وأفادت وكالة مهر للأنباء، انه قال قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله السيد على الخامنئي، خلال كلمة له في الاسبوع الماضي، إن التفاوض مع الولايات المتحدة ليس أمرا حكيما ولا ذكيا ولا شريفا، ولن يكون له أي تأثير في حل مشاكل البلاد. إن هذه التصريحات ليست تحليلاً مقطعياً، بل هي نتيجة لتاريخ طويل من المؤامرات والخيانة الأميركية ضد الأمة الإيرانية. منذ انقلاب 28 مرداد(۱۹ اغسطس۱۹۵۳) وحتى الحرب الهجينة اليوم، كانت سياسات واشنطن تعتمد دائما على السعي إلى الهيمنة ومعارضة استقلال إيران.
انقلاب 19 أغسطس؛ كانت أول تجربة مريرة للثقة بأميركا في عام 1953. إذ اعتقدت حكومة مصدق أنها قادرة على تأمين المصالح الوطنية الإيرانية من خلال المفاوضات والمشاركة الدبلوماسية. ولكن بينما كانت الولايات المتحدة ظاهريا تعرض التفاوض، فإنها الى جانب بريطانيا، خططت ونفذت وراء الكواليس انقلابا ضد الحكومة الشرعية في إيران. وأظهر هذا الحدث أن واشنطن غير ملتزمة بالتفاوض ولا تحترم المبادئ الدبلوماسية.
ومن هذه التجربة التاريخية يحذر قائد الثورة اليوم من أن أي تعامل مع أميركا هو لعبة يحدد العدو قواعده. ومن المؤكد أنه لن يكون من الحكمة أن نثق في نظام تاريخه مليء بالخيانة والتدخل.
من دعم صدام إلى الحرب الناعمة؛ سياسات أمريكا الثابتة
بعد انتصار الثورة الإسلامية، لم تتوقف أميركا عن سياساتها التدخلية فحسب، بل واصلت عدائها تجاه إيران على نطاق أوسع. إن دعم نظام صدام حسين في الحرب المفروضة على ايران، وتصميم عقوبات اقتصادية واسعة النطاق، ودعم الجماعات الإرهابية، واغتيال العلماء الإيرانيين، وتنفيذ أعمال التخريب الصناعي والعلمي، وفي نهاية المطاف شن حرب ناعمة واسعة النطاق، كلها أمثلة على هذا العداء العلني.
إذا كانت الولايات المتحدة في الماضي تستخدم عملاء محليين لتنفيذ الانقلابات، فإنها اليوم تسعى إلى التأثير على الرأي العام وتغيير سلوك المجتمع الإيراني من خلال استخدام وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي وأدوات الحرب المعرفية. وهذه هي نفس الاستراتيجية التي يعتبرها قائد الثورة الاسلامية جزءاً من الحرب المشتركة ضد إيران.
لماذا لا يعد التفاوض مع أمريكا أمرا ذكيا ولا شريفا ولا حكيما؟
عند النظر إلى الوراء، من الواضح أن الولايات المتحدة كلما تفاوضت مع إيران، كانت في نهاية المطاف إما تنتهك التزاماتها أو تستخدم مسارًا آخر لإلحاق الأذى بالبلاد. وكان الاتفاق النووي مثالاً على هذه السياسة؛ الاتفاق الذي تم توقيعه بعد مفاوضات طويلة وتنازلات أحادية الجانب من جانب إيران، لكن في نهاية المطاف انتهكته واشنطن وفرضت المزيد من العقوبات.
لقد أثبتت التجربة التاريخية أن التفاوض مع الولايات المتحدة ليس من مصلحة إيران عقلانياً، ولا هو شريف، لأن الطرف الآخر سعى دائماً إلى فرض مطالبه، ولا هو ذكي، لأنه لن يؤدي إلا إلى التراجع والتنازلات. ولذلك فإن كلام قائد الثورة ليس مجرد موقف سياسي، بل هو نتيجة تجارب سنوات طويلة وأدلة لا يمكن إنكارها.
لا يمكن لأي شخص عاقل أن يثق بأمريكا
لقد كانت أمريكا، قبل الثورة وبعدها، تتبنى دائمًا سياسات عدائية تجاه إيران. من دعم الأنظمة الاستبدادية إلى الانقلابات، ومن الحرب المباشرة إلى العقوبات الاقتصادية، ومن اغتيال العلماء الإيرانيين إلى الحرب المعرفية والعمليات النفسية، كل هذه الإجراءات تُظهر أن هذا البلد ليس فقط غير موثوق به، بل إن عداءه تجاه إيران كان وسيظل جزءًا من استراتيجياته الكبرى.
وبناء على ذلك، فإن أي شخص عاقل يراجع تاريخ العلاقات الإيرانية الأميركية سوف يستنتج أن الثقة في مثل هذا النظام هي مجرد سذاجة. إن التجارب الماضية هي النور الذي نستنير به للمستقبل، وإيران، التي تدرك هذا التاريخ، لن تسمح لنفسها بالانخداع بابتسامات أميركا الدبلوماسية مرة أخرى.
/انتهى/
تعليقك