١٥‏/٠٢‏/٢٠٢٥، ١١:٥٣ ص

تقرير خاص لمهر؛

"امريكا ناكثة للعهد"... كيف انتهكت الولايات المتحدة عهودها الأربعة مع روسيا؟

"امريكا ناكثة للعهد"... كيف انتهكت الولايات المتحدة عهودها الأربعة مع روسيا؟

لقد أدى انتهاك البيت الأبيض للمعاهدات الأربع بين واشنطن وموسكو، بما في ذلك معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية، ومعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، وتوسع حلف شمال الأطلسي، واتفاقية الأجواء المفتوحة، إلى وصول العلاقات بين البلدين إلى الأزمة الحالية.

وكالة مهر للأنباء: في الأسابيع القليلة التي مرت منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، كان سوق النقاش والتكهنات حول المفاوضات المحتملة بين طهران وواشنطن ساخناً. المفاوضات التي كانت قد اجريت في السنوات الماضية بشكل غير مباشر، على الرغم من المعارضات معها، وأدت إلى "خطة العمل الشاملة المشتركة" أو مايعرف بالإتفاق النووي، لكن ترامب انسحب منها بشكل أحادي خلال ولايته الأولى، على الرغم من تعاون إيران البناء، وفرض أشد العقوبات ضد إيران في إطار "سياسة الضغوط القصوى".

وفي هذا الصدد، اعتبر قائد الثورة الإسلامية، صباح الجمعة (7 فبراير/شباط)، في اجتماع لقادة وأركان القوات الجوية والدفاع الجوي، أنه من الضروري الاستفادة من تجربة "عامين من المفاوضات والتنازلات والامتيازات" ولكن دون الوصول إلى نتيجة"، وأضاف: "الولايات المتحدة انتهكت المعاهدة نفسها، رغم نواقصها، وانسحبت منها لذلك فإن التفاوض مع مثل هذه الحكومة هو أمر غير حكيم وغير ذكي وغير مشرف، ولا ينبغي التفاوض معها".

بالإضافة إلى الاتفاق النووي، فإن نظرة تاريخية على تاريخ التزامات أميركا واتفاقياتها مع دول أخرى في العالم تكشف عن عبثية وحتى ضرر هذه المحادثات، حيث تشكل الاتفاقات العديدة التي تم انتهاكها وعدم جدوى ها بين أميركا وروسيا مثالاً على مثل هذه الحالات.

الاتفاقيات العسكرية غيرالمنفذة بين واشنطن وموسكو

لقد اتسمت العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، والاتحاد السوفييتي في السابق، دائما بالمنافسة، وفي كثير من الحالات، بانتهاك الاتفاقيات الثنائية. منذ الحرب الباردة، وقعت الدولتان العديد من المعاهدات، انتهكت الولايات المتحدة العديد منها. المعاهدات التي سيتم تناولها في هذه المقالة هي:

1. معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية - 1972

تهدف معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية، التي تم توقيعها في عام 1972 بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، إلى الحد من تطوير ونشر أنظمة الدفاع الصاروخي. وقد حددت المعاهدة بشكل محدد أن تمتلك كل دولة نظامين دفاعيين صاروخيين فقط، وهو ما تم تقليصه فيما بعد إلى نظام واحد. وكان الهدف الرئيسي من هذه الاتفاقية هو منع خلق التفوق الأحادي والحفاظ على التوازن الاستراتيجي بين القوتين النوويتين، حيث أن التطوير الواسع النطاق لأنظمة الدفاع الصاروخي من شأنه أن يدمر مفهوم الردع المتبادل ويؤدي إلى سباق تسلح جديد.

پیمان‌های بی‌سرانجام واشنگتن-مسکو: چگونه آمریکا توافقات چهارگانه را نقض کرد؟

لكن في عام 2002، انسحبت إدارة جورج دبليو بوش من جانب واحد من المعاهدة، مشيرة إلى الحاجة إلى تطوير أنظمة دفاع صاروخي ضد التهديدات المحتملة من دول ثالثة. وأثار هذا الإجراء رد فعل قوي من جانب روسيا، حيث اعتبر المسؤولون الروس الانسحاب انتهاكا للاتفاقيات الاستراتيجية وتهديدا للتوازن النووي. وفي أعقاب هذا الإجراء، وسعت روسيا أيضًا خططها لتطوير أنظمة صاروخية متقدمة، مثل الأنظمة الأسرع من الصوت، مما أدى إلى تكثيف سباق التسلح بين البلدين.

2. معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى (INF)، 1987

تم توقيع معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى في عام 1987 بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بهدف القضاء على الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة التي يتراوح مداها بين 500 إلى 5500 كيلومتر. كانت هذه الاتفاقية واحدة من أهم معاهدات الحد من الأسلحة خلال الحرب الباردة، حيث ساعدت على تقليل التوترات النووية بين القوتين العظميتين. وبموجب هذه المعاهدة، تعهد الجانبان ليس فقط بالامتناع عن إنتاج ونشر هذه الصواريخ، بل أيضاً بتدمير الصواريخ الموجودة. وقد اعتبرت هذه المعاهدة بمثابة نقطة تحول في الحد من سباق التسلح بين الشرق والغرب، ومهدت الطريق لاتفاقيات الأسلحة اللاحقة مثل معاهدة ستارت.

پیمان‌های بی‌سرانجام واشنگتن-مسکو: چگونه آمریکا توافقات چهارگانه را نقض کرد؟

لكن في عام 2019، أعلنت إدارة دونالد ترامب أن الولايات المتحدة ستنسحب من المعاهدة بسبب ما وصفته بانتهاكات روسيا. وزعمت الولايات المتحدة أن روسيا طورت ونشرت صواريخ جديدة بمدى يتجاوز الحدود المنصوص عليها في المعاهدة، لكن موسكو نفت الاتهامات، قائلة إن الولايات المتحدة لم تقدم أي دليل موثوق على هذا الادعاء.

وأدى انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة إلى إعلان روسيا أنها لن تلتزم بعد الآن بالتزاماتها. وأثارت هذه الخطوة مخاوف عالمية بشأن العودة إلى سباق التسلح وزيادة التهديدات النووية، حيث سمح إلغاء المعاهدة للبلدين بنشر صواريخهما النووية متوسطة المدى دون قيود. كما يرى بعض الخبراء أن انسحاب الولايات المتحدة من هذه الاتفاقية كان ذريعة لتطوير ونشر صواريخ جديدة في آسيا وأوروبا، ما أدى إلى تصعيد التوترات مع روسيا والصين. وكان لهذا القرار عواقب بعيدة المدى على الأمن الدولي، وزاد من احتمالية اندلاع سباق تسلح جديد.

3. الاتفاق الشفهي بشأن توسع حلف شمال الأطلسي – 1990

كما كرر بعض المسؤولين الغربيين مناورات دبلوماسية أخرى، مما دفع الاتحاد السوفييتي إلى الإعلان عن موافقته على إعادة توحيد ألمانيا في شكل عضوية حلف شمال الأطلسي.

ولكن على النقيض من هذا الوعد، بدأ حلف شمال الأطلسي منذ أواخر تسعينيات القرن العشرين في التوسع شرقاً بشكل مطرد، مع انضمام دول من أوروبا الشرقية، بما في ذلك بولندا والمجر وجمهورية التشيك ودول البلطيق، إلى التحالف العسكري. ويأتي هذا التطور على الرغم من الاحتجاجات المتكررة من جانب روسيا، التي وصفته بأنه انتهاك للالتزامات الشفوية التي قطعها المسؤولون الغربيون.

پیمان‌های بی‌سرانجام واشنگتن-مسکو: چگونه آمریکا توافقات چهارگانه را نقض کرد؟

لقد كان توسع حلف شمال الأطلسي عاملاً رئيسياً في التوترات بين روسيا والغرب، مثل الأزمة الأوكرانية الحالية، حيث تنظر موسكو إليها باعتبارها تهديداً مباشراً لأمنها. وتعتقد روسيا أن حلف شمال الأطلسي، بتوسعه إلى حدودها، أدى إلى تغيير ميزان القوى لصالحها وخلق الظروف المناسبة للتدخلات العسكرية الغربية في المناطق الخاضعة للنفوذ الروسي. ورغم كل المخاوف الروسية، واصلت الولايات المتحدة تصعيد التوترات مع موسكو خلال العام الماضي من خلال انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي.

4. معاهدة الأجواء المفتوحة 1992

كانت معاهدة الأجواء المفتوحة، التي تم توقيعها عام 1992، تعتبر واحدة من أهم الاتفاقيات الدولية لخلق الشفافية العسكرية بين الدول الأعضاء. سمحت المعاهدة للأطراف الموقعة عليها بإجراء طلعات استطلاعية غير مسلحة فوق أراضي كل طرف لجمع معلومات عن تحركات وأنشطة الجانب الآخر العسكرية. وكان الهدف الرئيسي لهذه المعاهدة هو تقليل الشكوك، ومنع الصراعات غير المرغوب فيها، وبناء الثقة بين الدول، وخاصة بين الولايات المتحدة وروسيا. وشكلت الاتفاقية أداة رئيسية لرصد الأنشطة العسكرية والتحقق من التزامات ضبط الأسلحة، وشارك فيها أكثر من 30 دولة.

پیمان‌های بی‌سرانجام واشنگتن-مسکو: چگونه آمریکا توافقات چهارگانه را نقض کرد؟

لكن في عام 2020، أعلنت إدارة دونالد ترامب أن الولايات المتحدة ستنسحب من المعاهدة، مشيرة إلى انتهاكات مزعومة لالتزامات روسيا كسبب لهذا القرار. وزعمت الولايات المتحدة أن روسيا فرضت بعض القيود على طلعات الاستطلاع في مناطق معينة، بما في ذلك حول منطقة كالينينغراد وبالقرب من الحدود مع جورجيا. في المقابل، نفت روسيا الاتهامات وأصرت على أن جميع رحلات المراقبة الجوية أجريت وفقا لأحكام المعاهدة. وقال مسؤولون روس إن انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة كان خطوة تهدف إلى تقويض الشفافية العسكرية وزيادة انعدام الثقة بين القوى العالمية. وحذرت روسيا أيضا من أن القرار قد يؤدي إلى زيادة التوترات والمنافسة العسكرية.

وبعد انسحاب الولايات المتحدة، أعلنت روسيا أنه إذا لم تعد الولايات المتحدة إلى المعاهدة، فإنها قد تنسحب منها أيضا، حيث سيكون من غير المجدي أن تكون في معاهدة لم يعد أحد أهم أعضائها ملتزما بتنفيذها. وأخيرًا، قررت روسيا أيضًا في عام 2021 الانسحاب من المعاهدة، مما جعل الاتفاقية غير فعالة فعليًا. وكان انسحاب الولايات المتحدة ومن ثم روسيا من معاهدة الأجواء المفتوحة أحد الدلالات المهمة على تراجع التعاون العسكري وزيادة التوترات الجيوسياسية بين البلدين، والتي تستمر تأثيراتها على الأمن الدولي.

هل تتخلى الولايات المتحدة أيضًا عن معاهدة نيو ستارت؟

تم توقيع معاهدة ستارت (معاهدة خفض الأسلحة النووية الاستراتيجية) لأول مرة في عام 1991 بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وكان هدفها الرئيسي هو تقليل عدد الأسلحة النووية الاستراتيجية ومنع المزيد من سباق التسلح النووي. ركزت المعاهدة بشكل خاص على الحد من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والصواريخ المجنحة التي تطلقها الغواصات، والقاذفات الاستراتيجية. وأصبح هذا الاتفاق بمثابة الأساس للعلاقات النووية الجديدة بين الولايات المتحدة وروسيا بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي. ظلت معاهدة ستارت سارية المفعول حتى عام 2009، وبعد ذلك انتهت صلاحيتها.

پیمان‌های بی‌سرانجام واشنگتن-مسکو: چگونه آمریکا توافقات چهارگانه را نقض کرد؟

في عام 2010، تم توقيع معاهدة جديدة أطلق عليها اسم "نيو ستارت" أو "ستارت الجديدة" بين الولايات المتحدة وروسيا. ومن أجل مواصلة عملية خفض الأسلحة النووية، فإن هذا الاتفاق يحد من عدد الأسلحة الاستراتيجية التي تملكها كل دولة إلى 1550 رأسا نوويا، ويقلص عدد أنظمة إطلاق الصواريخ إلى 800. وتتضمن المعاهدة أيضًا تدابير مهمة للشفافية والرقابة، بما في ذلك عمليات التفتيش الدورية للمنشآت النووية في البلدين. تهدف معاهدة ستارت الجديدة إلى تعزيز الاستقرار الاستراتيجي ومنع مخاطر الحرب النووية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.

ولم تنسحب الولايات المتحدة من معاهدة ستارت الجديدة حتى الآن، وتظل المعاهدة سارية المفعول حتى عام 2026، ما لم يتم تمديدها أو تعديلها. لكن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا أصبحت أكثر تعقيدا في السنوات الأخيرة، وفي أوقات مختلفة هدد بعض المسؤولين الأميركيين بالانسحاب من المعاهدة أو تقليص الالتزامات.

النتيجة

لقد انسحبت الولايات المتحدة، تحت إدارات مختلفة، مرارا وتكرارا من اتفاقياتها الثنائية مع روسيا أو انتهكتها بطريقة أو بأخرى. ولم تؤد هذه الإجراءات إلى تصعيد سباق التسلح وزيادة انعدام الثقة بين البلدين فحسب، بل أثارت أيضا مخاوف أوسع نطاقا على المستوى العالمي بشأن مستقبل الأمن الدولي.

إن أمثلة مثل الانسحاب من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية ومعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، والتي أثرت بشكل مباشر على التوازن النووي والأمن الاستراتيجي بين القوتين العظميتين، فضلاً عن توسع حلف شمال الأطلسي، الذي انتهك الوعد بعدم التوسع شرقاً، ليست سوى بعض القضايا التي خلقت تحديات خطيرة في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا. ولم يؤد هذا الوضع إلى سباق تسلح جديد فحسب، بل أدى أيضاً إلى خلق استياء وانقسامات أعمق بين الدول الكبرى.

إن الأمثلة مثل الانسحاب من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية ومعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، والتي أثرت بشكل مباشر على التوازن النووي والأمن الاستراتيجي بين القوتين العظميتين، فضلاً عن توسع حلف شمال الأطلسي، الذي تم انتهاكه بعد الوعد بعدم التوسع شرقاً، ليست سوى جزء من أساس الثقة والالتزامات المشتركة، وقد يؤدي انتهاكها إلى فقدان الاستقرار العالمي والعودة إلى المنافسة الباردة والمتوترة.

والآن، مع هذه الحالة الخطيرة من عدم الالتزام، يتبادر إلى الذهن السؤال: كيف يمكن التوصل إلى اتفاق مربح للجانبين مع الولايات المتحدة، وخاصة ترامب، الذي انسحب ليس فقط من خطة العمل الشاملة المشتركة، بل وأيضا من معاهدات مختلفة مع روسيا، مثل معاهدة الأجواء المفتوحة ومعاهدة حظر الصواريخ النووية متوسطة المدى؟

/انتهى/

رمز الخبر 1954385

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha