وكالة مهر للأنباء - القسم الدولي: زيارة الرئيس الايراني للصين تأتي في وقت يواجه فيه البلدان تحديات وضغوط داخلية وخارجية كبيرة.. وأفردت وسائل الإعلام مساحة كبيرة للحديث عن أهمية الزيارة وأبعادها السياسية والاقتصادية.. واشارت الى أن تعميق تعاون الصين مع إيران له ميزة مناهضة للهيمنة الامريكية على المنطقة، خصوصاً أن الطرفين يتمسكان بسياسات خارجية مستقلة، ويدافعان بحزم عن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية في المناسبات الدولية، ويحافظان على المصالح المشتركة للدول النامية، مما يساعد على تعزيز التعددية القطبية والتنمية المتنوعة والمتحررة في العالم.
وفي هذا الصدد أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، "وردة سعد" حواراً صحفياً مع الباحث المتخصص بالشؤون الصينية ومدير مركز الصين بالعربية الفصحى الدكتور "جاد رعد"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
** كيف تقرأون التقارب "الايراني _ السعودي" برعاية بكين، سيما اننا لم نقرأ بالتاريخ دخول الصين بهكذا تقارب والدخول في الشرق الاوسط؟ وهل ستتابع الصين الرعاية لهذا الاتفاق الى حين فتح السفارتين؟
لم يكن معروف عن الصين ذلك الإهتمام بالشؤون الخارجية، والصين تاريخيا بنت السور العظيم لتأمن نفسها من الخارج.. لكن منذ تهجم ترامب على الصين، وما تبع ذلك وصولا الى بايدن، مرورا بالاتهامات الباطلة في مواضيع أبرزها اصل كوفيد والتيبت واقليم سنجان المسلم (الايغور) وهونغ كونغ... كل ذلك دفع الصين للإقرار بضرورة اجراء تعديلات جذرية على سياساتها الخارجية.. فكان التحول الكبير يوم لفظت الناطقة باسم الخارجية الصينية عبارة "نذل" لتضيف انها تلخص ما هو عليه وزير الخارجية الأميركي بومبيو.
وبعد اللقاء المتعثر بين ولي العهد السعودي مع كل من ترامب وبايدن قرأت الصين جيدا ان الوقت قد حان لدعوة السعودية الى ان تكون على الضفة الأخرى.. وسبق ذلك تقارب صيني مع ايران قبل كوفيد عندها تم كتابة مسودة إتفاق النفط مقابل الاستثمار في مشاريع البنى التحتية..
المرحلة الأهم، والأصعب قد تم إنجازها، وهي خروج الأطراف المتعددة من الافلاك الأميركية
اللقاء الثلاثي الذي فاجأ الغرب لم يكن مفاجأة للبعض، انا تحدثت كالتنبؤ بهذا الشأن يوم صدر البيان الختامي لـ"قمة الرياض" في ديسمبر الماضي، عندما وردت كل مصطلحات سياسة الصين الخارجية في البيان الختامي، اي ان الأطراف العربية وافقت بشكل صريح وواضح على المبادئ الصينية في السياسية الدولية..
تستطيع الصين بسهولة ملاحقة ما تبقى، اي شهرين حتى يتم إعادة تبادل العلاقات الدبلوماسية لأن المرحلة الأهم، والأصعب قد تم إنجازها، وهي خروج الأطراف المتعددة من الافلاك الأميركية.
** هل تأكدت زيارة الرئيس الصيني الى اوكرانيا سيما ان الصين هي الحليف الاساس لروسيا، والى اي حد ستشكل هذه الزيارة استفزاز للغرب ولاميركا خاصة، وبرأيكم ماذا سينتج عن هذه الزيارة؟
لا يمكن تأكيد الزيارة الى أوكرانيا حتى وصول الرئيس الصيني الى ارض المطار في كييف، لان التجارب السابقة مع الرئيس الأوكراني لم تكن ايجابية، لا قبل الحرب (سرقة الإستثمارات الصينية في أوكرانيا) ولا خلالها (اطلاق النار على الطالبات الصينيات قبيل الاجلاء).
زيلينسكي يعلم ان الغرب لن يواصل الحرب حتى الشتاء القادم، أقله لأن أوروبا ستلفظ أنفاسها اذا تكرر السيناريو مرة ثانية..
ويضاف الى ذلك، طبيعة زيلينسكي المتقلبة، فهو أيد المبادرة الصينية، ثم بدأ بوضع الملاحظات وفق املاء أميركي واضح.. لكن من ناحية أخرى، زيلينسكي يعلم حتما ان الغرب لن يواصل الحرب حتى الشتاء القادم، أقله لأن أوروبا ستلفظ أنفاسها اذا تكرر السيناريو مرة ثانية..
زيارة الرئيس الصيني الى روسيا لا يمكن حصرها بأزمة أوكرانيا، إذ ان روسيا وافقت على ان تكون اراضيها، بما يزيد عن ٦٠ ℅ مناطق تجارة حرة للصينيين، ذلك الإتفاق هو السبب الأساس والرئيسي لزيارة موسكو، وبالتالي ليس لزاما ان يتبع تلك القمة زيارة إلى كييف.
يستفز الغرب حتما ان يكون هناك دورا رائد متنامي تلعبه الصيني في اي منطقة حول العالم، في ظل تهالك الدول العربية وازدهار الصين، لذا سيكون الغرب معارضا شرس لأي دور قد تلعبه الصين اينما كان.
مبادرة الصين من اجل حل سريع، يراعي سيادة ومخاوف الطرفين واضحة، ومباشرة، وهي المبادئ الاساسية لسياسة الصين الخارجية، ولا تتشابه مع أدوار الوسيط الأميركي لا في العراق ولا في لبنان او غيره... لذا المبادرة الصينية تنتظر قبول الطرفين دون ان تكون الأخيرة تلعب دورا ما تحت الطاولة.
** كيف تُقيم اصداء زيارة الرئيس الايراني الدكتور ابراهيم رئيسي للصين، خاصة ان هناك اتفاقيات ومعاهدات قد وقعت؟ وما اهمية النهضة التي قاما بها البلدين الصين الشعبية وايران الثورة الاسلامية؟
إعتمدت ثورة الإمام الخميني (قدس) على الحد الاقصى من الحراك السلمي، والصين ايضا بنت سورها العظيم لتامن نفسها، اي ان الدولتين لم تعتمدا على العنف بخلاف الدول الغربية المتشدقة زورا بحقوق الإنسان والمعاني السامية...
اصداء زيارة الرئيس الإيراني الى العاصمة الصينية ما زالت تتردد بقوة، إذ ان الدولتين اتفقتا اولا ضمن إطار سياسي اقتصادي "رابح-رابح"، منذ سنوات، وبناء على تلك الاتفاقية تطورت الامور لتصل الى اتفاقيات مع العراق، ثم دول الخليج الأخرى، اي المدماك الأساسي كان مع طهران، وذلك له دلالات كبيرة... يتشابه البلدين في بعض النواحي، وعكس ذلك في نواحي أخرى، لكن مهما افترق البلدين سابقا عند بعض المنعطفات، او اسيء فهم بعض الطروحات، إلا ان المصارحة وتشابك الأيدي ساهم في رسم إشكالية ترسخت وتم ترجمتها في مخططات بدأت تعطي ثمارها على صعيد إقليمي وعالمي.. إعتمدت ثورة الإمام الخميني (قدس) على الحد الاقصى من الحراك السلمي، والصين ايضا بنت سورها العظيم لتامن نفسها، اي ان الدولتين لم تعتمدا على العنف بخلاف الدول الغربية المتشدقة زورا بحقوق الإنسان والمعاني السامية...
وفي صبيحة الألفية الثالثة، لا سيما مع اندلاع الحرب في أوكرانيا انكشفت اكاذيب الغرب الاستعماري وتبين الخيط الأبيض من الأسود، والتقت الصين الشعبية في مسيرة نهضة الأمة العظيمة مع الجمهورية الإسلامية في إيران، لان العمل الصادق في بناء المصير المشترك للإنساية حقيقية حتمية لن تقوى عليه الدول الاستعمارية الحاقدة.
/انتهى/
تعليقك