وكالة مهر للأنباء: يبدو أنه حتى أزمة كورونا لم تستطع وقف بعض الدول العربية من الإسراع في تطبيع العلاقات مع كيان احتلال العدو الاسرائيلي، وبالطبع كان هذا التطبيع موجودا في الماضي لكن ما يجري اليوم، هو دخول هذه العلاقات من مرحلة الخفاء الى العلن، ان مجموعة الضغط الصهيونية لم تعد ترغب في تطبيع العلاقات على مستوى الملاطفة والبقاء بين مسؤولي الأمن والاستخبارات الإسرائيليين والدول العربية، بل ليشمل ذلك مختلف المستويات منها مجالات الرياضة والفن والسينما.
الآن، شهر رمضان المبارك، كما في السنوات السابقة، حيث يتم بث المسلسلات العربية الأكثر شعبية فيه، أصبح فرصة للكيان الصهيوني وبعض الدول العربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، لدفع عملية التطبيع عن طريق بث المسلسلات.
وإحدى هذه المسلسلات، التي لقيت ردة فعل قوية من الجمهور العربي، هي مسلسل أم هارون التي من المقرر بثها على قناة MBC، قصة امرأة يهودية تحاول إضفاء الشرعية على الاحتلال وحتى اغتصاب الأراضي الفلسطينية.
هذا فيما نشرت قناة "إم بي سي" السعودية، مشهدا من مسلسل رمضاني، يدعو بشكل صريح إلى التطبيع مع إسرائيل، ويهاجم الفلسطينيين وقضيتهم، وفي مسلسل "مخرج7"، ظهر الممثلان ناصر القصبي، وراشد الشمراني، وهما يروجان بشكل واضح للتطبيع، إذ قال الشمراني إنه ينوي توسيع أعماله التجارية والتعاون مع إسرائيليين، ليرد القصبي بأن الإسرائيليين أعداء.
وعلق الشمراني بعبارات تطبيعية، رددتها منذ مدة الحسابات السعودية الموالية للحكومة، التي تعرف بـ"الذباب الإلكتروني". وقال: "العدو الحقيقي هو اللي يسبك وينكر تضحياتك ووقفتك معه ويسبك ليل نهار أكثر من الإسرائيليين".
وأضاف: "قصدي دخلنا حروب علشان فلسطين، قطعنا النفط علشان فلسطين، ويوم صارت سلطة ندفع رواتب نحن أحق بها، وهم ما يصدقون فرصة هالكبر يهاجمون السعودية".
وأثار هذا المشهد سخطا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أكد ناشطون أن عرضه يأتي في سياق محاولة سلخ المجتمع السعودي والخليجي بشكل عام عن القضية الفلسطينية.
وأبدى ناشطون رفضهم لبث مثل هذه المشاهد التي تصوّر الاحتلال الإسرائيلي بأنه دولة سلام، يمكن إقامة علاقات معها.
هذا الى جانب ان "إم بي سي" أثارت جدلا واسعا مطلع شهر رمضان، ببثها مسلسلا يحمل اسم "أم هارون" والذي يتحدث عن تاريخ اليهود في الكويت.
ولكن ما خلفيات التهافت الدرامي الخليجي وراء المحاولات الرامية لتنميط الهوية اليهودية في مجتمعات المنطقة سواء كان تاريخيا كما في مسلسل" ام هارون" او مجازيا على غرار مسلسل "مخرج 7" السعودي، فهل هذا النوع من المسلسلات بالونات اختبار لصانع القرار للمضي قدما في عملية التطبيع التي انطلق قطارها بالخفاء مع ظهور بعض ملامحه على شكل تبادل سياحي واطراء اعلامي في بعض الاحيان؟
فلا يخفى على أي متابع أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إعتمد منذ أن أحكم قبضته على السلطة، على الاعلام كمنصة لتمرير سياساته داخليا وخارجيا، فمثلا عندما تشاهد المسلسل السعودي "العاصوف" في جزأيه الاول والثاني واللذين عرضا في الموسمين الماضيين، تخرج بانطباع أقرب لليقين أن المسلسل ما هو الا تجسيدا لما يدور في خلد الرجل، حيث القى اللوم كليا على "تيار الصحوة" الاخواني الهوى لما آلت اليه أوضاع التطرف في السعودية، لتعمية المشاهد عن حقيقة التيار الوهابي الذي يمثل جوهر التطرف في المنطقة والايديولوجيا الرسمية للمملكة، ناهيك عن أن بطل عمل هذين المسلسلين الفنان "ناصر القصبي" محسوب أساسا على بن سلمان في ترجمة أفكاره وعرضها دراميا.
واستطردا فمنذ بروز بن سلمان وقبل حتى طرح رؤيته الاقتصادية 2030 الهادفة لتنويع مداخل السعودية ومنها العوائد السياحية، اطلقت قناة العربية برنامج " على خطى العرب" الذي يسلط الضوء على المواقع السياحية المنسية في الجزيرة العربية وصورها وكأن هذه الآثار أكتشفت للتو، وغاص في قضايا كانت بالامس القريب محرم الخوض بها مثل تناول مدائن صالح وشعيب (عليهما السلام)، حيث إن وكما هو معروف فان التيار الوهابي لايعتقد بالاثار التاريخية ويعتبرها نوع من الشركية، ولا يحث على تتبع سيرتها. لذا ليس سرا هو أن ما يعرض من أعمال جدلية على شاشة ام بي سي والعربية لا ينسلخ عن الاطار السياسي العام لصانع القرار السعودي، وباتت مجسات حقيقية لقياس نبض الشارع ازاء القضايا الشائكة./انتهى/
تعليقك