٠٥‏/٠٢‏/٢٠٢٤، ٩:٢٠ م

رئيس الجمعية الوطنية لمقاومة التطبيع لِمهر:

الشعوب باتت تعلم أن طوفان الأقصى لم يكن لولا دعم محور المقاومة المطلق وعلى رأسه إيران

الشعوب باتت تعلم أن طوفان الأقصى لم يكن لولا دعم محور المقاومة المطلق وعلى رأسه إيران

أكد رئيس الجمعية الوطنية لمقاومة التطبيع،  الدكتور عبد الملك سكريّة، أن شعوب العالم باتت تعلم من الذي يدعم فلسطين بصدق ومن المُستغل للقضية، مؤكداً أنها على علم اليوم بأن طوفان الأقصى البطولي ماكان ليحصل لولا دعم محور المقاومة المطلق بقيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وكالة مهر للأنباء_ د.عبد الملك سكرية: تصوروا مصر اكبر دولة عربية وتملك اكبر جيش عربي انسحبت من الصراع مع العدو الصهيوني عام 1978 عبر معاهدة كامب دايفد بين انور السادات وحكومة العدو الصهيوني برئاسة مناحيم بيغن. خروج مصر احدث خلل هائل لمصلحة العدو الصهيوني حيث من بقي في الميدان هو الجيش السوري وهو بالتاكيد لا يستطيع ان يوازي بالتسليح وبالعدد ما يملك الكيان الصهيوني من أسلحة وامكانات بشرية وتكنولوجية.

اصبحت سوريا في وضع صعب في عام 78، ولكن عام 1978 تفجرت الثورة الإسلامية في إيران وبدأ الرهان على هذه الثورة المباركة، إنتصرت في 11-2-1979 واحدثت نقلة تحول في هذا الصراع وفي تاريخ إيران وشعب إيران.

انتقل الشعب الإيراني من غياهب الجهل والفقر والحرمان الى مستوى اليوم يضاهي أرقى الدول بالعلوم والثقافة والصناعة والثقة بالنفس، وفي الحضور على كل المؤسسات والمنصات وحيث يجب.

ان الإطاحة بنظام شاه إيران الحليف الاول للكيان الصهيوني والذي كان يقدم له كل اشكال الدعم، وكان الاداة الطيعة بيد الإدارة الاميركية التي كانت تنهب ثروات إيران من نفط وغير نفط، وقد شكلت هذه الاطاحة بنظر امريكا والكيان الصهيوني خطر كبير على الكيان وعلى مصالح أميركا.

الامام الخميني منذ اليوم الاول لانتصار الثورة اعلن مبادئها والخطوط العريضة ورسم معالمها وخاصة فيما يتعلق بصراع الوجود مع العدو الصهيوني، فقال:" اليوم طهران وغدا فلسطين"، وقد اغلق سفارة الكيان الصهيوني وحولها الى سفارة دولة فلسطين وكلمة سفارة كانت تستخدم لأول مرة، لانه كان في كل العواصم الصديقة لفلسطين كان هناك مكاتب لمنظمة التحرير الفلسطينية ولا يوجد اسم لسفارة، اول من استخدم هذا المصطلح كان الامام الخميني في طهران ، وكان هناك احتفالية ضخمة في السفارة حضرها ياسر عرفات شخصيا واستقبل استقبال الفاتحين من قبل قيادة الثورة ومن قبل شعب إيران العظيم.

هذا طبعا بنظر الولايات المتحده الاميركية والكيان الصهيوني تهديد وخطر كبير لذلك أعلنوا الحرب على الثورة منذ اليوم الاول لانتصارها، وبدأوا يعدون الخطط لمواجهتها ولاسقاطها ان استطاعوا لذلك سبيلا. فكانت الاغتيالات والانفجارات الكبيرة واللعب على التناقضات عبر بعض الاحزاب الصغيرة المضللة او المتطرفة او غير الواعية لاهمية ما حدث في الثورة واسقاط نظام الشاه وصولا الى الدفع بنظام صدام حسين الى اعلان حرب عسكرية على الجمهورية الإسلامية في إيران والتي استمرت لثماني سنوات وكانت قد كلفت شلالات من الدماء ودمار اقتصادي هائل ولكن الثورة ثبتت وصمدت وانتصرت وفوتت الفرصة على الشيطان الاكبر اي على الولايات المتحده الاميركية والعدو الصهيوني وادواتهما من انظمة عربية متأمركة ومن تأمرك تصهين، لإسقاط الثورة الإسلامية في إيران في مهدها قبل ان تؤسس وتمتلك القوة.

بالإضافة الى الحرب العسكرية ضد إيران والتي استمرت لثماني سنوات كما ذكرنا، كان هناك حرب ناعمة حرب العلاقات العامة حرب الرأي العام، فهنا كانت عملية تشويه صورة الثورة وشيطنة اهداف الثورة بالاتهامات بأن هناك مشروع فارسي او ان هناك تدخل من قبل قيادة الثورة في شؤون الدول العربية لتأليب الرأي العام العربي الذي كان مؤيدا وبقوة للثورة الإسلامية يوم إنتصارها واسقاط نظام الشاه.

فقد إستخدمت وسائل الاعلام العربية المملوكة من انظمة واثرياء في الاعلام المرئي والمسموع لتشويه صورة الثورة وتسويق افتراءات واكاذيب ليست من مبادىء الثورة ولا من أهدافها. للاسف مع مرور الوقت استطاعوا ان يؤثروا على وعي العديد من البسطاء لان هم في معركتهم اعتمدوا على المثقفين على صانعي القناعات فكان شراء العدد الاكبر من المثقفين وتشغيلهم بالمؤسسات الإعلامية التي اسسوها لمحاربة هذه الثورة.

لكن لا بد من الاشارة الى ان الانظمة العربية في مكان والشعوب في مكان آخر، والمعركة هي على الشعوب لان الانظمة لا يمكن ان تغير موقعها السياسي، هي ملتزمة كليا وضعت كل بيضها في سلة اميركا، ووجودها في السلطة رهن رضا اميركا عليها، ومن يجب ان ترضى عليه أميركا يجب ان يمر برضا العدو الصهيوني عليه ايضا كي يبقى في السلطة، لان استراتيجية أميركا هي تثبيت هذا الكيان في المنطقة كدولة طبيعية من دول المنطقة، الدولة المحورية التي يلتحق بها باقي الدول العربية كدرجة ثانية وثالثة من الاتباع ينفذون ما يخطط له الاميركي والصهيوني.

لذلك من ضمن الحروب بعد ان عجزوا في الحرب العسكرية المباشرة لجأوا الى اساليب اخرى عبر تعبئة الرأي العام وعبر صناعة ادوات اخرى لمحاربة الثورة، وطبعا عملوا بالدرجة الاولى على الوتر المذهبي بأن هذه الثورة لها لون طائفي معين وأنتم أيتها الشعوب لونكم يختلف، لذلك هبوا للدفاع عن معتقداتكم، وطبعا اجهزة استخبارات حلف الناتو والصهيونية واتباعهم من انظمة عربية اشتغلت لصناعة حركات مذهبية متطرفة وصناعة بعض العمائم من رجال دين لاثارة النعرات المذهبية ووضع حد لزحف مبادىء الثورة الإسلامية العظيمة الى المجتمعات العربية.

والملفت ان خطاب الثورة الإسلامية في إيران كان لاستنهاض كل الامة للدفاع عن نفسها في مواجهة هذا الاستعمار الصهيوني الذي يستهدف الامة مجتمعة وليس فلسطين فقط وشعب فلسطين.
تحرير فلسطين ليست مسؤولية الشعب الفلسطيني بمفرده، موازين القوى لا تسمح، من هنا اهمية استنهاض كل شعوب الامة كي تأخذ دورها الطبيعي في الدفاع عن هويتها وثقافتها ودينها ومعتقداتها ومستقبلها وحريتها وكرامتها كي تبقى على ارضها وتعيش بعزة وكرامة.
نحن كنا منذ اليوم الاول لانتصار الثورة في إيران كنا من المطالبين بإستيراد الثورة، إيران لم تصدر بل نحن كنا نطالب بالاستيراد ، لاننا كنا نقتنع منذ اللحظة الاولى بصدق هذه الثورة وقيادتها وتوجهها والأهداف التي تعمل من اجلها، وهي دفعت اثمان هائلة جدا مقابل الثبات على هذه الاهداف ودفعت الثمن ولم تبدل تبديلا.
اليوم وبعد عملية طوفان الاقصى البطولية وبعد حرب الإبادة التي شنها العدو الصهيوني على الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة، سقطت الاقنعة عن وجوه الانظمة المتآمرة التي كانت تبيع الكلام لشعب فلسطين في العلن وتتآمر عليه خلف الستار، وتقدم كل الدعم للعدو الصهيوني، لذلك اليوم الشعب الفلسطيني والشعوب العربية اصبحت الصورة اوضح لديها من يقف الى جانب الحق وشعب فلسطين وقضية فلسطين ومن باع المقدسات وقضية فلسطين وشعب فلسطين.

اليوم الفرصة متاحة اكثر من الماضي للانتقال من الدفاع الى الهجوم، ووضع النقاط على الحروف، ولتكن مخاطبة الشعوب العربية بعد ان شاهدت بأم العين الحالة الكارثية التي حلت بشعب فلسطين الاعزل في قطاع غزة، واصبحت الصورة لديه ان طوفان الاقصى البطولي ما كان ليحصل لولا الدعم المطلق وبكل اشكال الدعم المعنوي والمادي والعسكري والتدريب والتسليح من قبل محور المقاومة بقيادة الجمهوريه الاسلامية في إيران.

وهذه بالطبع تتطلب استراتيجية تصنعها مراكز ابحاث ودراسات تفكر بعقل بارد وتضع الخطط وتستنهض حالة الاعلام المقاوم اي تطويره وتعزيزه ليكون اكثر تأثيرا ويعيد البوصلة بإتجاه الصح عند الشعوب، ويمحي من ذهنها كل آثار التضليل التي استطاع العدو ان يضعها في عقول شعوب هذه المنطقة، ويجب دائما ان نميز بين الانظمة والشعوب وبين المثقف الانتهازي والمثقف الوطني المثقف المقاوم، اي التركيز على المثقفين المقاومين، ومحاولة استمالة المثقف الجبان الذي بقي على الحياد يشاهد يجب ان يتحمل المسؤولية بالدفاع عن نفسه وعن عائلته ايضا وان يكون في صف المثقف المقاوم.

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 تسيدت الولايات المتحده الاميركية العالم واصبحت القوة العظمى التي لا يوجد لها منافس او نظير، وعملت امريكا جاهدة عبر بروباغندا ضخمة وأفلام تافهة لأمركة العالم عبر الغزو الثقافي وكي الوعي وتقديم ان أميركا هي النموذج الذي يجب على كل الشعوب ان تنظر اليه وتقلده وتمشي بأوامره، أميركا هي القدوة والمثال للشعوب بكل شيء حتى بالطعام واللبس والسلوكيات، وعملت على القضاء على ثقافة الشعوب التي هي الحصن الحصين للهوية وللانتماء. واصبحوا ينظرون عبر بعض الادمغة لديهم عن نهاية التاريخ وان الديموقراطية في أميركا هي النموذج الذي يجب ان يعمم في كل العالم، ولاميركا الحق في نشر هذه الرسالة وكأنها رسالة سماوية. ومن لا يقبل هناك العقوبات والحصار والحرب بشتى الوسائل عليه.

الجمهورية الإسلامية في إيران صمدت لثماني سنوات امام حرب عسكرية وصمدت منذ 45 عاما حتى اليوم في وجه الحرب الناعمة التي شنتها الولايات المتحده الاميركية واربابهم وادواتهم ....
اليوم الصين اصبحت قوة عظمى وروسيا استعادت الكثير من قوتها، ولذلك كان الكمين الاوكراني لاستنزاف روسيا وتوريطها في حرب طويلة واضعافها في حرب عسكريا واقتصاديا واستنزافها كمقدمة للتوجه نحو الشرق الاقصى ومواجهة الصين قبل ان تصبح قوة عسكرية ضخمة ولا يعود هناك اي مجال لأمريكا بترويضها او الهيمنة عليها او احتوائها.
طوفان الاقصى اتت في الوقت والتاريخ المناسب بالنسبة للقضية الفلسطينية، العديد من الانظمة العربية استسلمت واعترفت وطبعت مع الكيان الصهيوني ، وكان هناك انظمة على طريق الإعتراف والتطبيع مع العدو الصهيوني وكان لها مقدمات، وذلك كي تسقط المنطقة بأكملها عربيا والعديد من الدول الإسلامية في ركب الإعتراف والتطبيع مع العدو الصهيوني كدولة طبيعية ورائدة وقائدة في هذه المنطقة.

طوفان الاقصى وضع النقاط على الحروف، وأثبت ان جيش العدو هو جيش من كرتون، وان هذا الكيان هو اوهن من بيت العنكبوت كما قال سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله في بنت جبيل في عام التحرير بعام 2000، وان هزيمة هذا الكيان امر ممكن اذا اعددنا العدة وتكاتفنا وتوحدنا وبنينا القوة واعتمدنا خيار المقاومة في هذا الصراع.

طبعا امريكا تراقب ما يحصل، تراقب نهوض الصين وصمود روسيا وقوة إيران المتنامية في المنطقة وحيث اصبحت قوة إقليمية يحسب لها الف حساب لا بل اصبحت على مشارف قوة عظمى، من هنا اتت فكرة ما يسمى بالممر الهندي الذي ينطلق من الهند مرورا بدول الخليج عبر الكيان الصهيوني ، ويصبح ميناء حيفا هو ممر الى اوروبا، مع ان الهند هي احدى الدول المؤسسة لمنظومة بريكس ولكن استطاعت الولايات المتحده الاميركية مع بعض الاغراءات والوعود الكاذبة ان تستميل الهند الى جهة امريكا، وكانت الزيارة الأخيرة لرئيس وزراء الهند والاتفاقيات العديدة التي تم توقيعها مع الولايات المتحده الاميركية تدل على ان الهند ذاهبة بإتجاه الامركة اي الخيار الاميركي.

ولكن مع كل ذلك معركة طوفان الاقصى، والصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية الباسلة في غزة والخسائر الفادحة التي تكبدها جيش العدو الصهيوني والدعم العظيم من حركات المقاومة في لبنان واليمن والعراق وسوريا للمقاومة الفلسطينية في غزة، أعاد تشكيل هذه القوة وثبت معالم وأركان محور المقاومة وان الاميركي اليوم ليس كما كان من قبل، والكيان الصهيوني اليوم ليس كما كان من قبل.

والكلمة للميدان ومحور المقاومة هو من سيرسم مستقبل المنطقة لا بل وسيساهم بشكل كبير في رسم النظام العالمي الجديد..

إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً.

بقلم: الدكتور عبد الملك سكريّة

/انتهى/

رمز الخبر 1941084

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha