وكالة مهر للأنباء ـــ تمارة المجالي : الملفت أنّ معظم الأطراف المتهمة بالتطبيع اليوم ولو بشكل غير مباشر، هي أطراف دأبت على رفع شعارات الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، لكنها على أرض الواقع لم تقدم أي دليل ملموس على ذلك، بل بالعكس عملت ولا تزال على تدمير كل السبل والآليات التي يمكن أن تخدم محور المقاومة العربية والإسلامية في المنطقة.
أثار تأجيل البرلمان التونسي النظر في مشروع القانون الذي تقدمت به مجموعة من الكتل النيابية لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني للمرة الثانية على التوالي، تساؤلات بين الأحزاب والأطراف التي قدمت هذا المشروع حول وجود إرادة سياسية حقيقية للسلطة لتجريم التطبيع. ووجهت إتهامات لرئاسة الجمهورية ورئيس مجلس النواب بالمماطلة في سن هذا القانون الذي ظل عالقا في أروقة البرلمان منذ عام 2012.
احتدم الجدل داخل لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان خلال الجلسة الثانية التي انعقدت الجمعة 9 فبراير/شباط 2018، للنظر في هذا المشروع لتتحول إلى شتائم وتشابك بالأيدي وتبادل لإتهامات بالعمالة "للصهيونية"، ليتم على إثرها رفع الجلسة إثر تغيب ممثل عن رئاسة الجمهورية وعن وزارة الخارجية. مما أثار حفيظة نواب المعارضة الذين حمّلوا رئيس البرلمان المسؤولية للمرة الثانية على التوالي في تعطيل النظر في هذا المشروع. وفي هذا الإطار، اتهم النائب عن الجبهة الشعبية عمار عمروسية رئيس البرلمان بتعطيل جلسات لجنة الحقوق والحريات من خلال رفضه إرسال دعوات رسمية لرئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية للحضور لمناقشة مشروع هذا القانون و"لرفع الحرج عنهم" حسب قوله.
هذا المشروع الذي قدمته الجبهة الشعبية منذ أكثر من سنتين تم تركه في رفوف البرلمان، وجاء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجائر بالاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل لتحريك الرأي العام في تونس، وخلق ضغط سياسي وشعبي أحرج مكتب البرلمان الذي اضطر مكرها، للإعلان عن برمجة جلسة عامة في شهر فبراير/شباط لمناقشة مشروع قانون تجريم التطبيع".
وقد أفاد النائب المعارض عمار العمروسية عن كتلة الجبهة الشعبية قائلا "وصلتني معلومة مؤكدة عن دعوة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لرئيس البرلمان قبل أيام من انعقاد الجلسة وقيامه بتوبيخه على برمجة هذا المشروع في قبة البرلمان وهو ما يفسر غياب ممثلين عن الرئاسة وعن الخارجية التونسية خلال الجلستين الماضيتين، وقد تعللوا بعدم إرسال رئيس البرلمان لهم دعوة رسمية لحضور الجلسة".
وكان رئيس البرلمان قد دعا الجمعة الماضية بالتزامن مع انعقاد لجنة الحقوق والحريات للنظر في مشروع قانون تجريم التطبيع، إلى إعطاء الأولوية للقوانين المتعلقة بمكافحة الفساد ومحاربة الإثراء غير المشروع والإسراع في النظر فيها داخل لجنة التشريع العام بالبرلمان. حاول مصدر في رئاسة الجمهورية تصحيح الموقف وتلافي الحرج بأن أعلن عدم تلقي الرئاسة أي دعوة رسمية لحضور جلسة لجنة الحقوق والحريات الأولى والثانية مشددا على أن قرار تجريم التطبيع هو مطلب شعبي لكل التونسيين، وبأن رئاسة الجمهورية ستكون حاضرة في قبة البرلمان حال وجهت لها الدعوة من رئيس البرلمان بشكل رسمي.
الملفت أن حركة النهضة "الإخوانية" في تونس، والتي تعد ثاني حزب حاكم في السلطة مع حزب نداء تونس، صرحت في العديد من المناسبات وعلى لسان العديد من ممثليها، أنّ اثارة موضوع تجريم التطبيع في تونس سيثير مشاكل للبلاد، خاصة مع الدول العربية والغربية، التي لم تتوان في الضغط على الحاكمين في البلاد لعدم النظر في هذا القانون أو إلغائه تماما من التداول.
يبقى القول أن الصرخة التي أطلقها أحد نواب البرلمان وأحد ممثلي كتلة الجبهة الشعبية، كانت ولا تزال صرخة حق في وجه انتهازية سياسية عارمة لا تعير لمصائر الشعوب و خياراتهم أي اهتمام، بل أن هذه الجهات، تصرّ على انتهاك مبادئ وحقوق يراها الشرفاء واجبا أخلاقيا ودينيا، ويعتبرها المنافقون والعملاء دربا من الشعارات التي قد تعطل مصالحهم السياسية مع دول ساهمت في الظلم لشعب فقد أرضه ووجوده وهو اليوم يفقد تاريخه بسبب التآمر عليه وعلى كل أشكال المقاومة وحتى على داعميها في المنطقة./انتهى/
تعليقك