من أي موقف وحاليا موقفهما حيادي، وأتمنى من الشعوب العربية ودول الخليج (الفارسي) أن يكونوا كما الخط الكويتي والعماني في دعوات السلام لكل الأوطان والشعوب العربية./انتهى/
أجرت الحوار: سمر رضوان
تعليقك