وكالة مهر للأنباء- فاطمة صالحي: يشكل ملف اخراج القوات الأمريكية أحد أهم الملفات السياسية الساخنة في العراق حيث يبدو بأنه تم تهميشه في ظل التحديات الأخری التي یواجهها العراق في الفترة الحالية أو يمكن القول أنه لايريد البعض في العراق دراسة الموضوع وتنفيذ ما أكد عليه البرلمان في شأن ضرورة إنسحاب القوات الأمريكية.
وتثبت التحركات الأمريكية الأخيرة في العراق أن الولايات المتحدة الأمريكية لاتريد الخروج من العراق بل تسعی لتعزيز تواجدها العسكري لعدة أهداف والأهم هو ضمان أمن الكيان الصهيوني.
وفي شأن اهم التطورات الجارية في العراق اجرينا مقابلة مع الكاتب والإعلامي العراقي علي فاهم.
س: برأيك كيف سيكون مصير ملف تواجد القوات الأمريكية في العراق؟
وفق المعطيات على أرض الواقع فان هذا الملف يسير بوضوح اليوم بأتجاه ترسيخ التواجد الأمريكي في العراق , حتى قبل يومين وفد الى قاعدة عين الأسد اعداد كبيرة من الجنود الأمريكان لتعزيز هذا التواجد ومن لديه رؤية تاريخية و جيوسياسية يعرف جيداً أن أمريكا لا يمكن أن تتخلى مجال نفوذها وتمركزها الأستراتيجي في المنطقة الذي ضمته الى حوزتها منذ ستينيات القرن الماضي بعد أنقلاب البعثيين والقوميين على حكومة عبد الكريم قاسم والمدعومين من أمريكا و أنتزاع العراق من الهيمنة البريطانية بعد غروب شمسها في المنطقة , وخاصة أن العراق هو الخط المواجه لما تراه أمريكا الخطر الأوحد لمشروعها في المنطقة الا وهو النفوذ الأيراني المتنامي باضطراد حتى باتت صدمات الإنتصارات الأيرانية متتالية تكاد تفقد الأمريكي صوابه وأخرها و ليس أخيرها المنجز العلمي الباهر في أطلاق القمر الصناعي نور1 في الفضاء الذي شكل تحدٍ كبير للامريكان أما تخليهم عن بعض القواعد العسكرية فهو أعادة تموضع و حصر القوات و تمركزها في قواعد رئيسية من أجل تقليل سير هذه القوات في طرق بعيدة مما يجعلها أهداف سهلة لنيران الفصائل الرافضة للوجود الأمريكي ولا نغفل عن إن للأمريكان تجربة دامية مع هذه الفصائل في ما قبل الأنسحاب الأمريكي في نهاية عام 2011م , ومما يدعم هذه الفرضية هو التقرير الأمني الذي نشرته صحيفة "أتلايار" الإسبانية قبل فترة نجد فيه أنباء عن تخطيط الجيش الأمريكي لبناء قاعدة عسكرية جديدة غرب العراق ، بهدف حماية المصالح الأمريكية من أي هجوم. بالإضافة لحماية قاعدة عين الأسد في الأراضي العراقية من التعرض لهجمات جديدة محتملة.
بالاضافة الى نشر أنظمة دفاع مضادة للطائرات من طراز باتريوت الرائدة في الدفاع الأمريكي، وستكون هذه القاعدة شمال البغدادي في مدينة هيت في منطقة أم سميج في محافظة الأنبار، بالقرب من الحدود مع سوريا, وتدل هذه الإجراءات على نية القوات الأمريكية البقاء في قواعدها الغربية في العراق لفترة طويلة وربما هناك بعض الأجراءات الأستثنائية التي تبطأ من هذه الأجراءات بسبب ما فرضه أنتشار فايروس كورونا وخاصة أن هناك أنباء عن تفشي المرض في قاعدة عين الأسد الذي أضطرالقيادة الأمريكية الى نقل بعض الجنود المصابين الى قاعدة حرير في أربيل لتلقي العلاج , لكن يبقى التواجد الأمريكي في العراق هدفاً إستراتيجياً لضمان مصالحها في المنطقة والأهم هو ضمان أمن اسرائیل ولهذا فطرح مشروع الأقليم السني والتمهيد له أعلامياً من جهة و طلب بعض الجهات الحزبية المحسوبة على المحور الأمريكي رسمياً أخراج الحشد الشعبي من الأنبار متزامناً مع أنشاء قوات عشائرية من سنة الأنبار يتم تدريبها و تسليحها لتكون الضد النوعي لقوات الحشد بالإضافة الى الضغط الأمريكي على جزء من قوة الحشد التابعة لمكاتب المرجعية العليا و العتبات المقدسة في كربلاء و النجف لعزل الحشد عنها من خلال قرار فصلها عن منظومة الحشد الشعبي و إلحاقها بمكتب رئيس الوزراء مباشرة بعد أستهدافها المتكرر من قبل القوات الأمريكية و أخرها ضرب المطار المدني تحت الأنشاء في كربلاء و قصف مخازن لواء علي الاكبر للاسلحة كل هذه الرسائل و المعطيات تخبرنا أن المشروع الأمريكي في العراق يسير بخطى ثابتة ومدروسة لبقاء هذه القوات وعدم خروجها في الأمد القريب على الأقل إن لم يحصل أمر ما يضطرهم الى تغيير الخطط .
س: ما هو دور امريكا وإسرائيل والسعودية في زعزعة الاستقرار في العراق و ماهي اهدافهم؟
إن وجود عراق قوي ومستقر يتمتع بالرفاهية و النمو الطبيعي لا يخدم المصالح الإسرائيلية التوسعية وحتى الوجودية فإسرائيل شخصت العراق كقوة مهددة لوجود كيانها و لهذا هي تعمل بكل جهدها لأنهاء هذا البلد أو إضعافه على أقل تقدير وهذا التخوف يشكل عقدة تأريخية لليهود يعود الى أزمنة دولتهم الأولى عندما أنهى وجودها الملك الع
راقي نبوخذ نصر في ما يعرف بالسبي البابلي لليهود , بالإضافة الى إن حلم دولتهم (من الفرات الى النيل ) يتصادم مع وجود عراق موحد قوي , و من المعروف أن القرار الأمريكي هو بيد اللوبي الصهيوني المسيطر على أغلب مفاصل هذا القرار لمصلحة الكيان الإسرائيلي , و من الطبيعي أن تكون السعودية تدور في الفلك الأمريكي وتتغنى بحب العم سام و خطوات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي الأخيرة وصفقة القرن تسير في هذا الأتجاه بالضافة الى العامل الطائفي الذي يسيطر على عقلية القرار السعودي وهذا واضح جداً في تعاملها مع كل قضايا المنطقة وخاصة عدائها مع الجمهورية الأسلامية الأيرانية غير المبرر ومحاربتها للنظام العراقي بعد 2003 والى اليوم ورعايتها لصفحات تخريبية عديدة في العراق سواءً ايدلوجياً أو تمويلاً أو أعلامياً كالقاعدة و داعش و الكثير من القنوات الإعلامية ( العراقية) التي بان دورها التخريبي من خلال أثرها في الشارع العراقي عامة والشيعي خاصة وأخر الصفحات هي أستغلال التظاهرات الأخيرة واختراقها وتوجيهها لصالح أجندة معادية للعراق و أستقراره مستفيدة من سيرة الأحزاب الحاكمة وفشلها في أدارة البلد فشلاً ذريعاً فبينما جذبت شعارات هذه التظاهرات الشباب المتحمس للتخلص من فساد وتسلط الاحزاب الفاسدة ولهذا كانت الشعارات تعبر عن حاجة الشباب الى الأصلاح السياسي و تقديم الخدمات الأساسية و العدالة في توزيع الثروات والفرص والإستحقاق بشكل عادل ولكن التظاهرات وضح توجهها فيما بعد في معاداة أيران بشكل خاص وموجه ضد الحشد الشعبي و المرجعية الدينية تلك النقاط الثلاث التي رسمت الأنتصار على داعش وأنهت خطره والتي برزت بشكل واضح كنقاط قوة تمتلكها الكتلة الشيعية بشكل خاص وتخدم العراق ووحدته و أستقراره بشكل عام , مما تعتبر خطوط صد منيعة أمام مشروع تفتيت العراق و أنهائه , ولهذا عملت و تعمل القوى التي لا يخدمها وجود هذا الخط الثلاثي على عزلها عن الشعب وتشويه صورتها من أجل سلب أي نقطة قوة لدى الشعب العراقي من أجل تمرير مشاريع الدول المعادية للعراق .
س: هل سينجح ريس الوزراء العراقي في تقديم حكومته نهائيا وهل هناك ضغوطات من جانب التيارات السياسية؟
الأحداث الدراماتيكية التي رافقت ترشيح رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي تجعل ولادة حكومته ليست باليسر الذي يتوقعه البعض وربما تكون ولادة متعسرة جداً إن لم تقم الكتل الكبيرة بأجهاضها في اللحظات الأخيرة وحتى إن مررت فلن تمر كما يشتهيها متبنوها فقد كانت بداية متعسرة من الكاظمي عندما رضخ بسهولة للمطالب الكردية والسنية وتغاضى عن مطالب الكتلة الأكبر التي يفترض أنها الرحم الحقيقي الذي تولد منه حكومته ولكنه كما يبدو لم يدرس الساحة جيداً فكان الأجتماع الاخير في منزل هادي العامري الذي وافق على تمرير الحكومة بشرط عدم تهميش أي كتلة جعله يعيد ترتيب كابينته وربما وصلت الرسالة الى الأقليم بسرعة فصرح اليوم متحدث من الشمال أن الكرد لم يعودوا مصرين على الأسماء التي حاولوا فرضها على الحكومة الجديدة وخاصة وزير المالية ولهذا قام الكاظمي بتغيير اربع اسماء لوزراء عن القائمة الأولى وهي النفط و الاتصالات والمالية والعمل لتكون الكابينة جاهزة لجلسة يوم الخميس التي طالب الكاظمي بها لتقديم حكومته من اجل التصويت عليها , تبقى هذه الحكومة رغم مالها و ما عليها حكومة قصيرة العمر جاءت في وقت نحس وسنوات عجاف ولن ينتظر منها الكثير سوى أجراء الإنتخابات المبكرة إن أجريت وإن كان هناك من يسعى لأفشالها ليبقى عادل عبد المهدي لنهاية حكومته .
تعليقك