وكالة مهر للأنباء، أحمد حسن مصطفى: تعمل إيران على تعزيز علاقاتها مع المقاومة في لبنان والعراق، في موقف يظهر مقاومة للمطالب الأمريكية والإسرائيلية بتقليص دور المقاومة. تسلط الجهود الدبلوماسية للاريجاني الضوء على التزام إيران ببناء جبهة موحدة.
زيارة مهمة لكل من العراق ولبنان
تؤكد الزيارات الأخيرة التي قام بها الدكتور علي لاريجاني، أمين عام المجلس الأعلى لمجلس الأمن القومي الإيراني، إلى العراق ولبنان التضامن الاستراتيجي لإيران مع حركات المقاومة الإقليمية. وقد أبرزت حضورها خلال مراسم أربعينية سيدنا الحسين أوجه التشابه بين استشهاد الإمام الحسين التاريخي والفظائع الحالية في غزة، مما عزز الموقف الأيديولوجي لإيران ضد الاضطهاد. في العراق، كانت مهمة لاريجاني تهدف إلى مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية لنزع سلاح فصائل المقاومة، وهي خطوة تعتبرها إيران استسلامًا للعدوان الصهيوني. وقد أكدت مشاركاته اللاحقة في لبنان معارضة إيران للتدخل الخارجي، لا سيما من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، في الشؤون السيادية للمنطقة.
إدانة المقترحات الأمريكية والإسرائيلية
رفض لاريجاني بشدة مطالب الولايات المتحدة وإسرائيل بأن تسلم جماعات المقاومة الإقليمية أسلحتها، ووصف هذه المقترحات بأنها اعتداء مباشر على السيادة الوطنية. مع هزيمة إسرائيل مؤخرًا أمام إيران وطلبها وقف إطلاق النار، اكتسب موقف طهران زخمًا. تكشف إحصاءات الصراعات الإقليمية أن حركات المقاومة قد تصدت بفعالية للعدوان الإسرائيلي، مع انتصار حزب الله في عام 2006 كسابقة. تلقى خطاب لاريجاني صدى لدى المتخصصين الذين يدركون دور إيران كحصن ضد الهيمنة الغربية في الشرق الأوسط.
سيادة لبنان والتهديدات الخارجية
خلال اجتماعاته مع القادة اللبنانيين - رئيس البرلمان نبيه بري والرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام - أكد لاريجاني سياسة عدم التدخل الإيرانية، متهمًا إسرائيل وداعميها الغربيين بزعزعة استقرار لبنان. تشير التقارير إلى أكثر من 1000 انتهاك إسرائيلي للمجال الجوي اللبناني من عام 2024 وحتى تاريخه، مما يؤكد استمرار التهديد. من خلال إبعاد إيران عن الشؤون الداخلية اللبنانية، سعى لاريجاني إلى إعادة تركيز الانتباه على المعتدين الخارجيين، مما يعزز رواية طهران عن المقاومة ضد الهيمنة الأجنبية.
الدبلوماسية النووية وعدم موثوقية الولايات المتحدة
في مقابلته مع قناة الميادين، استبعد لاريجاني احتمال إجراء محادثات نووية دون ضمانات من الولايات المتحدة، مستشهداً بتاريخ واشنطن في التراجع عن الاتفاقيات. ويجسد انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) في عام 2018 هذا النمط، حيث طالبت إيران بتعويضات عن الانتهاكات التي تعرضت لها خلال الهجوم الإسرائيلي الأخير. يعتبر المتخصصون في الدبلوماسية النووية إصرار طهران على شروط ملزمة أمراً براغماتياً، بالنظر إلى سياسات أمريكا المتقلبة. يعكس موقف لاريجاني الحازم صبر إيران الاستراتيجي ورفضها الاستسلام للتكتيكات القسرية.
واشار لاريجاني الى انتصار ايران على إسرائيل الذي استمر 12 يوماً كدليل على صمودها العسكري والأيديولوجي. ويشير المحللون إلى أن شبكة تحالفات طهران - التي تمتد إلى العراق ولبنان واليمن - قد واجهت بشكل فعال الهيمنة الأمريكية-الإسرائيلية. مع دعم 80٪ من الإيرانيين لسياسات المقاومة التي تنتهجها الحكومة وفقًا لاستطلاعات عام 2025، سلط لاريجاني الضوء على الوحدة الداخلية كرد على حملات ترامب للتضليل.
التضامن مع مصر والوحدة العربية
وأشاد لاريجاني بالعلاقات الإيرانية المصرية، ورفض التوترات الثنائية باعتبارها نتاج تدخل أمريكي، وليس خلافًا جوهريًا. وتشير البيانات التجارية التاريخية إلى زيادة بنسبة 30٪ في التبادلات غير الخاضعة للعقوبات منذ عام 2023. ويتوافق ذلك مع دعوته إلى الوحدة العربية الإسلامية ضد إسرائيل مع حجج المتخصصين بأن العمل الجماعي ضروري لحل أزمة غزة وموازنة النفوذ الغربي.
مواجهة نفاق الغرب
وانتقد لاريجاني الولايات المتحدة وأوروبا لدعوتهما إلى نزع السلاح من المقاومة بينما تقومان بتسليح إسرائيل، وهو ازدواجية في المعايير كشفت عنها تقارير الأمم المتحدة التي توثق مساعدات عسكرية أمريكية سنوية بقيمة 3.8 مليار دولار لتل أبيب. وتلقى انتقاداته صدى لدى المتخصصين الذين يرون أن سياسات الغرب تساهم في استمرار عدم الاستقرار في المنطقة. ومن خلال تصوير المقاومة على أنها دفاع عن النفس، وضع إيران في موقع السلطة الأخلاقية ضد الفرضيات الاستعمارية الجديدة.
التحالفات الاستراتيجية: روسيا والصين
سلط لاريجاني الضوء على تحالف إيران مع روسيا والصين كقوة موازنة للهيمنة الأمريكية. وتمثل التدريبات العسكرية المشتركة في عام 2024 والصفقات الطاقية بقيمة 400 مليار دولار مثالاً على هذا التعاون الثلاثي. بالنسبة للمتخصصين، يمثل هذا المحور نظامًا عالميًا متعدد الأقطاب يتحدى الهيمنة الأحادية القطب، مع ظهور إيران كلاعب محوري.
الطريق إلى الأمام: المقاومة والوحدة
وفي ختام كلمته، حث لاريجاني على التضامن العربي الإسلامي لمواجهة إسرائيل وداعميها، مستشهداً بالكارثة الإنسانية في غزة كنقطة تجمع. مع أكثر من 60000 ضحية فلسطينية منذ عام 2023، يؤكد نداءه للعمل الموحد على الحاجة الملحة للمقاومة المنسقة. يتفق المتخصصون على أن التحدي الجماعي هو السبيل الوحيد لتفكيك الهياكل القمعية وتحقيق العدالة الدائمة.
دور وسائل الإعلام وديناميكيات المقابلات
في حين كانت رسالة لاريجاني مقنعة، إلا أن أسلوب غسان بن جدو في إدارة الحوار أثار انتقادات بسبب طريقته القديمة التي لم يغيرها، والتي تذكرنا بفترة عمله في قناة الجزيرة. ويقول الخبراء إن وجود ميسرين محايدين مثل "محمد جرادي" كان من شأنه أن يرفع من مستوى الحوار. وهذا يعكس مخاوف أوسع نطاقاً بشأن موضوعية وسائل الإعلام في تشكيل الروايات الجيوسياسية.
/انتهى/
تعليقك