ولم تضع الادارة الاميركية اجندة معينة او جدول اعمال على طاولة البحث الا سلسلة من بنود ووثائق معدة سلفا لارغام العرب على اقامة علاقات مع اسرائيل.
واتفق وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم في القاهرة على حضور مؤتمر السلام الذي سيعقد في انابوليس بولاية مريلاند.
واصدر وزراء خارجية الدول العربية بيانا اكدوا فيه ان الدول العربية التي شاركت في اجتماع القاهرة قررت "قبول الدعوة لحضور مؤتمر انابوليس للسلام".
وتعاملت الادارة الاميركية مع العرب خلال الجولات المكوكية التي قامت بها وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس الى البلدان العربية وكأنها جزار يسوق قطيعاً من الاغنام الى المجزرة!.
والادارة الاميركية الحالية لا يهمها ما يعاني الشعب الفلسطيني من حصار جائر واعتداءات غاشمة يقوم بها الكيان الاسرائيلي بقدر ما يهمها وضع يد الكيان الصهيوني في يد العرب والسماح لاسرائيل في غزو الاسواق العربية.
كما ان الامن الصهيوني هو الهاجس الاول والاخير لكل الادارات الاميركية المتعاقبة سواء من الديموقراطيين والجمهوريين وعلى هذا الغرار فان كل المؤتمرات المتعلقة بعملية السلام في الشرق الاوسط والتي اقيمت وستقام ترمي اساسا الى ضمان امن اسرائيل على حساب الفلسطينيين.
وفي عام 1991 اقيم مؤتمر مدريد واجتمع العرب واسرائيل معا وتباحثوا قضية السلام ولكن ما تمخض عن هذا المؤتمر هو بدء بعض الدول العربية باقامة علاقات مجانية مع الكيان الاسرائيلي دون اي مقابل وبالتالي اسرائيل كانت هي المستفيدة من هذا المؤتمر.
وتعاقبت المؤتمرات في واي ريفر وشرم الشيخ واوسلو وكامب ديفيد ولكن القضية الفلسطينية وموضوع احتلال الجولان ومزارع شبعا بقيت تراوح في مكانها ولم يقدم الصهاينة اي شيء للجانب العربي مقابل التطبيع.
وهنالك مؤشرات تدل على ان الكيان الصهيوني خطط لكي يجتاح الاسواق العربية خلال الاعوام العشرة القادمة لكي يسوق ما يقارب العشرين مليار دولار من بضائعه للبلدان العربية.
ومن هذا المنطلق كان لابد للادارة الاميركية ان ترغم المزيد من قادة العرب على الحضور في اجتماع انابوليس لاعطاء الشرعية اللازمة للكيان الصهيوني وابرام اتفاقية شراكة تجارية بين اسرائيل والعرب على حساب الفلسطينيين.
ولا شك ان بعض الدول العربية التي كانت قد اقامت علاقات سياسية مع الكيان الاسرائيلي هي التي تعمل لتطبيق هذه الاجندة الخطرة وتشجع الدول العربية لاقامة علاقات اقتصادية مع اسرائيل.
فمؤتمر انابوليس يبدو وكأنه مجزرة والمشاركون فيه كقطيع الاغنام تساق الى هذه المجزرة رغما عنها.
من جانب آخر فان الوفد الفلسطيني المشارك في المؤتمر والذي يترأسه رئيس السلطة الفسلطينية محمود عباس لا يمثل الا شريحة ضئيلة جدا من الشعب الفلسطيني وبالتالي لا يستطيع ان يتحدث باسم كل الشعب الفلسطيني لأنه ليس مخولا من قبل كل الفصائل الفلسطينية التي تعارض اصلاً المشاركة في المؤتمر.
كما ان الانظمة العربية التي نصبت نفسها على مدى ستين عاما متحدثا باسم الشعب الفلسطيني دون اتخاذ اية اجراءات ملموسة لصالح هذا الشعب ايضا لا تتمتع بالصلاحيات اللازمة لاتخاذ اي قرار دون اللجوء الى رأي الشارع الفلسطيني.
فكل من يشارك في هذا المؤتمر يجب ان ياخذ بعين الاعتبار انه لا يمثل الشعوب العربية ولا يمثل الشعب الفلسطيني ولا يستطيع ان يتحدث باسم الآخرين لان هذا المؤتمر بالاساس ليس الا مسرحية الهدف منها ابرام اتفاقية مشتركة بين العرب واسرائيل وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.
فالمؤتمر الذي لا يعيد الحق الى اصحابه ولا يتطرق الى مصير 5 ملايين لاجئ ولا يحدد ملامح الدولة الفلسطينية القادمة ولا يشير الى وضع القدس لا يمكنه ان يكون ملاذا للعرب ليستطيعوا من خلاله استعادة حق الشعب الفلسطيني المغتصب.
حسن هاني زاده – خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء
تعليقك